طالبنا بالاستقالة بدلا من الرحيل بكرامةٍ مُهدره

 


 

 

" مقدِمه واجبه إن كان ثمة مَن يسمع "
فليُنبِئُني أيُ مسؤول في هذه الحكومه أو مَن دار في فلكها أو من طبلوا لها ؛ مَن مِن قمة رأسها الى أخمص قدميها أشرف وأحق من ضباط الشرطه والجيش والخدمه المدنيه الذين واجهوا الإنقاذ في عنفوانها وكسروا كبرياءها المزعوم ومرغوا أنفها في الوحل وثبتوا حتى تلاقوا مع أبنائهم وبناتهم في ديسمبر ..من أشرف من الشهداء وأسرهم ومن منكم أحق واشرف ممن كسروا هيبة الموت وزلزلوا ثباته وثبتوا لبيوت الاشباح وموقف شندي وثلاجات الموز . فلتخبرني أحزاب المحاصصات التي تتقاتل الان على الكراسي وليخبرني المختطِفون أهل مركزية قحت ومرتزقة الحروب والقادمون من وراء البحار الى ميدان الإعتصام . وأخيرأ ألا تخجلون وانتم تجلسون ، مع علمكم التام ، على مقاعد ليست لكم وانتم تُقصون اصحاب الحق. تقاتلَوا وتحاصصوا فالله والشعب سيخرجوا ما كنتم تحذرون.
عامان والبلاد غارقة في الاوساخ والحفر ومياه الصرف الصحي. عامان من انقطاع المياه والكهرباء وجيوش الباعوض والذباب وإنعدام العلاج. حلمنا بحكومة رشيقة يستعمل افرادها المواصلات او سياراتهم الخاصة.. من أحق بمبلغ خمسمائة مليار جنيه ؛ اصلاح كلِ هذا الخراب ام عربات لأفراد مجلس الوزراء؟
ما أن بدأت حكومة الإنتقال لمهامها صار لنا رأي ثابت لم يتزحزح وهو أن الأخ رئيس الوزراء ليس هو رجل المرحلة. كان ذلك في مصاف القتل الرحيم من جانبنا إشفاقا على الرجل وقد استدلينا على ذلك من معطيات كانت أمامنا حول شخصيته ومن هم بطانته ومَن الذين يستعين بهم ومن الذين أبعدهم عن ديوانه ولم يكن الأمر صعبا لم ندَع إمتلاكنا لقدرات إستثنائيه بل استندنا على حكمة لأعراب بسطاء تقول أن الهدير يدل على البعير. بنينا رأينا هذا على وقائع ثابتة تهيَب الكثيرون مجرد الإقتراب منها وربط البعض بين الفكره وتبني فلول الإنقاذ لها ووصموا الجميع بالسعي لإجهاض الثورة كأنما الإختيار، الذي نجهله جميعا، لم يتم بأيدي بشر. إتكأ آخرون على ثقل تركة الإنقاذ و وجوب إعطاء الرجل فرصة بالرغم من قول واقع المشهد الذي هو أمامهم أن الرجل يغذ السير على نفس خُطى الإنقاذ وقع الحافر.
تمنيت أن يتقدم الرجل بإستقالته لأن الطريق الذي خطى فيه لم تربطه أية علاقة بالثورة ووقتها لم يكن المشهد قد تعقد بفعله كما الآن وظل يبتعد موغلا في طريق إختطه لنفسه كثُرت حوله الأقاويل بلا مدسَه ولم تكن الثورة ضمن أجندته وهو يسبغ الحماية على المفسدين ويعَين المشكوك في ذممهم وفي علاقتهم بالعهد البائد وحافظ على كل إرث الإنقاذ اليشري والقانوني موجودا في دواوين الدوله وتمتعت إستثمارات الفلول بالحمايه في إطار مخطط غامض حجب الذين هم أكثر تأهيلا عن المناصب الحساسه في محيط العدل قضاءا ونيابة وشرطه وأقصى بروف التوم عن التعليم بجحة الفحص الأمني وما بين ذلك الإقصاء والآن عين الكثير من الفلول بل وتمَ حماية فسادهم فأين كان الفحص الأمني المفترى عليه؟ وبرغم الطعون التي بدأت بشلة المزرعه وإمتدت لما بعدها لم يحرك سعادته ساكنا فتوالت الأخطاء في تعيينات الولاه والمسؤولين الآخرين.
صار التهكم على اداء الوزراء لا كابح له، كل ذلك قابله الرجل بمزيد من البرود. إستمر في اطلاق الوعود ولم يأبه لها أحد لأن الجميع تأكد من أن الأمر لا يعدو كونه فرقعات لا قصد من ورائها سوى كسب الوقت ومن ثم المضي في مخطط نؤمن نحن بأنه موجود لحين تنفيذه كاملا.
ظل يطلق الوعود في مؤتمرات بارده ولا أحد يوليها إهتماما لعلم الجميع انها مجرد "كلام والسلام" وأنها لن تجد حظا من التنفيذ. لا نفهم أن يعين منسوبوا الإنقاذ للوظائف ولا نفهم أن يحمى فسادهم البيِن وأن يستمروا بعدها في مواقعهم. ولا نفهم أن يتم إدارة شؤون الدوله ببضع احزاب اوردت الدوله موارد الهلاك فالوزراء من بينهم والمستشارون منهم وكل المناصب الحساسه واللجان منهم ومن الفلول الى جانبهم وفي الأثناء نجد كل أهل الثورة "مبعدون" حتى من تسوية حقوقهم. وصارت الإحتجاجات تقابل بالحسم. كتب علينا تحت هذه الحكومه أن نبقى في مناطق الظلال والألوان الرماديه والإتفاق مع العسكر وأهدافهم الراميه لتأمين أنفسهم وتأمين الفلول والحفاظ على مكتسباتهم ووأد الثورة وإبعاد الثوار عن غرسهم ومن يقم بذلك لا يمكن أن يعطى فرصة تلو الفرصه فنحن لم نُسقط الإنقاذ في نزهه ولم ننوي لإستبدال بطش ببطش وفساد بفساد ومحاصصات بأخرى. يؤكد حدس هذا الشعب أننا نتنكَب الطريق الخطأ ويظن الأخ رئيس الوزراء أنه يتعامل مع أطفال فتأتي ردة فعله المتأخره دوما معتمدة على توزيع بعض الحلوى عليهم لإسكاتهم إلى حين. لقد أهمتنا كرامة هذا الوطن وكرامة شعبه التي مرَغتها الإنقاذ في الوحل ولم نشعر ابدا أن هذه الكرامه مثَلت أولويه للحكومه على مستوى خارج السودان او داخله لتستمر الهروله لمن بيدهم (ريموت) حكامنا ويستمر نهب أراضينا وثرواتنا وتهريبها عبر مطار الخرطوم وتستمر سيطرة المليشيات ويستمر إنفراط الأمن. وصفنا طلبنا له بالإستقاله بالموت الرحيم وفي أي لحظه تمر سيرتفع سقف المطالب وقطعا ستمر بالإقاله وأخشى ما نخشاه الرحيل بكرامه مهدره هذا إن بقى هنالك، بأفعاله، ما سوف نتعارك عليه.

melsayigh@gmail.com

 

آراء