غزو الجَنجَوِيد لمدينة الخرطوم
فيصل بسمة
8 June, 2023
8 June, 2023
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
لقد أوقع: الجشع و الطموحات و الأطماع الغير شرعية في الإنفراد بالسلطة و الإستئثار بالنفوذ و التنافس المحموم على ثروات بلاد السودان الغرمآء من رفقآء السلاح من أعضآء اللجنة الأمنية لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و أذنابهم من أمرآء المليشيات المسلحة و جماعات: الإنتهازية و الطفيلية السياسية/الإقتصادية و الأرزقية و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية إلى الإرتمآء في أحضان الدول الأجنبية التي لها مصالح إقتصادية/حيوية/إستراتيجية في بلاد السودان...
و قد أدت: هرولات العسكر و المدنيين إلى السفارات و الوكالات و عواصم الدول الكفيلة و إتباع الوصفات/التوجيهات في أجوآء إنخفضت فيها درجات الوعي/الحس الوطني و السياسي و غابت عنها البصيرة و الحكمة و سادت فيها المحسوبية و النفاق و الممارسات الغير راشدة لأمور السياسة و الإدارة إلى إحداث ربكة عظيمة و حالات غير مسبوقة من العبث و الفوضى و اللامعقول السياسي/الإداري ، و كان لا بد من حدوث تقاطع/تضارب في المصالح بين الدوآئر الأجنبية الفاعلة/الوالغة في الشأن السوداني ، و قد إنعكس ذلك خلافات و نزاع و تشاكس بين اللاعبين/العابثين المحليين ، و كانت النتيجة الحتمية نشوب الحرب و ما ترتب على ذلك من القتل و الدمار و الفوضى التي شهدتها/تشهدها بلاد السودان إبان الفترة الإنتقالية و الوقت الحاضر ، و كان مسك الختام في هجمة الجنجويد على مراكز السلطة في العاصمة الخرطوم بغرض الإستيلآء على السلطة بقوة السلاح و ما نتج عن ذلك من كر و فر و قتال عشوآئي و دمار إمتد ليشمل مدن العاصمة السودانية الثلاث و ضواحيها و بقاع سودانية أخرى في إقليمي دارفور و كردفان...
و قد تأثرت سلباً و ما زالت تتأثر أطراف و مدن عديدة جرآء إندلاع الحرب ، فقد أصاب الخراب و الدمار المتواصل مدن: الخرطوم ، الخرطوم بحري ، أم درمان ، الفِاشِر ، نِيَالَا ، زَالِنجِي ، الجِنِينَة ، كُتُمْ و الأُبَيّّضْ و ربما مدن و قرى أخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، و قد دفع القتال العشوآئي و العنف المفرط و الإنتهاكات الفظيعة جماعات كبيرة من المواطنين إلى هجر دورهم و ربوعهم و النزوح/اللجوء إلى مناطق آمنة داخل و خارج بلاد السودان ، و مما لا شك فيه أن الخاسر الأول من الحرب الدآئرة هي جميع بلاد السودان و كل الشعوب السودانية ، لكن يبدوا أن الضرر الأكبر مادياً كان من نصيب العاصمة المثلثة و ضواحيها حيث أُستبيحت الدور الغالية الثمن و نهبت/خُرِّبَت/دمرت البنوك و الأسواق و المتاجر و المصانع و الممتلكات و المقتنيات الثمينة ، و ضاعت المدخرات و إستثمارات السنين...
و قد جذب القتال في الخرطوم و دارفور و كردفان إنتباه/فضول العديد من القنوات التلڨزيونية الأعرابية ، فأرسلت مراسليها إلى تلك المواقع يلتقطون لها الأخبار و الصور و يوثقون القتل و الحرآئق و الدمار و الخراب ، و يبدوا أن وطيس الحرب و درجة إحتدامها لم تكن كآفية بالدرجة التي تجذب إنتباه تلڨزيون جمهورية السودان الفطيس و القنوات التلڨزيونية السودانية الأخرى فلم تبعث بمراسليها إلى مواقع الأحداث ليلتقطوا لها أصوات المدافع و دوي الإنفجارات و أزيز الطآئرات الحربية و صور الحرآئق المنبعثة من الأبنية و جثث القتلى و الأشلآء الملقاة في العرآء و جموع النازحين الوجلين الفارين على عجل من نيران القتال و بطش مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) التي آلت على نفسها قتل الأنفس و ممارسة الإغتصاب و النهب و السلب و تحويل مدينة الخرطوم إلى رماد و جعل أحيآءها و عمآئرها سكناً للكَدَايس أو مقار لجنودها الفارين من المعسكرات المدمرة!!!...
