ضحايا مجزرة القرار 2046 ؟

 


 

ثروت قاسم
8 June, 2012

 



Tharwat20042004@yahoo.com

1 - مقدمة !

في تدابر مع لاءات الرئيس البشير ، وأقسامه المغلظة ، بدأت المفاوضات بين دولتي السودان ( أديس ابابا – الثلاثاء 29 مايو 2012 ) ، وبين الحركة الشعبية الشمالية ومبيكي ( أديس ابابا – الأحد 3 يونيو  2012 ) ، في اطار خريطة طريق مجلس الأمن ، المضمنة في قراره 2046 – 2012 ! ومن المتوقع أن تبدأ المفاوضات الثنائية  بين الحركة الشعبية الشمالية ونظام البشير ، بواسطة مبيكي  خلال هذا الأسبوع !

الفرق بين هذه الجولة  من المفاوضات ، والجولات السابقة ، أنها تجري ضمن اطار قرار من مجلس الأمن ( 2046 ) ، تحت الفصل السابع ( فصل الحرابة ) ، وتحت سقوف زمنية محددة ، تنتهي في يوم الخميس 2 أغسطس 2012  ، بعكس المفاوضات الأم ضبيبينية السابقة التي كانت تستمر سجالا لسنوات طوال ! كما أنها مفاوضات تشمل كل القضايا الخلافية العالقة !  وسوف يحاط مجلس الأمن  كل أسبوعين بتقدم سير المفاوضات وتنفيذ خارطة طريق مجلس الامن!

بدأت وتستمر المفاوضات في كل الملفات ، في وقت واحد  ، وليس حصريا في الملف الأمني ، كما اشترط الرئيس البشير !

تبدأ مفاوضات عض الأصابع  والفرقاء في أشد حالات التعب والإرهاق !

من يصرخ أولا ؟

أكد البنك الدولي أن الجنوب سوف يصبح دولة مفلسة وفاشلة ، إذا لم ينجح في إعادة ضخ بتروله بحلول يوليو 2012 ، بعد أن توقف المحسنون عن الرمي في قرعة الجنوب ، وآباره متربسة ! أكثر من نصف سكان الجنوب يعانون من الجوع ، وهناك بوادر مجاعة طاحنة سوف تفتك بمئات الآلاف ! صفوف  العربات أمام محطات البنزين تمتد لمئات الأمتار ، غول الغلاء يزداد توحشا مع انعدام السلع الضرورية ، شبح البطالة يفتك بالشباب ، والأمراض والأوبئة تقتل المئات كل صباح ! تفاقمت حدة الوضع كثيرا ، بعد منع الشمال  للتجارة البينية مع الجنوب ،كما بدأت بوادر تململ سياسي تظهر على السطح !

باع الرئيس سلفاكير معظم أراضي الجنوب الزراعية  الخصبة لشيوخ دبي والدوحة وتل أبيب ، لتأمين ما يقيم الأود !

طلب الرئيس سلفاكير من كبار المسئولين   ارجاع 4 مليار دولار ، سرقوها من الخزينة العامة ! وأخرج الجميع ألسنتهم  ، تهكما وسخرية ،  من عوارة الرئيس سلفاكير الذي يحلم بلبن الطير ! ربما حاكى الرئيس سلفاكير التاجر المفلس الذي ينقب في أوراقه القديمة !

في كلمة كما في مئة ، دقت دولة الجنوب الدلجة !

أما خائب الرجاء الشمال فليس بأحسن حالا من الجنوب التعيس !

حوالي 4 مليون نازح ولاجئ في دارفور وولايتي النيل الأزرق ودارفور ، يقفون شاهدا على ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ! أطفال شعوب النوبة  والفور يموتون بالمئات كل يوم لإنعدام الأمصال واللقاحات في إبادة جماعية ممنهجة لشعوب النوبة والفور !

ضربت بعثة صندوق النقد الدولي ( الخرطوم – مايو 2012 )  أخماسها في أسداسها ، مستغربة كيف يسير سودان الجن هذا ، وكل المؤشرات تؤكد كساحه ...  معجزة القرن الواحد وعشرين ،  أو كما ادعت البعثة ؟ أكثر من 90% من سكان الشمال يعيشون تحت خط الفقر ، ولا يجدون قوت يومهم ! لا يستطيع أهل الشمال ربط الأحزمة على بطونهم ، لتلاشي البطون ! وكأن هذه المصائب لا تكفي ، تفكر الحكومة  في فرض ضرائب اضافية على المحروقات ، ويطلق عليها اسم الدلع ( رفع الدعم ) ، مع عدم  وجود أي دعم في الأساس ؟

أضطر الحكومة  لبيع مصفاة الجيلي للدوحة بأقل من سعر التكلفة ، ولبيع سكر كنانه لماليزيا بتراب القروش ، لضمان أوكسجين لعدة أشهر قادمة ، وحتي أنتهاء مفاوضات عض الأصابع في أديس أبابا ، حتي لا تصرخ حكومة السودان  اولأ !

