ضرورة رفع الحصانة توطئة للعدالة

 


 

 

 

دجينا زي ناس المَسيد ••• هتفنا لي دَم الشهيد

واجهنا دوشكا و اربيجى ••• شان نَبني سوداننا الجديد
وهمسنا في طرف الخلِق ••• اريتو كان حميد شديد
كان غزّ حرفَو على الرصيف ••• كان ترّع الساحات قصيد
كان هز بي سيف النصُر ••• كان مد للكنداكة ايد
هسع كتبنالك جواب ••• شالوهو هَزاع والوليد
***
فجعونا عَساكر الرَّماد ••• اتهمونا بالبنقو الحشيش
مديتلو تمرة وزهرتين ••• مدالي مية طلقة ليش ؟
هجمونا والبنوت نيام ••• درشوْنا بالدوشكات دَريش
جيناهم قالد وطن ••• غدرونا في نُص الهويش
في حرمة الشهر العظيم ••• حتونا زي كفّار قريش
مديتلو تمرة وزهرتين ••• اداني مية طلقة ليش ؟
***
يا امي لازم تَعفي لي ••• شان زُغت خليتكم نيام
كان بالي في الترس الهناك ••• صايمين وبايتين في الخيام
جات طلقة في نص كبدتي ••• ورمتْني لا حِس لا كلام
لا تبكي لا تحدِّي لي يوم ••• واقريلي للتِرس السلام
وتكتبوا فوق لتربتي ••• مدنيه .. حريه و سلام

الشاعر أحمد أمين

(1)
قتلوا شُهداء الشباب يوم 3 يونيو 2019، قصة حزينة تلقفتها أجهزة الإعلام الرقمي. وشهدها العالم بعيون مفتوحة، توثيق الجبابرة العظام. قبلها وبعدها تم قتل الثوار بدم بارد، وعلى أيدٍ تدرّبت على القتل خارج القانون، بل كان القتلة من الذين يجهلون تبعات ما يفعلون. لن يختفي القتلة وراء الأوامر، فالجهل بالقانون لا يعفي من الجريمة.

لم يكن 30 من يونيو، إلا ذكرى بئيسة، قام الشباب من الجنسين برفض الحركة الإسلامية و رفض حكمها الذي دام ثلاث عقود، وصار موكب الملايين الجديد إعادة لجذوة الشرارة من جديد، التي تريد قوى بعينها من مصادرة حق الشباب في العودة للساحة.
هذا يوم ليس كمثله يوم. لم يكن الوطن يرفرف صائحا أيا شعبي، أنا سوف أثأر لكل من سقط من رُصاص الغزاة الذين قدموا الموت على الحياة. قدم الشعب عصارة أبنائه وبناته، سلمية لم يراعيها القتلة. كانوا عِصابة اللجنة الأمنية، الذين كفروا بالشعب ورسالته السلمية. كان ظنهم أن يستبدلوا عصير الجهالة بقائد آخر من الذين يدّعون حمل رؤوسهم في أيديهم. وكذبوا ، فما حملوا إلا الأحلام العجاف. يحققونها في أرض الوطن. لم يعرفوا العلم، كانوا أضعف حلقة صنعتها الجهالة الجهلاء. لو كان الشعب سيد نفسه لحكم عليهم بحكم القانون، ولقدم الذين حملوا رؤوسهم بين أيديهم حقيقة لا تزوير للعدالة لتقتص منهم. ولتاب المتبطلين المتوقفين عند أحلام الضابط الطائر.

(2)

حرية وسلام وعدالة، فوق كل الأنبياء الكذبة، والمناضلين الكذبة، والمجاهدين في قتل أبناء وبنات الوطن العزّل ولا يعرفون واجب الجيوش. لقد أفسحت الحركة الإسلامية للجهلة أن يكونوا ربائبهم، الذين يفلحون الأرض المعزولة من السلاح. هؤلاء لا ينفع معهم إلا عدالة القوي. عدالة لن تتكئ على حائط مائل، أو عدالة تتذرع بأن القبيلة سوف تدفع الثمن. لن يقف إلا المجرم وحده، فليس في مسرح القتل سوى القتلة. سوف تكشفه الأضواء الجهيرة و الكثيفة، ولن يمضي الحال ويترك الأمر لمجرم مجهول، كما هو حال قتيلة الشنطة في مطلع ستينات القرن العشرين.

