عشاءٌ عائليٌّ

 


 

 

"فِيُوقُو" هي سمكةٌ تُصطادُ من على شواطئ المحيط الهادئ اليابانية. هذه السمكة قد انطوت على أهميّةٍ خاصّةٍ بالنسبةِ لي؛ فأُمّي قد تُوفِّيَت إثرَ أكلِها لواحدةٍ من نوعها. السُّمُّ يكمنُ في الغددِ الجّنسيّة لتِلكَ السمكة، بداخلِ كيسين رهيفين. وحين يُعدُّها المرءُ للطبخ يلزمهُ أن يُزيل ذيْنَكْ الكيسين بحذرٍ، فأيُّ غفلةٍ في ذلكَ سوف تؤدِّي إلى انسرابِ السُّمِّ في العروق. للأسفِ، ليس من السّهلِ التحقّق ممّا إذا كانت تلك العمليّة قد أُتممت بنجاحٍ أم لا. فبرهانُ ذلكَ، على كُلٍّ، ما من سبيلٍ إليهِ إلاّ عبرَ أكلها.

إنّ سمّ السمكة "فيُوقُو" لمؤلمٌ بصورةٍ مقيتةٍ، وهو، في كلِّ الأحوال تقريباً، فاتكٌ. فإن أُكِلَتْ تلك السّمكةَ خلال المساء عادةً ما يُغلبُ الضَّحيَّةُ ألماً آناءَ نومِهِ، ثُمّ يتقلّبُ، بعدَ، في المعاناةِ لعدّةِ ساعاتٍ ويموتُ في الصّباح. السّمكةُ إيّاها قد صارت شعبيّةً جدّاً في اليابان من بعد الحرب. فحتّى أوانَ إِنفاذِ قوانينٍ حاسمةٍ بشأنها كان التّحدّي ماثلاً في أن يُنجز المرءُ العمليّةَ الخطرةَ فيقطع معيَّ تلكَ السَّمكةِ في مطبخهِ الخاصِّ، ثمّ يدعو جيرانَ وأصدقاءَ له إلى البيت لتناول الوليمة.

في وقتٍ موتِ أُمّي كنتُ أنا أعيشُ في كاليفورنيا. فعلاقتي بوالدَيَّ قد صارت، بطريقةٍ ما، متوتّرة خلال تلكَ الفترة؛ عليهِ لم أعلم شيئاً عن الظروف المحيطة بموتها إلى أن عدتُ إلى طوكيو بعدَ سنتين من ذلكَ التّاريخ. يبدو أنّ أُمِّي قد رفضت دوماً أن تأكل السّمكة "فيُوقُو" لكنّها، حينما دعتها إلى ذلكَ صديقةٌ قديمةٌ زاملتها في المدرسةِ وكانت مهتمّة بألاَّ تجرح خاطرها، شاءت أن تجعل من تلكَ الدّعوة مناسبةً خاصّةً واستثنائيةً فاستجابت لها. أبي هو الذي زوَّدني بتفاصيلِ ما حدثَ آنذاكَ بينما كان اثنتانا مستقِلَّينَ سيّارةً من المطارِ إلى بيتِهِ في ناحية "كاماكيُورا". وقتُ وصولِنا، أخيراً، إلى البيتِ كان موافقاً لنهايةِ يومٍ خريفيٍّ مُشمِسْ.

- "هل أكلتِ في الطّائرة"، سألني أبي.

كنّا جالسينَ على بلاطِ "التّاتامي"* الذي يُغطِّي أرضيّةَ "غرفةِ الشّاي" الخاصّة به.

- "إنّهم قد أعطوني وجبةً خفيفةً".
- "ينبغي أن تكوني جائعة؛ سنأكلُ حالما تأتي كِيكْيَوْكُو".

كان أبي رجلاً صارمَ القسماتِ، ذا فكٍّ حجريٍّ كبيرٍ وحواجبٍ سوداءٍ باترةٍ. أُفكِّرُ الآنَ، على نحوٍ استرجاعيٍّ، بأنّهُ قد شابَهَ كثيراً "شو إِنْ–لاي"، رغم أنه ما كان سيبتهجُ بهذهِ المقارنةِ، لا سيّما وأنه قد كانَ معتزَّاً، خاصَّةً، بدمِ السَّاموراي النّقيِّ الذي جرى في عروقِ العائلةِ. حضورُهُ العامُّ لم يكن حضوراً مشجِّعاً على المحادثةِ المسترخيةِ؛ كما وأنّ طريقتَهُ العجيبَةُ في التّأكيدِ على أيِّ ملاحظةٍ يقولها وكأنّما هي خاتمةُ الكلامِ ليست معينةً كثيراً على تفهُّمِ الأشياءِ. في الواقعِ، عندما جلستُ إزاءَهُ في تلكَ الظّهيرةِ، عادت إلىَّ ذكرى صبيانيّةٍ عن زمانٍ ماضٍ ضربني فيه عدّةَ مرّاتٍ حولَ رأسي بسببِ "ثرثرتي كامرأةٍ عجوز". لا غروَ– إذاً– أنّ محادثتنا، منذُ وصولي إلى المطارِ، قد فاصلتها سكتاتٌ طويلةٌ.