و رغم المصآئب و المحن إلا أن غزوة الخرطوم و الغزوات الجنجويدية الأخرى كانت فاتحة خير على الكثير من اللايفاتية (ناشطي الوسآئط الإجتماعية) ، الذين جذبت أحاديثهم المليئة بالدراما و الإثارة العديد من: المشاهدات و (اللايكات) و (الشيرات) و المداخلات ، و قد عمت البركة و البَهَلَات لتشمل المعلقين السياسيين و الإعلاميين و الخبرآء (يمكن إسقاط حرف البآء) الإستراتيجيين المحليين و الإقليميين و العالمين الراتبين/المرابطين أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية ، الذين يقدمون خدماتهم و تحليلاتهم الجاهزة لمن يرغب من القنوات التلڨزيونية مع إضافة ميزات المرونة و الإستعداد الفوري للتغيير و التعديل في الفروض و الإستنتاجات حسب: سياسات القناة/الكفيل و صيغة الأسئلة و إلحاح المذيع و كذلك قوانين العرض و الطلب و أحوال البورصة ، فقد ذكرت مصادر أن أجور المتعاونين مع القنوات الفضآئية قد تضاعفت كثيراً ، و أنه قد أصابها ما أصاب الأسعار من إرتفاع جنوني عقب وبآء ڨيروس كوڨيد/كورونا المتحور...
و قد شاهد/عايش السودانيون القاطنون في العاصمة الخرطوم و مدن الفِاشِر و نِيَالَا و زَالِنجِي و الجِنِينَة ، كُتُمْ و الأُبَيّّضْ و لمسوا عن قرب السقوط الأخلاقي العظيم لمليشيات الجنجويد (الدعم السريع) ، و قد شاهدوا كيف تكشف/كشفت العنصرية و التعصب الجهوي و الحقد و الحسد و الغل و الكراهية و الغبن الإجتماعي و بقية الأحاسيس الإنسانية السالبة الأقنعة عن وجوهها القبيحة أثنآء ساعات الخصام و الإحتراب ، و عرفوا أن النفس الأمارة بالسوء تكون في أفضل أحوالها في وجود سطوة الأسلحة القاتلة الفتاكة ، و تأكد لهم يقيناً أن القادة و الأفراد من مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) يمتلكون قدراً عالياً من الأروح القتالية الإنتقامية و مقدرة إستثآئية على ممارسة التخريب و الوحشية و إلحاق الأذى بالآخرين ، هذا بالإضافة إلى حظ وافر من الجهل و خصال: الخسة و النذالة و الوضاعة و أخواتها ، و أنهم يتمتعون بزخم فياض من: العنصرية و الحقد و الحسد و الغبن و الكراهية و بقية المشاعر الغير إيجابية تجاه مؤسسات الدولة السودانية و جميع مواطني/ساكني الوسط و الشريط النيلي و على سكان الأحيآء الراقية في العاصمة المثلثة على وجه الخصوص...
و قد أبانت الڨيديوهات المتداولة بكثافة في الوسآئط الإجتماعية كيف تستباح المؤسسات و البيوتات و تنهب البنوك و الممتلكات و المركبات ، و كيف يتم تخريب/تدمير المصانع و الأسواق و المتاجر و المرافق العامة بشهوات عارمة ، و أكدت التسجيلات أن جماعات المعتدين من اللصوص تتعاون بتنسيق تآم مع مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) ، و تشاركها عمليات السطو و النهب و السلب و ذات الأهداف و الرغبات التخريبية و المشاعر السالبة و السلوك الغير حميد التي تم الإفصاح عنها شفاهةً و علناً و بصورة لا لبس فيها تجاه سكاني أواسط بلاد السودان و ممتلكاتهم/مقتنياتهم و على الخصوص قاطني الأحيآء الراقية في العاصمة المثلثة و ضواحيها...
