عفواً سادتى .. ما هو الهدف من وراء تسيير قوافل نداء جبال النوبة .. فى الوقت الراهن

 


 

 

 

بقلم / آدم جمال أحمد – القاهرة

 

  إرتبطت إتفاقية جبال النوبة الموقعة بين الإدارة الأمريكية وحكومة السودان بتنمية منطقة جبال النوبة من خلال المساعدات الإنسانية ، وذلك بهدف تحقيق الإستقرار النفسى لسكان المنطقة لتحقيق السلام الشامل .. والعمل الإنسانى يبدأ بتقديم الغذاء والكساء والدواء ، كبرنامج إسعافى يحدد له توقيت يتناسب مع المهام المراد تنفيذها ، وبعدها يتم الانتقال لمشاريع الاستقرار والتى تتمثل فى التعليم والصحة وبناء المستشفيات والمشاريع الزراعية وبناء الطرق وتوفير المياه وفتح الممرات الآمنة بين مناطق الحكومة والحركة الشعبية وذلك بإزالة الألغام .. وهذه المساعدات التى سوف تقدم تعتمد فى الأساس على المسوحات التى أجرتها وحود الأمم المتحدة بالتنسيق مع مفوضية العون الإنسانى وحكومة ولاية جنوب كردفان .. وهناك ضوابط وقوانين ستحكم العمل الإنسانى كشراكة بين مفوضية العون الإنسانى والمنظمات الدولية التى ستعمل فى منطقة جبال النوبة.

 

لذلك فإن التقرير الذى خرجت بها المسوحات تعتبر دراسة تعكس الإحتياجات الحقيقية للمنطقة وهذه الدراسة مقسمة لثلاث قطاعات رئيسية هى:

 

الأمن الغذائى الذى سوف يخصص لتوفير الغذاء ومدخلات الإنتاج الزراعى والعناية بالحبوب والرعى للإستفادة من مياه الأمطار التى تتدفق على المنطقة فى فصل الخريف ، ثم دعم قطاع التعليم ومجالاته المختلفة ، والمستعدات الطبية وإصحاح البيئة وكل ما يرتبط بضروريات الحياة لإنسان المنطقة ، وأخيراً إعادة التعمير التى تشمل البنية التحتية فى تأهيل منشأت المدارس والمستشفيات وتأهيل الطرق.

 

ولكن فوجئت الأوساط النوبية والسياسية بما يسمى ب ( نداء جبال النوبة ) الذى جاء متناقضاً لمواقف الحكومة وتصريحات مسئوليها ، الرامية الى تنمية جبال النوبة من خلال المساعدات الإنسانية وفقاً للمسوحات التى أجرتها وفود الأمم المتحدة بالتنسيق مع مفوضية العون الإنسانى وحكومة جنوب كردفان ، وهذا بدوره يعتبر تجاوزاً وتهميشاً لدور المجلس الإنتقالى للسلام بجنوب كردفان أى ما يحلو للبعض أو الآخرين تسميته بإسم ( الآلية ) الذى جاء ميلاده ميتاً بالقرار الجمهورى رقم ( 32 ) لسنة 2002 م يحمل شهادة وفاته ، وهو مناط به تنفيذ بنود الإتفاقية من جانب حكومة الخرطوم .. وكما جاء مناقضاً لقرار المفوض الذى يحظر نشاط عمل أى منظمات أو تجمعات غير نوبية فى مجال العون الإنسانى فى جبال النوبة ، وهذا قرار يحمل فى طياته مكر وخطورة.

 

وهذا يؤكد ما كنا نرمى اليه ونشير له ونحذر منه بمخبأ ونوايا الحكزمة ومخططاتها الرامية الى تقويض الإتفاقية التى وقعتها مع الحركة الشعبية لقطاع جبال النوبة ، وهى تعمل جادة وبل تسعى بكل السبل للمرواغة وكسب الوقت لإستقطاب أبناء النوبة الى جانب صفها بعد عملية غسل ومسخ أدهانهم وإستجداء عواطفهم بغسم الدين والبرامج الموجهة كما يصرح بها بعض الوزراء والمسئولين بالحكومة فى مجالسهم الخاصة .. ( لقد وقعنا على الإتفاقية مرغمين ولكن نوقعها من فوق ونغطسها من تحت ) .. من خلال الأجندة الخفية التى وضعتها وخَُطط لها عبر مظلة ما يسمى ب ( نداء جبال النوبة ). 

