عادت الانتباهة وخسئت الشعبية وأدعياء الوحدة !؟ … بقلم: آدم خاطر
قبل ما يقارب الشهرين كان القرارالسياسى المشئوم بايقاف صحيفة الانتباهة واغلاق دارها وتأميم ممتلكاتها بحيثيات وتقديرات بئيسة ومسوغات واهية لم تكن مقنعة لصانعى القرار يومها ، ولا هى فى توافق مع المزاج العام الغالب فى الشمال بعد أن انكشف مستور تجار الحروب وسماسرتها من أرباب الانفصال والمغول الجدد ، دعك عن الدستور والقانون اللذان بموجبهما تأسس منبر السلام العادل وانطلقت الانتباهة كصحيفة يومية تعمل كغيرها من الصحف السودانية بأهداف وبرامج، ولها قراؤها ومن يناصرونها حتى كتبت لنفسها سفرا خالدا فى تاريخنا الصحافى وما يجيط بواقعنا من هموم ، وأختطت لها نهجا مغايرا من واقع السلام ومساربه وتياراته واتفاقياته له لون وطعم ورائحة اختلف الناس أم اتفقوا معها . لم يكن القرار وقتها مستغربا أو وليد الصدفة والاستهداف كان يأتيها من الداخل والخارج ، والمؤمرات تحاك لاغلاقها ومصادرة ممتلكاتها وهى تتمدد فكرا وقناعة حتى أضحت الصحيفة الأولى فى الشمال والجنوب قراءً ومردودا ماديا وانتشارا اسفيريا يتلهفها الناس لصدقية ما تحمل من خبايا تعذر على السياسيين هضمها وتبيانها للناس الا بعد معاناة وتضحيات هكذا كانت ارادتها وستظل ! . كانت الانتباهة تحاصر و أكثر من عشرين صحيفة يومية تكتب وفقا للدستور والقانون ، ولكن الحركة الشعبية لم تعرف عدوا ولم تتوهم سلاحا غير الانتباهة وقادة الصحيفة وكتابها ، و كان الاستعداء ينطلق على أشده من زعيم الشعبية سلفا حتى عرمان ، لا يتركون ساحة ولا لقاءا رئاسيا ولا لجنة سياسية ولا مشاورات حزبية الا وكانت الانتباهة على رأس الأجندة كى تحاصر وتغلق وتكمم أفواه كتابها، كيف لا وهى تكشف الأهداف والمؤامرات التى يحكيها قادة الشعبية وهم يتدثرون بستار الوحدة الجاذبة التى يكلونها للوطنى وحده وفعالهم وحركتهم وبرامجهم المعلنة تؤسس للانفصال وتمزيق البلاد وتفتيت أوصاله حتى تضحى دولة الجنوب التى تمهد لفناء الوطن !. حوصرت الانتباهة حصارا مريرا وضيق عليها تضييقا تجاوز سلوك المهنة والأطر الصحفية والمحاسبة القضائية والقانوية عبر الأبواب المشرعة لمن يرى فى ما تقول به مخالفا للدستور والقانون أو تغولا على الحقوق والحريات العامة ، وحورب رجالها سياسيا وأراد الأعداء أن يوقعوا بينهم وبين قادة الدولة وأجهزتها من خلال الروايات التى ينسجونها عنها والمخاوف التى يتوهمونها ، بل وامتد العداء ليطال أواصر الرحم والقربى والتلوين السياسى كعادة صناع الحملات الموتورة والتشويش والاربكاك السياسى على نحو ما يغعل باقان وعرمان ، بل امتد الصراع معها ليصل السفارات الغربية والامريكية مناصرة لنهج الشعبية فى التضييق على الآخر فوصفوها بأسوأ النعوت وأبشعها ورموها بأقذر السهام حتى تؤد ، ولكنها بقيت تصارع هذه الممالك السراب وأشباه الرجال من باعة الأجندات الخارجية ، ما غيرت ولا بدلت فى خطها ومسارها لأنها تريد أن يكون السودان عزيزا بأهله ورجاله وقراراته الوطنية لا ما يصنعه الوهم وتمليه الارادات الخارجية والأجندات الأجنبية عبر أكثر من واجهة وبوابة ستكشف الأيام أننا كنا على حق نراه كما يرى الانسان سوءاته الخاصة !!. ضيق على الانتباهة حتى من بعض صحفنا اليومية فأنبرت صحيفتا ( الاهرام والأحداث ) دون سائر الصحف ولاعتبارات نعلمها و من أعلى هرمهما يحرضان ويطلبان اغلاقها ومصادرتها ولم نكن لنتعجب من الدوافع والصداقات التى تجمعهما مع الشعبية الى بعض مصالح لم نأبه بها لأن فهمنا للسلام ومتطلباته يتجاوز الشخوص والأسماء الى ذات الوطن الذى هدده اغلاق الانتباهة وتكميم صوتها الذى يوازى ويصارع تيارات العلمنة والكرزائيين لاشقاء الوطن بدعاوى ومبررات لا تقوم على ارجل !.
