صراخ من بلغت روحه الحلقوم! الطيب مصطفى والهندي عزالدين مثالاً. بقلم: حلمي فارس

 


 

حلمي فارس
21 June, 2011

 



الأستاذان موضوع الحديث كاتبان محترمان لا تنتطح حول مقدراتهما الصحفية عنزتان ، ويكفيهما أنهما يديران الصحيفتين الأكثر إنتشاراً ورواجاً في السودان ، لكنني ، و برغم  أن الدهر والسجال والصراع الصحفي والسياسي قد صنع بين الرجلين ما فعل الحداد ، أجمعهما اليوم في لوحة واحدة مشتركة تحكي عن حالة ( الولولة والسكاليب ) أوالصراخ الذي يسود ساحة الإسلاميين السودانيين من المدافعين عن المؤتمر الوطني و حكومته وهم يرون ما جرته على السودان وأهله ، فيغمضون عيناً واحده عن سيئاتها ويتركون الثانية نصف مشرعة ليبحثون بها عن مبررات لفعائلها أو ليجودوا عليها ببعض النصح الخجول الذي لا يغني ولا يثمن ، وأرثى لحالهم جميعاً ، فهُم كمن يعجزه الفكاك من ألمٍ داهمه ، فلا هو قادرٌ على تحمله والتعايش معه ، ولا هو بقادر على علاجه  !!

ومبعث رغبتي في  عرض هذه اللوحة التي تجمع النقيضين هو توضيح حقيقة أن كلاهما وإن إختلفا ، فإنهما كدأب كل أنصار المؤتمر الوطني وحكومته وموالوه ، لا يرون من عيوب حكومة حزبهم إلا ما يطيب لأعينهم من قشور عيوبها ، وأنهم حين يخاطبون مشكلات البلاد يتحاشون ، من نقصِ جرأة أو سوء قصد ، تثبيت أن أس مشكلات البلاد هو نهج المؤتمر الوطني وفكره وقادته معاً ، وأنهم  يحاولون بذكاء ( مكشوف ) تسجيل إخفاقات الحكومة السودانية ( ضد المجهول ) في معظم مقالاتهم وليس ضد حزب الحكومة  ، فحين يتناولون  هذه المشكلات ويقدمون حلولهم لا يجرأون على الدعوة إلى ذهاب المؤتمر الوطني أو ضرورة تغيير النهج أو الفكر أو السلوك أو القادة الذين قادونا لهذه المشكلات أو أقله لمحاسبة  الذين أنتجوا هذه المشكلات ، وهم إذ ينتقدونها أحياناً إنما يفعلون ذلك لدغدغة مشاعر القراء وتخديرهم ببعض ( كلامولوجيات )  النقد والقدح ( المدجن ) للحكومة ، أو إسداء النصح الخجول بإستحياء من بين طيات السطور ، ليخالفوا في ذلك عشاق ممارسة  النقد الذاتي ( الداخلي ) على نهج ( خلوها مستورة ) فيبدون كالأبطال ، وهم كذلك ، في زمن وحزب كثر فيه الجبناء والشياطين الخرس  . 

ولكي نقرن القول بالبرهان ،أسوق إليكم مثالين من صحيفتي الأستاذين الكريمين  ، بل ومما خطته أقلامهم هم أنفسهم في عاموديهما المقرؤين :
فهاهو الأخ الأستاذ الهندي عز الدين في عموده بعنوان ( ريال ، دولار ، شيك سياحي  ) ، وفي ( ولولة ) وصراخ داوٍ يبحث للحكومة التي يعج قصرها الجمهوري بجيوش من المستشارين ، عن حلول لمحنتها الإقتصادية المتمثلة في فقدان عائدات البترول والإرتفاع الحادث والمتوقع تفاقمه لأسعار الدولار والعملات الأجنبية بل والهلع من إنهيار الإقتصاد بأكمله !!  أنظروا ماذا يكتب ثم يقترح الهندي ، مشكوراً ،في عموده المشهود (شهادتي لله):

