فتحي الضو الذي لا تبارحه السمادير!

 


 

 

ما للأعمى وعدّ الدراهم؟!

waqialla1234@yahoo.com
 وعدت الأستاذ فتحي الضو أن أسدد إليه مزيدا من رماح حزب الرحيم كلما عاد إلى خُلَّة الكذب والبهتان علي. وقد أمهلته حينا من الدهر، فكتب مقالتين، إحداهما  في الرد على مقالة لي بعنوان (أربعون عاما على حادثة العجكو)، زعم في الرد عليها أني كنت أحمل (سيخة) في الجامعة ضد أعدائي الشيوعيين!
وهذا الذي جاء به في رده على مقالتي ليس سوى كذب مفضوح، مقبوح، مشنوء من أبشع الكذب، وأشنعه. فإني كنت حينها طالبا في المدرسة الوسطى، في الرابعة عشر من العمر، ولم أكن طالبا في جامعة الخرطوم،  ثم إني لم أدرس بتلك الجامعة قط.
القراءة في السمادير:
 والغريب أني كنت قد ذكرت في المقال نفسه الذي رد عليه الضو أني كنت طالبا بالمدرسة الوسطى، ولكن الأستاذ الضو، كعادته، لا يقرأ وهو في كامل وعيه، ولذلك لم ينتبه إلى ما ذكرته في ثنايا مقالي، متعلقا بهذا الأمر. ولذلك فإنني أعذره لهذا السبب وحده، وأعذر به كل من يكون على حالته تلك!.
 ثم  شاء للضو حسن تأدبه وتهذيبه أن يسخر من إسمي، قائلا ما معناه: ماذا يعني هذا الاسم وقيع الله؟ وفضح بهذا التساؤل الساذج جهله العميم، لأن اسم وقيع الله اسم شريف من أسماء المتصوفة القدامى في هذه البلاد، وهو يعني حرفيا من يقع ساجدا لله تعالى.
 وقد ذكر هذا المعنى باستفاضة، وضرب له الأمثال، العلامة الأستاذ الدكتور عون الشريف، رحمه الله، في قاموسه المعروف. فلندل عليه الأستاذ الضو، حتى يستضئ به شيئا ما، ويتعافى به من جهله الوافر هونا ما.
كل مناصب الدنيا تحت قدمي:
وأما في مقاله الثاني، الصادر أول من أمس، بعنوان (سُبل كسب العيش في دولة الصحابة !) فقد رد الضو على مقال لي نشرته (الصحافة) بعنوان 25 فبراير الماضي، بعنوان (المدافرة من منظور إسلامي). ( زعم الضو كعادته في التخبط وإيراد المزاعم الكاذبة أنه نشر بصحيفة الرأي العام!!) . وكدأب الأستاذ الضو في القراءة المغرضة، غير الفاحصة، فقد أخطأ جوهر المقال، وحام على هوامشه، وما ظن أن سيصيبني منه بسوء.
 ولم تفارقه خلته في الكذب علي، وتقويلي ما لم أقل، فزعم أني كتبت ذلك المقال لأطلب وظيفة من غازي، وهو عكس ما يمكن أن يفهمه أي شخص قرأ مقالي وهو بكامل وعيه، إذ أني كررت القول وأكدته، بأني لن أقبل بأي وظيفة مهما كانت، وأن كل مناصب الدنيا مدعوسة تحت قدمي هاتين، وأن أعدائي لن يجدونني أبدا إلا رابضا في الميدان الذي يزعجهم وجودي فيه، وهو ميدان نشر العلم الشريف، وميدان الثقافة والصحافة، حيث أطأ كل موطئ يغيظهم، ويثير هلعهم، وأجعل ذلك جهادي، الذي أحتسب أجره عند الله.
الرجم بالكلمات:
وقد قلت في مقال سابق، وأقول للضو الآن، وعسى أن يكون في حالة وعي الآن،  وأقول لشيعته الهابطة، إن زهدي في المناصب ليس عجزا عن تحصيلها، وإنما تعففا عنها، وتعاليا عليها، ولأن جهادي في رجمكم بالكلمات، هو أرجى عندي من أي جهاد آخر أبذله في خدمة الإنقاذ.
