صديقي الحبيب : أول داعية إسلامي يصدح بالحق في قلب الخرطوم !

 


 

 


في زمان اختلت فيه الموازين .. واختلط فيه الحابل بالنابل في دنيا الفتاوى و(علماء آخر زمن)  يجئ هذا الصديق العزيز ليخترق سجف النفاق ويمزق ظلمات الرياء والكذب الصريح ويصدح بالحق في زمان أضحى فيه لقول الحق ثمنا باهظا قدر لا يستطيع الكثيرون دفعه .
لقد ضجت ساحاتنا وملئت قنواتنا الفضائية بما بات يعرف في أوساط المتبصرين  بـ (علماء السلطان) وما أكثرهم - ياسادتي - حتى ضاقت بهم فضاءاتنا على اتساعها .. وأدخلوا الكثيرين من متابعيهم في( زنقة) التفسير ومعرفة الحقيقة والصدق في زحمة الفتاوى التي لا تخدم  الا  أولياء نعمتهم ومن يسبحون - ليل نهار - بحمدهم دون خجل أو مواراة  بعيدا عن الاسلام  وفجره الأبلج .
وسط هذا الركام والخراب الفكري وتشويه الدين واستغلال الاسلام جاء هذا الداعية الذي ربطتني به علاقة  حميمة منذ العام 2001 حينما جاءنا محاضرا  بالعاصمة الدنماركية ( كوبنهاغن ) على مرتين .. الاولى مشاركا في مؤتمر اسلامي اوروبي في ذلك العام .. والثانية  العام 2004 حينما دعيناه - وكنت وقتها الأمين العام لرابطة الاعلاميين العرب هناك - دعيناه لمحاضرة مفتوحة وكان لي شرف تقديمه يومها أمام جمع كريم من ابناء الجالية الاسلامية هناك والتي يزيد تعدادها في تلك الدولة الاسكندنافية البهية على 200 ألف مسلم من مختلف بقاع الكون حضرت منهم نسبة معتبرة للاستماع اليه خاصة وان الرجل يتمتع بخفة روحه وطريقته الجاذبة بعيدا عن التكلف والتصنع في تناول القضايا الاسلامية المعاصرة .
ظللنا على اتصال  - في فترات متقطعة - منذ ذلك التاريخ .. كما عشت حريصا على تتبع أخباره  وجولاته ومحتفظا – بالطبع – بمجموعة معتبرة من مؤلفاته القيمة التي أهداني اياها آنذاك .
انه الداعية المنفتح على اكثر من لغة وثقافة وليست الاسلامية العربية وحدها .. خاصة وان الرجل عاش سنوات دراسته الجامعية وحصوله على الدكتوراة  بالولايات المتحدة وهو يتجول بين ردهات مكتباتها العامرة متزودا بمعين واسع من المعرفة بشقيها الشرقية والغربية  الامر الذي جعله مؤهلا للتحدث في كثير من القضايا المعاصرة بوعي وادراك مستندا على ثقافته الاسلامية المستنيرة الواعية التي تشبع بها عبر اطلاع واسع أفنى فيه جل عمره في صبر وتأن وشغف .
الدكتورالموسوعة ( طارق السويدان)  داعية كويتي .. و اسم له وقع خاص في نفوس الكثيرين ممن يتابعون برامجه  سواء عبر  فضائياتنا العربية  أوفضائيته الخاصة ( الرسول ) التي تتخذ من  القاهرة مقرا لها والتي أصبحت مرفأ آمنا لكثير من طلاب العلم والمعرفة في دنيا الاسلاميات على اختلاف مذاهبها من خلال برامج توعوية وتربوية تنضح نضجا وعصرية بعيدا عن الشعوذة والدجل واللهث وراء كسب ود الحاكم حتى لو كان طاغية !.
(السويدان) تلقى دعوة مما يسمى في السودان بـ ( منتدى النهضة والتواصل ) لتقديم محاضرة اختار لها عنوانا ( معالم التغيير الحضاري ) فما كان من الرجل الا ان يكون صادقا مع ذاته ومنسجما مع نفسه وأطروحاته وقناعاته القائمة على  اسلام  منفتح على الآخرين دون اقصاء أو تقليل من شأن الآخرين .. ومنسجما أيضا مع رسالته التي نذر لها جل عمره ولا يزال .
لهذه الأسباب مجتمعة  – ورغم انه كان في حضرة نظام يتمسح بالاسلام ويصدع رؤوس العالم بشرع الله – الا انه آثر أن يعطيهم درسا في الديمقراطية القائمة على التسامح الديني عبر حضه – وبصراحة لم يعهدوها وسط شبكة من علماء السلطان واصحاب ( لكل قرار فتوى!) – حضه للشعب السوداني على عدم الاستسلام أو الركون لواقع حالهم اليوم  وانما عليهم ان يثوروا مؤكدا ان الثورة في وجه الظلم والطغيان أمر مشروع في الاسلام وان الحرية  ميزة انسانية كفلها شرع الله .
وفي اشارة منه لما يجري في السودان – ويبدو انه كان من المتابعين لفتاواهم التي تبعث على الضحك أحيانا – قال  بأنه لا يحق لاي داعية اسلامي أن يستند في فتواه على ( نظرية المؤامرة ) هربا من الحقيقة .
وطرح (السويدان) – في ثنايا محاضرته القيمة والتي تعد درسا يجب ان تفهمه جوقة ما يعرف بـ ( هيئة علماء السودان )-  طرح تساؤلا "قنبلة" حين قال : ( لماذا لا يثور من كان حاكمه طاغية ومستبدا وفاسدا ؟؟) .. وفي ذلك اشارة ربما تكون واضحة لا لبس فيها لمن يفهم مثل هذه الرسائل دون ذكاء أو عبقرية .. أليس كذلك ؟؟.
وهكذا قال  (لسويدان) ما لا يريدون سماعه وما لم يسمعوه منذ سنوات !.

فالانحناءة والتجلة لصديقي العزيز – بل صديق الملايين على امتداد عالمنا الاسلامي – للدكتور طارق السويدان أينما حل .


Khidir2008@hotmail.com

 

آراء