علي وعلي واخوانهما: حوار مع الذات
كفى بك داءً
دعى نائب الرئيس علي عثمان محمد طه في مؤتمره الصحفي الأخير القوى السياسية المسالمة والمحاربة إلى حوار دستوري بغرض الخلوص إلى توافق وطني على قضايا الحكم والسلطة في البلاد. استبق نائب الرئيس دعوته بلقاء مطول مع مساعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي على الحاج في العاصمة الألمانية برلين تقاسما فيه الوجد كما يبدو وعاد إلى الخرطوم كله حماس. تحدث الرجلان عن اجتماعهما "غير الرسمي"، علي حكومة في مؤتمره الصحفي وعلي معارضة في لقاء مع قناة الشروق، لكن تعمدا حجب ما دار بينهما خوف العين السحارة واكتفى كل منهما بتقريظ الآخر وتجديد الثقة في المقاصد المشتركة.
قال علي عثمان أنه لمس في علي الحاج حرصا على الوطن والتوجه العام للدولة، يقصد مشروعها الإسلامي ربما، مضيفا أن علي الحاج تجاوز مرارات الماضي، يقصد ربما أن الرجل لم يعد يطيق ثوب الشعبي الضيق. قال علي الحاج من ناحيته أنه اقتنع بحرص الدولة على الحفاظ على ما تبقى من السودان، مؤكدا أنه والنائب الأول اتفقا على أولوية الحريات لكن اختلفا على مداها. ورث علي الحاج من مواطنته الألمانية، كما قال، إيمانا بالحريات المطلقة التي ينظمها القانون ولا يقيدها، أما علي عثمان، كما يبدو، فقد حرمته مواطنته السودانية من إدراك هذا المعنى، ونعم تلاقح الأفكار!
في ذات السياق، نقلت جريدة السوداني الصادرة الأحد الماضي عن مصدر لم تسمه أن نائب الرئيس الآخر الحاج آدم يوسف، المهاجر من الشعبي إلى الوطني، التقى بالأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن الترابي في مسعى لفتح باب الحوار بين الحزبين، بل أكد طلال اسماعيل في المجهر السياسي الصادرة في نفس اليوم أن مكاتب الشعبي المختصة وافقت على اجتماع الترابي بالبشير بما تيسر وخضع لهذا القرار حتى "المتشددين" في الحزب. جرى كل كذلك على خلفية إعلان الرئيس البشير عدم رغبته في الترشح لدورة رئاسية جديدة ليتسنم بذلك قيادة حملة "كفاية" ضد نفسه كما عبر الأستاذ حسين خوجلي في مؤتمر علي عثمان الصحفي.
أتاح إعلان الرئيس لأقطاب في الوطني فرصة للرياضة السياسية فخرج قطبي المهدي بالقول ألا بديل للبشير سوى البشير وجزم غندور أن البديل علي عثمان وأعلن غازي صلاح الدين أن تجديد العهد للرئيس لا يستقيم سوى بتعديل الدستور. غازي، الذي طال صمته منذ مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير، أكد أنه يدعم بقوة جهود "السائحون" وغيرهم من شباب المؤتمر الوطني لإصلاح حال الحزب والنظام، ثم أضاف في اليوم التالي لإعلانه أنه لم يقصد الطعن في أهلية الرئيس لتبوء المنصب مرة أخرى وإنما أراد فقط التنبيه إلى حكم الدستور في الأمر، دستور!
الحوار الذي حث عليه علي عثمان جاري فعلا أطرافه قيادات شطري الحركة الإسلامية وهدفه "هبوط سلس" إلى "الجمهورية الثانية" بعبارة الرجل، جمهورية انفصل عنها جنوب السودان المستقل كرامة ربما لاستعادة وحدة الحركة الإسلامية، فلا يستغربن أحد إن انضم الترابي أو بعض شيعته إلى لجنة الدستور أو حتى ترشح علي الحاج للرئاسة. لكن، إن تصورت الحركة الإسلامية جمهور الناس مثل مشاهدي ستار أكاديمي لا يرجى منهم سوى التصفيق بحرارة فقد أخطات، إن مكر الشعب شديد!
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]