(3)

قال أحد الدستوريين من الضباط العظام، الذين لم يزالوا في السلطة:

{ ..وكانت تتفق معنا قوى الحرية والتغيير على فض منطقة كولومبيا، دون المساس بمنطقة الاعتصام ، ومنطقة الاعتصام لا تشكل لنا مشكلة. وفي الليلة السابقة للتنفيذ دعَونا لاجتماع موسع حضره كل أعضاء المجلس العسكري، حضره كل قائد الأركان ومجموعته وقائد عام الشرطة و قائد قوات الدعم السريع، ورئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس جهاز الأمن والمخابرات ونائبه ورئيس النيابة ورئيس القضاء، وأخذنا المشورة القانونية, ووجهنا القيادات العسكرية بفض الاعتصام وحدث ما حدث، ونجدد أسفنا هنالك انحرافات في الخطة العسكرية وحدث ما حدث. فيما يتعلق بفض الاعتصام، مع أن المقصود هو منطقة كولومبيا فقط. حتى هذه القوات رغم الانحرافات، لم تتوغل كثيرا في منطقة الاعتصام. بدليل أنه حتى الساعة العاشرة وبعض الكاميرات والمحطات كانت تنقل ما يدور في منطقة الاعتصام، وكان هناك عدد مقدر من الإخوة في منطقة الاعتصام يتجولون ويوجدون في مناطقهم، وحتى عندما كنا نتحدث في تلك اللحظات، كنا نقول أننا لا نمانع للذين خرجوا من العودة إلى منطقة الاعتصام. لأن المنطقة لا زالت تحت سيطرتهم وكذا وكذا، لكن حتى الذين كانوا داخل منطقة الاعتصام أخلوها. بعد إخلائها، أعلنا بأننا سوف لن نسمح بالعودة إلى منطقة الاعتصام. }

(4)

ورد في كتاب أحد قيادات الحركة الإسلامية " المحبوب عبد السلام " ( الحركة الإسلامية السودانية - دائرة الضوء - خيوط الظلام - تأملات في العشرية الأولى لعهد الإنقاذ) مجموعة من محاقن الجريمة مدونة بإتقان نورد بعض قطف منها:
صفحة 121:

{زاول التعذيب في بيوت الأشباح عناصر من الاستخبارات العسكرية، شاركتهم عناصر من أبناء الحركة الإسلامية وعضويتها، وجرت بعض مشاهده أمام عيون الكبار من العسكريين الملتزمين وقادة أجهزة الحركة الخاصة. واستنكرته كذلك فئة من أبناء الحركة، واعترضت بالصوت العالي عليه داخل أجهزة الحركة، ولكنها لم ترفع صوتها للخارج بالاعتراف أو الاعتذار في تلك الحقبة للذين وقع عليهم الظلم العظيم ، من كبار قادة المعارضة وصغارهم.)
(وإلى تلك العقيدة التي ما لبثت أن استشرت روحاً سائدة في أروقة الأجهزة الأمنية ، يمكن أن تُفهم الجرأة البالغة لاتخاذ بعض قراراتها والحماس الشديد لإعدام كبار الأطباء الذين شرعوا في محاولة للإضراب، أو تورطوا فيها ، أو ما وقع بالفعل من إعدام لبعض المتاجرين في النقد الأجنبي بمن فيهم الذي أخطر المحكمة الميدانية الايجازية المستعجلة أنه يحفظ المال ورثاً لا تصرفاً وبيعاً، وفيهم كذلك أبناء لرموز في الديانة المسيحية، كانت الثورة تحتاج أن تحفظ معهم عهداً ووداً ينفعها في عمرها الوليد وفي المستقبل، ومما حرصت الحركة الإسلامية في سالف تجربتها أن تحسن رعايته. وإلى تلك الجماعة وتلك الروح تُعزى المجزرة المتعجلة التي ارتكبتها قيادة الثورة، وقيادة الحركة ممثلة في نائب الأمين العام في (28) من ضباط القوات المسلحة - رحمهم الله - وأضعاف العدد من ضباط الصف، بعد محاولة انقلابية فاشلة حاول المسؤولون عن تأمين الثورة، أن يبرروا استيلاء الانقلابيين فيها على مواقع بالغة الخطر، بأنها تركتهم يعملون أمام بصرها، حتى يتورطوا بالكامل ويُقبض عليهم مُجرمين. وسوى مجافاة ذلك الزعم للقانون والأخلاق، فإن مجافاته للحقيقة بدت غالبة، إذ أن الأمور قد انفلتت بالفعل من أيديهم فجر التنفيذ، وعوضاً عن إعمال آلية الدقة في المراقبة أعملت آلة العنف في الانتقام، ما زعم أنه رسالة للقوات المسلحة لتكف عن الانقلابات، لكنها لم تفعل وبقيت المسؤولية في عُنق الإنقاذ إلى اليوم، أن تُخطر ذوي الشهداء كيف تمت المحاكمة، وبأي قانون، وأين دُفنوا وماذا تركوا من وصايا ومتعلقات شخصية.}

(5)

لن يكون مجلس الوزراء استثناء لكل مجالس الوزراء في العالم، ولا يعقل أن لا تكون سلطة رئيس الوزراء في السودان، لا تشمل وزير الداخلية ووزير الداخلية ورئاسة الأمن والمخابرات!. وبالتالي لا سلطة لشركاتهم في الرقابة والتدقيق، التي تدافع عن ملاكها الإخوان المسلمين.

وفق الوثيقة الدستورية، لا يجوز اتخاذ الاجراءات الجنائية للدستوريين، دون أخذ الإذن برفع الحصانة، وهو ما ينبغي أن يكون.

عبدالله الشقليني
3 يوليو2020

alshiglini@gmail.com

 

آراء