وبيع باقي المؤسسات الوطنية في الطريق !

ثم ماذا بعدها ؟ 

الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ؟

أعلاه يختزل بعض البعض من محن وإحن دولتي السودان ، وهما يبدءان مفاوضات عض الأصابع في أديس ابابا !

يتمنى الجنوب الوصول إلى اتفاق قبل الشمال ، والعكس صحيح ، فقد بلغ السيل الزبى !

2 – الأهداف !
هدف الشمال من المفاوضات يتدابر مع هدف الجنوب  ... حوار طرشان !

يهدف الشمال إلى تحقيق مسألتين ، من بين مسائل اخرى أقل أهمية ، وهما  :

+ طرد الجنوب لحركات دارفور الحاملة للسلاح من الجنوب ، وعدم تقديم أي دعم لها !

+ سحب قوات الحركة الشعبية الشمالية ( اللواء التاسع في النيل الأزرق ، واللواء العاشر في جنوب كردفان ) من الشمال إلى الجنوب ، وعدم تقديم أي دعم لها !

ينكر الجنوب وجود أية علاقة عضوية بينه وبين الحركة الشعبية الشمالية ، كما ينكر تقديم دعم لقوات الحركة الشعبية الشمالية ، وقوات حركات دارفور الحاملة للسلاح !


في المقابل ، يهدف الجنوب لتحقيق مسألتين ، من بين مسائل اخرى أقل أهمية !  وهما  :

+ أن يستمر عبدالرسول النور وبهائمه في البقاء في منطقة أبيي ، وفي القيام  برحلة الشتاء والصيف  ، كضيوف معززين مكرمين ( وليسوا كأصحاب حق ) ، وحتى اشعار آخر !
في هذا السياق ، هل لاحظت التغيير في تصرفات الجنوبيين في الخرطوم ، قبل ( أصحاب حق ) وبعد ( ضيوف ) استقلال دولة جنوب السودان ؟
+ أن يقبل الشمال ب 70 سنت أمريكي ( بدلا من 36 دولار ) لترحيل برميل النفط إلى بورتسودان !
يرد الشمال بأنه لا مانع عنده من التضحية بعبدالرسول النور ، بشرط أن يدفع الجنوب 36 دولار لترحيل برميل النفط ! ولتوكيد حسن النية ، قام الشمال بسحب جميع قواته ( حتي الشرطة الشعبية ) من ديار عبدالرسول النور ، على الرغم من أن الرئيس البشير كان واقف تود ، وردد أكثر من مرة ، في الماضي القريب :

أن كل شئ ، ولا عبدالرسول النور !

صار عبدالرسول النور أول ضحايا مفاوضات عض الأصابع بين الشقيقين المتشاكسين !

ألا تراه يلعق في جراحه ، وهو يردد لنفسه :

لا خيار ثالث أمامي !  إما الدواس ، أو التسول  في شوارع وأستوبات الخرطوم ؟

حركة جديدة حاملة للسلاح في طور التخليق ؟؟

عزى عبدالرسول النور نفسه بوجود ضحايا أخر معه ، والموت وسط الجماعة عرس ، كما يقول المثل الشعبي !

دعنا نستعرض أدناه عينة من هؤلاء الضحايا !

