على هامش المؤتمر العام السابع لحزب الأمة … بقلم: رباح الصادق

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بين مؤتمرين (4)
rabahassadig@hotmail.com
على مدى أسابيع ثلاثة كتبنا عن مؤتمر حزب الأمة السابع قبل انعقاده في الفترة 26 فبراير- 1 مارس 2009م. أولا عن العلاقة بين الحزب والأنصار وضرورة التنسيق بدل العدائية، وثانيا عن الأسرية وضرورة ألا ينال شخص مكانة لمجرد اسمه وأيضا لا يقصى لمجرد اسمه، وثالثا عن هيئة الضبط ورقابة الأداء وضرورة أن تكون هنالك طريقة للاستئناف في القضايا التي تهملها، وأخيرا حول تمكين النساء وضرورة أن يزيد تمثيل النساء لأكثر من 20% تماشيا مع ريادة الحزب ومع ما اتفق عليه في قانون الانتخابات لسنة 2008م من تمثيل النساء بالربع.  والآن قد انقضى المؤتمر مع ما دار فيه وما أشيع حوله حقا أو زورا، فإننا نتبادل بعض المعلومات المغيبة وكذلك الآراء التي نراها حوله. ولكننا ندخل لهذه المعلومات والآراء من مدخل المؤتمر العام السادس وتجربته التي لا زالت حية في رؤوسنا. ونضع نصب أعيننا إشاعات البعض التي أشاعها عنه في أجهزة الإعلام.
كان الإعداد للمؤتمر العام السادس بروية أكثر، وكان عمل لجانه خاصة الإعلام والسكرتارية منظما بشكل كبير، وتم الفراغ من برنامجه قبل وقت كبير وكاف للصياغة والمراجعة والطباعة غير المتعجلة، ولكنه انتهى بدون أن يظهر كل ذلك الإعداد فلم يجز بيانه الختامي ولا قدمت تقاريره وأخذت نتيجة فرز أصوات المكتب السياسي للكلية القومية فيه حوالي ثلاثة أيام حتى تظهر، كما ظهرت فيه غباين المهنيين والفئويين الذين صعدوا للمكتب السياسي بواقع 6,6% من العضوية في مقابل 15% للولايات وكذلك غبن النساء إذ صعدن بواقع 14% للمكتب السياسي بينما كانت النسبة الدستورية الدنيا لهن 20%.. المؤتمر السابع من ناحية وقت الإعداد كان أقل كثيرا فقد تم الاختلاف على لجنته العليا وتمت إعادة تكوينها قبل شهور قليلة من المؤتمر السابع ثم دخل الحزب في استعداد ماراثوني لم يلتقط فيه أنفاسه حتى وصل لليوم الموعود، وتمت الاستفادة من التجربة في الفراغ من إجازة البيان الختامي وفي فرز أصوات المكتب السياسي فاستغرقت حوالي نصف يوم لزيادة مجموعات الفرز من اثنتين إلى خمس، وفي تمثل النساء إذ تمت زيادة النسبة الدستورية الدنيا إلى 25%  وكانت نسبتهن داخل المكتب السياسي حوالي 23% وتم استدراك غبن المهنيين والفئويين في اللحظات الأخيرة، ولكن كل ذلك لم يكن بلا أثمان إذ كانت المعالجات المختلفة سببا لتورم الهيئة المركزية بشكل كبير جدا سبب لغطا واستغله المغرضون في الإساءة للحزب وتشويه صورته وإلقاء التهم الجزافية.. ومحاولة الحزب بالرد على التهم كانت تصب في خانة (دفع الافتراء) ولم تجد حيزا في الإعلام ربما لأن درب الفيل (قرار المحكمة الجنائية الدولية) غطى درب الجمل.. وربما لوجود تحالف غير مرئي بين جهات عديدة من مصلحتها تشويه صورة حزب الأمة.. المهم أن ذلك الدفع للافتراء لم يكن كافيا لأن ما حدث في المؤتمر السابع على علاته من ناحية التحرك العلاجي لا الوقائي يشكل في بعض أوجهه سابقات إضافية للحزب من ناحية العدالة النوعية والعدالة بين القطاعات على نحو ما سنفصل أدناه.
