صندوق النقد: الشكر لحماد
د. مجدي الجزولي
25 July, 2012
25 July, 2012
كفى بك داءً
بعث صندوق النقد الدولي بوفد ناصح إلى حكومة السودان ترأسه المستر إدوارد جمايل في الفترة من 15 إلى 23 يوليو الماضي. التقى الوفد بالسادة وزير المالية ووكيل الوزارة ومحافظ بنك السودان بالإضافة إلى ممثلين للقطاع الخاص والهيئات الدبلوماسية بالبلاد. أصدر الصندوق في نهاية الزيارة بيانا رسميا امتدح فيها "الإجراءات المالية" التي قامت بها الحكومة في إطار ميزانية 2012 المعدلة، يقصد رفع الدعم الحكومي عن المحروقات والسلع الاستهلاكية. أثنى الصندوق كذلك على مجهودات بنك السودان في "إصلاح نظام سعر الصرف"، يقصد تعويم الجنيه، وقال أن هذه الخطوات ستساهم في استعادة الاستقرار المالي. شدد الصندوق في نهاية بيانه على ضرورة اتصال هذه الإصلاحات لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي على المدى المتوسط، الأمر الذي سيدفع النمو، ويساعد على خلق الوظائف ويقلل من معدلات الفقر..آمين! في هذا الخصوص، لم ينس الصندوق أن يلفت الانتباه إلى أهمية القيام بما يلزم "لحماية القطاع الأضعف في المجتمع في هذا الظرف الاقتصادي الصعب".
لا يتوقع من صندوق النقد الدولي سوى هذا الافتتان بشطارة مضيفيه والحكومة تنقل من كراسة الصندوق بالشولة والنقطة لا تخطئ حرفا. عند الصندوق كما عند الحكومة الناس أثقال على الاقتصاد الكلي لا هدف له، قد يستحق أضعفهم العون أو بعبارة البيان "الحماية". لكن، من المقصود بالقطاع الأضعف، وفي عبارة حكومية مشابهه الشرائح الضعيفة؟ من هم هؤلاء الضعفاء، وما علتهم؟ في حديثه الجمعة الماضية لإذاعة أم درمان أعلن الأمين العام لديوان الزكاة، محمد على يوسف، أن عدد "الفقراء" في البلاد يبلغ 14 مليون شخص، ما يعادل 46% من مجموع السكان، وقد قسمهم الديوان إلى ثلاث شرائح: الفقير، والأشد فقرا، والفقير فقرا مدقعا. "الكنتة" فيما سبق تصوير الانقسام الطبقي عيبا شخصيا، مصيبة يبتلى بها البعض لضعف فيهم أو تقصير منهم في تحصيل الأرزاق مثلما ينجح التلميذ الذي يحسن مذاكرة الدروس ويرسب السبهللي المهمل، أو في تفسير كاتب "الانتباهة"، أحمد سعد عمر، عقاب إلهي على ذنوب توجب الاستغفار. لكن، إن رسب ما يقارب نصف التلاميذ، كما في حساب صندوق الزكاة للفقراء، ألا يشير ذلك إلى عيب ما في المدرس والمدرسة ونظام التعليم؟
إن الضعفاء الذين أوصى بهم صندوق النقد الدولي والفقراء الذين أحصى صندوق الزكاة هم منتجو الثروة وملاكها، أصحاب "الحق الكلي"، أما الجهاز الحكومي فهمباتي خائب الميزانية. اقتربت من هذا المعنى، ساهية ربما، وزيرة الرعاية الاجتماعية، أميرة الفاضل، في حديثها للإذاعة حيث أكدت أن "الموارد الموجودة في البلاد إذا تم توزيعها بطريقة صحيحة ستحقق العدالة الاجتماعية". صدقت أميرة وكذب عمر.
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]