و الشاهد هو أن النفس الأمارة بالسوء تبدع و تكون في أفضل حالاتها و قمة نشاطها أثنآء أزمنة الفقر و الحرمان و مع حالات الإحساس بالظلم و التفرقة ، و يبدوا أنها تظل ساكنة و كامنة في وجود الوازع الأخلاقي/الديني أو الرادع القانوني أو الإثنين معاً ، و قد دلت التجارب الإنسانية أنه في حالة إنتفآء ذينك العاملين و إمتلاك السلطة و النفوذ و أدوات البطش فإن النفس الأمارة بالسوء تنفلت من عقالها لتمارس بحرية كاملة الظلم و الحسد و الحقد و الغبن و ملحقاتهم من النشاطات المدمرة/القاتلة ، و أنها أثنآء ذلك تتحور و تتغير بحسب الظروف و تنوع الأدوات و الأليات المتوفرة لها ، فتجدها تارةً تمارس الطغيان و التوقيف و الإزدرآء و الإهانة و التعذيب و الإعتدآءات ، و تارةً أخرى تنغمس في أعمال النهب و السلب و التخريب ، و يتجلى النشاط الشيطاني للنفس الأمارة بالسوء و يكون في أبهى صوره عند إمتلاك السلاح و أدوات القمع و في إنعدام القيادات الواعية الراشدة فحينها تمارس البطش و القتل و الفتك بأريحية و شهية/شهوة عظيمة يحسدهم عليها إبليس و أعوانه و جميع الأشرار ، أما أضعف الإيمان/الأفعال فيتمثل في حالات السب و الشتم و اللعن و الإهانات الممتلئة بالعنصرية و الحقد و الغبن...
و الشاهد هو أن الأنفس الإيجابية: اللوامة و المطمئنة الراضية المرضية و القادرة في بلاد السودان ربما قد أقلعت عن ممارسة نشاطاتها المعتادة في الآونة الأخيرة بسبب سعير الحرب و المضايقات ، أو أنها قد تكون غير فاعلة/مُفَعَّلَة ، أو ربما أنها تعمل و تفعل بجدية و لكن في الخفآء و بعيداً عن أعين البصاصين و الفضوليين ، أو أنها ربما أحجمت عن الفعل و العمل طواعيةً ، أو أنها عاجزة و مقهورة و مغلوبة على أمرها و مجبرة على الخمود و الخمول ، أو أنها ربما تكون في حالة سكون و سبات طبيعي كما يحدث في فترات متفاوتة لغالبية الأنفس ، أو أنها تمارس في صمت عمليات تفكير و مراجعة و محاسبة ، أو أنها تفضل ممارسة تمارين السكوت الذهبية و فضيلة أضعف الإيمان ، أو قد تكون في حالة سفر و نزوح أو أنها هاربة أو مهاجرة مع الجموع إلى دول الجوار أو إلى بلاد بعيدة تموت من البرد حيتانها...
حاشية:
ذكرت مصادر موثوقة أن العديد من الأنفس الأمارة بالسوء قد شوهدت و هي تغادر بلاد السودان مندسة بين جموع الأنفس النازحة/الهاربة/المهاجرة ، و قد أكدت ذات المصادر أن قسم ليس باليسير من الأنفس الأمارة بالسوء و الشريرة قد توجهت صوب إقليمي دارفور و كردفان ، و أنها قد عزمت على معاودة نشاطها في تلك النواحي...
الخلاصة:
و لقد أبانت الحروب و الغزوات الجنجويدية الأخيرة أن:
- الحابل قد إختلط بالنابل و الأوراق حتى أصبح الرَّبَّاط القاتل قآئد ثآئر يناضل من أجل الشعوب السودانية و ينادي بالعدالة و الحرية و الديمقراطية ، و قد جارته في ذلك و أعانته فلول الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان)...
- الخرطوم عبارة عن هامش كبير في وسط بلاد السودان التي إنهارت دولتها و مؤسساتها...
- الفقر و الجهل و الغبن الإجتماعي و التناقضات قد تراكموا عبر السنين و استوطنوا جميع بلاد السودان و اتخذوا لهم ”مشيخات/نظارات“ كبيرة و عديدة داخل العاصمة المثلثة و بقية ربوع بلاد السودان ، و أنهم و العنصرية و الجهوية و الكراهية و الغل و الحسد و الحقد و النفاق و بقية المشاعر الغير إيجابية قد تسيدوا الموقف الإجتماعي/السياسي/الإقتصادي/الصحي... إلخ... إلخ... بالكامل...
