عِدُ الجميع إذا أجمع الرأي على التوافق ( وكفى ) سنَصمُت ونبتعد غيرُ مأسوفٍ علينا

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

سُنّةُ الإنقاذ في الأرض ظلّت ثابِته طيلة سنواتِ وجودِها إستتبَعَها تدوير نفس الأوجُه لضرورات لم يكن من بينِها العِقاب أو المُحاسَبه لخَلَلِ الأداء أو التجاوُّز بسوءِ أو بحُسنِ نِيّه فرأينَا مَن خرجت أفعالهُم عن دائرةِ السيطره والإخفاء يتمُّ نَقلَهُم إلى مواقع اخرى أرفعُ شأناً رُبّما ؛ وذلك بإلتضاد مع كل نواميس الحياه وقوانين الإثابةِ والمُعاقَبه أو الإبعاد للفشل في إدارة الشأن العام.
لسنا متسلّطينَ على أحَد. لا نَكْرَه أحَد وليس لدينا ثارات مع أحد بل ولم نَعرِف أحد. معاناة الأعوام الثلاثين تقفُ كَعَبْرَةٍ في حُلوقِنا .. تُحَدّثُ عن الّذينَ عُذّبوا والّذينَ اغتُصِبوا والّذين اختفوا للأبَد. تُحَدّثُ عن الأُسَر التي تفككت والصرخات التي ماتت مع أصحابِها ولم تتخَطّ حوائط الزنازين المُصٌمَته. تزدادُ العَبْرَةُ مَرارَةً لحظياً حول سنوات الإنتقال الثلاث التي ضاعَت سُدىً حيثُ لم يَكُن لأحَدٍ ( نفَقَةً ) فيها فلم يشغلوا أنفُسَهُم بِعَدّ شهورِها وأيّامِها وثوانيها ولكِنّا فَعَلنا.
سِيقَ ، تبريراً للأهمال والإنشِغال بالمُحاصصات وتكبير الأكوام ، أن المدنيين لم يكونوا يملكون سلاحاً ولم تكن لهم حيلةً أمام جيش اللجنه الأمنيه ومليشيا الدعم السريع وبقية المليشيا الكومبارس فكيفَ نَطلُبُ منهم ما ليس في وُسعِهِم وما يتجاوز مقدراتهم. نحنُ لم نطلب منهم أن يقاتلوا كل هذه المنظومه ولكن قلنا انّهُ كانَ تحت ايديهم أقوى وأمضى سلاح وهو هذا الشعب الذي حكموا يإسمِهِ ، لم يستَنفِروه وأوصَدوا أبوابَهُم دونَهُ ودونَ اهدافَهُ بل وفَرّقوا إحتجاجاتَهُ بالقوّات الأمنيّه.
لا أحدَ يُنكر أنّ حَرَج الموقف الآن يقتضي الوُّحدَه والإصطِفاف ورغم كلّ ذلك ، إن حَدَثت وحده ، نجِدُ أنّ الأمرَ فيهِ " قولان " فالعَدو ليست لَهُ علاقه بهذا الوطن الذي عشنا فيه وقتاً كافياً وكان من ضِمنِ ما هالَنا فيهِ أمران امّا الاوّل فكانَ حُكّام الإنقاذ بكلّ ما ارتكبوا في حقّنا وحقّ الوطن وبكُلّ ما أوتوا من مُرُوَّه كَمّلوها في تَشَظّيه. يُحَدّثُ الأمرُ الثاني عن حُكّام اليوم قادة اللجنه الأمنيه. فمهما أخَذَ سوءُ الظنّ يتلابيبِنا فإننا لن نجد عُذراً لضُباطٍ خرّجتهم الكليةُ الحربيه في عَهدِها الذهَبي ذاك يمكن أن يفعلوا بِوَطَنِهِم وشعبِهِ ما يفعلهُ بهم هؤلاء ولكُنّ هذا مما يُعطي صورةً واضِحَةً عمّا فعلتهُ إنقاذ السنوات الثلاثين.
نعلمُ أنّ الحرّيه والتغيير المجلس المركزي يُمَثّل الإنقلابيون عسكريوهُم ومدنيوهُم ألدّ اعدائهِ وهذا أمرٌ بائن فأصبحَ الخوفُ ماثلًا أمامَ كلّ مَن يُفَكّر في إنتقاد تجرِبَة قحت المركزيه لسهولة أن يتمّ وَصمَهُ بالإنتماء لمعسكر الإنقلابيين أو مساندتَهُ لَهُم وهذا في الحّدّ الأدنى إذ يمكن استعمال الكثير من العبارات كالمُخذّلين والموتورين على نِطاقٍ أوسَع ..