 ولو أردت أي منصب من مناصب الدولة لما تأبت علي، ولما احتجت إلى أن أكتب مقالا عن ذلك، ولا أن أعبر عن طلبي بكلام، وإنما تكفي مني إشارة عابرة، يلتقطها أولو الأمر فأمنح أي المناصب أشاء، وكم عرضت علي من المناصب التي تستهوي قلوب الناس، فأبيتها أشد الإباء، وهذا لم يحدث اليوم فقط، وإنما حدث منذ أيام الإنقاذ الأولى، واستمرت عروض الوظائف تتالى علي حتى يومي هذا، إذ لي في كل مفصل من مفاصل الدولة أصدقاء وتلاميذ كلهم، بحمد الله تعالى، يتمنون أن أعمل معهم، وأنا الذي لا يريد!
فجهادي في خدمة الإنقاذ لن يكون إلا ضدكم أنتم أيها الكتاب اللئام المفترون. وسأخصص لكم مما بقي من عمري ساعات جهاد أّرُوغُ عليكم فيها ببياني، وأشرع أسلحة الفكر والعلم المتقدم في الرد عليكم وصدكم وتأديبكم وكسر أقلامكم المتعدية التي مرَدَتْ على الكذب وتجافت عن الوفاء الإنصاف.
وهذا الصنف من الكتاب الكذابين الوضاعين الذين أتوعدهم، ما أزال أراهم كل حين يكذبون ويتحرُّون الكذب علي. فإذ يعييهم أن ينقبوا في أقوالي ليجدوا فيها ما يمكن أن يأخذوه علي وينتقدوه، تراهم يبادرون معاجلين، ولا يستحيون، فينسبون إلي من خيالاتهم المراض الأكاذيب والأراجيف التي تحلو لهم.
وقد برهنت في ردودي السابقة على هذا الضو، وعلى عشرة من أشباهه من الكتاب المتخرصين، ممن اعتركت معهم ودحرتهم، خلال العامين الفارطين، أنهم كلهم اتخذوا هذه الخلة في الكذب المرجف، مطية وديدنا وشعارا.
هذا النص ليس من إنشائي!
 ومن هذا الكذب الذي لا يستحي أصحابه ولا يحذرون عواقبه، هذا المثال الطريف الذي اجترحه، أول من أمس، الأستاذ فتحي الضو. حيث ادعى أني استخدمت تعبيرا عاميا في مخاطبتي لحضرته (البهية)، وقال إني قلت له:" هاك الدكتوراه دي".
هذا هو بالضبط ما نسبه إلي الأستاذ فتحي الضو في مقاله الأخير. ولمزيد من التوثيق في النقل دعني آتي بكلام الضو على طريقة القطع واللصق، قبل أن أرد عليه وأفنده وأكشف زيفه وعُواره وفساده وسوءه وأرده عليه. يقول الضو:" واظنه من أجل هذا قال لي هو في رده السابق (هاك الدكتوارة دي) وهو من قول الرجرجة والدهماء ولا يليق بحاملها!" أي أنه قول عامي لا يليق أن يقوله حامل دكتوراه مثلي، فهو يستنكر علي أن أقول مثل هذا القول العامي!!
ولكن ما رأي الأستاذ الضو إذا قلت له إن هذا النص الذي نسبته إلي لم يكن من إنشائي، ولا ورد في مقالي الذي رددت عليه، ولم يرد في أي مقال آخر لي؟!
 فما قلته أنا بالنص في مقالي المذكور هو:" وأقول للأستاذ الضو إن هذه الدال التي تستهويك، لا تستهويني أبداً، وإن أردت أن تنتزعها مني، وتجردني منها، فإني متنازل لك عنها عن طواعية، ومعطيك إياها عن رضا واغتباط. ثم أقول لك بعد هذا كله إني لم أضع حرف الدال هذا، الذي تنكره عليّ، قبل اسمي، في أي مقال كتبته قط. ويشهد على ذلك جميع الأخوة الفضلاء محررو الصحف اليومية الذين يتلقون مقالاتي، ثم يتكرمون فيضيفون من فضلهم ولطفهم هذا الحرف أو اللقب إلى اسمي، ويثيرون بذلك حنقك العظيم عليَّ. وها أنا ذا أدعوهم منذ اليوم كي يكفوا عن إضافة هذا اللقب إلى اسمي، حتى يرضى عني وعنهم هذا الضو".      وقد كتبت هذا الكلام تحت عنوان فرعي يقول: " هاك هذه الدكتوراه: " وليس "هاك الدكتوراه دي!" 