((  فلتعلن الحكومة مشروع (نفير مغتربين من أجل الوطن)، ولتجعل على قيادته نافذين وقادرين على (تنفيذ الوعود) لتشجيع المغتربين على الركض باتجاه المصارف السودانية لضخ العملات الصعبة في شرايين الاقتصاد السوداني.   
يجب أن تشرع الحكومة (المصدومة) و(المخلوعة) في إعلان (نفير المغتربين).. « دولار من أجل الوطن ».. « ريال لصالح السودان ».. « يورو من أجل كرامة الشعب وكبريائه ونماء بلادنا واستقرارها».   
شجعوهم على التحويل خلال أسابيع  مقابل إلغاء جميع الرسوم المتعلقة بالسفر عند قدومهم إلى البلاد.   
حفّزوا كل مغترب يقوم بتحويل (5) آلاف دولار - مثلاً - عبر البنوك السودانية في هذا الشهر، بمنحه (استثناء) إدخال سيارة للبلاد دون تحديد الموديل.   
تخفيض رسوم الجمارك للمغتربين بنسبة تبلغ (30)% وأكثر شريطة أن يدفعوا للجمارك بالدولار.   
منح المغتربين قطع أراض بالدرجة الأولى أو (شقق) و(فيلات) ضمن مشروعات صندوق الإسكان أو مخططات جهاز الاستثمار، مع تخفيض قيمتها بنسبة مقدرة شريطة أن يتم الدفع (بالدولار).   
إخواننا.. وأهلنا في المهاجر العربية، الأفريقية، الأوربية، الآسيوية، الأمريكية والاسترالية.. هذا هو نداء السودان في (وقت الحوبة)، فهبُّوا إلى نصرة أهلكم في الداخل ولو بـ (100 دولار)، فخسارة (بنسات) أو بضعة دولارات مقابل التحويل عبر القنوات الرسمية ليس بكثير على أن ينعم أهلكم - هنا - بالطمأنينة والأمان والاستقرار ))  ( أنتهى النقل )

الأخ الهندي يظن ، بحسه الوطني المرهف ، أن آثار إنشطار السودان على إقتصاده وإنسانه يمكن علاجها بـ ( إستجداء ) المغتربين بتحويل مدخراتهم ومصاريف أهلهم على بنوك السودان !؟ وبرغم قناعتي بصحة بعض ما أورده في مقاله وخطل أكثره ، ألا أنك لا تجده يحدثنا عن محاسبة المسئول عن ذهاب الجنوب قبل بتروله عن وطننا ؟ ولا عن مسألة الذين بسياساتهم الخرقاء قد اوردونا موارد الفقر والهلاك التي يتباكى عليها أخونا الهندي اليوم ويستجدي مغتربي البلاد لنجدتها  ؟ فمن الذي أفقد الجنوبيون الثقة فينا فآثروا الإنفصال ؟ ولا يدعو لمحاسبة الذين قال عنهم أنهم حتى قبل اسبوع من الأستفتاء كانو يقسمون بأن الوحدة هي النتيجة ؟ ولا محاسبة مستشاري الرئيس وخبراء الدولة وقادة المؤتمر الوطني الذين لم يتوقعوا ذهاب الجنوب  وبتروله وكأن الأمر نزل بهم على حين غرة ! وبالتالي فهو برغم كل ما يسرده من مصائب جرها المؤتمر الوطني وحكومته وقادته على البلاد والعباد عبر نيفاشا الذل والهوان وسياسات إحتطاب الليل ، لا و لن يتجرأ ليقول لمن فعلوا كل ذلك : إذهبوا غير مأسوف عليكم وأفسحوا المجال لغيركم فإن ( الغير ) هؤلاء  لو كانوا بـ ( ذيول ) وآذان طوال لما فعلوا بالبلاد والعباد والإقتصاد ما فعلتموه أنتم !!

