فتاة الفيديو بين عرش المخضرمين وهدير المسحوقين
هذه الفتاة لم تعاقب لكنها عذبت....
أم أن هناك شرعا يخصكم يامشرعين زمانكم؟؟..
تلك الأتهامات لأجراس الحرية أساسها وهمي ...
لم يبلغ عدد الطلاب القتلى هذا العدد في تاريخ البلاد..
بربكم من الذي يسيء للدين ؟؟...
قبل أن نفيق من صدمة المشهد "المقزز المؤلم" الذي مثلته بعض عناصر من الشرطة السودانية ، وصاغت سيناريو كلماته السلطة التشريعية، وقامت بمونتاجه السلطة القضائية ، تفاجأنا باخراج سينمائي من بعض القيادات السياسية وبعض الكتاب الصحفيين ، وبعض الغافلين وبعض الانتهازيين ، فاجؤنا باخراج أقل مايقال عنه أنه "رخيص ". . .
ماذا يستفيد الشعب السوداني اذا علم أن تلك الفتاه كانت تتاجر بالمخدرات أم لا ، بل ماذا سوف يستفيد المواطن عندما يقرأ في الصحف اليومية أو على صفحات الانترنت ، أحاديث تتهم هذه الفتاة بالتجارة في الدعاره؟؟
ان الذي يفيد الشعب هوالأعتراف بالخطأ و تطبيق العدالة القانونية وتصحيح التشريعات كي ترقى لمستوى الآدمية ، ناهيك عن وصولها لمستوى المواثيق الدولية لحقوق الانسان التي يتسابق العالم للتصديق عليها وتبنيها . الذي يفيد الشعب هو أن تقوم الدولة بترقية وتأهيل أداء الأجهزة التنفيذية ، فأسلوب البطش والتعذيب مرفوض ، وأسلوب الضرب بالسياط والركل بالبوت والدبشكات عند كشات البائعين الغلابة في السوق العربي مرفوض ، "خم" الآنسات والسيدات "ورميهن في عربات الشرطة مرفوض ، الرصاص الغزير الذي يصيب الطلاب في الجامعات ويؤدي الى قتلهم عند فض تجمعاتهم الاحتجاجية مرفوض . كل هذا عند الاعتراف به والعمل على تصحيحه سوف يستفيد الشعب السوداني . فريق المخرجين نسي أن طرازه قديم ونسي أن عشرين عاما من استخدام ذات المنهج في الأخراج سوف يولد الملل والرتابة ويكشف الثغرات ، ولن يشاهد أحد فلمهم المعروض بسزاجه . وأبرز ملامح تلك السذاجه كاالآتي : اتهام العلمانيين واليساريين والحركة الشعبية ، بأنهم يريدون تشويه سمعة الدين ، اتهام مضحك حد الهستيريا ، لأن الشعب أضحى يعلم تماما من الذي أساء للدين ، ووظفه لمصالحه الخاصة ، من الذي انتزع حق السكن والاعاشة من الطلاب باسم الدين ، من الذي أقتلع آلاف الشباب من بين أسرهم ، أو في الخفاء وزج بهم دون تدريب أو تأهيل وانما أغراهم بلقاء الحور العين ، زج بهم لمحاربة اخوتهم في الجنوب وسماه جهادا لنصرة الله . ليأتي بعدها بعض مفكريه وعرابيه لمصالح شخصية ينطقون بالنقيض تماما ويقولون أن من ماتوا في تلك الحرب "فطايس وليسوا شهداء" . أو ليست هذه قمة الاساءه للدين ؟؟ ..