ويستطيع القارئ أن يرجع إلى نص مقالي بعنوان (رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم) بـ(الصحافة) في رمضان الماضي، وهو موجود أيضا بالانترنيت، ليرى حقيقة ما قلتُ، وكذب ما ادعى هذا المدعي الدعي فتحي الضو.
 وأقول للأستاذ فنحي الضو، إن كان لا يعرف العامي من الفصيح، إن العبارة التي قلتها أنا فصيحة كلها، ما فيها لفظ عامي واحد، ولا لفظ ركيك واحد، إلا إذا ظننت أن كلمة (هاك) كلمة عامية، وهي لفظ فصيح جد فصيح!
احتمالات التبرير:
وإزاء هذا التورط الفاضح  في الكذب ومغافلة القارئ والتدليس عليه بنص مزور، فنحن أمام ثلاثة احتمالات، لتبرير هذا السلوك الأثيم، غير السليم، الذي سلكه فتحي الضو مع  النص. وسندع للأستاذ الضو أن يختار بنفسه لنفسه التبرير الذي يناسبه ويظن أنه يمكن أن (يخارجه) من هذا المأزق الذي زج بنفسه فيه.
 أول هذه الاحتمالات أن الأستاذ الضو عند قراءته لمقالي لم يكن في كامل وعيه، بل كان هائما مع سماديره، التي خيلت إليه أني قد قلت فعلا هذا القول. وعلى الأستاذ الضو في هذه الحالة، أن يراجع نفسه، وألا يعود لقراءة مقالاتي في المستقبل، إلا وهو في كامل وعيه. وقد سبق أن نبهته إلى ذلك فيما مضى، ولكنه لم يتنبَّه إلى النصح، وعاد إلى غيه، وتجاوزه وتهوره وتدهوره، حتى ورط نفسه في هذا الوضع لا يحسد عليه.
وثاني هذه الاحتمالات أن يكون الأستاذ الضو هو الشخص العامي لا أنا. ولهذا جاء بقولي بهذه الصيغة العامية التي وضعه بها. ويمكن للأستاذ الضو إن أراد أن (يتخارج) بهذه الصيغة التبريرية المعقولة، أن يستصحب معه قرينة حال مهمة، وهي أنه استخدم في الفقرة التالية لقوله هذا، تعبيرا عاميا سوقيا من أغنية (القطار المَرَّ)، كما استخدم تعبيرات عامية أخرى في مقاله، وشحنه بالعديد من الأخطاء النحوية والإملائية (وإن كان مستواه في الإملاء قد تحسن بقدر ملحوظ بعد أن استجاب لتوجيهاتي له بأن يراجع موقفه ويصحح أخطاءه في الكتابة، وفي مقاله الأخير هذا لم نجد له أكثر من سبع أخطاء إملائية شنيعة!!) .
 ويمكن للأستاذ الضو أن يقنع بعض القراء بسلامة موقفه الصحفي المهني، وعدم تعمده الكذب، وتحريه إياه، إن أقنعهم أولا بأنه صاحب عقل عامي، يجور على القول الفصيح، ويقلبه في مقالب لغة الرِّجرجة والدهماء.
 وعلى الأستاذ الضو إن اختار هذا الضرب من التبرير والتعليل، أن يتذكر ما شرحناه له في مقال سابق، من أن قرائن الأحوال لا تقود بالضرورة إلى القول الأكيد القاطع كما زعم، وإنما يستأنس بها مجرد استئناس، ويُرحَّج بها احتمال على احتمال آخر لا غير.
وأما ثالث هذه الاحتمالات التبريرية، فهو أن يكون الأستاذ الضو قد ظن أن العهد قد طال بالمقال الذي ينتقده. وأن كاتبه وقارئه معا قد نسيا النص الذي ورد فيه، وأن أحدا لن ينتبه إلى التحوير والتزوير المغرض المنكر الذي ألحقه به.
