ضياء الدين بلال ومقال بقامة “أكلت قليل خبز فأكثرت منه ”
مع الإعتذار لكتاب البخلاء للجاحظ ، قرأت المقال الذي كتبه الأخ ضياء الدين بلال اليوم وهو يوجه قلمه ضد مناضلي الكيبورد وكتاب الاسافير وأعداء الإنقاذ التي غلبتهم ببقائها في الحكم ردحاً من الزمن ، وعرفت كيف أنفعل الأخ ضياء الدين وكتب عن الحادثة بعد مرور ربع ساعة على مشاهدته لمقطع الفديو في قناة الجزيرة مباشر ، وبما أنه كان منفعلاً وقد تملكه الغضب الشديد نصحه الوارعون والراسخون في العلم وخلان الوفاء بعدم الكتابة وهو تحت ظرف هذا البركان الهائج من حمم الغضب ، طلبوا منه التريث حتى تهدأ الأحوال ، ولكنهم لم يطلبوا منه بأن يتوضأ ويمسح خفيه بالماء ، فالماء يطفئ نار الغضب كما تعلمنا في السنة النبوية الشريفة ، المهم لم تفلح الجهود في ثني الكاتب ضياء بلال عن موقفه حتى ولو وضعوا الشمس عن يمينه والقمر عن شماله ، فخرج المقال كالطلقة السيارة ، لكن الذي استغرب له أن الأخ ضياء الدين بلال يكتب عن اعداء سلفاكير في الجنوب ، ويكتب عن مكان الدكتور خليل إبراهيم ، وقد كتب وتعشق في جنرال المخابرات قوش ووصفه بالشخص الذي يرى ما وراء الأكمة وما خلفها ، فكيف به لا يعلم بحادثة جلد هذه الفتاة ؟؟ والجلد من الطقوس المتعارف عليها في المحاكم السودانية ، والصحافة التي تهتم لشئون المجتمع تخصص صفحة لأقسام الشرطة والمحاكم ، وهذا يحدث في مصر ، وعلى ذمة صحيفة " الرائد " والتي تقوم بنشر السيرة الذاتية لهذه الفتاة في حلقات وتنسبها لمصدر مجهول في الشرطة السودانية ، تزعم صحيفة الرائد أن تاريخ هذه الفتاة مع الفسق والفجور بدأ منذ دراستها بالجامعة حيث تم فصلها ، ولها ثلاثة جنح في كرري وامدرمان والخرطوم ، كما أنها متهمة بترويج الهيروين والمخدرات ، ووفقاً لصحيفة الرائد أن هذه الفتاة جُلدت 80، 40، 80 جلدة على التوالي في عدة أقسام وهذا في خلال الفترة من 2008 إلى 2010 م ، طبعا الصحيفة تكتمت على مصدر المعلومات ولكن كما هو واضح أن الإنقاذ بحكومتها وإعلامها تتخذ موقفاً من هذه الفتاة والتي بصرخاتها جعلت رجال الإنقاذ ينكشفون أمام العالم ، لذلك هم يحاول النيل من سمعتها وتشويه صورتها عن طريق الكذب والتلفيق ، بعد كل هذا ، كيف يجهل الأخ ضياء الدين بلال هذه السيرة الذاتية ، فالصحافة هي ضمير الشعب وصوت الضعفاء .
وفي مقاله الأخير ، والأخ ضياء الدين وهو يرد على كتاب الاسافير واصحاب الالقاب الوهمية وقع في خطأ آخر ، وقد كتب وهو في حالة الغضب وحمل معه متاع الآراء المسبقة ، وهو يتحدى أصحاب هذه الاقلام بأن الإنقاذ باقية في الحكم مهما طال الزمن ، وأن إستغلال هذه الحادثة لن يسقط النظام ، لكن هناك شيء فات على الأخ ضياء الدين ، وقد كنت أعتقد أنه محلل سياسي حصيف ولا ينعطف على هذه الكبوة ، هذا الحديث يبدر من أصحاب المستوى الأخير في حزب المؤتمر الوطني ، ويصدر من افواه الذين كانوا ينشدون :-
الليل ولى وجاء دورك يا صباح
وسفينة الإنقاذ سارت لا تبالي بالرياح
أتوقعه من هؤلاء ، لكن لا أتوقعه من صحفي يهز الأفاق ويكتب عن المؤامرات ورجال المخابرات ، فهذا النظام قد سقط منذ أن رايت دبابات الحركة الشعبية وهي تدخل مدينة جوبا ، وقد سقط في العاشر من مايو عندما اقتربت قوات حركة العدل والمساواة من مخدع الرئيس ، وقد سقطت الإنقاذ عندما دخلت القوات الأممية السودان ، وسقطت الإنقاذ عندما نفر الزعماء والملوك من رئيسها كنفيرهم من البعير الأجرب ، وصار لا يسافر للخارج إلا بعد الضمانات والفحص والتمحيص ، أما السقطة الكبيرة فكانت هذا المقطع الذي رايناه ، فكيف برجال الإنقاذ الشجعان وهم يبنون فضيلتهم على الجلد والتعذيب ، وهم بالفعل شجعان ويستحقون الأوسمة والنياشين إن كان ما يحاربونه هو إمراة ضعيفة لا تقوى على إحتمال لسعات السوط ، يكفي انها أنتزعت الرحمة من قلب ضياء الدين بلال وجعلته يكتب بغضب وهو يتجاوز الحدود ، فلا زال كل من والي الخرطوم ودكتور خالد المبارك يجلدونها كل يوم ، وقد نسوا أن الإنسان في الإسلام عندما يُقام عليه الحد يُعتبر بأنه تطهّر من الذنب كيوم ولدته أمه ولا يتم توصيفه بأنه فاسق أو زاني ، فالقصد هو الإصلاح وليس الهدم ، فكما قال السيد/المسيح : فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بأول حجر ، قرأت في الاثر الكريم أن بغية من بغايا بني إسرائيل دخلت الجنة لأنها سقت كلباً كاد أن يموت من العطش .
سارة عيسي
sara_issa_1@yahoo.com