 

سوف يتم تنفيذ هذا العمل عبر مسميات مختلفة تتمثل فى النظام الأهلى لجبال النوبة بولاية الخرطوم ، والقوافل الدعوية التى تسيرها تحت غطاء رجالات الطرق الصوفية وتحت رعاية وزارة الإرشاد والأوقاف وهيئة الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى للدعوة .. وبخطة مرسومة ودعم سخى من مفوضية العون الإنسانى والحكومة .. وكذلك تفويج أفراد من الأمن الموالين للنظام فى شكل دعاة وشيوخ خلاوى وتجار ومزترعين ومعلمين ومجندى خدمة وطنية ، وذللك بجمع المعلومات ورفع التقارير والعمل وسط الأهالى لتنفيذ المخطط المرسوم.

 

ولقد رصدت ميزانية ضخمة تقدر بحوالى ( 497273000 دينار ) أى ما يعادل (  1814726 دولار أمريكى ) لتنفيذ هذا العمل الذى يسمى ب ( نداء جبال النوبة ) بعد عقد إجتماعات ومشاورات عدة دعى لها كل الدعاة والكوادر الذين يعملون فى مجال الحقل الدعوى والعمل الطوعى والإسلامى ( غير النوبية ) بولاية الخرطوم وجنوب كردفان وغرب كردفان ، مع قصد لعزل وتهميش الدعاة والعاملين بالعمل الدعوى والطوعى من ( أبناء النوبة ) فى عدم دعوتهم لهذه الإجتماعات ومشاركتهم فى تنفيذ ( نداء جبال النوبة ) .. مما يثير الشكوك والرعب فى نوايا الحكومة ومخططاتها وأحندتها لبخفية الرامية الى تقويض الإتفاقية.

 

ولقد قام وفد هيئة الدعوة المناط بها تنفيذ هذا المخطط بجولة كبيرة لمحافظات ولاية جنوب كردفان لكل من .. (أبوجبيهة – تلودى – الدلنج – كادقلى – رشاد – لقاوة ) .. وضم الوفد كل من كمال عثمان رزق مدير مؤسسة الحجاب .. خالد سليمان مدير الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية .. محمد على فضل الله رئيس قسم الدعوة بالدفاع الشعبى .. ومولانا كومى زيدان قاضى المحكمة العليا .. فى إطار التبشير بفكرة ( نداء جبال النوبة ) ، وقدموا من خلال تلك الرحلة دعماً فورياً لإنشاء بعض من أهداف مشروع ( نداء جبال النوبة ) ووعدوا بتقديم خدمات إضافية أخرى فى وياراتهم القادمة.

 

ولقد قامت إدارة العلاقات الخارجية بوزارة الإرشاد والأوقاف بوضع هذا التصور ( نداء جبال النوبة ) تفصيلى وشامل بمعدلات وأهداف زميزانيات وبرمجة زمنية بعد الحصول على جمع كل المعلومات الهامة والدقيقة عن جبال النوبة وتعريف جغرافى للمنطقة والسكان ، وحصر كل المدن والقرى الهامة بالمحافظات الست ، والقبائل ومواقعها بالمحافظات والمحليات والأحياء ورئاسة القرى ، وحصر خدمات المصارف والبنوك والمنظمات والإتحادات الشبابية والنسوية والمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية والطرق ومناهل المياه والمراحيل وقطاع العائدين وبعض الشرائح العجتماعية مع تصنيفهم.

 

مصادر المعلومات:

 

منظمة الدعوة الإسلامية ومفوضية العون الإنسانى.

 

وتفوم ملامح الخطة على الآتى:

 

التركيز على الفرد المؤهل.

تجميع أبناء النوبة وسكان جبال النوبة من غير القبائل النوبية من الخريجيين والطلاب وإختيار العناصر الراغبة فى العمل بالجبال وتدريبهم بما يتناسب مع المرحلة.

تكرار وتطوير التجارب السابقة كتجربة محمد الأمين القرشى والشيخ البرناوى.