مؤتمرات حزب الأمة السابقة لم تخل من استقطاب بين تيارات عديدة إلا ربما لدى التأسيس. في ثالث مؤتمر في عام 1958م كانت قد بدأت تظهر بوادر الاستقطاب بين الأفندية وأسرة المهدي في قيادة الحزب، وقد ذكر البك عبد الله خليل أن تسليمه للسلطة للعسكر كان جزءا منه للحد من سلطة أولاد المهدي داخل الحزب يمثلها الثقل المتعاظم للسيد الصديق المهدي (على نحو ما ذكر إبراهيم حاج موسى في كتابه عن التجربة الديمقراطية في السودان)، والمؤتمر الرابع في 1964م كان الاستقطاب فيه بين القوى الجديدة التي ظهرت بين الشباب ومرشحهم السيد الصادق المهدي وبين الحرس القديم ومرشحهم السيد محمد أحمد المحجوب وكان مسنودا من كبار أسرة المهدي، والمؤتمر الرابع عقد إبان الانشقاق الذي ثار حول صلاحيات إمام الأنصار داخل الحزب، والمؤتمر الخامس 1986م برز فيه تياران متصارعان بين (أولاد البحر) وعلى رأسهم المرحوم الدكتور عمر نور الدائم و(أولاد الغرب) على رأسهم السيدين آدم مادبو وبكري عديل.. والمؤتمر السادس خفت فيه هذا الصراع لسببين الأول: كارثة دارفور التي جعلت كثيرين من أهل البحر متعاطفين مع الغرب والثاني حادثة الانسلاخ  التي جعلت الهدف العام التماسك أمام الضربة الخارجية. وبالرغم من ذلك حدث استقطاب بعد المؤتمر العام السادس جعل المؤتمر العام السابع هو ثمرة تنامي ذلك الاستقطاب لمدة ست سنين. فقد نجح التيار الذي سمى نفسه بالتغيير في المؤتمر السابع في السيطرة على الجهاز التشريعي للحزب في المؤتمر السادس 2003م، وعبره كبّل الجهاز التنفيذي وفرض عليه رؤاه بصورة جعلت الأمين العام المرحوم الدكتور عبد النبي علي أحمد يشكو كثيرا من تسلط هذا التيار في آخر أيامه، كما أنه قال صراحة في خطابه أمام الهيئة المركزية في مايو 2007م إن الاستقطاب الذي تلا المؤتمر العام السادس شل الحزب وجفف إمكانياته. تيار التغيير قاد الحزب في الفترة الماضية بذهنية إقصائية عالية فكان يحرص على إدارة الحزب وملفاته بشكل أحادي كبير، وسعى لأن يبعد بقية قيادات الحزب وكوادره ليظل هو الوحيد الممسك بمقاليد الأمور، وتم كل ذلك بشكل لا يراعي تاريخ الحزب ولا حاضره ولا كان لهذا التيار قراءة راشدة لقواعد الحزب واتجاهات هذه القواعد على نحو سبب ردة في فكرة التغيير نفسها كما سنبين في مقالنا القادم بإذن الله.
شعارات التغيير المرفوعة لم تعن تغيير النهج المتبع في الجهازين التشريعي والتنفيذي وهما الجهازان اللذان انتقدتهما الهيئة المركزية للحزب في 2007م لشيوع جو الاستقطاب وطغيانه على الإنجاز، ولكنها تعني تغيير  الرئاسة، وهذا نفسه هدف مشروع على المدى البعيد بل لقد ذكره الرئيس نفسه بأن مشاغله الأخرى تجعله يعمل على ألا يكون رئيسا دائما وبيّن بعض الملفات في التمويل والبرنامج التي حدث فيها تطور حتى يحدث الفطام الكامل عنه(والعافية درجات) كما قال.  قدم مندوب تيار التغيير داخل لجنة الهيكل والدستور مقترحا بان تحد ولاية الرئيس بفترتين، ولم يجز هذا المقترح هناك، ولكن حينما طرح الأمر من الرئيس نفسه أمام المؤتمر العام كانت ردة الفعل من المؤتمرين عنيفة لدرجة بعيدة.. فاقت الموضوعية وصار التشبثت بالرئيس الحالي كشخص أكثر فأكثر.. بل كل مظاهر المؤتمر العام السابع تظهر قربا أكبر من اللازم من التشبث بالرئيس.