3 -  الضحية الثانية !
غيبت خريطة طريق مجلس الأمن تحالف  قوى الإجماع الوطني من مفاوضات  عض الأصابع ! اشتكي الأستاذ فاروق ابوعيسي رئيس التحالف لسعادة سفير دولة جنوب افريقيا ، الذي وعد بتوصيل الرسالة لأمبيكي ! سأل مبيكي السيد كرتي ، وزير الخارجية ،  عن رأيه في انضمام التحالف للمفاوضات ، ليعطيها بعدا قوميا بعيدا عن الثنائية التي اثبتت فشلها في اتفاقية نيفاشا ، التي حاكت المنبت ، لا أرضا قطعت ، ولا ظهرا أبقت ! الثنائية كانت معول هدم اتفاقية السلام الشامل ( نيفاشا ) ... فلا أتت بالسلام ، ولا أتت بالوحدة ، ولا أتت بالتحول الديمقراطي ، أو كما قال مبيكي !
رد معالي السيد كرتي قائلا :
سيبك منهم ! ديل سجمانين !
شرح  كرتي لأمبيكي أن العدو نمرة واحد   لنظام البشير هو تحالف قوى الإجماع الوطني ، لأنه يسعى ليحل مكان نظام البشير بالطرق الديمقراطية ! التحالف  يتحدث عن تحول ديمقراطي ، وإقامة دولة وطن بدلا من دولة حزبنا ، وحكومة قومية انتقالية ، وانتخابات غير مخجوجة ، ودستور مبني على المساواة في المواطنة أمام القانون ! هذه التوليفة الشيطانية تعني في المحصلة النهائية تفكيك نظام البشير ... وهذا أمر دونه خرط القتاد !
كيف نضمن أن لا تسلم الحكومة الديمقراطية الرئيس البشير لمحكمة الجنايات الدولية  ؟ وماهو مصير الأستاذ علي عثمان محمد طه ، والدكتور نافع علي نافع ، والأستاذ عوض الجاز ، وغيرهم من قادة المؤتمر الوطني  المضمنين في قائمة مجلس الأمن الخمسينية ؟
وعليه ...   لا والف لا لتفكيك نظام البشير ! لا للأجندة الوطنية وخريطة طريق الخلاص الوطني !
لا مانع عندنا أن نطق الحنك ، ثنائيا ، مع دراويش حزب الأمة ، ونبيع لهم التراميج ، ونلعب معهم لعبة الفار والفيل ، ونمنيهم ب 85% وممكن نعملها 90% ، لأجل خاطر حبيبنا الأمير عبدالرحمن ، الذي عرف قدرنا ، وهرب من سفينة حزب الأمة المخروقة  ،  وركب سفينتنا ، كما فعل أخ له في زمن غابر !
نعمل على خصي حزب المؤتمر الشعبي ، بحندكة عناصره فردا فردا، وآخر العنقود كان الدكتور الحاج آدم !
أما الحزب الشيوعي فقد  مات بموت الإتحاد السوفيتي العظيم ، ومات حزب البعث بموت صدام والأسد !
إذن من يبقي من قوى الإجماع الوطني غير الأستاذ ابو عيسي الذي لا نعرف له قبيلة !
ألم أقل لك ، يا  مبيكي ، أنهم سجمانين ؟ ومجلس الأمن له ألف حق في تغييبهم وتصفيرهم  !
4 – الضحية الثالثة !
غيبت خريطة طريق مجلس الأمن دارفور ، وحركات دارفور الحاملة للسلاح ، وتحالف كاودا الثوري !
نسي الرأي العام في امريكا واروبا محنة دارفور ، فنسيتها حكومات دول  امريكا واروبا وباقي الدول الغربية  ، التي تعتمدعلى الرأي العام في شرعيتها !
اعتبر مجلس الأمن أن مشكلة دارفور قد تم حلها بإتفاقية الدوحة ( يوليو 2011 ) ! خرجت دارفور من الرادار الدولي ، وصارت نسيا منسيا ! خفضت الأمم المتحدة قوات اليوناميد  في دارفور بحوالي 20% ، ومزيد من التخفيضات في الطريق !
إدارة أوباما مكجنة حركات دارفور الحاملة للسلاح ، وتجاهد لكي تقنعها  بنبذ المقاومة المسلحة ، وبالإنضمام لإتفاقية الدوحة ، وتفكيك تحالف كاودا الثوري ! رغم أن اتفاقية الدوحة لم تلد غير سراب بقيعة ، يحسبه الظمآن ماءا، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا !
قال السفير ليمان في ونسة دقاقة  مع  صديقه السيد ادريس عبدالقادر ، رئيس الوفد السوداني المفاوض :
بقبوله استئناف التفاوض مع الحركة الشعبية الشمالية ، يضرب الرئيس البشير عدة  عصافير بحجر واحد :
+ العصفور الأول  سحب الحركة الشعبية الشمالية من تحالف كاودا الثوري ، وتفتيت التحالف ، وتحييد بل القضاء على حركات دارفور الثلاث الحاملة للسلاح !
حسب اتفاقنا معه ، سوف يطرد الرئيس سلفاكير حركات دارفور المسلحة من دولة الجنوب ، فتحاكي كل واحدة منها حركة السيسي  ( كديسة بدون أسنان ) ! وتوقع الحركات على اتفاقية الدوحة ( يوليو 2011 ) ، وهي صاغرة  !
هذا رغم السلبيات الآتية :
+  رغم  أن وزراء السيسي يركبون الرقشات في الخرطوم ، لعدم تأمين مكاتب لهم في الفاشر حيث كان من المفروض تسكين  رئاسة سلطتهم الإنتقالية الإقليمية بها !
+  ورغم وجود أكثر من 3 مليون لاجئ ونازح دارفوري ، يحلم كل واحد منهم بالبقاء حيا لليوم التالي !
+  ورغم عدم وفاء الحكومة  بالإلتزامات المضمنة في اتفاقية الدوحة !
ليس أمام حركات دارفور المسلحة من خيار ثان غير الإنضمام إلى قطار الدوحة ، وإلا صاروا الى شراذم  يمارسون النهب المسلح وقطع الطريق ، ليتعيشوا !
الخلاصة : يمكن اعتبار  دارفور وحركات دارفور المسلحة  ، وتحالف كاودا الثوري من ضمن  ضحايا  خريطة طريق مجلس الأمن ، وقراره 2046 !
نواصل  مع  بقية  الضحايا والعصافير ...

 

آراء