عندما كفّت البنوك عن العياط … بقلم: عزيزة عبد الفتاح محمود

 


 

 

أذكر أننا في بدايات العمل الوظيفي وحين كان ـ ولا زال ـ المرتب الشهري كعائد ملزم بتغطية منصرفاتنا الشهرية ولا يستطيع لطول اللحاف وقصر رجليه ـ رجلي المرتب ـ فكرنا في الإقتراض من أحد البنوك الحكومية لعلنا نحظ بأحد نجاحات المشاريع الإستثمارية ونغدو من الملاك للسيارات الفارهات والبيوت ذوات الباحات المريحات ونرتقي بفعل الأموال المتحصلة من مشاريعنا المتخيلة حتي ذلك الوقت الي مصاف الطبقة التي لا تشكو إلا تجاوز خط الفقر الي أعلي بالطبع ..! المهم كانت فترة تداولاتنا المالية كما يقول مختصو سوق الأوراق المالية وسماسرة البورصة ،مع البنك ذو الصفة الحكومية ناجحة الي حد معقول الي أن ظهرت تعاملات جديدة مع البنوك بضمانات خيالية والبنك (يعيط) ولكن يمول ، فأصبحنا نحن الذين لا علم لنا بمآرب المصطلحات التي إنتشرت في بداياتها ذلك الزمان كمصطلح (الجوكية) و(ظهّر لي وأغطيك ) ...! وتبدلت دراسات الجدوي الجادة الي رهن ثم تبديد لأموال البنوك ثم تعسر ثم فقد متبادل للثقة بين العميل والبنك الي أن طفحت تراكمات الإعسار وبيع الرهون التي نتابعها بإستمرار .. الطموح الذي كان يلفنا وقتها بتغيير أحوالنا وكل الآمال في حياة أكثر تقدماً من خلال تعاملنا مع البنك أن أفيضوا علينا بمرابحة علّها تربو عند الله ولكن مرّت علينا مراحل إعسار صعبة فهمنا بالضبط لم تم إختيار هذه الكلمة تحديداً لوصف الحالة التي تكون عليها وقد قارب صك البنك علي السداد.. قبل يومين قرأت موضوع طي إعلان لبنك السودان المركزي ــ وحدة التمويل الأصغر، نتائج مسابقات التمويل الأصغر كما جاء تحت شعارلنهزم الفقر بالإبداع وكما ذكر في الإعلان أن المسابقة تكونت من جزئين ، الأول تنافس فيه المشاركون بتقديم خطط عمل لمشروعات تمويل أصغر جديدة والثاني تنافس فيه المشاركون بتقديم بحوث قصيرة لتنمية وتطوير قطاع المشروعات الصغيرة .. إتجه نظري مباشرة نحو قائمة الفائزين ومشاريعهم وذهلت لتنوع الخطط المقدمة والأفكار المبتكرة والمتدرجة من المشاريع ذات المدي المحدود حيال تنفيذها الي تلك التي يمكن أن تتحول هيكل مشاريعها الي شركات كبيرة ، فمثلا إليكم سادتي بعض عناوين خطط المشاريع التي قرأتها والمنطقة التي تقدم منها المتسابق ، كان هناك مشروع عن تعبئة منتجات التبلدي بمنطقة كالوقي ـ جنوب كردفان، مشروع آخر كانت فكرته عن إنشاء مصنع صغير لتصنيع الدمي من القماش والقطن والإسفنج ومقدمه من الطائف ، مشروع لدعم صناعة الأجبان في الريف بتمليك الأسر حاضنات اللبن الكهربائية والحلابات الصغيرة ، ومقدم هذا المشروع من حلفا قرية تسعة ، وهكذا تتواصل القائمة الفائزة بمشاريع التمويل الأصغر .. كل هذه الدراسات المتنوعة التي قدمت ـ وهي مشاريع فائزة بشهادة خبراء البنك المركزي الذين قاموا علي أمر هذه المسابقة ـ لم لا تتحول الي شريك أساس مع البنك وتحويلها من صيغة تمويل أصغر الي دعم فعلي لتحويلها الي نماذج إستثمارية ناجحة تابعة لوحدة التمويل الأصغر .. لقد بينت هذه الخطط والبحوث التي تم تقديمها للوحدة أن المواطن لا زال يبدع ويهتم ويثابر فقط أعينوه بزبر الحديد وورق النقد .

zizetfatah@yahoo.com

 

آراء