- "أنا آسفةٌ لما سمعتُهُ عن الشّركة". قلتُ ذلكَ حينَ كفَّ كلٌّ منّا عن الحديثِ لفترةٍ من الوقتِ، فأومأ برأسهِ إيماءةً رصينةً.
- "في الواقع لم تُختم القصّةُ عند ذاكَ الحدِّ"، قالَ أبي، "فعقبَ انهيارِ الشّركةِ قتلَ واتانابي نفسه. لم يشأ أن يحيا مُهاناً".
- "فهمتُ".
- "قد كنّا شركاءَ لمدّةِ سبعةِ عشر عاماً. إنّهُ رجلٌ ذو شرفٍ ومبادئ. أنا احترمتُهُ كثيراً".
- "هل ستعود، مرّةً أخرى إلى أعمالكَ التِّجاريّة؟".
- "أنا ... متقاعدٌ. كبرُ سنّي لا يسمح لي بإقحامِ نفسي في مغامراتٍ جديدةٍ الآن. صارت الأعمال التّجارية هذه الأيّام مختلفةً جدّاً عمّا كانتهُ سابقاً، فقد اشتملت على التّعامل مع غرباءٍ يتعيّن عليكَ أن تفعلَ الأشياءَ على طريقتِهم، وأنا– شأني شأن "واتانابي"– ما فهمتُ، وما أزالُ لا أفهم، كيف انتهينا إلى ما نحنُ عليه حاليّاً". تأوَّهَ أبي، ثمّ واصلَ الكلام:- "إنّ "واتانابي" لرجُلٌ جيِّد: رجلُ مبادئ".

كانت "غرفةُ الشّاي" مشرفةً على الحديقةِ. من حيثُ جلستُ تمكّنتُ من ترسُّمِ هيئةِ البئرِ القديمةِ التي اعتقدتُ– حينما كنتُ طفلةً– أنّها مسكونةٌ بالجِّنِّ. إنّها الآن، بالكادِ، تُرى من بينَ ثنايا أوراقِ النّباتِ الكثيفةِ. الشّمسُ قد تدلّت إلى الأسفلِ وبقاعٌ كثيرةٌ من الحديقةِ قد سقطت في الظِّلِّ.

- "أنا مسرورٌ، على كلِّ حالٍ، من أنّكِ قرّرتِ العودةَ إلى هنا"، قال أبي، "أتمنّى أن تكونَ تلكَ شيئاً أكثرَ من زيارةٍ قصيرةْ".
- "أنا غيرُ واثقةٍ ممّا ستكونُ عليهِ خُططي المستقبلية".
- "أنا، من جانبي، مستعدٌّ لنسيانِ الماضي. أُمُّكِ أيضاً كانت دوماً مهيّأةً للترحيبِ بأوبتكِ إلى البيتِ رُغمَ كلُّ ما اعتراها من استياءٍ حيالَ سلوكك".
- "أنا مقدِّرةٌ لتعاطُفِكَ. لكنّني، كما قلتُ، لستُ متأكِّدةً، بعد، من خططي القادمة".
- "قد توصّلتُ الآن إلى الإيمانِ بأنّه لم تكُن هناكَ مقاصدٌ شرِّيرةٌ في خاطرِك"، واصل أبي الحديث،
"فأنتِ قد كنتِ مُستمالةً بـ..... تأثيراتٍ معيّنةٍ، مثلكِ في ذلكَ مثل آخرين عديدين".
- "ربّما ينبغي لنا أن ننسى ذلكَ الأمر، كما اقترحتَ أنتَ".
- "كما تُريدين. مزيداً من الشّايِ؟"

آنذاكَ بالضّبطِ واتى كلينا صوتُ فتاةٍ تردَّد صداه عبر المنزل.

- "أخيراً"، نهضَ أبي على قدميهِ قائلاً، "هاهي كِيكيَوكُو قد وصَلَتْ".

