على هامش زيارة وفد الآلية الثلاثية لكسلا.. فولكر بيرتس …قطع الطريق أمام الإغلاق المبكر

 


 

 

* قيادي بالتغيير: على العسكر عدم استغلال قضية الشرق لمصالهم الشخصية
* جعفر خضر: زيارة فولكر تأتي للتبشير بالتسوية السياسية
* قحت بكسلا: فوجئنا بزيارة فولكر وتم إبعاد المكوِّنات السياسية عن لقاءات الآلية
* محلل سياسي: زيارة الآلية الثلاثية للشرق لضمان التحاق الإقليم بالتسوية

الخرطوم: الجريدة

مع تزامن إعلان الاتفاق الإطاري من قبل الحرية والتغيير للخروج من نفق الانقلاب العسكري هب مسؤولو الآلية الثلاثية يوم الخميس الماضي، نحو إقليم الشرق حيث أجرى الوفد لقاءات مع قادة أهليين ومنظمات مجتمع مدني ومسئولين في ولاية كسلا شرقي البلاد من أجل معرفة رأيهم حول العملية السياسية المرتقبة، ووصل وفد لمدينة كسلا، يضم كل من رئيس بعثة يونيتامس فولكر بيرتس وسفير الاتحاد الإفريقي محمد بلعيش وممثل منظمة الإيقاد إسماعيل أويس وانخرطوا في اجتماعات شملت كل من ناظر البني عامر علي إبراهيم دقلل والهدندوة محمد الأمين ترك، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني ووالي كسلا، وقال المتحدث باسم الآلية محمد بلعيش في تصريحات صحفية: إن لقاءاتهم تناولت العملية السياسية الشاملة وخارطة الطريق لمعالجة قضية شرق السودان، مشيراً إلى أن الوفد استمع إلى مطالب هذه الجهات المتعلقة بإشكاليات تقاسم السلطة والتنمية والمشاركة في العملية السياسية، وأوضح أن بناء السودان الجديد يمر عبر مصالحة وطنية حقيقية للسودانيين مع ذاتهم أولاً ومع بعضهم البعض وتجاوز مرارات الماضي لبناء المؤسسات التي تلائم السودان الجديد على أساس التعايش والتداول على السلطة، وأكد أن مفتاح التسوية للأزمة السودانية يرتكز على التوافق والتراضي بين أصحاب المصلحة وهو ما تقوم به الآلية الثلاثية في البحث عن عملية سياسية مقبولة من الأغلبية، وتكثف الثلاثية المؤلفة من بعثة الأمم المتحدة في السودان والاتحاد الإفريقي والإيقاد من مشاوراتها مع القوى السياسية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني من أجل حملهم على الاتفاق لإنهاء الأزمة السياسية المتطاولة، ومتوقع أن تنظم خلال الأيام القليلة القادمة مشاورات مباشرة وغير مباشرة مع أصحاب المصلحة السودانيين، وبالمقابل كان قد عانى الإقليم من توترات بسبب وجود مجموعات رافضة لمسار الشرق الأمر الذي أدى لعملية إغلاق إبان حقبة حكومتي الانتقال الماضيتين.
مسار الشرق بدوره قال ناظر عموم قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك بحسب ما ذكر ”سودان تربيون” إنهم أبلغوا الآلية الثلاثية تمسكهم بضرورة إلغاء اتفاق شرق السودان المضمن في اتفاق جوبا للسلام وعدم المشاركة في أي تسوية سياسية لا تخاطب القضايا الحقيقية لإقليم شرق السودان وتبقى على مسار الشرق.
ابتعاد العسكر
وشدَّد القيادي بالحرية والتغيير بولاية البحر محمد نور هاشم، على ضرورة ابتعاد المكون العسكري عن الإدارات الأهلية وعدم الزج بهم في الصراعات التي تدور، وطالب في حديثه لـ(الجريدة) بعدم استغلال قضيه شرق السودان لمطامعهم في الحكم، وأكد في الوقت ذاته أن الحلول يجب أن تكون شاملة لكل الأقاليم مع إمكانية العمل على وضع حل لقضيه شرق السودان حتى لا تستغل مرة أخرى من قبل من أسماهم بالانقلابيين، داعياً لأهمية أن تلعب القوى المدنيه والسياسية ادوار فاعلة في حل الأشكال وأن تتفرَّغ الإدارات الأهلية بحيث لا يجب أن تتدخل في القضايا السياسيه.