ووفاءً لأهداف الانتباهة وخطها العام ، واعلاءً لقيمة القلم والكلمة الحرة عبر هذا المنبر والانتباهة ، ومعزة لتيارها وقراءها صام هذا القلم وامتنع عن الكتابة منذ التوقيف وحتى يومنا هذا انتصارا لقيمة ومبدأ ، و انتظارا لما ستسفر عنه الأيام حتى أعزنا الله بهذه العودة الظافرة فضلا منه ونعمة ، من وحى الحركة الكاشفة لادعياء السلام وأيام اتفاقية السلام الشامل الى انقضاء ، وأشهرتفصل بيننا وبين الميعاد الذى ينتظره باقان وعرمان لاعلان دولتهم ويا لها من دولة !. توقفنا عن الكتابة لأننا أحسسنا بالظلم والاستهداف وكنا على استعداد أن نساق الى المحاكم والمشانق ان كان دفاعنا عن الوطن وخياراته برؤيتنا يعد منقصة أوجريمة يحاسب عليها القانون ، ونحن نرى الوحوش تتناوشه من كل اتجاه ، والتهم تحاك والأراجيف تدبر والمكائد ترسم بالداخل والخارج ، ورمز سيادة البلاد وعزتها يهان ، وقرارات الوطن تبتسر ، وهمومه تقزم والأقزام تتطاول والتمرد فى تمدد والحرائق من وحيه فى كبر ، والانتباهة وحدها من يرصد كل ذلك ويقف الى صف الحق وكشف النوايا الحقيقية لارباب السودان الجديد من وكلاء السفارات الأجنبية واًصدقاء المبعوثين الخاصين للسودان من لدن دانفورث وحتى غرايشون ، الذين ضمنوا تمزيق البلاد عبر فتنة الجنوب ، وعينهم الى دارفور وفتن أخرى سيأتى وقتها عقب نتيجة الاستفتاء كما يزعمون ، لم يجدوا غير الانتباهة غصة فى حلوقهم وشوكة فى خواصرهم أرادوا هزيمتها وكسرها ولكن سرعان ما أنشكف زيف ما بجرابهم وعاد الحق لينطلق مجددا بعودة الانتباهة يقول لا سبيل غير المدافعة بالحسنى والكلمة بالكلمة وتقوية ارادة الشعب وحفه الكامل فى الاختيار دون وصاية من احد حتى يكتب الله سبيل الخلاص كيفما كانت النتيجة والمآلات ويرتاح الوطن من غثاء السيل والزبد الذى لا شك سيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس سيمكث فى الأرض بحول الله وقوته ! . قالوا عن المنبر ما قالوا وأحصوا الأنفاس علينا وعدونا بأصابع اليد ولكن ميزان الانتباهة وكفتها من وحى ما تحمل كان أثقل من الذهب والنفائس فى دنيا السياسة فكانت بحراكها توازى حزبا سياسيا قويا وتيارا وطنيا جارفا وكلمة لها دوى وصدى ظنوها من صنع الحزب الحاكم أو بعض واجهاته الى أن اغلقت ، فكانت بصوتها وكلماتها القذائف أن عبرت الحدود والأقاليم حتى أخافت الأحزاب والساسة فانتصر بعضهم لذاته ولكن سوءات الحركة الشعبية الكثر ودسائسها التى لا تنقضى ومكرها البوار قادت لاعادة التوازن لعربة الوحدة والانفصال بعيدا عن العواطف والتطبيب والتلاوم وفق الحقائق والمعطيات الماثلة ، والجنوب يقوم منذ أول يوم فى الاتفاق بمؤسسات الدولة التى لا تعرف غير تعزيز الأمن والدفاع وشراء السلاح والمعدات الثقيلة والطائرات والتدريب وكثافة الوجود الأجنبى المساند ليوم المواجهة الذى يريدونه لتخرب البلاد بميلاد الانفصال ، ويزداد التناحر ويعود القتل والدمار والأشلاء والخراب لأن عقلية باقان وعرمان ومن يقفون خلفهم بالداخل والخارج لا تعرف غير هذه اللغة والانتباهة امتداد لمدرسة الجهاد والاستشهاد والألوية والفيالق التى حالت دون وصول باقان وعرمان للسلطة الا بمكرمات السلام وهباته التى لولاها ما كانوا بمدن الجنوب والخرطوم اليوم يسرحون ويمرحون يدعون السلام والوحدة فى كذب صراح وتدليس بين ، وهم أبعد ما يكونون عن هذا الشرف !!؟ .
