عام من الحرب: أداء تقدم: النخبوي الأعور (3)

 


 

جبير بولاد
9 April, 2024

 

~~~~~~~~~~~~~~~~
جبير بولاد

.. في المقالة السابقة(2) ، كنا قد فصلنا في المحاور و المواقف التي افرزتها الحرب و لكن أكثر ما يدهش المرء في تلك المحاور و المواقف هو اصطفاف ثلة من الناس اصطلحنا عليهم في مقالنا ب(النخبويون الاعوريون ) و هذه ثلة رمت بكُلكلها في خانة حزب الجيش الذي يمثل الذراع الأمني و المسلح للاسلامويين مع مولوده الشائه( الدعم السريع ) و بقية أشلاء من حركات مسلحة لا يعرف الناس الا قاداتها المتحالفين مع الجيش مظنة تقسيم كعكة السلطة و الثروة بعد الانتصار المتوهم و هيهات.
.. ثلة (النخبويون الاعوريون) هي ثلة تتكيء علي ميراث أكاديمي يبرق من ثناياه ألقاب تسبق الأسماء في كل محفل و عرض إجتماعي مع حفنة من المعارف المتخطفة هنا و هناك يعلم المتحدث جيدا انها تخاطب واقعا في الغالب لم يجد الوقت و لا الترف لشم شميمها او بأستطاعته الربط بينها و واقعه .
.. هذه الُثلة هي موضوعنا اليوم، لأنها خانت الشعب و خانت ثورته و وضعت قلمها و صوتها مع صوت الباطل في معركة واضحة و جلّية، بل هي أم المعارك للشعب السوداني، و هي حُلمه في التحول المدني الديمقراطي الذي يقود الي بناء دولة العدالة و الحرية و المساواة، هذه الدولة التي من المستحيل أن تأتي عبر فوهة البنادق الخائنة و الغادرة المتصارعة الآن، لأن هذه البنادق كان كل تاريخها هو سفك الدم السوداني و هتك عرضه و تفتيت نسيجه الإجتماعي، أذاً هذا التاريخ الإجرامي مهما تكاثفت الأحداث فلن تنساه او تغفره الذاكرة السودانية .
.. هذه التواريخ الاجرامية للجيش و الكيانات و المليشيات التي تناسلت منه، عاشها معظم ثلة الاعوريون و يتذكرونها تماما، و لكن ما الذي يدعوهم لمُمالة أصحاب هذه التاريخ المخُزي و الرهان عليهم؟! انه الخلل البنيوي و النفسي لهذه الثلة و الذي إشرنا اليه في مقالتنا السابقة .
.. علي خلفية بواكير الدولة التي ورثناها من المستعمر، لم يكن التعليم و مؤسساته بتلك الوفرة النسبية التي نراها اليوم، فكان الذي يجد فرصة في التعليم في ذاك الوقت يعتبر من عظام المحظوظين و يتم تمييزه علي الفور في مجتمع بسيط و تتفشي فيه الأمية، هنا يصبح المتعلم مهما كانت اهتماماته افنديا ثم ما يلبث أن تتضخم ذاته حتي يحلم بحجز موقعه لقيادة هذا البلد الهامل، هذه النفسية و العقلية تضخمت حتي اصبحت محل تحاسد و تباغض ما زلنا ندفع ثمنه حتي الآن كشعب تجاه ثلة مريضة نفسيا و معتلة شخصيا للدرجة التي تضع المحافير في طريق اي سبل للخلاص لشعبها اذا لم يكن لها فيه نصيب و معظمهم متواضع القدرات و عاطل المواهب.
.. هذه الثلة( النخبويون الاعوريون ) كلفتنا كلفة عالية في تاريخنا السياسي الحديث و لديها مقدرة هائلة في (الإسهال ) الكتابي و الضجيج الصوتي مما يحدث ربكة عظيمة لدي المُتلقي و ليس لديها اي تأنيب للضمير حتي لو حُرق كل الوطن بمن فيه طالما هي تعيش حياتها المستقرة الهانئة في بلاد تنعم بالرفاه و الحريات و لم يتعلموا منها إلا شحذ ادواتهم لمزيدا من التمزيق و الفتك و البغض و التحاسد ضد كل من تسنم موقع لخدمة البلد .
.. نقول لهولاء hold on your dogs ، فلم يعد السودان كما كان و لن يكون، بعد اعظم درسين متلاحقين يعيشهم السودانيين الآن و هما ثورة ديسمبر المجيدة و هذه الحرب و الحرب برغم كل لعناتها فهي درس و تعباتها تمثل درس مُضاف.
.. سينتصر حلم السودانيين في دولتهم و ستقوم هذه البلاد يوما بعد أن تتعافي من كل أمراضها و سُحقا لأصحاب النفوس المريضة.
..نواصل

jebeerb@yahoo.com

 

آراء