وهذا اعتقاد سيئ، هو والحمق ضريبان، لأن التدليس قد أصبح من أصعب الأمور، في هذه الأيام التي انتشرت فيها النصوص، وذاعت، وأصبح تخزينها واسترجاعها يسيرا إذ أن طرقة بنان واحدة على كفيلة بأن تضع النص مجددا بحذافيره بين يديك.
وإذا كان هذا التبرير الأخير هو ما اختاره فتحي الضو لنفسه، لينجو من هذا المازق، فبئس ما اختاره لنفسه من تبرير، وإن كانت كل التبريرات التي ذكرناها هي في التمحل والبؤس سيان.
ما للأعمى وعدّ الدراهم؟!
وقد كذب علي الأستاذ الضو أيضا عندما زعم أني قلت عن الدكتور غازي العتباني إنه :" محض هماز مشاء بنميم بين عُصبته" فهذا سخف من أسخف السخف، وتناقض من أشد التناقض، وأدل دليل على وخامة مخ الضو.
فهو من ناحية يتهمني بتملق الدكتور غازي العتباني، ووصفه بأوصاف هي ليست له كصفة الفكر. ومن الناحية الأخرى يتهمني بأني أصف الدكتور غازي بهذه الأوصاف النكر، التي جاء بها من عنده، ونسب إلي أني نسبتها إلى الأخ غازي!
  فكيف يستقيم هذا إلا في ذهن شخص عامي كفتحي الضو يريد أن يرميك بكل تهمة كما اتفق، بلا تدبر، ولا تفكر، ولا تقدير. ويريد أن يحرم خصومه من كل حسنة، ويعريهم من كل خير، وهو لا يدري أنه بهذا المنطق العشوائي، العامي، غير الموضوعي، يجرد نفسه من المصداقية والجدية، ويعرض نفسه لاحتقار القارئ، أي قارئ، ولو كان من شيعته وعصبته.
وقد نَفَسَ الأستاذ الضو على الأخ الدكتور غازي أني وصفته بأنه مفكر، وقال:" ولكن وقيع الله لشىء في نفسه يسبغ عليه لقب ”مفكر“ وهي صفة لم يدعها الرجل، ومع كامل التقدير لشخصه فنحن نرى أن بينه وبينها ما زالت ترزح فراسخ وأميال!".
والحمد لله فإنني بتخصصي الأكاديمي في العلوم السياسية والفلسفة السياسة وتأليفي لأكثر من كتاب مرجعي فيها أستطيع أن أقرر بسهولة ما إذا كان هذا الشخص أو ذاك مفكر أم لا، ولا أبخل بهذه الصفة على خصومي، إن استحقوها، ولا أمنحها لأصدقائي وأوليائي، إن لم يستحقوها.
 وقد قرأت للأخ الدكتور غازي (وهو صاحب دكتوراه في علوم الطب) من البحوث العميقة في الفكر السياسي وعلم السياسة المقارنة ما لا يستطيع أن ينتجه الكثيرون من حملة الدكتوراه في السياسة والفلسفة، وهو ما يدعوني لأن أجود عليه بهذا اللقب، بغير تردد.
وأنا، بحمد الله، مؤهل، وغير مفتئت، عندما أضفي عليه هذا اللقب. وأما أنت أيها الدعي المدعو بالضو فمفتئت، غير مؤهل، لا أكاديميا، ولا نفسيا، وليس لك من براءة الروح، ولا طهارة القلب، ولا من من خلق الانصاف، والاتزان، ما يؤهلك لإصدار أي حكم سليم.
فأحكامك كلها وحي الضغائن، ورشح الإحن، وطفح النزوات، وأنت لا تزال كما العهد بك، وكما وصفتك سابقا بوصف العقاد لسلامة موسى: كاتب لا يكتب إلا ليحقد، ولا يحقد إلا ليكتب!
 فالحقد سجيتك التي تعميك عن الحق، وتعشي عينيك، وتحجب عنك التقدير السليم، والعد الصحيح، فما لك بذلك من طاقة، وما للأعمى وعدّ الدراهم؟!!
 

 

آراء