الإستفادة القصوى من المعلمين ومجندى الخدمة الوطنية ولدعاة المنتشرين بجنوب كردفان ولقاوة والعمل على تدريبهم وتوفير الحياة المستقرة لهم بمواقع العمل ليمكنهم ذلك من جودة العمل والتنفيذ.

الإهتمام بالمناشط الطلابية والشبابية.

توفير سكن لطلاب دبال النوبة بالجامعات والمعاهد العليا ووضع البرامج اللازمة لهم.

البعد عن صخب الدعاية وضجيج الإعلام.

 

الجهات المنفذة لهذا العمل:

 

وزارة الإرشاد والأوقاف بالتنسيق مع وزارة الرعاية الإجتماعية والثقافية بولايتى جنوب كردفان وغرب كردفان ومفوضية العون الإنسانى والمنظمات الدعوية.

 

تفاصيل الخطة : 

 

  ١- مشروع كفالة الدعاة: 400 داعية x 360 ألف دينار = 144000000 دينار سودانى.

 ٢- مشروع تنمية قدرات الشباب:

مخيمات شبابية ( مخيم بكل محافظة من المحافظات الست لعدد 600 شاب وشابة ) وتكلفة المخيم الواحد ما يعادل 1250000 دينار x 6 محافظة = 75000000 دينار.

دورات رياضية ( أدوات ومعدات وإشراف وجوائز وإكراميات ) = 1800000 دينار.

٣- مشروع مراكز المشاهدة: يحتوى على برامج ثقافية وعروض فيديو وفرق إنشادية ومحاضرات وندوات.

ميزانية المركز الواحد = 1095000 دينار x 100 مركز = 109500000 دينار.

٤- مشروع مسابقات حفظ القرآن الكريم:

العدد المستهدف فى كل مسابقة 100 فرد وعدد المسابقات 15 مسابقة خلال العام.

إجمالى التكلفة = 15 x 125000 دينار = 16875000 دينار.

٥- مشروع مسابقات حفظ الحديث:

العدد المستهدف فى كل مسابقة 100 فرد وعدد المسابقات 5 مسابقة خلال العام.

إجمالى التكلفة = 5 x 660000 دينار = 33000000 دينار.

٦- مشروع القافلة الدعوية للطفل:

تكلفة القافلة الواحدة = 3500000 x 5 قوافل = 17500000 دينار.

المناطق المستهدفة:  كادقلى وما حولها – أبوجبيهة وما حولها – رشاد وما حولها – تلودى وما حولها – الدلنج وما حولها.

٧- مشروع الزواج الجماعى:

عدد الزيجات المقترحة = 300 زيجة x 300000 دينار = 90000000 دينار.

٨- مشروع تشييد الخلاوى: عدد الخلاوى المقترحة 6 خلاوى والمستفيدون بالخلوة = 500 دارس.

جملة التكلفة = 43000000 دينار.

المواقع المقترحة: أنقولو – هبيلا – تلودى – أم دورين – سلارا – الحمرة أم خواتم.

٩- مشروع القوفل الدعوية:

يحتوى على محاضرات وندوات وخطب وزيارات لقيادات المنطقة وعروض فيديو وسينما ....إلخ.

جملة التكلفة = 3600000 x 5 قوافل = 18000000 دينار.

المناطق المستهدفة: كادقلى – الدلنج – أبوجبيهة – رشاد – تلودى وما حولها.

١٠- مشروع توطين الشيوخ والحفظة والعناصر الفاعلة:

يهدف الى تكرار وتطوير تجربة الشيخ البرناوى والشيخ محمد الأمين القرشى بمنطقة جبال النوبة والشيخ دفع الله بجوبا ، وذلك بإنشاء نقاط إرتكاز بشرية إنطلاقاً للقدرات ، وإنشاء الطرق الصوفية لتلعب دوراً كبيراً فى نشر الإسلام بجبال النوبة.

العدد المطلوب 12 بمعدل مركزين لكل محافظة.

التكلفة =  12 x 3800000 = 45600000 دينار.

( يحتوى منزل الشيخ ووسيلة الحركة ومكتبة مقرءة ومسموعة ومولد كهربائى وتلفزيون وفيديو ودعم سنوى ).