- الهوة بين القلة المقتدرة و الغالبية المسحوقة إن لم يتم ردمها/معالجتها على وجه السرعة فربما تستفحل الأمور و تسوء الأوضاع و ربما يتم تمزيق ما تبقى من ”النسيج الإجتماعي“ و الوحدة السياسية/الإدارية ، و ربما تكون المحصلة النهآئية تعاظم أمر الجهل و العنصرية و الجهوية و إنهيار الدولة مما يلحق جمهورية السودان بأمات طه أو سلة زبالة دول العالم الفاشلة و منظومة جمهوريات الموز ، أو يعود ببلاد السودان إلى ”سيرتها الأولى“ و ممالك: علوة و المقرة و المسبعات و الدَّاجُو و سلطنتي سنار و دارفور...
الختام:
و رغم قتامة المشهد الراهن فإن مليشيات الجنجويد و الظلم حتماً مهزومان ، و أن الثورة السودانية منتصرة بإذن الله ، و ذلك إذا ما توفرت الإرادة الوطنية القوية الصادقة و التصميم على النجاح...
و ما زالت هنالك فرصة كبيرة عند العسكر ليعودوا إلى رشدهم و ثكناتهم و يعود الأمن و الإستقرار إلى بلاد السودان...
و ما زال الأمل عظيماً و كبيراً في الثورة و الثوار و الراشدين القادرين يتولون القيادة و زمام الأمور و يحققون شعارات الثورة في:
- التغيير و إحداث النقلات/التطورات النوعية في طرق و أساليب الإدارة و الحكم و التربية و التعليم و الصحة و بقية الخدمات الأساسية
- تفعيل شعارات الثورة في دولة المؤسسات و القانون
- خلق أجوآء المساواة و الحرية و السلام و العدالة
- دفع عجلة العمل و الإنتاج مما يحقق التنمية و الرخآء في بلاد السودان...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
لقد أوقع: الجشع و الطموحات و الأطماع الغير شرعية في الإنفراد بالسلطة و الإستئثار بالنفوذ و التنافس المحموم على ثروات بلاد السودان الغرمآء من رفقآء السلاح من أعضآء اللجنة الأمنية لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و أذنابهم من أمرآء المليشيات المسلحة و جماعات: الإنتهازية و الطفيلية السياسية/الإقتصادية و الأرزقية و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية إلى الإرتمآء في أحضان الدول الأجنبية التي لها مصالح إقتصادية/حيوية/إستراتيجية في بلاد السودان...
و قد أدت: هرولات العسكر و المدنيين إلى السفارات و الوكالات و عواصم الدول الكفيلة و إتباع الوصفات/التوجيهات في أجوآء إنخفضت فيها درجات الوعي/الحس الوطني و السياسي و غابت عنها البصيرة و الحكمة و سادت فيها المحسوبية و النفاق و الممارسات الغير راشدة لأمور السياسة و الإدارة إلى إحداث ربكة عظيمة و حالات غير مسبوقة من العبث و الفوضى و اللامعقول السياسي/الإداري ، و كان لا بد من حدوث تقاطع/تضارب في المصالح بين الدوآئر الأجنبية الفاعلة/الوالغة في الشأن السوداني ، و قد إنعكس ذلك خلافات و نزاع و تشاكس بين اللاعبين/العابثين المحليين ، و كانت النتيجة الحتمية نشوب الحرب و ما ترتب على ذلك من القتل و الدمار و الفوضى التي شهدتها/تشهدها بلاد السودان إبان الفترة الإنتقالية و الوقت الحاضر ، و كان مسك الختام في هجمة الجنجويد على مراكز السلطة في العاصمة الخرطوم بغرض الإستيلآء على السلطة بقوة السلاح و ما نتج عن ذلك من كر و فر و قتال عشوآئي و دمار إمتد ليشمل مدن العاصمة السودانية الثلاث و ضواحيها و بقاع سودانية أخرى في إقليمي دارفور و كردفان...
