غرايشنٌ غرايشنُ.. … بقلم: مجدي الجزولي
18 August, 2009
فينيق
Magdi Elgizouli [m.elgizouli@gmail.com]
وصل الخرطوم بالأمس السيد سكوت غرايشن، مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السودان، في جولة أخرى من جولات إدارة الحالة السودانية، هذا على إثر ما سبق وتحدث به أمام لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأميركي حيث نادى بتيسير العقوبات الأميركية المفروضة على السودان منذ العام 1997، واقترح رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، القائمة التي انضمت إليها بلادنا في العام 1993. ثم ما لبث أن تراجع عن هذه التصريحات معبرا عن دعمه لخطة العقوبات تبعا لانتقادات قوية طالت تصريحاته من جهة عدة مجموعات ضغط أبرزها "التحالف من أجل إنقاذ دارفور" ومشروع "كفاية"، بالإضافة إلى ضجر شديد من بعض عناصر الخارجية الأميركية خاصة السيدة سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية بالأمم المتحدة. لتطمين أطراف المناقشة الأميركية الحامية حول السودان فضلت السيدة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، أن تشير إلى أن سياسة بلادها نحو السودان (تقرأ مستقبله) قيد المراجعة والتدقيق، ذلك في مؤتمر صحفي جمعها ووزير الخارجية السعودي، مؤكدة أن العقوبات باقية واسم السودان باق على قائمة الإرهاب إلى حين إشعار آخر.
عند المؤتمر الوطني الأمل أن يأتي غرايشن هذه المرة بجديد مبهج حول تطبيع علاقات معلن مع الإدارة الأميركية، فقد انقضى أمد بعيد منذ تطبيع شبه علني على مستوى أجهزة المخابرات، على الأقل منذ العام 2002 في إطار الحرب الأميركية على الإرهاب، والتي بز فيها السودان غيره ولاءً للولايات المتحدة وتعاوناً بناءاً معها بما لا يقارن سوى مع باكستان برويز مشرف.
إحدى علامات انقضاء هذا العهد والعبور ربما إلى عصر جديد يُشهر فيه زواج المتعة هذا بين حكومة الرئيس عمر البشير والإدارة الأميركية قد يكون الانقلاب الداخلي المدفوع بصك رئاسي في قيادة جهاز الأمن والمخابرات. علامة أخرى في هذا التحول، لكن داخل الحوش الأميركي، يمكن تقصيها في التغطية الإعلامية لقضايا السودان، بالذات وقد أصبحت المسألة السودانية بابا في السياسة الداخلية للولايات المتحدة تتدافع حولها كتل سياسية وتنمو حركات جماهيرية، أبرزها "التحالف من أجل إنقاذ دارفور"، حتى أصبح السودان أو كاد صيحة موضة بين نجوم هوليوود يتقاطرون لشهرة معسكرات شقاءه في دارفور وشرقي تشاد. نشرت مجلة "تايم" الأميركية الجمعة الماضية حوارا مع الرئيس البشير أول سؤال فيه إعجاب بقدرة الرئيس على البقاء في السلطة رغم "التحديات"، الثاني طلب للتعليق على تقرير غرايشن ألا إبادة جارية في دارفور في االوقت الحاضر، الثالث والرابع عن "الأخطاء" التي وقعت في دارفور ومدى المسؤولية التي يتحملها الرئيس، الخامس حتى العاشر عن تعامل حكومة سيادته مع مذكرات القبض الثلاث التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه هو وهارون وكوشيب، الحادي عشر عن رغبة البشير الترشح للرئاسة في الانتخابات بعد عشرين عام قضاها في سدة الحكم، الثاني عشر حتى الرابع عشر عن موجبات التطبيع بين الولايات المتحدة والحكومة السودانية ورهانات هذه العلاقة، الخامس عشر عن ردة فعل الحكومة على انفصال جنوب السودان حال حدوثه، السادس عشر عن ميزان العلاقة مع الصين، كسب السودان وخسارته، السابع عشر عن الإرث الذي سيتركه البشير بعد حكمه الطويل، وآخر سؤالين عن "ستايل" الرئيس في الحكم أقابض كل القبض على السلطة هو أم باسطها. أهم ما في الحوار أنه تم وعلى صفحات "تايم" متزامنا مع بثه على قناة (PBS) في برنامجها الأكثر مشاهدة "ساعة أخبار"، أول لقاء للرئيس البشير مع وسائل إعلام أميركية منذ مذكرة أوكامبو. ظنى وحتى إشعار آخر أن البشير هو المرشح الأميركي لرئاسة السودان.
17/08/09