ولكن دعنا من هذا المعنى الذي سنتطرق له لاحقا بالأرقام، لنسأل بداية، ما قصة انتخاب الهيئة المركزية؟ ومن أين أتت الأرقام الإضافية؟ وهل صحيح أن الرئيس عين أكثر من مائتين ليقلب موازين القوى؟ وهل يحتاج الرئيس لإضافة أعداد جديدة بالفعل؟ انتخاب الهيئة المركزية حسب الدستور يكون بتصعيد 15% من المؤتمر العام، أي 612 عضوا (المؤتمر العام يتكون من 4085 عضوا). لكن لجنة كونتها اللجنة العليا للمؤتمر السابع للنظر في شكوى المهنيين والفئويين قررت عشية التصعيد للهيئة المركزية تمثيل المهنيين بـ 64 مقعدا والفئويين نالوا 41 مقعدا مما تسبب في زيادة 105 مقعدا. هذه الزيادة لم يقم بإضافتها شخص بل صعدتها كلياتها (المهنيين والفئويين) داخل المؤتمر وهي بطبيعتها لا تتبع لتيار واحد، ولو تحدثنا عن غلبة فيها فهي للتيار الذي سمى نفسه بـ(التغيير) ومرشحه الأستاذ محمد عبد الله الدومة وليس التيار المناهض له والذي يسمي نفسه (الخط العام) ومرشحه السيد صديق محمد إسماعيل. ونظرة واحدة للأشخاص الذين صعدتهم هذه الكليات للمكتب السياسي تثبت أنهم كانوا أقرب لتيار التغيير بما لا يقاس.
وفي أثناء التصعيد برزت مشاكل عديدة داخل الولايات نتجت عن زيادة 38 مقعدا مثلا: 
مشكلة التنظيم في الشمالية والتي أدت لتسوية فيها قبول بالجهتين المختلفتين. ونفس الشيء في محلية الأمير بأم بدة.
الحاجة لمراعاة تمثيل شرائح جديدة: في أبيي، وفي شمال كردفان لتمثيل قبيلة الكبابيش التي انضم جزء كبير منها للحزب ولم تكن تابعة له تاريخيا. وزيادة تمثيل الولايات الجنوبية.
مشاكل التصعيد داخل المحليات والتي أدت لجبر الكسور داخل المحليات ونتجت عن زيادات في التصعيد داخل الولايات.
كذلك فإن كليات الأجهزة المركزية أضافت  22 مقعدا.
وحينما انتهت عملية التصعيد اتضح أن نسبة المرأة متدنية للغاية وهي أقل من 20% بينما النسبة الدستورية 25%. فكونت لجنة ثلاثية من د بشير عمر فضل الله ود عبد الرحمن الغالي والأستاذة سارة نقد الله نظرت في مسألة المرأة بين خيارين: إما شطب الرجال المصعدين في حصة المرأة أو إضافة النساء كمعالجة دستورية، انحازت اللجنة للخيار الأخير، ثم تكونت لجنة لتنفيذ هذا الخيار من  الأستاذة إنصاف جاد الله والأستاذة سارة نقد الله والدكتورة مريم الصادق بمعالجة وضع المرأة وإضافة عضوات ممن فاتهم التصعيد فأضافت 46 عضوة من المرأة المركزية والمرأة في شمال كردفان وفي الجنوب. ومن جديد فالنساء المضافات كن من مختلف التيارات، والقيادية الوحيدة (من عضوات المكتب السياسي السابق) والتي صعدت عبر معالجات المرأة كانت قيادية في تيار التغيير.
كذلك أضيفت معالجة للقيادات العائدة من تيار الانسلاخ (5 مقاعد) وأضيف 17 مقعدا لرجال الأعمال لتظلمهم برغم أنهم شريحة داعمة للحزب. وتم فض الاشتباك بين كلية سيوف النصر والمجاهدين بإضافة عشرة مقاعد.
هذه الزيادات تشكل 243 مقعدا ولو أضفنا لها الزيادة المقابلة في نسبة الرئيس (الـ5%) لعرفنا تفصيلا من أين جاءت الزيادة في مقاعد الهيئة المركزية الـ251 الإضافية..