و قد تأثرت سلباً و ما زالت تتأثر أطراف و مدن عديدة جرآء إندلاع الحرب ، فقد أصاب الخراب و الدمار المتواصل مدن: الخرطوم ، الخرطوم بحري ، أم درمان ، الفِاشِر ، نِيَالَا ، زَالِنجِي ، الجِنِينَة ، كُتُمْ و الأُبَيّّضْ و ربما مدن و قرى أخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، و قد دفع القتال العشوآئي و العنف المفرط و الإنتهاكات الفظيعة جماعات كبيرة من المواطنين إلى هجر دورهم و ربوعهم و النزوح/اللجوء إلى مناطق آمنة داخل و خارج بلاد السودان ، و مما لا شك فيه أن الخاسر الأول من الحرب الدآئرة هي جميع بلاد السودان و كل الشعوب السودانية ، لكن يبدوا أن الضرر الأكبر مادياً كان من نصيب العاصمة المثلثة و ضواحيها حيث أُستبيحت الدور الغالية الثمن و نهبت/خُرِّبَت/دمرت البنوك و الأسواق و المتاجر و المصانع و الممتلكات و المقتنيات الثمينة ، و ضاعت المدخرات و إستثمارات السنين...
و قد جذب القتال في الخرطوم و دارفور و كردفان إنتباه/فضول العديد من القنوات التلڨزيونية الأعرابية ، فأرسلت مراسليها إلى تلك المواقع يلتقطون لها الأخبار و الصور و يوثقون القتل و الحرآئق و الدمار و الخراب ، و يبدوا أن وطيس الحرب و درجة إحتدامها لم تكن كآفية بالدرجة التي تجذب إنتباه تلڨزيون جمهورية السودان الفطيس و القنوات التلڨزيونية السودانية الأخرى فلم تبعث بمراسليها إلى مواقع الأحداث ليلتقطوا لها أصوات المدافع و دوي الإنفجارات و أزيز الطآئرات الحربية و صور الحرآئق المنبعثة من الأبنية و جثث القتلى و الأشلآء الملقاة في العرآء و جموع النازحين الوجلين الفارين على عجل من نيران القتال و بطش مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) التي آلت على نفسها قتل الأنفس و ممارسة الإغتصاب و النهب و السلب و تحويل مدينة الخرطوم إلى رماد و جعل أحيآءها و عمآئرها سكناً للكَدَايس أو مقار لجنودها الفارين من المعسكرات المدمرة!!!...
و رغم المصآئب و المحن إلا أن غزوة الخرطوم و الغزوات الجنجويدية الأخرى كانت فاتحة خير على الكثير من اللايفاتية (ناشطي الوسآئط الإجتماعية) ، الذين جذبت أحاديثهم المليئة بالدراما و الإثارة العديد من: المشاهدات و (اللايكات) و (الشيرات) و المداخلات ، و قد عمت البركة و البَهَلَات لتشمل المعلقين السياسيين و الإعلاميين و الخبرآء (يمكن إسقاط حرف البآء) الإستراتيجيين المحليين و الإقليميين و العالمين الراتبين/المرابطين أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية ، الذين يقدمون خدماتهم و تحليلاتهم الجاهزة لمن يرغب من القنوات التلڨزيونية مع إضافة ميزات المرونة و الإستعداد الفوري للتغيير و التعديل في الفروض و الإستنتاجات حسب: سياسات القناة/الكفيل و صيغة الأسئلة و إلحاح المذيع و كذلك قوانين العرض و الطلب و أحوال البورصة ، فقد ذكرت مصادر أن أجور المتعاونين مع القنوات الفضآئية قد تضاعفت كثيراً ، و أنه قد أصابها ما أصاب الأسعار من إرتفاع جنوني عقب وبآء ڨيروس كوڨيد/كورونا المتحور...