قُلتُ أننا لن نَملّ الإنتقاد ولن نسكُت لأنّنا نتحدّث عن وطنٍ ضاع . ضياع الوطن لا يُبَرّر السكوت والرِضاء بل والفَرح و ( العَرضه ) حتى تسقُط العمائم عن رؤوسنا إصطفافاً وراءَ ما نراهُ خطأً بيّنَاً بحُكم تجربةٍ مثَلَت فينا لسنواتٍ ثلاث قضاها المُحتفى بجلوسِهم في لا شيئ مما يَهُم ثورةً عظيمةً بل ما فَتِئوا يُوَسّعونَ فَم ( الكمّاشه ) حتى تستوعِب المزيد من الخيبات والإخفاقات سواءٌ أكانَ ذلك نتاجاً لتجرِبَةٍ فَطيره في مجال الحكم او لأسبابٍ أخرى يعلمها كل منتمٍ لهذا الوطن المسكين.
تركوا اللجنه الإقتصاديه لحميدتي وهنالك لجنه إقتصاديه بأسم قحت وهناك رئيس وزراء يحمل درجة الدكتوراه وهناك فطاحل في علم الإقتصاد. سلّموا تفاوض جوبا للعسكر والدعم السريع واحتفلوا باحتلال العاصمه بقوات تأتمر بتوجيهات رؤسائها والجميع لا همّ لهُم إلّا مصالحهم الشخصيه ف ( عِيقَ ) المجتمع العاصمي في أمنِهِ وأمان إنسانِهِ وفي معاشِهِ بعدَ أن تمّ تفريغ الأموال الموجوده الى جيوب قادة ومقاتلي المليشيات وفُرِضَت الضرائب وزيدَت الأسعار لمقابلة الصرف العاطل على تلك الجيوش الجرّاره وما وجَدَ إنسان دارفور غير المهانة والمعسكرات والإحلال والتشريد والحرق والنهب والقاده يجلسون في الخرطوم مُدَجّجين بسلاحهم الفالِت يتمرّغونَ في بيوت الخرطوم شرق وعربات الدوله. يتّكئُ وزراؤهُم في وجودِهِم الغير مُبَرّر بسبب غياب ( حكومه ) ، يتّكئُ ، على الإتفاقيه المأساه التي دخلت فيها قحت في منتصفِ النهار والشمسُ في كَبِدِ السماء وعيونِها ترى وتنظُر غيرُ عابئه ولا مُتَرَدّده ولَم تترَدّد تلكَ العُيون ولم تعبأ حتى بعدَما خَطبَ جبريل في قَومِهِ وبعدما زارَ عرّابَهُ وأبدى من سوء الطوايا الكثير إيقاظاً لإنتمائه الحزبي الذي قامت ضدَّهُ الثوره والمعلوم للجميع ... فأيُّ استهتارٍ ذاكَ الذي كُنّا فيه؟
يُنادي الجميع بأن نتوافق وكفى. السيده عضو السيادي المستقيله ذكرت مايشيب له الولدان فلماذا لم يستوقف ذلك أحداً؟ لماذا لم يتم الرد على ( إفتراءاتِها ) في مؤتمرٍ صحفي أمام شعب السودان صاحِب الأمر وكيفَ يستَمِرُّ كُلٌّ في موقِعِهِ وللشعبِ آذانٌ تسمَع وعيونٌ ترى وصوتٌ مَسلوب؟
يُنادي الجميع بأن نتوافق وكفى. لم تكن الانقاذ تُبَرّر افعالها للشعب الذي كانت لا تأبَهُ به. مَن بَررَ لنا في فترة الأنتقال لماذا أُقيل الوزراء ، على قِلّتِهِم ، الّذين دخلوا قلوب الشعب بأدائهِم المُتَميّز ؟ ومَن بَرّر الإصرار على وزراء كان رأي رجل الشارع العادي فيهم سالباً؟ حكومة ( ثوره ) تُقيلُ وزيراً بُناءً على طلَبٍ ممن قامت ضدّهُم الثوره إثر اجتماعٍ منقولٍ في اجهزةِ الإعلام. لماذا لم يؤبَه لكل المناداه بإصلاح الأجهزه الأمنيّه بالعناصر الثوريه المعروفه؟ ولماذا الإستِحياء في الطرح والخوف من حميدتي والعسكر بينما تملك الحكومه سلاح الشعب الذي هَمّشَتهُ ولماذا لم تأتِ كلمة ( هلموا ) في وقتها الصحيح؟
اذا استقرّ الرأي على التوافق وكفى ( لخير ) السودان على لسان الجميع فسنصمُت ونبتعد غيرُ مأسوفٍ علينا فلقد كان لنا صوتٌ ذات يوم عندما غابت الكثير من الأصوات التي اعتلت الساحه. سنصمُت ونبتعد وليعلم الجميع أن الأخطاء الكارثيه يجب الوقوف عندها والمُحاسبه أمّا التوافق وكفى ( لسبب صعوبة المرحله ودِقّتِها ) فلا مرحباً به ولن يقود إلّا للمزيد من الخيبات وهذا ما ظللنا ندفن رؤوسَنا دونَهُ على مَرّ تاريخِنا واليوم ليسَ استِثناء.

melsayigh@gmail.com
///////////////////////////

 

آراء