زيارة مفاجئة
وبالمقابل انتقد القيادي بالحرية والتغيير بولاية كسلا عبد العظيم عبد الكريم تغييب المكوِّنات السياسية عن اللقاءات التي قام بها وفد الآلية الثلاثية للإقليم، وحمَّل في الوقت ذاته والي كسلا واللجنة الأمنية مسؤولية ذلك الأمر، وأكد في حديثه لـ(الجريدة) أنه قد تم تغييب وحجب المكوِّنات السياسية عن لقاءات الآلية، وقطع أن اللجنة الأمنية تلعب دوراً كبيراً في عدم إلمام القوى السياسية بما يجرى لاسيما وأنها هي من تضع جدول اللقاءات، وعد ذلك بأنه نوع من عدم الأمانة والتعاون، وأشار إلى أنهم قد تفاجأوا بزيارة وفد الآلية الثلاثية للإقليم دون علمهم، لافتاً إلى أنه قد نما إليهم بأن ممثل البعثة الأممية فولكر بيرتس قد جاء للقاء الإدارات الأهلية ومكوِّنات بعينها، مشيراً إلى أنهم لم يتلقوا أي دعوة رسمية الأمر الذي اعتبره بأنه يظهر عدم التعاون من أجل حل مشكلة الشرق، منوِّهاً إلى أن ذات الأمر قد حدث خلال زيارة السفير الأمريكي جون غودفري لولاية كسلا عندما غيبت القوى السياسية عن اللقاءات، وأتهم اللجنة الأمنية بأنها تعمل لتباعد الفجوة ما بين الزائرين للولاية والمكوِّنات السياسية، وذكر أن ذلك يعد نوعاً من الإقصاء سواءً أكان بطريقة متعمدة أم لا، وقطع بأنه لا صحة لم يتردد عن أن القوى السياسية ليس لها وجود وغائبة ولاتملك أي حلول للوضع بالإقليم، ورهن حل قضية شرق السودان من خلال دعوة الخبراء والمختصين عبر مؤتمر جامع تشارك فيه جميع الأطراف، مبيِّناً أن قضية الإقليم ليست بالجديدة، بل هي منذ الاستقلال بسبب أنه يعاني من مشاكل سياسية اقتصادية اجتماعية، ورأى أن الاتفاق الذي توصلت إليه الحرية والتغيير مع العسكر هو الحل الأمثل لقيادة البلاد في الطريق الصحيح والانتقال لحكومة مدنية تخرج البلاد لبر الأمان.
حل القضية
فيما يقرأ القيادي السابق بالحرية والتغيير بولاية القضارف جعفر خضر زيارة فولكر بأنها تأتي في إطار محاولته للتبشير بالتسوية السياسية الجارية على قدم وساق بإشراف الآليه الثلاثية، والتي قد انخرط فيها من وصفهم بالانقلابيين وقوى الحرية والتغيير، ورجح خضر في حديثه لـ(الجريدة) أن فولكر قد يحاول إيجاد مدخلاً لحل الإنقسام الحاد الذي حدث في شرق السودان بسبب اتفاق سلام جوبا ومعضلة مسار الشرق حيث انقسمت المكوِّنات ما بين مؤيد للمسار ومعارض له، لافتاً إلى أن الانقسام كان إثنياً بالدرجة الأولى وسياسياً بالدرجة الثانية، وأكد أن مقابلته لناظر البني عامر دقلل وناظر الهدندوة ترك بأنها تأتي في هذا الإطار، ولم يستبعد خضر أن ينجح فولكر في مهمة جذب المكوِّنات الإثنية للتسوية لجهة أن من أسماهم بالانقلابيين " البرهان وحميدتي" المؤججين الرئيسيين للفتن في شرق السودان قد انخرطوا فيها، وأبدى استغرابه لعدم مقابلته للجان المقاومة بالشرق مع العلم بأنه قابل بعض منظمات المجتمع المدني، وأبدى أسفه الشديد بسبب أن ضعف المجتمع المدني في الإقليم جعل الإدارات الأهلية تضطلع بدور أكبر، وجزم إن فولكر لا يستطيع أن يحل قضايا الشرق لاسيما وأن هذه القضايا لا يحلها إلا مواطنو شرق السودان ضمن الحل الشامل للأزمة السودانية والذي يبدأ بإسقاط انقلاب 25 أكتوبر، ومن ثم العمل على إعادة