الشعب يعلم تماما أنه غير مستفيد من خيرات بلاده المتمثله في الذهب الأسود سيد السوق العالميه " البترول" وأن المستفيدين منه تلك القلة التي نخجل من كونها تنتمي للسودان ، يعلم هذا الشعب تماما أن ثلاث عيشات "بي ألف جنيه " تسعيره لم تحدث في تاريخ أي حكومة مرت على البلاد ، وحتى عندما حدث في عهد الديموقراطيه وكان لا عيش على الاطلاق ولا سلع استهلاكيه ولا بنزين ولا ولا ، كانت معدومه من كل الشعب بنفس القدر، أما الآن ، فعند البعض خبز فاخر ، دقيقه مستورد وخميرته مستورده وعلي سطحه العسلي اللون تناثرت حبات السمسم أو الكمون تزين بطنه المنفوخ بطريقة جميلة ، وأشكاله متنوعة مستطيلة ومستديرة ومربعة ، والبعض الآخر لا يجد عيش على الاطلاق وبعضهم يجد عيش درجة ثالثه . أو هذه عدالة ؟؟ الشعب أضحى ياسادتي المخضرمين على عروش انتهازيتكم ،يعلم أنه لا مبرر يجعل أسعار السلع الاستهلاكيه ترتفع فجأة وأن لامبرر يجعل خدمات الماء والكهرباء والعلاج والتعليم عبء على المواطن وحده . في بلد فيها أطول نهر في العالم وفيها السدود والمراعي والثروه الحيوانيه ، يعلم أن عشرات المفصولين من الخدمه المدنيه وعشرات المفصولين من الجامعات وجيوش العطاله هي لم تصل الى تلك النسبه في تاريخ البلاد من قبل ، يعلم تماما أن نسبة الهجرة للكوادر التي كان يجب أن تستفيد منها البلاد من مهندسين ومفكرين وأساتذة جامعات وأطباء واقتصاديين وصلت قمتها خلال العشرين سنه السابقه هروبا من الجوع والظلم الاداري لعدم الولاء الاجباري . هذا الشعب يرى بأم عينه يوميا في الشوارع الشحاتين ومختلي العقول ومضطربي النفوس ، ومرضى الجزام وضحايا الحروب الفاقدين لأطرافهم ، يرى الأطفال الأبرياء مصطفين في ساحات السوق العربي الخانقة ، يشحتون الماره الذين أصبحوا شبه معدمين ، يرى أصحاب المهن الهامشية من بائعي التسالي وبائعي الفكه وعمال الأورنيش وبائعي المساويك ، وبائعي سم الفأر وبائعي علاج اللثه والبواسير يراهم يتكاثرون في تزايد يوما بعد يوم ، فيهم الطلاب والصنايعيه والمهنيين والنساء طاعنات السن وخريجي الجامعات . هذا الشعب ياسادتي المخضرمين على عروش ملذاتكم ، يعلم علم اليقين أن كل ذلك ليس له علاقة بالدين الأسلامي الذي بأسمه حوكمت تلك الفتاة المسكينه . فمن بربكم الذي يسيء للدين ؟؟ ...
هذا الشعب فيه آباء وأمهات وأشقاء وشقيقات وخالات وخيلان وعمات وأعمام وأصدقاء وصديقات وزملاء وزميلات الطلاب القتلى من كل الجامعات السودانية ، لا لجرم ارتكبوه فقط لأنهم طالبو بحقوقهم كبشر ، حوادث موتهم لم تكن في الخفاء ، كانت أمام الحشود الغفيرة ، فلا مجال للنكران والتأويل ، هل قتلهم اليساريين ؟؟ هل قتلتهم الحركة الشعبية ؟؟ هل قتلهم بنو علمان ؟؟ "بشير الطيب البشير" من جامعة الخرطوم كلية الآداب من أبناء محلية لقاوه بجنوب كردفان الذي سقط شهيدا في 4ديسمبر 1989 ، "التايه محمد أبو عاقله" كلية التربية جامعة الخرطوم من منطقة الدندر سقطت شهيدة الحق والحرية في 6 ديسمبر 1989 ، "سليم محمد أبو بكر" من منطقة كوستي بذات الجامعه وذات اليوم ، وكان السكرتير العام لرابطة طلاب الآداب . "طارق محمد ابراهيم" في يوليو 1991 الذي قتل ابان المظاهرات الطلابيه احتجاجا على تصفية السكن والاعاشة