عندما يخرخر مجلس السيادة

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
إنه حقا لمن سخريات القدر ، أن يعترض مجلس السيادة ، الغير منتخب أصلا علي تدخل بعض البعثات الدبلوماسية في الشأن السوداني ، بينما الذي يدير البلاد فعلا ويبرم الإتفاقيات (إتفاقية جوبا للسلام مثالا) قوي إقليمية ودولية معروفة ، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة ومباركة وتعاون مجلس السيادة نفسه الذي ثبُت أنه هو أيضا به قوة " داخلية" محتلة ، بالنظر إلي أعضاءه ، العسكريين والمدنيين الغير منتخبين أيضا ، والمُوصي بتعينهم لأسباب وأغراض ودوافع معينة ، لا مجال لذكرها هنا.
هذه إذن سيادة مزعومة ، حتي لو كانت " إنتقالية" ، لم يقرها دستور ولا سلطة قضائية مستقلة وإنما أُدرجت في وثيقة دستورية معيبة، تم نقضها من رئيس المجلس الإنتقالي ، بعد ما منح لنفسه سلطات مطلقة ، في الحل والعقد ، لا معقب عليها وإتخذ من القرارات والمواقف ما لا تجوز إطلاقا في سلطة " إنتقالية" مؤقتة ، حتي إنك لا تعرف ، أهي من سلطات القائد العام أم من سلطات رئيس مجلس السيادة ‼ مما أوصل البلاد بسبب هذا " التخبط " والإذدواجية إلي حالة من الإحتقان والتردي ، لم تشهد حقبات الحكم المتعاقبة مثله من قبل ، حتي وهي في أحلك ظروفها‼.
معلوم أنه يُتداول في الفقه الوضعي مصطلح " السيادة" كنوع من التحديد " الهلامي" المعني ، كسلطة الدولة وسلطة الشعب ويدرج ذلك في الدستور ، وعادة لا يعمل به ، كحالتنا المجربة سابقا مع الحكام والدساتير الدائمة والمؤقتة إلا أن المصطلح بحالته هذه لا تقره الشريعة لأن الحق المطلق والسلطة السيادية لكل المخلوقات ، كما هو معروف ، لله وحده عز وجل ، لذلك ، يعمد الحكام وأصحاب السلطات من ذوي النوايا السيئة ، إلي القسم علي كتاب الله للإقرار " شكلا" أن هناك تقييد ما من سلطة أعلي ولكن ، في الواقع المطبق ، يختلف الوضع تماما والشواهد ، لا تحصي ولا تعد!.
لا بد أن يسجل مجلس السيادة الحالي وهو يعترض علي إنتهاك سيادته أنه قد قام ولا زال ، خلال " تسيده" المزعوم ، بالمخالفات والإنتهاكات الآتية ، التي ترقي إلي جرائم يعاقب عليها القانون الآلهي قبل الوضعي:
1-قتل الأنفس بغير حق في الإعتصامات والمظاهرات السلمية التي دائما ما تطالب بتسليم السلطة للمدنيين وعودة العسكر إلي الثكنات.
2-أكل أموال الناس بالباطل بالسيطرة علي الموارد وقصر الإستفادة منها علي فئات ودول لا تستحق.
3- العبث بميزان العدالة وعدم إيفاء الكيل لمستحقيه من عامة الشعب ومنعهم من الإستفادة من نعم الله في أرضه والتضييق عليهم في معايشهم ، مما ينذر بتهديد مستقبل الأجيال الحالية والقادمة بالضياع والتشتت.
4- تخصيص ميزانية مبالغ فيها للصرف علي أعضاء مجلس السيادة وتوفير كافة مستلزمات الرفاه لهم، لدرجة التخمة ، وذلك دون أي مخرجات أو مهام تذكر.
5-تدمير بنية المنظومة العسكرية لقوات الشعب المسلحة ، الضامن الحقيقي لحماية أمن وسلامة البلاد والمحافظ علي سيادتها وذلك بإستبدالها بقوات من خارج المنظومة العسكرية المعروفة ، ومنحهم مزايا ومرتبات خرافية من خزينة الدولة ، بالرغم من إختلاف عقيدتهم العسكرية ، بل وجنسيات بعضهم الغير سودانية .
6-إقحام البلاد في حروب خارج الوطن ، لا ناقة لنا فيها ولا جمل مقابل منافع مادية وحظوات شخصية ، مما يهدد مستقبل علاقات حسن الجوار مع تلك الدول .
7-السماح لدول إقليمية ودولية بالتغلغل والعبث بسياسات الدولة الداخلية والخارجية ، بل وإستيراد أدوات قمع وبرمجيات متطورة منها للسيطرة علي المظاهرات الشعبية.
8-منح ولايات معينة " حكما ذاتيا" دون الرجوع إلي أو مشاورة أصحاب المصلحة الحقيقية لتلك الولايات ، مما يعتبر مهددا أمنيا وعلي نفس الخطي ، لبداية تفكيك الدولة السودانية تباعا.
9-إستمرار التعاون مع أذناب النظام البائد ودعمهم وحمايتهم حتي في مظاهراتهم الغير سلمية.
10-عدم القدرة علي السيطرة علي الوضع الأمني بالبلاد وتفشي البلطجة المسلحة والإعتداء والنهب والإغتصاب وتهديد حياة ومصالح عامة الناس.
11- عدم القدرة علي السيطرة علي الحركات المسلحة وإبعادها من المشهد السياسي ، بل ومن العاصمة والعجز عن إدراجها ضمن منظومة القوات المسلحة.
12-التعتيم علي نشاط وميزانية مجلس السيادة والحكومة الإنتقالية المكلفة وعدم نشر البيانات والقرارات الهامة في الجريدة الرسمية ( الجازيت) عن السنة الحالية 2022م...
13-الإصرارعلي التشبث بالسلطة بالرغم من صدور مطالبات شعبية عدة بضرورة التنحي وتسليم السلطة العسكرية لقادة أكفاء ، مستقلين وتهيئة الكيانات المدنية الوطنية ، بكافة مكوناتها لإستلام السلطة وإستكمال الفترة الإنتقالية .
حمدت الله كثيرا أن لاقيت بالأمس ود عمنا ، اللواء …؟ ، خريج الدفعة ؟2 والذي أحيل للمعاش قسرا مع كثير من زملاءه الوطنيين وجدته صامدا ، يمارس حياته كمواطن عادي.( ومن دفعته وأقرانه ، منهم من يمتهن الزراعة ومنهم من يقود الهايس والأتوس ومثلهم من الدكاتر والبروفات الأجلاء).
المجد والخلود لشهداءنا الأبرار ، الذين أخجلونا ببذل دمائهم رخيصة علي تراب هذا الوطن والبشارة لذويهم ، أن الأجر مُدخر ومُحتسب بإذنه تعالي والتحية للجرحي مع الدعاء لهم بعاجل الشفاء ولرجال المقاومة الأشاوس ، الذين لم يلحقوا بإخوانهم بعد وهم علي دربهم سائرون والصبر والصمود لشعبنا الأبي ، فما الصبر إلا بالله وما النصر إلا من عنده وإنه لقريب ، بإذنه تعالي.
الدمازين في : 29/01/2022

محمد عبد المجيد أمين ( براق )

dmz152002@yahoo.com
////////////////////////

 

آراء