فترة الثقافات المبكرة من تاريخ السودان القديم (15)

 


 

 

ahmed.elyas@gmail.com

علاقة كوش المبكرة والقديمة بمصر 3500 – 2050 ق م

لا تتوفر معلومات عن علاقات كوش بمصر في النصف الأخير من الألف الرابع قبل الميلاد (3500 – 3000 ق م) وبدأ توفر بعض المعلومات في المصادر المصرية عن تلك العلاقات بعد سقوط مملكة قسطل في بداية الألف الثالث قبل الميلاد. ويبدو أن سقوط مملكة قسطل بين الشلالين الأول والثاني قد فتح الطريق أمام المصريين إلى امتداد تواصلهم جنوب الشلال الثاني. وقد شهدت هذه الفترة حتى عصر الأسرة الخامسة تأسيس العلاقات السودانية المصرية التي تطورت بصورة واضحة في عصر الأسرة السادسة.
وكان الوصول إلى مصادر ثروات السودان المتنوعة مثل الثروات المعدنية والحيوانية والغابية وغيرها هو محور العلاقات السودانية المصرية منذ بدايتها. ويقول عالم الآثار جيمس بيكي (جيمس بيكي ص 11) واصفاً بداية تلك العلاقات قائلاً: "كان [المصري] يرى بلاد النوبة بلاداً مجهولة لابد من الولوج فيها والسيطرة عليها واخضاعها بغية الاتصال بالسودان والانتفاع بمنتجاتها وخيراتها" وقد اتسمت تلك العلاقات كما يتضح مما ورد في الآثار المصرية بالحروب تارة وبالتواصل السلمي تارة أخرى.