ثم الأستاذ الهندي عز الدين ينتظر أن يستمع المغترب لنداءه الكريم هذا فيذوب قلبه هياماً وحباً لحكومته التي أذاقته الأمرين طوال سنين فيسارع لنجدتها بعرق جبينه الذي حصده بالدم والدموع ؟ ونستحي إنابة عن الأخ الهندي وهو يدعو ( لإغراء ) المغتربين بالفلل والأراضي والشقق لتحويل مدخراتهم بالعملات الأجنبية ( الصعبة ! ) ! أليست هي ذات الحكومة و أجهزتها المسيسة التي باعت للمغتربين من قبل ( خوازيق ) أراضي كافوري وسباق الخيل والعشش قبل سنين عدداً وما زالت سراباً بلقعا ؟ أليست هي ذاتها الحكومة التي ( سلطت ) على المغتربين شيخها الصافي ووعدتهم بسندسٍ نضرٍ فإذا هي أراض جرداء وما هم ببالغيها حتى وهي جرداء!؟ ثم نستحي مثنى وثلاث إذ يطلب الهندي من الحكومة أن تعطي المغتربين ( مزايا ) من المفترض أنها لهم ( حقوق إنسانية ) لا ينبغي ربطها بمقابل تحويل عملات أجنبية ، مثل تسهيل إجراءات سفرهم ومغادرتهم !! أو منحهم حق إستيراد سيارة !!؟ أو السماح لهم بإدخال أثاث أسرهم !!

المغتربون يا أخي الهندي يقومون بواجباتهم ويحملون على أكتافهم من هموم أهل السودان وحاجاتهم أكثر مما تحمل الحكومة التي تتصايح ليهب المغتربون لنجدتها. والمغتربون يا أخي بحسهم الوطني الأصيل وتفاعلهم الإنساني مستعدون لتقديم أرواحهم وغاليهم ونفيسهم لبلدهم وأهلهم دون رجاء مقابل عن ذلك ، شرط أن يكون ذلك تحت إمرة وإدارة حكومة رشيدة تعمل لخير البلاد والعباد ، لكنهم ليسو بذا الغباء الذي يدفعهم لبذل ذلك لهذه الحكومة الغارقة في السفاهة لتصرفها على بهارج قادتها وحزبها وجيوش دستوريها الأتحاديين والولائين أومسئولي ملفاتها العديدة ولجانها وهيئاتها التي تضيق به الصحف والصفحات ، أو لتمنحها  فوائد نهاية خدمة لموظف فاخر ( أربعة مليارات جنيه ) أو لتمنحها راتب لموظف تناهز مخصصاته المليار . ثم أليس من المخجل أن تحفز مواطناً تحفيزاً مادياً لأقناعه ليقوم بواجبه الوطني كما ترى  ؟ أأصبح كل شيء عندكم معروض في أسواق البيع والشراء ؟ حتى أداء الواجب الوطني ؟