رغم فرق السنين بيننا قد بقينا، أنا وأُختي، دوماً، قريبتين من بعضنا. فمرآي مرَّةً أُخرى قد صيَّرها، فيما يبدو، مستثارةً بتطرُّفٍ مما دعاها، لبرهةٍ، لئلاَّ تفعل شيئاً سوى أن تُقهقه بعصبيّة. إلاَّ أنّها هدأت، نوعاً ما، حينما مضى أبي يُسائلُها عن مدينةِ أوساكا وجامعتها. إجاباتها على أسئلةِ أبي كانت قصيرةً ورسميّةً. هي، بدورها، قد سألتني بضعَ أسئلةٍ، لكنّها بدت– وقتذاكَ – مُقيَّدةً بالخوفِ من أنّ أسئلتها قد تُودي بنا إلى الكلامِ عن مسائلٍ غيرِ مواتيةٍ. بعدَ وهلةٍ أمست المحادثة أكثرَ ابتساراً حتّى ممّا كانت عليه قبلَ عودة كِيكيَوكُو إلى البيتِ. ثمّ نهضَ أبي وهو يقولُ:- "يجبُ عليَّ أن أُعنَى بأمرِ العشاء. اعذريني من فضلِك، لكونِ كاهلي قد أُثقلَ بأمثالِ تلكَ الشّئون. كِيكيَوكُو ستُراعيكِ".

استرخت أُختي جليّاً حالَ مغادرته الغرفةِ. وخلالَ دقائقٍ يسيرةٍ جدّاً كانت تُآنسُني بحرِّيَّةٍ عن أصدقائها وصديقاتها في أوساكا وعن فصولِ دراستها في الجّامعةِ. ثمَّ قرّرت، بصورةٍ مفاجئةٍ تماماً، أنّنا سنتمشّى في الحديقةِ فمضينا، بخُطىً واسعةٍ، في سبيلنا إلى الفيراندة. هناكَ انتعلنا صنادلاً (شباشباً) من القشِّ قد تُركت بحذاءِ سياجِ الفيراندة الحديديِّ، ثمّ خطونا خارجاً إلى الحديقةِ. كان النّهارُ قد ذهبَ ضوؤُهُ تقريباً.

- "قد ظللتُ متحرِّقةً تلهُّفاً إلى التّدخينِ خلال نصفِ السّاعةِ الأخيرِ"، قالت أختي وهي تُشعلُ سيجارةً.
- "لماذا لم تُدخّني إذاً؟"

أومأت إيماءةً خفيّةً خلفاً تجاه المنزلِ، ثمّ كشَرَتْ بشيطنةٍ طِفليَّةْ.

- "أوه، فهمتُ"، قلتُ أنا.
- "أو تدرينَ ماذا؟ قد صارَ لديَّ الآنَ خليلٌ".
- "أحقَّاً ذلكَ؟"
- "بلى؛ عدا أنّني محتارةٌ فيما أفعل. لم يَقِر عقلي بعدَ على شيءٍ معيّنْ".
- "ذلكَ مفهومٌ تماماً".
- "أُنظُرِي. هو يعدُّ الخطط للذّهابِ إلى أمريكا ويُريدُني أن أذهبَ معه إلى هناكَ فورَ انتهائي من
دراستي".
- "فهمتُ. هل أنتِ تريدينَ الذّهابَ إلى أمريكا؟"
- "إذا ذهبنا فإنّنا سنستغلُّ، في حركتنا هناك، نظامَ الأوتوستوب"، قالت كِيكيَوكُو ذلكَ وهي هازَّةً إبهامها أمام وجهي، ثمّ أردفت: "يقولُ النّاسُ إنّ ذاكَ خطرٌ، لكنّني مارستُهُ في أوساكا وكانَ حسناً".
- "فهمتُ. إذاً ما هو الشيء الذي أنتِ غير متأكّدةٍ منه؟"

كنتُ أنا وكِيكيَوكُو متابعتينَ سيرنا عبرَ ممرٍّ ضيِّقٍ كان ينثني بينَ الشُّجيراتِ وينتهي إلى البئرِ القديمةِ. وفيما اثنتانا كانتَا ماشيتين ثابرت كِيكيَوكُو على جذبِ أنفاسٍ من سيجارتِها بطريقةٍ مسرحيَّتُها زائدةً عن الحدِّ.

- "حسناً. أنا الآنَ لديَّ أصدقاءٌ كثيرون في أوساكا ومرتاحةً إلى وضعي هناك. لذا أنا لستُ متأكِّدةً، حتّى هذه اللحظةِ، من أنّني أُريدُ أن أترُكَ كلَّ ذلكَ ورائي. ثمّ هناكَ سيُوشي الذي أُحبُّهُ، بيدَ أنِّي غيرُ واثقةٍ، بعد، من كوني أرغبُ في أن أُمضي معه كثيراً جدَّاً من وقتي. هل تفهمين؟"
- "آهٍ ... تماماً".

كشرت كِيكيَوكُو مرّةً أخرى، ثمّ تقافزت قُدَّامي حتّى وصلت إلى البئرْ.

- "هل تذكرينَ"، قالت فيما كُنتُ أنا شارعةً في الذّهابِ تجاهها، "كيف اعتدتِ أن تقولي إنّ هذهِ البئرَ مسكونةٌ بالجّنِّ؟"
- "نعم، أذكرُ ذلكْ".

ألقينا معاً نظرةً، من أحدِ زوايا البئر، إلى جوفها.