والحقيقة أن الخطأ الكبير حول بعض المعالجات أنها كانت بعدية أي بعد انعقاد المؤتمر العام وكان يمكن التحسب لبعضها وإضافتها قبل انعقاده وكان ذلك ممكنا بدون أية مشكلة ولكنها بعده شكلت مشكلة تنم عن سوء التخطيط البادي في عدم الانتباه للشرائح المغبونة قبل وقت كاف، وعدم تسمية لجنة الانتخابات قبل وقت كاف واستعدادها بخطط الضبط وآلياته، ولكن اللجنة العليا رأت معالجات المهنيين والفئويين ضرورية لتلافي غباين المؤتمر السادس في اللحظات الأخيرة، ولجنة الانتخابات رأت أن الإضافات لا يمكن التراجع عنها وإلا حدثت مشاكل لا أول لها ولا آخر في الولايات. أما زيادة كليات الأجهزة المركزية (22) مقعدا فهي بسبب سوء إدارة عملية التصعيد إذ كان يمكن ضبطها في وقتها من قبل لجنة الانتخابات وما كانت ستتسبب في مشاكل كتلك التي يمكن أن تحدث في المحليات. وفي رأيي أن السبب في المشكلتين كان تأخير تسمية لجنة الانتخابات، وقد ظلت لجنة السكرتارية تحث على ضرورة تكوين هذه اللجنة قبل أسابيع من انعقاد المؤتمر العام،  وضرورة أن تضطلع هذه اللجنة بمهامها وتدرب كادرها على العمل المطلوب منهم وتتحسب للمشاكل التي يمكن أن تقابلها بناء على تجربة المؤتمر العام السادس وهي تجربة ثرة وحية لا زالت في الأذهان، ولكن كل ذلك لم يحدث بل تمت تسمية اللجنة قبل يوم من المؤتمر ووجدت نفسها بدون رصيد معرفي وفي حاجة لأن تضع لائحتها وتنظم نفسها لإدارة الانتخابات المعقدة والشائكة والتعامل مع عضوية متحمسة راغبة في التصعيد في هيكل الحزب.. مع مشاكل جهوية وقبلية ونوعية بلا أول ولا آخر. والدرس المستفاد من هذه التجربة هي ضرورة الاستفادة من التوثيق الدقيق الذي صحب المؤتمر السادس ويصحب هذا المؤتمر الآن في التجربة المقبلة بإذن الله.
الآن وقد تحدثنا تفصيلا عن منبع الزيادات داخل الهيئة المركزية فإنه من فضول القول دفع الافتراء أن الرئيس هو الذي أدخل هذه الزيادات لمصلحة المرشح الذي يدعمه في الأمانة العامة، فالرئيس لم يدعم مرشحا في الانتخابات، وهذه الزيادات كانت مقررة إما من اللجنة العليا والمسئول منها كليات المهنيين والفئويين، أو من لجنة معالجات المرأة أو من لجنة الانتخابات، والزيادات إن لم تكن متساوية في تكوينها بين التيارات فهي مائلة لتيار التغيير أدل دليل على ذلك أن خمسة من سبعة من مصعدي كليات الفئويين للمكتب السياسي ينتمون لتيار التغيير والسادس غير معروف الانتماء. بيد أن السؤال الأكثر أهمية: هل يحتاج الرئيس لزيادة عضوية ليدعم مرشح ما؟ الحقيقة التي قد تكون مرة في نظر الباحثين عن المؤسسية المبتعدين من تقدير الأشخاص –ونحن منهم- هي أن الرئيس بإمكانه أن يحرق أي مرشح بكلمة أو ينصر آخر بكلمة وهو لم يفعلها أبدا، مع أن قائد تيار التغيير مثلا لا يرعوي عن ذلك، فقد أيد الدكتور مادبو المرحوم الدكتور عبد النبي صراحة في المؤتمر العام السادس ووجه أنصاره بالتصويت له داخل الهيئة المركزية علنا ومن على المنصة، كما تحدث في غرب كردفان وأساء لممثلي المنطقة في ندوة علنية وطالب أبناء المنطقة بتغييرهم  ما جر عليه لفت النظر الذي استكبر أن يطاله وأبى الاعتراف بأن في ذلك تجاوز سياسي وتنظيمي. أما الرئيس فكل من حوله يتكهن حول من يناصر وكاذب من قال إنه وجهه بالتصويت لزيد أو عبيد، وهذه نفسها كما ظللنا نقول ليست ديمقراطية، فمن الديمقراطية أن يتخذ الرئيس المواقف التي يرى ويناصر من يريد إذا أراد طالما أنه يتيح للآخرين أن يصوتوا لمن يريدون.. الرئيس يقيد نفسه ويبكم لسانه من أجل أن يتخذ الناس مواقفهم بمعزل عنه وعن تأثيره البالغ على أفئدة الناس وعقولهم.. هل هذه ديمقراطية؟ وهل مثل هذا الرئيس يحتاج لإضافة عضوية لأي اجتماع؟ الذين جاؤا بهذه الأكاذيب ألحقوها بأكاذيب أخرى مثل أن هناك أكثر من 300 طعن وانسحاب، والحقيقة هناك طعن واحد قدمه دستة من منتمي تيار (التغيير) ولغرابة الأمر أنهم شاركوا في العملية الانتخابية من (طقطق لسلام عليكم) وتم تصعيدهم داخل الهيئة المطعون فيها للمكتب السياسي.. فهو طعن كما تقول الأغنية: نص نص! وأبلغ دليل على بطلان هذه المزاعم الموقف الواضح والصريح والنزيه الذي اتخذه مرشح تيار التغيير: الأستاذ محمد عبد الله الدومة الذي أعلن قبوله لنتيجة الانتخابات وتأكيده على نزاهتها وعلى رؤوس الأشهاد داخل الهيئة المركزية. ومن جديد أؤكد أن الرئيس لم يقف مناصرا أيا من المتنافسين: الدكتور إبراهيم الأمين، أو الأستاذ محمد عبد الله الدومة، أو السيد صديق محمد إسماعيل.وكانت المنافسة بين المترشحين الثلاثة لمنصب الأمين العام منافسة شريفة وأيضا مربكة لعضوية الهيئة المركزية، إذ إضافة للاستقطاب داخل الحزب بين التيارات المختلفة، نجد أن المرشحين الذين نالا الحظ الأكبر من اهتمام المصوتين كان كليهما من دارفور أي أن الاستقطاب لم يكن جهويا، ولكن أحدهما (الدومة) كان منشغلا أكثر بالعمل في قضية دارفور ولم يعط المناصب الحزبية التي تولاها أدنى اهتمام علاوة على ارتباطه بتيار التغيير الذي نال حظه في الحزب ولم يقدم مثالا مقنعا، بينما الآخر (صديق) عابه الاشتراك في حكم الإنقاذ في أول سنيها كضابط شرطة وكمحافظ لتلس ولكن ارتباطه بتيار (الخط العام) جذب إليه تعاطفا من كل الراغبين حقيقة في تغيير نهج إدارة الحزب تنفيذيا وتشريعيا. ولو كانت المسميات كالأفعال لسمي التيار الأول: بالاستمرار، والثاني بالتغيير!
إن تيار التغيير تيار مشروع داخل الحزب ولكننا نرى أن أساليب بعض المنتمين إليه جرت على شعار التغيير ضبابا كثيفا، وهنالك من يناصر هذا التيار من خارج الحزب ويجر عليه ضبابا أكثف بل يشكك في مصداقية بعض أعضائه وحقيقة انتمائهم للحزب. مثلا أحد الكتاب الذين يناصرون هذا التيار باعتباره تيارا إصلاحيا كتب في هذه الصحيفة بتاريخ السبت 7 مارس الجاري، وانتقد حزب الأمة منذ تأسيسه وانتقد مؤسسه الإمام عبد الرحمن المهدي وأضاف: (أقول إن صرحكم لم يكن يوماً صرحاً للوطنية، إنما كان دوماً صرحاً للوثنية. وإن كنَّا نحن الذين إرتكبنا خطيئة تشييد معبدكم فإنّا سنكفر عن ذلك بدكه دكاً وركله كفا، ولتعلمنّ نبأه بعد حين).. مما يوحي بأنه ليس حديث مفكر يحلّق في فضاءات الفكر، بل مدبّر يعلم أنه جزء من تدبير محكم! هذا المقال احتفى به بعض عضوية تيار التغيير وأنزله في شبكة أخبار حزب الأمة بالإنترنت!..
فهدف تغيير الرئيس هنا ليس لتثبيت المؤسسية وتجديد الدماء وهما هدفان مشروعان، بل يرمي لشيء آخر، وهذا الشيء هو نفسه الذي كتب عنه من قبل الأستاذ الحاج وراق حينما تساءل عمن يكره الإمام الصادق المهدي (لماذا يكرهون الإمام) وقال إنهم الذين يضمرون للوطن شرا.. وكذلك الذين يكرهونه داخل الحزب.. فهم الذين يضمرون بالحزب شرا.. وأي شر: دكه دكا وركله كفا!! بيد أننا نعلم الركل بالأرجل ولم نعلمه من قبل بالأكف وهي من (ألمعيات) الكتابة في هذا الزمان!
نواصل بإذن الله،
وليبق ما بيننا

 

آراء