ثم أنظروا ، يرحمكم الله ، لمثالنا الثاني الأستاذ الطيب مصطفى بذات نهج نقيضه الأخ الهندي ، يغمض العين ويفتح نصف الأخرى ليواصل ( بكائياته ) ويذرف الدمع الغزير على واقع التهتك الأخلاقي الذي ضرب صميم مجتمعنا الذي كان قبل أنقاذ ( المشروع الحضاري الإسلامي ) في 1989 م أزكي وأطهر وأشرف وأنظف مئات المرات عنه اليوم ! إذ يقول :
((  علاوة على ديوان الزكاة ، أدعو إلى نفير قومي لمعالجة كثير من الأزمات والمآسي التي تجتاح الأفراد في مجتمعنا الذي أثرت الظروف الاقتصادية المحلية بل والعالمية على تماسكه وتكافله بل وعلى قِيَمهِ وأخلاقِهِ.  كتبتُ قبل نحو ثلاثة أسابيع عن ذلك الأب المخمور الذي اغتصب طفلته وحوكم بالسجن خمسة عشر عاماً وعن أطفال المايقوما المجهولي الأبوين وعن المشردين الذين تمتلئ بهم الشوارع وهاكم هذا الخبر الطازج فقد كشف مدير وحدة حماية الأسرة والطفل العقيد شرطة أكثم السيد السماني عن تدوين (( 4321 )) بلاغ اغتصاب أطفال خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة في ولاية الخرطوم مبيناً أن «08% من جرائم الاغتصاب تقع من الأقارب والقريبين من الأطفال سواء سائقي الترحيلات وأساتذة مرحلة الأساس وأصحاب الأعمال التجارية !! لم يعد مجتمعنا ذات المجتمع القديم الذي كان يتغنى بـ «أنا المأمون على بنوت فريقو» فقد اجتاحتنا قِيمٌ وثقافات أخرى لأسباب يضيق المجال عن ذكرها الآن وبات الخطر قريباً من أطفالك وهل أخطر من قصة ذلك الأب السكير؟!   
أوقن أن عدد الأطفال الذين ذكرهم العقيد أكثم لا يبلغ معشار العدد الحقيقي الذي يحدُّ الخوفُ من الفضيحة من معرفته وحصره )) .( أنتهى النقل ) .
فالأستاذ الطيب مصطفى يتأبى عليه ذكر الأسباب التي قادت مجتمعنا إلى ما صار عليه ،لا لجهلٍ منه بذلك ،إنما ليتحاشى ويتجنب إدانة المؤتمر الوطني وحكومته ومشروعها الحضاري ، فنجده يختبيء خلف عبارة (فقد اجتاحتنا قِيمٌ وثقافات أخرى لأسباب يضيق المجال عن ذكرها الآن وبات الخطر قريباً من أطفالك )!! والمجال الذي ضاق عن ذكر هذه الأسباب أفسحه الأستاذ الطيب في ذات المقال لحكاية ( أولاد كوراك وأولاد عيسى بالجنوب ) !!  والمجال بلا شك مفسوح لرجل يمتلك صحيفة كاملة !! إلا أنه لم يشأ أن يحدثنا عن المسئول الحقيقي عن هذه المآسي ، كما ولم يرد أن يحدثنا عن أن مشروع الأنقاذ الحضاري الذي كان يرجى منه تزكية المجتمع والإرتقاء بإنسان السودان قد قاد المجتمع والإنسان للحضيض الذي هم فيه اليوم ، أو أن يقول أن سياسات الأفقار التي أنتظمت البلاد والعباد قادتنا لذلك ، ولم يشأ أن يثبت أن الله والتاريخ والضمير الإنساني سيحاسب هذا الحزب وحكومته على هذه المآسي ، فتوقف ، رضى الله عنه ، عند الإعلان عن وجود ( مآسي وأزمات إجتماعية ) والدعوة لـ ( نفير ) لمعالجتها !!؟ وكأن الأمر ( راكوبة ) رجل عجوز سقطت في خريف بقرية فيهب ( أهل المروة ) بنفير لإعادة بناءها !! أمن غرضٍ واضح ، وسوء تحليل ، وغض طرف عن فداحة جرم الحزب الحاكم أكثر من هذا؟ أمن إستغفال وإستصغار لعقول القراء أكثر من هذا ؟ أنفير للملمة بعض ما فعلته يد المؤتمر  الوطني وحكومته في أخلاق المجتمع هو الحل ؟ أيدعو الطيب مصطفى لمحاكمة قدة قطاع الشمال لما أرتكبوه من جرائم سياسية في حق الشمال ولا يدعو لمحاكمة قادة المؤتمر الوطني لما أرتكبوه من فظائع في حق أخلاق وقيم الإنسان والمجتمع السوداني التي تباكى على الرجل ؟ أي عدل هذا يا زعيم منبر السلام ( العادل ) ؟ قد يستحق قادة قطاع الشمال المحاكمة السياسية عبر صناديق الإقتراع وسيسقطون بإذن الله ، لكن قادة المؤتمر الوطني يستحقون الشنق والتعليق في ميدان أبو جنزير على ما أرتكبوه في حق مجتمع السودان وقيمه وأخلاقه ،ولتشهد عليهم في تلك المحاكمة المخدرات التي راجت حتى بين الأطفال بحسب تقارير مجلس الخرطوم التشريعي ، ودار المايقوما ، الأطفال المغتصبون الذين يتحدث عنهم الطيب مصطفى ، وغيرها ما يطول ذكره وشرحه . فهل يجرؤ الأستاذ الطيب للجهر بذلك وهو يتصايح مولولاً من ( الأزمات ) و ( المآسي ) دون ذكر وطلب محاكمة مسببها ؟ أليس ( عمرٌ ) رضى الله عنه بمسئول عن ( البغلة ) التي تتعثر في العراق يخشى المسألة لِم لم يسوي لها الطريق ؟ أو ليس ( عمرٌ الآخر )  وحزبه بمسئول عن أطفال يولدون سفاحاً  كل يوم بسبب الإفقار ، أو طفلٍ يغتصب من محشش بمخدرٍ راج بدولته ، أو أطفال يتعاطون المخدر وهم بعد بمراحل الأساس ، أو طفلٍ ترفض مسشفيات دولته الحكومية علاجه وتتركه للموت بسبب (100 ) جنيه فيضطر والده للتهديد بالإنتحار ؟ أو آه ،، وكفى ؟