و قد شاهد/عايش السودانيون القاطنون في العاصمة الخرطوم و مدن الفِاشِر و نِيَالَا و زَالِنجِي و الجِنِينَة ، كُتُمْ و الأُبَيّّضْ و لمسوا عن قرب السقوط الأخلاقي العظيم لمليشيات الجنجويد (الدعم السريع) ، و قد شاهدوا كيف تكشف/كشفت العنصرية و التعصب الجهوي و الحقد و الحسد و الغل و الكراهية و الغبن الإجتماعي و بقية الأحاسيس الإنسانية السالبة الأقنعة عن وجوهها القبيحة أثنآء ساعات الخصام و الإحتراب ، و عرفوا أن النفس الأمارة بالسوء تكون في أفضل أحوالها في وجود سطوة الأسلحة القاتلة الفتاكة ، و تأكد لهم يقيناً أن القادة و الأفراد من مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) يمتلكون قدراً عالياً من الأروح القتالية الإنتقامية و مقدرة إستثآئية على ممارسة التخريب و الوحشية و إلحاق الأذى بالآخرين ، هذا بالإضافة إلى حظ وافر من الجهل و خصال: الخسة و النذالة و الوضاعة و أخواتها ، و أنهم يتمتعون بزخم فياض من: العنصرية و الحقد و الحسد و الغبن و الكراهية و بقية المشاعر الغير إيجابية تجاه مؤسسات الدولة السودانية و جميع مواطني/ساكني الوسط و الشريط النيلي و على سكان الأحيآء الراقية في العاصمة المثلثة على وجه الخصوص...
و قد أبانت الڨيديوهات المتداولة بكثافة في الوسآئط الإجتماعية كيف تستباح المؤسسات و البيوتات و تنهب البنوك و الممتلكات و المركبات ، و كيف يتم تخريب/تدمير المصانع و الأسواق و المتاجر و المرافق العامة بشهوات عارمة ، و أكدت التسجيلات أن جماعات المعتدين من اللصوص تتعاون بتنسيق تآم مع مليشيات الجنجويد (الدعم السريع) ، و تشاركها عمليات السطو و النهب و السلب و ذات الأهداف و الرغبات التخريبية و المشاعر السالبة و السلوك الغير حميد التي تم الإفصاح عنها شفاهةً و علناً و بصورة لا لبس فيها تجاه سكاني أواسط بلاد السودان و ممتلكاتهم/مقتنياتهم و على الخصوص قاطني الأحيآء الراقية في العاصمة المثلثة و ضواحيها...
و الشاهد هو أن النفس الأمارة بالسوء تبدع و تكون في أفضل حالاتها و قمة نشاطها أثنآء أزمنة الفقر و الحرمان و مع حالات الإحساس بالظلم و التفرقة ، و يبدوا أنها تظل ساكنة و كامنة في وجود الوازع الأخلاقي/الديني أو الرادع القانوني أو الإثنين معاً ، و قد دلت التجارب الإنسانية أنه في حالة إنتفآء ذينك العاملين و إمتلاك السلطة و النفوذ و أدوات البطش فإن النفس الأمارة بالسوء تنفلت من عقالها لتمارس بحرية كاملة الظلم و الحسد و الحقد و الغبن و ملحقاتهم من النشاطات المدمرة/القاتلة ، و أنها أثنآء ذلك تتحور و تتغير بحسب الظروف و تنوع الأدوات و الأليات المتوفرة لها ، فتجدها تارةً تمارس الطغيان و التوقيف و الإزدرآء و الإهانة و التعذيب و الإعتدآءات ، و تارةً أخرى تنغمس في أعمال النهب و السلب و التخريب ، و يتجلى النشاط الشيطاني للنفس الأمارة بالسوء و يكون في أبهى صوره عند إمتلاك السلاح و أدوات القمع و في إنعدام القيادات الواعية الراشدة فحينها تمارس البطش و القتل و الفتك بأريحية و شهية/شهوة عظيمة يحسدهم عليها إبليس و أعوانه و جميع الأشرار ، أما أضعف الإيمان/الأفعال فيتمثل في حالات السب و الشتم و اللعن و الإهانات الممتلئة بالعنصرية و الحقد و الغبن...