تعود الانتباهة اليوم للصدور برسالة كبرى لها من الأبعاد والمضامين والدلالات ما ستكشفة الأيام القادمات ، وبثوبها الجديد واطلالتها العزيزة يستقيم بناء الدستور والقانون وأمر الحريات فى بلادنا ، وهى تولد بفرحة وغبطة تتجاوز قادتها وتيارها الذى صنعته بجهادها وسجالها لأن الفرحة ليست بانتصار الطيب مصطفى او هذا الكاتب أو ذاك ، و ليس بفهموم رموز الانتباهة مناطحة الدولة أو التجاسر عليها أو المزايدة السياسية واثارة النعرات أو تقويض الوحدة التى يقف عليها باقان وعرمان كما يدعى البعض أو استعداء هذا السياسى او ذاك الرمز ، فالخلاف كان وما يزال حول الوطن بمفهومه الكبير وسلامه الحق وأمنه وعزته واستقراره ، والبعض سعى ان يجعلها معركة محدودة بين الطيب مصطفى و أطراف بعينها ، والأيام اثبتت أننا نكتب كمؤسسة لها غايات وطموحات مبنية على أسس ومبادى ، تتوجه نحوها بمثل وأدوات لا تخطر ببال باقان وعرمان الذين يضربون دفوف الانفصال فى الحركة الشعبية وصولا الى مقصدهم ، ولكننا نختلف معهم فى الغايات الكبرى والآليات لأننا كنا نعمل لأجل وحدة حقة أو انفصال عزيز ، وهم كانوا وما يزالوا يتحركون بعقلية الانفصال المشربة فى نفوسهم ارضاءً لأربابهم وأولياء نعمتهم الذين جروهم بالأمس للحرب فتبين فشلهم وهزيمتهم حتى كتب السلام ، ويطلبون منهم اليوم سداد الفواتير الآن عبر مسعى الشعبية الذى حسمه سلفا زعيم الحركة الشعبية وقائد الجنوب شخصيا بأنه سيصوت للانفصال وقطع من نيويورك بأن غالبية الجنوبيين سيصوتون للانفصال أيضا ، وهذا ما كنا نعلمه من أول يوم ولكنهم كانوا يمرحلون توجهاتهم بتوقيت وريموتكنترول تقوده كيريات الدول بمصالحها فى بلادنا والاقليم !.حجبت الانتباهة لشهرين عن الصدور ولكن افكارها ومقاصدها باتت متقلغلة فى وجدان الضمير الجمعى الحى فى معظم تياراتنا الوطنية ، وبقيت جذوة الانتباهة تنبه الشعب للمخاطر المحدقة بالبلاد والتى تتجاوز الانفصال الواقع الى ما بعده من الويلات والثبور وعظائم الأمور !. انتصرت ارادة الحريات لتبقى مقاصد الانتباهة فى توعية الشعب بخطورة ما تضمره الحركة الشعبية عبر سودانها الجديد وحبالها المدودة مع حركات التمرد فى دارفور ومن يغذون الحرائق والفتن داخل البلاد !. تعود الانتباهة لتكمل مسيرتها فى فضح هؤلاء الأعداء المتآمرين على البلاد واستقرارها وسلمها المجتمعى ، وهى تعاهد من يناصرون خطها بأنها ستظل أبدا أمينة على كتابها ومنهجها ، قوية وحصينة وعصية على الانكسار لا تجامل فى مبادئها ولا تنحنى مهما تكاثفت عليها الضغوط والابتلاءات ، أو ازداد التآمر والمكر عليها داخليا وخارجياً . بل نواثقكم أننا على نمضى على خطى ثابتة تقف على خط يناهض ما تدعوا له الحركة الشعبية حتى تفنى وسودانها الجديد فى الجنوب والشمال فكرا ورجالا وأدوات ، وتعاهدكم أنها باقية بقوة شوكتها وثبات صفها وعزيمة رجالها فى تعزيز سلم الوطن بعيدا عن المزايدات والمجاملات التى كم أضرت كثيرا و أضعفت نسيجنا وتلاحمه وخربت وأوهنت من تماسك بنائنا الوطنى . وعبر هذه العودة التى كتبت لنا بقدرة الخالق ولطفه بالوطن وما يحيط به من محدقات ، نقول بأننا سنبقى كبارا فى فهمنا ومنازلتنا السياسية نخوض غمارها بشرف وأمانة لا تعتمد غير الحق ورضاء الخالق لا تقدم عليهما أمرا ، نخوضها معركة حضارية التزمنا أسسها فى صمت وصبر حتى مع من يخالفوننا الرأى والوجهة لا نضمر حقدا ولا نستبطن ضغينة ولا تحركنا المآرب الشخصية أو الكسب الرخيص والعدوات ولا نوالى فيها غير الوطن ومصالحه الخالصة حتى يكتب لبلادنا العزة والرفعة والوثبة الحقيقية من هذا الحمل الثقيل والسرطان الذى يتهدد الوطن ، فالشكر فى الأولى والآخرة لله المنعم الذى يقدر الأقدر ويكتب المصائر ، ومن بعده لمن يعرفون قدر الرجال والغايات ، ويحفظون الود لأصحاب التضحيات والرسالة الباقية ، ومن بعدهم لمن رأى الحق من حكمانا وقادتنا فألتزمه نزولا لأمر الله ، والوفاء لشعبنا المكلوم فى سلامه الذى أراد بمواثيقه السلامة والأمن وقدر الشركاء في الشعبية أن يكون سهمهم فيه بمثابة الشوكة التى قصمت ظهر البعير ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ،،،، !!!؟ .
adam abakar [adamo56@hotmail.com]