 

فكان لزاماً علينا أن نوضح هذه الحقائق بكل شفافية ونكشف أدق المعلومات عن ما يسمى ب ( نداء جبال النوبة ) لأنها كلمة حق أريد بها باطلاً ، فأين كانت الحكومة قبل الإتفاقية ؟.. ولماذا لم تقدم هذا العمل والبرنامج المطروح حالياً طوال سنوات حكمها حتى نثق فى نياتها ؟.. لماذا جاء هذا المشروع الضخم فى هذا التوقيت وما الهدف الحقيقى من ورائه ؟.. لذلك نحن بدورنا نحذر الحكومة وزبائنها من مغبة التلاعب والخداع لأبناء جبال النوبة والرأى العام بإسم الدين ، التى دأبت على تخدير الآخرين به بإعطائهم لهم فى شكل جرعات ( كبسولات ) بما يشبه ( الموت السريرى )  لتحقيق أغراض وأهداف تخدم مصالحها وهواها وهوى النفعيين والطفيلين من بطانة بلاط القصر ومريديها من الساسة ، كما خدعت الشعب السودانى بأسره ، ولقد مارست الحكومة ضغوطها على طلاب أبناء جبال النوبة بالجامعات والمعاهد العليا السودانية الذين رفضوا المشروع عبر ندواتهم وأركان النقاش ، لذا قامت بوقف الدعم المادى عنهم عبر تهديد وإرهاب منظمة سودان أيد ( Sudan Aid ) بقطع وتعليق كل  ( الدعومات ) من منح وكفالات لكلاب أبناء جبال النوبة والتى كانت تأتيهم شهرياً ما يعادل (3000000 دينار ) والتى كانت تقدم فى شكل مساعدات للطلاب الفقراء من منطقة جبال النوبة .. وهذا التصرف الجائر بحق هؤلاء الكلاب قد يؤدى الى تشريدهم وفقد مقاعدهم بالجامعات والمعاهد العليا ، بعد أرقوا مضجع الحكومة التى لم يغمض لها جفن بسبب منتدياتهم الفكرية وندواتهم المنتظمة عبر منابر الجامعات ، وبل وصل الحال بالحكزمة أكثر من ذلك لقد لجأت الى مساومة هؤلاء بإعلان إنضمامهم الى المؤتمر الوطنى ( الحزب الحاكم ) لضمان غستمرارية العم والكفالات .. وهذا يؤكده ملامح مشروع الخطة.

 

دأبت الحكومة على ممارسة ضغوطها على كل الروابط  والإتحادات الطلابية والشبابية والجمعيات الخيرية لأبناء جبال النوبة بولاية الخرطوم وحاولت تضييق الخناق عليها وبل طالبتها مراراً بحذف كلمة رابطة أو جمعية أو إتحاد وإستبدالها بكلمة ( هيئة ) أى (هيئة كذا لأبناء كذا ) .. ويتم تسجيلها بمفوضية العون الإنسانى ، حتى تضمن حق التسجيل لتتمكن من ممارسة ومزاولة نشاط عملها بولاية الخرطوم وجبال النوبة ، وكذلك دعوة الضباط الثلاثة لكل جسم بتحذيرهم وإبلاغهم بأن أى جسم لا يحمل إسم لا يتم التهامل معه .. وليس له الحق فى ممارسة نشاطه وسط أبناء جبال النوبة ، وكل جسم يقوم بتطبيق هذه الإجراءات سوف يتم دعمه مادياً وعينياً من مفوضية العون الإنسانى وهذا ما يؤكده البند الخامس من ملامح الخطة.

 

ولقد إتخذت الحكومة أكثر إجراءات صرامة ً حيث منعت عبر إستشارية السلام قوافل العودة الطوعية لأبناء جبال النوبة الراغبين فى العودة الى مناطقهم وقراهم بهدف تعميرها ، فأشترطت عليهم عدم تسيير أى قوافل أياً كانت الى منطقة جبال النوبة إلا بعلم مسبق وتنسيق تام مغ إستشارية السلام .. ومن هذا المنطلق نناشد الجهات الراعية لإتفاقية السلام والرسمية والشعبية  منهاوأحزاب جبال النوبة والحادبين على السلام والإستقرار بجبال النوبة توخى الحذر والتصدى لهذا المخطط الرامى الى تقويض إتفاقية السلام بمنطقة جبال النوبة.

 

القاهرة     -   1 يوليو 2002 م

 

 

آراء