و الشاهد هو أن الأنفس الإيجابية: اللوامة و المطمئنة الراضية المرضية و القادرة في بلاد السودان ربما قد أقلعت عن ممارسة نشاطاتها المعتادة في الآونة الأخيرة بسبب سعير الحرب و المضايقات ، أو أنها قد تكون غير فاعلة/مُفَعَّلَة ، أو ربما أنها تعمل و تفعل بجدية و لكن في الخفآء و بعيداً عن أعين البصاصين و الفضوليين ، أو أنها ربما أحجمت عن الفعل و العمل طواعيةً ، أو أنها عاجزة و مقهورة و مغلوبة على أمرها و مجبرة على الخمود و الخمول ، أو أنها ربما تكون في حالة سكون و سبات طبيعي كما يحدث في فترات متفاوتة لغالبية الأنفس ، أو أنها تمارس في صمت عمليات تفكير و مراجعة و محاسبة ، أو أنها تفضل ممارسة تمارين السكوت الذهبية و فضيلة أضعف الإيمان ، أو قد تكون في حالة سفر و نزوح أو أنها هاربة أو مهاجرة مع الجموع إلى دول الجوار أو إلى بلاد بعيدة تموت من البرد حيتانها...
حاشية:
ذكرت مصادر موثوقة أن العديد من الأنفس الأمارة بالسوء قد شوهدت و هي تغادر بلاد السودان مندسة بين جموع الأنفس النازحة/الهاربة/المهاجرة ، و قد أكدت ذات المصادر أن قسم ليس باليسير من الأنفس الأمارة بالسوء و الشريرة قد توجهت صوب إقليمي دارفور و كردفان ، و أنها قد عزمت على معاودة نشاطها في تلك النواحي...
الخلاصة:
و لقد أبانت الحروب و الغزوات الجنجويدية الأخيرة أن:
- الحابل قد إختلط بالنابل و الأوراق حتى أصبح الرَّبَّاط القاتل قآئد ثآئر يناضل من أجل الشعوب السودانية و ينادي بالعدالة و الحرية و الديمقراطية ، و قد جارته في ذلك و أعانته فلول الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان)...
- الخرطوم عبارة عن هامش كبير في وسط بلاد السودان التي إنهارت دولتها و مؤسساتها...
- الفقر و الجهل و الغبن الإجتماعي و التناقضات قد تراكموا عبر السنين و استوطنوا جميع بلاد السودان و اتخذوا لهم ”مشيخات/نظارات“ كبيرة و عديدة داخل العاصمة المثلثة و بقية ربوع بلاد السودان ، و أنهم و العنصرية و الجهوية و الكراهية و الغل و الحسد و الحقد و النفاق و بقية المشاعر الغير إيجابية قد تسيدوا الموقف الإجتماعي/السياسي/الإقتصادي/الصحي... إلخ... إلخ... بالكامل...
- الهوة بين القلة المقتدرة و الغالبية المسحوقة إن لم يتم ردمها/معالجتها على وجه السرعة فربما تستفحل الأمور و تسوء الأوضاع و ربما يتم تمزيق ما تبقى من ”النسيج الإجتماعي“ و الوحدة السياسية/الإدارية ، و ربما تكون المحصلة النهآئية تعاظم أمر الجهل و العنصرية و الجهوية و إنهيار الدولة مما يلحق جمهورية السودان بأمات طه أو سلة زبالة دول العالم الفاشلة و منظومة جمهوريات الموز ، أو يعود ببلاد السودان إلى ”سيرتها الأولى“ و ممالك: علوة و المقرة و المسبعات و الدَّاجُو و سلطنتي سنار و دارفور...
الختام:
و رغم قتامة المشهد الراهن فإن مليشيات الجنجويد و الظلم حتماً مهزومان ، و أن الثورة السودانية منتصرة بإذن الله ، و ذلك إذا ما توفرت الإرادة الوطنية القوية الصادقة و التصميم على النجاح...
و ما زالت هنالك فرصة كبيرة عند العسكر ليعودوا إلى رشدهم و ثكناتهم و يعود الأمن و الإستقرار إلى بلاد السودان...
و ما زال الأمل عظيماً و كبيراً في الثورة و الثوار و الراشدين القادرين يتولون القيادة و زمام الأمور و يحققون شعارات الثورة في:
- التغيير و إحداث النقلات/التطورات النوعية في طرق و أساليب الإدارة و الحكم و التربية و التعليم و الصحة و بقية الخدمات الأساسية
- تفعيل شعارات الثورة في دولة المؤسسات و القانون
- خلق أجوآء المساواة و الحرية و السلام و العدالة
- دفع عجلة العمل و الإنتاج مما يحقق التنمية و الرخآء في بلاد السودان...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com