تأسيس الدولة السودانية بتوافق السودانيين على دستور دائم جديد تتم صناعته بمؤتمرات قاعدية يشارك فيها المواطنون في كل أنحاء السودان ووضع الأسس التي تنهض عليها الدولة السودانية التي لا تميز بين المواطنين على أساس العرق أو اللون أو الدين أو النوع أو غيره، مشيراً إلى أن قضية الشرق ليست محض صراع قبلي، ووصف قضية شديدة الشرق بأنها التعقيد وذات أبعاد متداخلة ولها جذور تعود إلى العهد الاستعماري، منوِّهاً إلى أنها تفاقمت في ظل الحكومات الوطنية المتعاقبة جراء خلل بنيوي شامل في تركيبة الدولة السودانية، مما جعل الأزمة تتمظهر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأمنياً، وأوضح أن الإقليم الشرقي غني بموارده الطبيعية ومعادنه النفيسة لكنه ظل يعاني من الأطماع الإقليمية بالتعدي على أراضيه، كما في حلايب والفشقة، ونهب موارده، ومشاكل الحــدود وتدفق اللاجئين والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة لتجار السلاح، مبيِّناً أن معاناة إنسان الإقليم تتضح في الفقر المدقع والعطش المقيم والأمراض المستوطنة فضلاً عن انعدام التنمية وضعف التعليم، بجانب انعدام الطاقة والكهرباء في معظم المناطق، وتدمير الغابات والاعتداء على مسارات الرعاة وتخريب البيئة، وأردف:" فولكر لا يستطيع حل مشاكل الإقليم، وإنما تضافر الجهود الثورية وإسقاط الانقلاب واستكمال الثورة وتحقيق أهدافها هو الذي يضع مشاكل الإقليم على طاولة الحل".
زيارة مهمة
وبرَّر المحلِّل السياسي د. ناصر سلم، زيارة وفد الآلية الثلاثية في هذا التوقيت بسبب أن ملف شرق السودان قد أصبح مهماً في الساحة السياسية، وأشار في حديثه لـ(الجريدة) إلى أن لقاءات فولكر مع عدد من القيادات بالشرق من ضمنهم الناظر ترك نظراً لقوة وتأثير المجلس الأعلى لنظارات البجا في الإقليم خاصة وأنه إذا حدث إغلاق مرة أخرى للإقليم ربما يحدث تدهور كبير على المستوى الاقتصادي، ووصف زيارة الوفد بالمهمة لجهة أنها تعني اعتراف ضمني بأن الشرق له تأثير كبير على الساحة السياسية.
التحاق الشرق
وفي سياق متصل يؤكد المحلل السياسي الفاتح محجوب أن زيارة فولكر لشرق السودان سبقتها زيارة السفير الأمريكي مؤخراً، وأشار إلى أنه بما أن السودان الآن قريب من تكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية يبدو من الواضح أن أي حكومة توافق سياسي سوداني لن تنجح بدون استصحاب قضايا شرق السودان الذي يعتبر الآن بمثابة برميل بارود قابل للانفجار، وأرجع محجوب في حديثه لـ(الجريدة) سبب الزيارة بسبب أن الآلية الثلاثية ترغب في ضمان التحاق شرق السودان بالتسوية القادمة وذلك عبر صياغة تفاهمات مع قادة شرق السودان تتضمن همومهم وقضاياهم، ومشيراً إلى أن الهوة واسعة بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وبين غالب قيادات شرق السودان فإن قادة الآلية الثلاثية مضطرون للتشاور بشكل مباشر مع قادة شرق السودان قبيل انطلاق المحادثات الرسمية لكيفية تشكيل الحكومة الجديدة في السودان في ظل التفاهمات الحالية بين العسكر وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، ورأى أن هذا يعني أن الحرية والتغيير وأطراف اتفاقية جوبا للسلام مضطرون لتقديم تنازلات كبيرة لأهل شرق السودان لضمان قبولهم بحكومة التسوية السياسية المقترحة والمزمع تشكيلها لاحقاً.
الجريدة

 

آراء