فيا صحافة وصحافيو المؤتمر الوطني وحكومته ، الظاهرون منكم والمستترون ، نعلم ويعلم القاريء أن عصا أولاد ( العطا ) مرفوعة فوق رؤوس الصحافة والصحفيين ، ونعلم أن القلوب توجف وترتجف حين يجري القلم ليكتب ما يمس هذا الحزب وحكومته وقادته ، كما ونعلم أن القلوب تواقة لكسب رضاء وقبول قادة الحزب والدولة ، فبرضاهم تنتفخ الجيوب ولو من خلف ستار ، ونعلم  ونعلم ، لكن القاريء برغم ذلك يعشم أن يراكم أكثر إحتراماً لعقله وأكثر قوة في تبيان الحقائق ومخاطبة جوهر الأزمات والمشكلات ، فأنزعوا عن العيون عصابة التحيز الحزبي البغيض  وأنحازوا لضمائركم ، فوطنكم وأهله أحوج اليوم لمن ( يقرص أذن ) هذا الحزب وحكومته بقوة لعل العقول تنفتح ، وأحوج لمن يوخز الأبدان بقسوة ليخرج منها الدم الفاسد، فأبحثوا في دواخلكم عن الجرأة اللازمة لتجهروا بالقول بأن على هذا الحزب وقيادته أن يرحل لمذبلة التاريخ غير مأسوف عليه ، تلاحقه لعنات الشعب السوداني الطيب الذي صبر عليهم عشرين عاماً ونيف وما ذاق منهم سوى البؤس والهوان والإفقار ، ولا بديل عن ذلك لأن هذا الحزب ، وأنتم به أعلم ، لا يريد ولا يستطيع أن يغير نهجه وفكره  وقادته الذين أنتجوا كل هذه المآسي والمشكلات التي تتباكون عليها .
إن لم تجدوا في نفوسكم هذه الجرأة في الحق ، فإنصرفوا يرحمكم الله لغير هذه المهنة وغير هذه المهمة .

دمتم سالمين


Best Regards

Hilmi
Hilmi Faris [hilmi.faris@hotmail.com]

 

آراء