- "قد أخبرتني أمّي دوماً أنّ ساكنَ هذه البئر كان هو المرأة العجوزُ في متجرِ الخضرواتِ الذي رأيتينه في "تلكَ الليلةِ"، قالت كِيكيَوكُو، "لكنّني لم أُصدّقها أبداً رغمَ أنّني– في ذاتِ الوقتِ– لم أُجيء وحدي، إلى هنا، مطلقاً".
- "اعتادت أمّي أن تقولَ لي ذلكَ أيضاً. بل هي قد أخبرتني، ذاتَ مرَّةٍ، أنّ تلك المرأةَ العجوزَ قد اعترفت بكونها شبحاً. يظهرُ أنّها كانت تختصرُ سبيلها إلى المنزلِ عبرَ حديقتنا. أتخيّلُ أنّها قد عانت متاعباً في تسلُّقِ حوائطِ حديقتنا هذي".

أفلتت كِيكيَوكُو قهقهةً، ثمّ أدارت ظهرها للبئرِ فيما كانت هي مُلقيةً نظرةً فاحصةً في أرجاءِ الحديقةِ.

- "لم تلُمكِ أُمِّي أبداً لوماً حقيقيّاً، كما تدرينَ"، قالت بصوتٍ مختلفٍ. بقيتُ أنا صامتةً. "فهي قد اعتادت أن تقولَ لي كيفَ كان الأمرُ غلطَتَهُما، هي وأبي، لكونهما لم يُربِّياكِ على الطّريقةِ الصّحيحةِ. كما واعتادت أيضاً أن تَذكُرَ لي كيفَ أنّهما كانا أكبرَ حرصاً بكثيرٍ في ذلكَ الشَّأنِ معي ممّا جعلني على هذا الحَسَنِ الشّديدِ في تصرُّفي". بعد أن تفوَّهت كِيكيَوكُو بذلكَ نظرت إلى فوقٍ فعاودت وجهَهَا ذاتُ تلك التَّكشيرةِ الطفوليّةَ المَكرِ وقالت: "يا ’لأُمِّيَ المسكينة‘".
- "نعم، يا ’لاُمّي المسكينة‘".
- "هل أنتِ آيبةً إلى كاليفورنيا؟"
- "لا أدري. ينبغي عليَّ أن أُّفَكِّرَ في ما أنا فاعلةٌ".
- "ما الذي حدثَ لـ... لها؟ لفِيكي؟"
- "كلُّ ذلكَ قد انقضى"، قلتُ، "ولم يعُد لديَّ هناكَ الآنَ الكثير من الأشياءِ التي تخُصُّني في
كاليفورنيا".
- "هل تعتقدينَ أنّني يجبُ عليَّ أن أذهبَ إلى هناك؟"
- "ولمَ لا؟ لا أدري. ربَّما ستُحبّينَ الإقامةَ هناكْ".
اختلستُ لمحةً باتّجاهِ المنزلِ. "ربّما سيكونُ من الأوفقِ لنا أن نُسارعَ بالرّجوعِ إلى داخلِ المنزِلِ. قد يحتاجُ "أبُونا" إلى عونٍ في إعدادِ العشاءِ".

لكنّ أُختي كانت تنظُرُ، مرّةً أُخرى، إلى الأسفلِ، إلى باطنِ البئرِ. "ليسَ بوُسعي أن أرى أيَّةَ أشباحٍ"، قالت. ردَّدَ صوتُها بعضَ صدىً.

- "هل ساءَ "أبانا" كثيراً جدّاً انهيارُ شركتِهِ؟ "
- "لا أدري. لن يستطيعَ أحدٌ أبداً الإنباءَ بحقيقةِ ما يشعرُ به "أبونا". قالت كِيكيَوكُو ذلكَ ثمَّ، فجأةً، استقامت في وقفتها واستدارت إليَّ: "هل حدَّثَكِ عن واتانابي العجوز؟ عمّا فعلَهُ؟"
- "سمعتُ أنّهُ قد انتحر".
- "حسناً. لم تكن تلكَ كلَّ الحكايةِ. فواتانابي العجوز قد "أخذَ" معهُ كلَّ عائلتِهِ إلى الموتْ: زوجتَهُ وطفلتَيهِ الصّغيرتين".
- "أوَ حقاً؟"
- "بلى. تلكما الطفلتان الجميلتان قد رحلتا معه. فهو قد أدارَ مفتاح الغاز على الجميع وهم نائمين. ثمّ شرطَ (فتحَ) بطنه بسكِّينِ قطعِ اللّحمِ".
- "نعم، قد حدّثني "أبونا" عن كيف كان واتانابي "رجلَ مبادئ"..".
- "ذلكَ مُقرف". استدارت أختي، ثانيةً، نحو البئرْ.
- "حاذِرِي وإلاّ ستقعينَ، رأسَاً، في باطنِ البئرْ".
- "لستُ بقادرةٍ على أن أرى أيَّ شبحٍ"، قالت أختي، "كنتم تكذبُونَ عليَّ طوالَ ذلكَ الزّمان".
- "لكنّني لم أقُلْ أبداً إنّهُ كان يقيمُ بقاعِ البئرْ".
- "أينَ كان هو يُقيمُ إذاً؟"

نظرنا معاً إلى الأشجارِ والشّجيراتِ الصغيرة حولنا. كان ضوءُ الحديقةِ قد أمسى معتماً جدّاً. أشرتُ، أخيراً، إلى فسحةٍ صغيرةٍ تبعد عنّا بحوالي ثمان يارداتْ: "هناكَ، بالذّاتِ، قد رأيته. هناكَ بالذّاتْ".

