غموض الاتهامات الامريكية لشرطة الاحتياطي المركزي السودانية

 


 

 

بدون اي مقدمات قامت الولايات المتحدة الامريكية امس الاثنين بتحويل انظارها عن مركز الاحداث العالمية الراهن والحرب الروسية الاوكرانية متوجهة نحو مينامار حيث اتهمت المجلس العسكري الحاكم هناك بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية ضد اقلية الروهينجا المسلمين في اتجاه لحشد الرأي العام الدولي لاتخاذ اجراءات قانونية ضد المجموعة العسكرية الحاكمة هناك .
وربط وزير الخارجية الامريكي بين موقف بلاده من مينامار وبين الحرب الروسية الاوكرانية وقال في احتفال بذكري المحرقة النازية يجب علينا ايضا الوقوف مع الاشخاص الذين يعانون من الفظائع في اماكن اخري .
ولم تمضي ساعات قليلة علي ذلك الموقف حتي اعلنت وزارة الخزانة الامريكية عن سلسلة من الاجراءات العقابية ضد شرطة الاحتياطي المركزي السودانية بسبب ماقالت انه تورطها في انتهاكات منهجية لحقوق الانسان والافراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين وعمليات القتل خارج القانون في اشارة الي المواجهات شبه اليومية بين قوات الامن السودانية والتظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري وتحالف ميليشيا قوات الدعم السريع والقيادة الراهنة للجيش السوداني وبقايا ماتعرف باللجنة الامنية التي كانت تتولي حماية نظام البشير.
ولكن الملفت للنظر غموض موقف السلطات الامريكية في هذا الصدد حيث لايوجد تناسب بين العناوين الرئيسية للاتهامات المشار اليها وبين كيان شرطة الاحتياطي المركزي كقوة عسكرية خاضعة لقيادات عسكرية وسياسية عليا ومعروفة مما اثار نوع من التساؤلات وسط اتجاهات الرأي العام السودانية عن الهدف الحقيقي من الاتهامات الامريكية التي استهدفت الظل وتركت الجسم الحقيقي للعملية واذا ما كان الهدف الحقيقي من هذه الاتهامات هو مجرد تهديد للسلطة الانقلابية .
مجريات الامور في الايام القادمة وتطورات الاحداث والمواجهات بين جموع الشعب السوداني وقوات المجموعة الامنية الحاكمة في الخرطوم ستجاوب علي هذه التساؤلات وستضع النقاط علي الحروف وستكشف عن احتمال تطور الاتهامات الامريكية في هذا الصدد الي مواقف مباشرة ضد المجموعة الانقلابية الحاكمة البرهان وحميدتي بقايا اللجنة الامنية وقوات الدعم السريع ام ستبقي في مكانها في اضابير وزارة الخزانة الامريكية مجرد قرارات روتينية بلاحراك.
ومن المعروف ان قوات شرطة الاحتياطي المركزي السودانية كانت قد تاسست باشرف بعض قيادات الشرطة السودانية من الضباط المهنيين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة علي ايام حكم الرئيس السابق جعفر نميري وظلت تعمل خلال سنين الحكومة الديمقراطية الاخيرة في اسناد عمليات الشرطة في فض النزاعات القبلية وعمليات النهب المسلح.
ولكنها تعرضت في 30 يونيو 1989 مثل غيرها من قوات الامن والجيش السوداني الي السطو بواسطة المكتب العسكري لماتعرف بالحركة الاسلامية السودانية التي استخدمت تلك القوات في تنفيذ اجندتها الحربية والامنية علي نطاق واسع في اقليم دارفور واجزاء اخري من البلاد حتي لحظة سقوط النظام.
السلطة الانتقالية التي تولت مقاليد الحكم بعد سقوط حكم المعزول البشير فشلت في التقدير الحقيقي لطبيعة ما حدث خلال سنين حكم الاسلاميين الطويلة وماحدث في البلاد بعد سقوط نظامهم وعدم تقديم برنامج وطني لاعادة هيكلة الجيش والشرطة الي جانب الفشل الذريع في ملف العدالة الانتقالية وعدم تسمية الاشياء بمسمياتها وتسليط الضوء علي حقيقة ماجري في البلاد بعد الثلاثين من يونيو 1989 وهوية الحركة العسكرية التي نفذتها ميليشيات الجبهة الاسلامية داخل العاصمة الخرطوم في ذلك الوقت وتم حصر الامر في اجراءات قانونية متعجلة تساوي عمليا بين حركة الاسلاميين المسلحة للاستيلاء علي السلطة وادارة البلاد علي مدي ثلاثة عقود واكثر وبين بقية الانقلابات العسكرية التقليدية التي شهدتها البلاد بواسطة نظامي عبود ونميري واغفال جريمة شن الحرب علي الدولة بواسطة عناصر الحركة الاسلامية المدنية والعسكرية وتفكيك مؤسسات الحكم والدولة السودانية بمافيها الجيش واجهزة الامن والشرطة وتمخض الامر في النهاية عن مجرد لافتة باتهام بتدبير انقلاب عسكري لم يكن له وجود نتجت عنه سلسلة من المحاكمات الهزيلة بمافيها المحاكمة الراهنة للرئيس المعزول وبعض قيادات الحركة الاسلامية والتي انتهت عمليا الي مؤامرة تدبر الان لعملية افلات تدريجي من العقاب للرئيس المعزول وبقية الشرزمة الاخوانية الذين يقضون فترة نقاهة في احد المنتجعات الطبية العسكرية في الوقت الذي يتساقط فيه الشهداء من الشيب والشباب والنساء والاطفال مثل اوراق الخريف في شوارع الخرطوم وبقية المدن السودانية .
///////////////////////

 

آراء