صحراء العمـر

 


 

 

ترياقها يرميك بعد ثبات
أعجب بها محفوفة بلدات
مدح النواسيون كامن سمها
لما أحسوا نشوة السكرات
قالوا تعشّق سابقون أريجها
وهبوا زهور صباهمُ الكاسات
عجبي لصحب يؤثرون إسارها
ظلوا رهون قيودها الصدئات
ولربما قتل الهوى من عاشق
ظن الهوى يلقيه في الجنات
ولربما أخطأت غير محاذر
و لربما أخطأت رغم تقاة
ولربما أعمى القضاء بصيرة
كانت مثال تيقن وهداة
فإذا يجن الليل في ظلماته
فبأي عزم تقهر الظلمات
صحراء عمرك لا أنيس بها وما
واتتك خارقة من القدرات
من يَخْبر الدنيا كعلمك سرها
واتى بقول صادق وعظات
ما من يديه على حرير ناعم
مثل الذي يصلى من الجمرات
قالت تمازحني غداة هجرتها
ستصيب من نعمى ومن خيرات
لا تنس ذكرا للأحبة عندها
فالمال ينسي أُلفة و صلات
لا تنكري ودي لكم بجريرة
ليست توافق مذهبي وصفاتي
إن غيّرت مني الليالي شيمتي
يا حسرة تربو على حسراتي
فلتطمئني ما يبدل خافقي
حال تولّد من رحى الليلات
ولكم حفظت الود رغم قساوة
في العيش لم أجنح إلى لذات
ياحبذا زمن تصرّم قربكم
ومضى بإسعاد لذيذ حياتي
ما بت يوما من حبيب خاليا
كم من حبيب إن أردت يواتي
لكّن أحكام الليالي ما لها
قصدت بنأيك أن تطول عناتي
إن فرّقت بيني وبين أحبتي
يا رب يوم هازم لشتات
كالطير قلبي قد خلقت وربما
تمتاز في الأفكار والغايات
يا فيلسوف وعقري زمانه
ومعذب الأفكار والمهجات
يا حائرا بين الحياة وما درى
سبل الحياة وغاية الإفلات
يا شاعرا كم قد تمنى شعره
سرب الحسان ومفرد الغادات
يعشقن للخلد المقيم يراعه
عشق ابن نجد ذائع السيرات
قالت لي الحسناء إن نشيدنا
كالشهد تحلو دائما كلماتي
ولي القصائد في الغرام جميلة
نبضت بجرْس رائع النبرات
هو موطني و لئن عشقت ترابه
لعشقت فيه الحسن والحسنات
أهوى بلادي لو أساق إلى السما
وأبيت في أحراشه برضاة
ماذا يكون العيش بعدك موطني
وعلام لا تحلو لديك بناتي
أنت الذي علمتني معنى الحيا
ة وكنت لي شعري وفيك رواتي
أنا شاعر النيل الذي يهفو له
في كل ثانية من الأوقات
غنيته شعرا جميلا رائعا
وذكرته في الصحو والغفوات
مالي أُ عذّب في هواه أما كفى
دمع يفيض بأعين هملات
أيكون حظي في الحياة تجوّلا
يا بئس عيش الروح في جولاتي
فضلّت جمع المال حين فقدته
فالمال عند الناس للزينات
رفعوا به جهلا تدنّى قدره
وبنوا قصورا في بطون فلاة
زرعوا بصماء الحجارة زهرة
كم فرهدت تعطي من الثمرات
ونسيت أن المال كان مخاصمي
بل كان خصما قاسي اللطمات
ما زال يكرهني ويُذهب هيبتي
فإلى متى أصبو لكسب عداتي
يكفي جحيما أن تكون بحاجة
للموت ترجو حفرة الأموات
يكفيك غبنا أن تظل بغربة
تحيا حسير القلب واللحظات
لا مرّ يوم في منامك هانئا
أو كنت تنسى ماضي النكبات
ودعت أحبابا لروحك مزقوا
وظللت بعدهمُ أسير حياة
مالي أودع كل يوم صاحبا
قد كان مثل زهورنا العبقات
طالت بك الأيام بعد أحبة
سبحان رب العرش والسموات
ما نلت في دنياك حظا وافرا
بل أين حظ الصحب من كبواتي
فليذهب القلب الذي صاحبته
فهو الجبان مقيد الخطوات
ما أنت قلبي, خائر في طبعه
لا يعرف الإقدام في ثوراتي
فبأي حكم أن تكون معللا
ميلا إلى خوف إلى فَرّات
صيّرتني أحيا بقلب راجف
ما كان هذا الجبن من عاداتي
لهفي إذا ودعت من أهواهمُ
وأطعت منك غواية اللعنات
ما عاش دنيانا جبان فاتر
يمشي بعقل ذاكر وأناة
قد ظن أن الرأي منه مكمل
ومشى عديم الرأي للغايات
ضحكت بك الدنيا فيا لك من فتى
أرضى حسودا بات من شماتي
الله يقضي ما يشاء بحكمة
خفيت على عقل قليل أداة
من كان منا مالكا لأموره
يرضي طموح النفس والنزعات
ما نال من حظ جميل عالم
قد خلّف الأبناء للفاقات
هذا قضاؤك هل ترى لبديله
من مدخل يأتيك قبل ممات
هل كنت فينا جدُّ باذل نفسه
بالجد روّض نافر الصهوات
ماذا يضيرك أن سيفك لم يعد
رغم الجهود يصيب في الطعنات
ودع لدنيا السعد يوم وداعه
وطني و قل يا بعدها رحلاتي
ما قد علمت الذل إلا غربة
ترمي عزيزا في بعيد جهات

thepoet1943@gmail.com

 

آراء