حدّقنا ناحيةَ تلكَ البقعة.

- "صِفيه لي، كيف كان هو يبدو؟"
- "ما استطعتُ أن أرى جيِّداً فالمكانُ كان مظلمَاً".
- "لكنَّكِ ينبغِي أن تكوني قد رأيتِ شيئاً".
- "ذاكَ كانَ امرأةً عجوزاً. إنّها قد كانت فقط واقفةً هناكَ وهي تُراقبُنِي".

تابعنا التحديق إلى البقعةِ إيّاها وكأنّنا كُنَّا منوَّمتَينَ مغناطيسياً.

- "إنّها كانت مرتديةً كيمونو أبيضاً"، قلتُ، "بعضُ شعرها قد تهوَّش وهبَّ متناثراً لهُنيهةٍ".

دفعت كِيكيَوكُو بمرفقها قُبالةَ ذراعي. "آهٍ، اهدئِي. إنّكِ تُحاولينَ أن تُخيفيني مرّةً أخرى". داست على بقايا سيجارتها ثمَّ، للحظةٍ قصيرةٍ، وقفت تُراقبُهُنَّ بتعبيرٍ مشوَّشٍ على عينيها ووجهها. ركلت بضع شُويكاتِ صنوبرِ فوقهنَّ ثمّ، مرّةً أُخرى، أظهرت تكشيرتها.

- "دعنا نرى إن كانَ العشاءُ جاهزاً"، قالت.

وجدنا أبي في المطبخ. شملنا بنظرةٍ سريعةٍ، ثمّ انصرفَ إلى متابعةِ ما قد كان فاعلَهُ.

"إنّ " أبانا " قد صارَ طبّاخاً جيّداً تماماً منذُ أن قُضِىَ عليهِ أن يُدبِّرَ شؤونه بنفسه". قالت كِيكيَوكُو ذلك وصَحبَتْهُ بضحكةْ. استدارَ أبي ونظرَ إلى أُختي ببرودْ: "تلكَ هي مهارةٌ صعبٌ عليَّ أن أكونَ فخوراً بها"، قال أبي، ثمّ أردفَ منادياً: "كِيكيَوكُو، تعالي إلى هنا وساعديني".

لبضعِ لحظاتٍ لم تتحرّك أُختي. ثمّ خطت أماماً وتناولت "مريولاً" متدلّياً من درجٍ.

- "فقط هذه الخضروات بحاجةٍ إلى الطبخِ الآن"، قال لها، "أمّا البقيَّة فهي محتاجة إلى متابعةٍ فحسب".

نظر، من بعدٍ، إلى الأعلى واعتبرنِي، بغرابةٍ، لثوانٍ قليلةٍ، ثمَّ قالَ أخيراً: "أتوقَّعُ منكِ أن ترغبي في إلقاءِ نظرةٍ على أرجاءِ المنزلْ". وضع أسفلاً عودَى الأكل الخشبيين، اللذينَ كان هو مُمسِكَاً بهما، قبلَ أن يُردفَ قائلاً: "مضى وقتٌ طويلٌ منذُ أن رأيتينَها".

حالَ مغادرتنا للمطبخِ صوَّبتُ لمحةً إلى الخلفِ تجاه كِيكيَوكُو، لكنَّ ظهرَهَا قد كانَ مُداراً.

- "إنّها فتاةٌ طيِّبة"، قال أبي بهدوءْ.

اتَّبعتُ أبي من غرفةٍ إلى أُخرى. قد نسيتُ كيف كانَ البيتُ كبيراً. قد ينزلقُ لوحٌ منفتحاً فتبدو غرفةً جديدةً. لكنّ كلّ الحجراتِ كانت خاليةً على نحوٍ مُجفلٍ. في إحدى الحجراتِ فشلت المصابيح في أن تُضيء فحدّقنا في الحيطانِ العاريةِ وبلاطِ "التّاتامي" على خلفيّةِ الضوءِ الشّاحبِ الذي واتانا عبرَ النّوافذ.

- "هذا البيتُ أكبرَ من أن يُقيمَ فيهِ رجلٌ واحدٌ بمفردِهِ"، قال أبي، "لا حاجةَ كبيرةَ ليَ، الآنَ، إلى أغلبِ هذه الحجراتِ".