وقد كان طالبا بكلية العلوم جامعة الخرطوم. "ميرغني محمد النعمان السوميت" من جامعة سنار وقتل ضربا بالرصاص عندما قاوم الطلاب السلطات لمنعهم اقامة ندوة بالجامعة في نهاية عام 2000 . "عبد الرحمن_كلية الاشعه جامعة السودان " استشهد في سبتمبر 1995 خلال مظاهرات سلميه طالبت باطلاق سراح طلاب معتقلين . "محمد عبد السلام بابكر –جامعة الخرطوم "من أبناء مدينة ود مدني أستشهد في أغسطس 1998 ، تحت وطأة التعذيب وفتح بلاغ جنائي بالرقم 1943/98 دون جدوى أو نتائج تعاقب المجرمين وكانت مظاهرات أهل ود مدني الشهيرة وقتها بقيادة طلاب جامعة الجزيرة . "نجم الدين –جامعة الدلنج " . "عماد –جامعة غرب كردفان" عام 2007 . معتصم الطيب و معتصم حامد أبو العاص من جامعة الجزيرة " ، "شريف حسب الله شريف –جامعة النيلين ،خالد محمد نور-شندي ، الافندي عيسى طه –الفاشر ،محمد موسى الامام المهدي ، وفي يوم الخميس 11فبراير 2010 "محمد موسى عبد الله بحر الدين – جامعة الخرطوم " الذي شوهد مرميا وعليه آثار تعذيب تناقل وصفها السودانيين في كل الأنحاء وأذيع خبره في المواقع الالكترونيه والصحف اليومية قبل الأنتخابات الرئاسية بأيام قلائل ، وتقدمت قيادات من التنظيمات السياسية جماهير الطلاب والمواطنين التي خرجت لتشييعه . هل يامخضرمين على عروش نازيتم هل تعتقدون أن آلاف الأقارب والأصدقاء والزملاء لهؤلاء الشهداء ومنهم أعدادا كبيرة لم تحصى ، سوف تخمد نيران جوفهم يوما ما؟؟؟. لماذا لم تطبق الشريعة في التعامل مع أولائك الطلاب وطبقت في جلد الفتاة ؟؟؟ أتفترضون في الشعب الغباء وأنه لايعلم مافي الشرع ؟؟ أم أن هناك شرعا يخصكم يامشرعين زمانكم وأنبياء هواكم ؟؟
ان صحيفة أجراس الحريه لها رساله نصها مكتوب في أعلى صفحتها الأولى كالآتي : " أجراس الحرية صوت للمهمشين والديموقراطيين والمجتمع المدني " . فاذا كانت صفحاتها مملوءه برصد أحداث فتاة الفيديو التي عذبت وأقول عذبت ولا أقول عوقبت ليس للمبالغه ولكن استنادا على نص المادة 1" البند "أ " من اتفاقية مناهضة التعذيب والتي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 93/46 المؤرخ في 10كانون الأول/ديسمبر 1984. تاريخ بدأ النفاذ 26 حزيران "ا " يوينيه 1987وفقا لأحكام الماده 27والتي تنص على الآتي :
لأغراض هذه الاتفاقيه يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم عقليا ، يلحق عمدا بشخص ما ، بقصد الحصول من هذا الشخص ، أو من شخص ثالث ، على معلومات أو على اعتراف ، أو معاقبته على عمل ارتكبه ، أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو أي شخص ثالث أو تخويفه أو ارغامه هو أو أي شخص ثالث ، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسميه ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشيئ فقط عن عقوبات قانونيه أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجه عرضيه لها .