لكنّ أبي قد فتحَ، في النّهايةِ، بابَ غرفةٍ مكتظَّةٍ تماماً بالكتبِ والأوراقِ. كانت هنالكَ زهورٌ في آنيتها وصورٌ على الحوائطِ. ثمّ لاحظتُ شيئاً موضوعاً على طاولةٍ منخفضةٍ في ركنِ الغرفةِ. اقتربتُ فرأيتُ أنّهُ كانَ أنموذجاً بلاستيكيّاً– كذلكَ الذي يُركِّبُهُ الأطفالُ– لسفينةٍ حربيّةْ. كان– ذلكَ الأُنموذجُ- موضوعاً فوقَ صحيفةٍ ومتناثرةً حوله قطعٌ متنوِّعةٌ من بلاستيكٍ رماديٍّ.

أرسلَ أبي ضحكةً. جاءَ إلى الطّاولةِ والتقط الأُنموذج. "منذُ انطواءِ عهدِ الشّركةِ"، قال أبي، "صار هنالكَ زمنٌ إضافيٌّ صغيرٌ طوعَ يديَّ". صدرت عنهُ ضحكةٌ أُخرى تميلُ، هذه المرّة، للغرابةِ. للحظةٍ كست وجهَهُ مسحةٌ لطيفةٌ، تقريباً: "زمنٌ إضافيٌّ صغيرْ".

- "ذاكَ يبدو عجيباً"، قلتُ، "فأنتَ كنتَ، دومَاً، مشغولاً جدَّاً".
- "مشغولاً جدَّاً، ربَّما". نظرَ إليَّ وعلى وجهه ابتسامةٌ صغيرةٌ، ثمّ أضافَ قائلاً: "ربَّما كان عليَّ أن أكونَ أباً أكثرَ اعتناءاً بعائلتِهِ".

ضحكتُ. مضى في تأمُّلِ سفينته الحربية. نظرَ إلى أعلى، ثمّ قال: "ما قصدتُ أن أُحدِّثكِ بذلكْ. لكنّه ربَّما كانَ من الأوفقِ لي فعلَ ذلكَ. أنا عِنديَ اعتقادٌ بأنَّ موتَ أُمُّكِ ما كانَ حدثاً طارئاً. هي قد عانت من همومٍ كثيرةٍ .... وبعضِ خيباتْ".

حدّقنا، معَاً، في السّفينةِ الحربيّةِ البلاستيكيةِ.

- "قطعاً"، قلتُ أخيراً، "لم تتوقَّعْنِي أُمِّي أن أُقيمَ هنا إلى الأبدْ".
- "من الواضحِ أنّكِ لم تفهمي؛ لم تفهمي كيفَ هي الحال مع بعضِ الآباءِ والأُمّهاتِ. ليس فقط هم ينبغي عليهم أن يفقدوا أطفالهم بل، فوقَ ذلكَ، ينبغي عليهم أن يفقدوهم في سبيلِ أشياءٍ لا يفهمونها".

برم أنموذج السفينة الحربية بينَ أصابعهِ.

- "مراكبُ الرّمايةِ الصغيرةِ لم تُلزقْ بطريقةٍ حسنةٍ. هل تعتقدينَ ذلكَ؟"
- "رُبَّما. أظُنُّ أنّها تبدو ظريفةً".
- "خلالَ الحرب أنفقتُ بعضَ الوقتِ على سفينةٍ تُماثلُ هذه تقريباً. لكنَّ طموحي قد كان دائماً موجَّهَاً نحو القوّة الجوِّيّة. كنتُ أتصوّرُ الأمرَ على النّحوِ التّالي: إن ضُربَتْ سفينتُكَ من قِبَلِ العدو فليس بمستطاعكَ إلاّ أن تُكافحَ في داخلِ الماءِ عساكَ تظفرُ بخيطِ حياةٍ ما. أمّا إن حدثَ ذلكَ لطائرتك فـ ... حسناً ... فدائماً ما يكونُ هنالكَ سلاحٌ نهائيٌّ في متناولك". أعادَ وضع الأُنموذج في مكانه على الطّاولة. "لا أظنُّ أنَّكِ تُؤمنينَ بالحربْ"، قالَ.
- "ليسَ بخاصَّةٍ".

أجال عينيه في أنحاءِ الغرفةِ، ثمّ قال: "يجب أن يكون العشاءُ جاهزاً الآن. لا بدّ أنّكِ جائعةٌ".

كان العشاء منتظراً لنا في غرفةٍ شاحبةِ الإضاءةِ، مجاورةٍ للمطبخ. مصدرُ الضُّوءِ الوحيدِ هناك تمثّلَ في مصباحٍ معلّقٍ فوقَ الطّاولةِ ومُلْقٍ بقيّةَ الغرفةِ في الظِّلِّ. انحنينا لبعضنا قبل الشِّروع في تناولِ الوجبةِ.

كان هنالكَ حديثٌ قليلٌ. وحينما أبديتُ ملاحظةً مهذّبةً عن الطّعامِ قهقهت كِيكيَوكُو قليلاً. يظهرُ أنَّ عصبيتها الباكرة قد عادت إليها. لم يتحدّث أبي لعدّةِ دقائقٍ. أخيراً قالْ: "لا بدّ انّكِ تشعرينَ بغرابةِ كونِكِ عُدْتِ إلى اليابان".

- "بلى، ذلكَ شيءٌ غريبٌ قليلاً".
- "رُبَّما تكونين قد ندمتِ– بالفعلِ– على مغادرتكِ لأمريكا".
- "قليلاً. ليس بالكثرةِ المعتَبَرَةْ. لم أترُكْ ورائي شيئاً كثيراً– فقط بعضَ غُرفٍ خاليةْ".
- "فَهِمت".

نظرتُ عبرَ المائدة. لاح وجهُ أبي، في الضُّوءِ النِّصفيِّ، حجريّاً ومهيباً. تابعنا الأكلَ بصمتْ.

ثمَّ وقعت عيناي على شيءٍ في الجّانبِ الخلفيِّ للحجرةِ. في البدايةِ واصلتُ الأكلَ. ثمّ صارت يداي ساكنتين. لاحظَ الآخران ما بي فنظرا إليَّ. مضيتُ محدِّقةً في بطنِ الظُّلمةِ، خلالَ كتفِ أبي.

- "لمن تلكَ الصورة الفوتوغرافية هناك؟"
- "أيُّ صورةٍ فوتوغرافية؟" استدار أبي استدارةً خفيفةً محاولاً متابعةِ تحديقتي.
- "تلكَ التي بالأسفل: المرأة العجوز اللاّبسة كيمونو أبيضاً".

وضعَ أبي عُودَي أكلَهُ الخشبيّين على المائدةِ. نظرَ أوّلاً إلى الصّورةِ الفوتوغرافية، ثمّ إليَّ.

- "إنّها أُمُّكِ"، صار صوتهُ- الآنَ- قاسياً جدّاً، "هلاَّ عُدتِ غيرَ قادرةٍ على التّعرُّفِ على أُمِّكِ نفسها؟"
- "أُمِّي ... تعرفُ أنتَ أنَّ المكانَ مظلمٌ. لم أستطع أن أراها جليّاً".

لم يتحدّث أحدٌ لعدّةِ ثوانٍ. نهضت كِيكيَوكُو على قدميها. أخذت الصورةَ الفوتوغرافية من على الحائط وجاءت بها إلى المائدة وأعطتها لي.

- "تبدو متقدّمةً كثيراً في السِّنِّ".
- "وقد أُخذَتْ منها الصورةُ تلكَ قبلَ وفاتها بزمنٍ وجيزٍ"، قالَ أبي.
- "إنَّهُ الظّلام. ما استطعتُ أن أرى جيِّداً".

نظرتُ إلى فوقٍ فرأيتُ أبي يبسطُ يداً نحوي. أعطيتهُ الصورة الفوتوغرافية. نظر إليها بانتباهٍ ثمّ مدّها فيِ اتّجاه كِيكيَوكُو. بطاعةٍ نهضت أُختي على قدميها مرّةً أُخرى وأرجعت الصورة إلى الحائط.

كانت هنالكَ قِدرٌ كبيرةٌ، تُركَتْ غيرَ مفتوحةٍ، موضوعةً على مركزِ المائدةْ. حينما جلست كِيكيَوكُو، مرّةً أُخرى، على مقعدها، تشابى أبي قُدُمَاً ورفع غطاءها. تعالت منها سحابةُ بُخارٍ وتموَّجت صوبَ المصباحِ. دفع بالقدرِ، قليلاً، نحوي.

قال أبي وقد سقط أحدُ جوانبِ وجهِهِ في الظّلِّ: "لا بُدَّ أن تكوني جائعةً". "شُكراً لكَ". انحنيتُ نحو القدرِ وأنا قابضةٌ على عُودَي أكلي الخشبيّين. كان البُخَارُ كاوياً تقريباً.

- "ما هذا؟"، سألتُ.
- "إنَّه سمك".
- ’ إنَّه طيِّبٌ جداً".

واصل ثلاثتنا الأكلَ في صمتٍ. انقضت دقائقٌ عديدةْ.

- "هل تُريدينَ المزيد؟"
- "هل هُناكَ ما يُكفِي؟"
- "هناك الكثيرُ الكافي لنا جميعاً".

رفع أبي الغطاء فتعالى البخار مرةً أخرى. انحنينا جميعاً إلى الأمامِ وتناولنا مقاديرَ من السَّمك.

- "هنا"، قُلتُ لأبي، "هاكَ هذه القطعةَ الأخيرة".
- "شكراً لكِ".