اذن فهي عذبت على يد اثنين من رجال الشرطة السودانية ، وظهرت أجراس الحرية صفحاتها مملوءه بآراء الكتاب عن ذلك وبفعاليات جماهير الشعب السوداني المتمثله في مبادرة لا لقهر النساء المكونه من سيدات وآنسات ناشطات في المجتمع المدني وقانونيات وطالبات جامعيات وصحفيات وبعض الرجال في مجال القانون والعمل العام من أصحاب المبدأ والمنحازين للعدالة ، وكانت الصحيفة في منتهى المهنيه ، ووثقت لذلك بالصورة وبالأسماء ونشرت آراء الكتاب والسياسيين دون حذف أو اضافة ، فهنا نجد أن فعلها طابق شعارها ورسالتها وبالتالي فهي تتصف بالمصداقية وتستحق ثقة الشعب السوداني وثقة العالم أجمع . وعليه فان كل ماقيل أو كتب عن كونها تهول الحدث وتفتح ذراعيها للذين يريدون الاساءة للدين وللذين يحيكون المؤامرات السياسيه لهو اتهام باطل وليس له أساس من الصحة ولا أساس من المنطق . . . . " الدور وبالباقي " على الذين تنافي شعاراتهم أفاعيلهم وفقدوا مصداقيتهم أمام كل الشعب وكل العالم ، ببساطة شديدة لأن الشعب كما ذكرت لكم سابقا أصبح يرى بأم عينه ويعيش الأحداث بنفسه ولا يحتاج لأن ينقلها له أحد . وللأسف ان تلك الشعارات الملعوب بها والمستغلاه شعارات "دينية " ، فاذا كان هناك مفهوم آخر لمعنى الأساءة للدين فجودوا علي وعلى شعبي به ، قبل أن تتهاوى عليكم عروشكم التي بدأ يخلخل ساسها بعنف فئات الشعب المختلفه عندما تفجر هدير صمتها وأقلق سكون عوالمكم المخمليه ، ابتداءا بل وقبل من مظاهرات 2006 احتجاجا على زيادة المواد البتروليه واضراب الأطباء الشامل الشهير2010 مرورا بتظاهرات جماهير الفاشر ابان حادثة المواسير2010 وتظاهرات طلاب جامعة الدلنج 2010، واعتصام المعاشيين ، واضراب عمال التعليم العالي ، ومسيرة لا لقهر النساء ، ومسيرتي 7/14ديسمبر لأحزاب جوبا احتجاجا على القوانين المقيدة للحريات والتي فتح لها سكان منطقة "المورده" أبواب منازلهم للاحتماء من رصاص الشرطة وضربهم وغازاتهم المؤذية ، بل واستقبلتهم النساء بالزغاريد . وأخيرا قبل أيام ،هدير مواطني المتمه وشندي في مظاهرات ضد غلاء الأسعار ، واضراب عمال السكه حديد بعطبرة احتجاجا على عدم صرف المرتبات التي في الأصل قيمتها لاتثمن ولاتغني من جوع .
فيا هؤلاء وأتباعهم من غافلين وانتهازيين وضعاف الضمير ومشوهي الفكر ، الشعب السوداني صانع أكتوبر وأبريل هو ذات الشعب لم ولن يتبدل .
هو ذات الشعب الذي قال أحد شعراءه :
كرباجك القطرانو حزب السارقين
نازل علي ضهر القوي والجسمو ضلالتو اليقين
مابستكين ..لو روحو فاضت وبتقت في كل ربوع وطنو الحزين
لو انتو شلة مسخرة وعبدة كراسي ومفترين
نحنا البلد درقا وسيوفا طالعة وشلال يقين
العندو دين .. مابسرق البلد العبادو موحدين
العندو دين .. ماببني قصروا العالي فوق جوع الغلابة المعدمين
العندو دين .. مابسمي أعداء الوطن جند الوطن والحادبين
العندو دين.. مابسمي من قالو الحقيقة المرة خونة ومارقين
بنقولكم يامفترين .. حالفين يمين .. حالفين يمين
ندى حليم / اختصاصية نفسية وناشطة في مجال حقوق الانسان
هذه الفتاة لم تعاقب لكنها عذبت
تلك الأتهامات لأجراس الحريه أساسها وهمي
العندو دين ..مابسمي أعداء الوطن جند الوطن والحادبين
لم يبلغ عدد الطلاب القتلى هذا العدد في تاريخ البلاد
من بربكم ..الذي يسيء للدين ؟؟
Nada Haleem Saeed [nadahaleem19@yahoo.com]