حينما فرغنا من وجبتنا بسطَ أبي ذراعيه أماماً وتثاءبَ بنَفَسٍ راضٍ. "كِيكيَوكُو"، قال، "أعدِّي مِرجلاً من الشّاي، من فضلِكْ".

نظرت أختي إليهِ، ثُمَّ غادرت الغرفةِ بلا تعليقْ. نهضَ أبي.

- "دعنا ننتقل إلى الحجرةِ الأخرى. إنَّ الجوَّ حارٌّ هنا".

نهضتُ على قدميَّ وتبعته إلى "حجرة الشَّاي". كانت شبابيكُها الكبيرةُ ذاتُ المزاليج قد تُركت مفتوحةً فجلبت، بذلكَ، النَّسيمَ من الحديقةِ. جلسنا، لوهلةٍ، صامتين.

- "أبي"، قلتُ في النِّهايةْ.
- "ماذا؟"
- "أخبرتني كِيكيَوكُو أنّ واتانابي–سان قد "أخذَ" كلَّ عائلتِهِ معه".

خفضَ أبي عينيه وأومأ برأسه أسفلاً. بدا، لبضعِ لحظاتٍ، مستغرقاً في تفكيرٍ عميقْ. "كان واتانابي مخلصاً جداً لعمله"، قالَ أخيراً، "وانهيار الشّركة قد صدمه صدمةً عظيمةً. أخشى القول إنّ ذلكَ، بالتّأكيد، قد اضعفَ قدرته على الحكم".

- "هل تعتقد أنّ ما فعله كان ... غلطةً؟"
- "لِمَ ....؟ ... طبعاً. هل ترينَ الأمرَ على نحوٍ آخرْ؟"
- "لا، لا. طبعاً لا".
- "هنالكَ أشياء أخرى في الحياةِ خلافِ العملْ".
"بَلَىْ".

غرقنا في الصمت، مرةً أخرى. بلغنا صوتُ الجَّرادِ من الحديقةْ. نظرتُ إلى الخارج، إلى باطنِ الظّلمة. ما عادت البئرُ مرئيّةً.

- "ماذا تعتقدينَ أنّكِ فاعلة الآن؟"، سألني أبي، "هل ستُقيمين في اليابان إلى حين؟"
- "بصراحة، أنا لم أُفكِّر في ذلكَ الأمر تفكيراً بعيداً".
- "إن ترغبينَ في الإقامة هنا– أعني في هذا البيت– سوفَ تكونينَ محلَّ ترحيبٍ شديدْ. هذا إذا لم تُضِرْكِ الحياةُ مع رجلٍ عجوزْ".
- "شُكراً لكَ. سوف يتعيّنُ عليَّ أن أُفكِّرَ في ذلكْ".

حدّقتُ، مرّةً أُخرى، بعيداً في جوفِ الظُّلمةِ.

- "لكنَّ هذا المنزل موحشٌ الآن، بالطّبعِ"، قالَ أبي، "لا شكَّ في أنّكِ ستعودينَ إلى أمريكا في القريبِ العاجلْ".
- "رُبَّما. لا أدري حتَّى اللَّحظةْ".
- "لا شكَّ في أنَّكِ ستفعلينَ ذلكْ".

لبعضِ الوقتِ بدا أبي متفرِّساً في ظهرَي يديه. ثمّ نظر، من بعدٍ، إلى الأعلى وتنهَّدْ.

- "سوف تُكملُ كِيكيَوكُو دراساتها في الربيع القادم"، قال، "ربَّما سترغب في أن تعودَ إلى البيتِ حينذاك. إنّها فتاةٌ طيَّبَة".
- "رُبَّما هي ستفعلُ ذلكْ".
- "الأشياءُ ستتحسَّنُ وقتذاكْ".
- "بَلَىْ، أنا واثقةٌ من ذلكْ".

استغرقنا في الصّمتِ، مرَّةً أُخرى، ونحنُ منتظران كيكيَوكُو التي ستَأتي بالشّاي.

هامشان:-

* نوعٌ من البلاط يُستخدمُ، تقليديّاً، في اليابان، زينةً لأرضيّاتِ الحجراتِ.
* تنتمي قصّة "عشاءٌ عائليٌّ" إلى مجموعة كازيو إِشْيُوقَورُوْ الموسومة بـ"طائرُ النّار 2"، الصادرة في العام 1982م، عن دار ديبورا روجرز للطباعة والنّشر. وكازيو إشْيُوقَورُوْ– لمن لا يعرفونه– هو روائيٌّ وقاصٌّ بريطانيٌّ معاصر وذو أصولٍ يابانية. لعلّ أشهر أعماله المنشورة هي روايته "بقايا اليوم The Remains of The Day" التي حُوِّلت، قبلَ بضعِ سنينٍ، إلى فلمٍ سينمائيٍّ.

khalifa618@yahoo.co.uk
///////////////////////////////

 

آراء