العلاقات الحربية
يبدو أن الطابع الحربي كان هو الغالب على تلك العلاقات. فقد كان الملوك المصريين في عصر الدولتين القديمة والوسطى – كما ذكر توروك – ينظرون للحدود بصورة عامة نظرة مقدسة من خلال المفهوم المقدس لحكم الكون. فكانوا يرون أنه من واجبهم حماية الكون المستقر المنتظم (مصر) مقابل الفوضى، وذلك بحربهم أعداء آلهة مصر وحمايها وتوسع حدودها. (Torok, 2009, p 12) فقد ذكر حرخوف عندما دخل في بلاد يام إنه يقوم بنشر الفرع من المعبود حور في البلاد الأجنبية، وأنه أخضع التمحو حتى عبدوا الآلهة المصرية" (سليم حسن، ب. ت. ص 26، 27)
كما كان تأمين الطرق والوصول إلى مصادر ثروات السودان محور تلك الحروب. وللوصل إلى سلع الجنوب وتأمين طرقها على النيل أسس المصريون منذ عصر الأسرة الأولى (3000-2890 ق م) قلعة الفنتين في منطقة أسوان. (Torok 2009 p 55) وقد وثقت المصادر المصرية الحروب المتواصلة بين السودان ومصر منذ عصر الأسرة الأولى.
الحروب حتى عصر الأسرة السادسة
اتسمت العلاقات السودانية المصرية منذ بدايتها بالحروب المتواصلة. فقد شن الملوك الثلاثة الأوائل من الأسرة الأولى شنوا حملات عسكرية على السودان. فقد خرجت حملة عسكرية على السودان في عهد الملك مينا أول ملوك الأسرة الأولى. (Breasted, p 36) وجاء في لوحة عحا ثاني ملوك الأسرة الأولى إشارة إلى حملته "لضرب تاستي" أي السودان. وواصل الملك جر أعمال سلفه الحربية بالهجوم على السودان. (Roy, p 17-18) ويعلل أحمد فخري لهذه الحروب المبكرة قائلاً: "يدل ذلك على اهتمام ملوك الأسرة الأولى بتأمين حدود مصر الجنوبية وفتحهم المنطقة الواقعة جنوب الشلال الأول من أجل التجارة" (أحمد فخري، ص 19)
وخرجت في عصر الأسرة الثانية حملة عسكرية على السودان كما يظهر فيما تبقى من لوحة النصر - التي عثر عليها مهشمة - للملك خع سخم آخر ملوك الأسرة الثانية (2890 – 2686 ق م) والتي تُبين - كما ذكر سليم حسن - "صورة العدو المقهور على أمره ظاهرة وعلى رأسه العلامة الدالة على لفظة "ستي" وذكر أن عالمي الآثار إمري وكيروان يعتقدان أن حملة خع سخم هذه أدت إلى نهاية الثقافة أ A-Group. (سليم حسن، ب. ت. ص 16) ونهاية ثقافة المجموعة أ مقصود بها نهاية مملكة تاستي في قسطل. فحروب المصريين في عصر الأسرتين الأولى والثانية كانت تتجه إلى مملكة قسطل جنوب الشلال الثاني.
وورد في آثار الملك سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة (2613-2494 ق م) خروج حملة عسكرية كبيرة على السودان ذكر فيها أنه دمر بلاد النحسي وأتى بـ 7000 أسير من الرجال والنساء و200 ألف رأس من الماشية الصغيرة والكبيرة. (Hafsaas p 165 سليم حسن، ب. ت. ص 16،17) ورغم ضخامة أعداد الأسرى من البشر والماشية إلا أنه يشير إلى أن الهجوم قد امتد إلى مناطق مأهولة بالسكان والثروة الحيوانية.
فحملة سنفرو دخلت تا نحسي بعد نهاية مملكة قسطل. فإلى أين اتجهت وإلى أين وصلت؟ تبدو الإجابة مستعصية على هذا السؤال لعدم توفر المعلومات. ويبدو معقولاً أن يكون هدف الحملة مناطق جنوب الشلال الثاني والمناطق المجاور لها. فبعد سقوط مملكة قسطل لم يعد هنالك وجود واضح لكيانات سياسية شمال الشلال الثاني تتجه إليها حملات عسكرية. والمناطق التي شهدت التطور الحضاري في ذلك الوقت - نحو نهاية القرن 27 ق م – هي مناطق جزيرة صاي وكرمة.
وقد ورد في آثار الأسر السادسة أن الملك ببي الثاني رابع الملوك في الأسرة أنه أرسل "نيسوخو ليخترق بلاد إرثت" وقد توافق الباحثون على موقع إرثت شمال الشلال الثاني. فمتي ظهرت إرثت، وهل كانت معاصرة لعصر الأسرة الرابعة فتوجهت إليها حملة سنفرو؟
المعلومات المتاحة لا توضح متى نشأت إرثت، ولكن يبدو أنها ظهرت بعد حملة سنفرو بوقت طويل. فقد ارتبطت نشأتها بظهور المجموعة الثقافية ج والذي يرجع إلى القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد. (Torok, 2009, p53) وحملة سنفرو كانت نحو آخر القرن السابع والعشرين قبل الميلاد. ولذلك فيبدو مقبولاُ أن تكون حملة سنفرو قد تخطت الشلال الثاني جنوباُ إلى مناطق كثافة سكانية عالية وثروة حيوانية كبيرة في تا نجسي.
ويبدو مقبولاً أن تكون حملة سنفرو قد وصلت منطقة الشلال الثالث حيث نشأت كوش. وإذا سلمنا بهذه الفرضية تكون حملة سنفرو قد حاربت كوش المبكرة، وربما تم اتصال الحملة أيضاً بمنطقة شرق لقية في الصحراء الحالية غرب منطقة الشلال الثالث حيث تتوفر الثروة الحيوانية. قد شهدت منطقة لقية نشأة حضارة ما قبل قسطل (المجموعة أ) قبل ظهورها على النيل بين الشلالين الأول والثاني. ويرى لانج أن حضارة مملكة قسطل قد تواصل استمرارها في منطقة لقية بعد نهايتها على النيل وأطلق عليها "مرحلة لقية" Lange 2006 a. p113 وهي الفترة التي اشتهرت على النيل باسم "الخلو الآثاري"
وفي عصر الأسرة الخامسة تم العثور في منطقة توماس شمال وادي حلفا على آثار تضمنت أسماء وألقاب موظفين مثل "المشرف على السفينة" ترجع إلى عصر الملكين ساحورع واسيسي مما يشير إلى احتمال حدوث أعمال حربية وقعت في هذه المناطق. (سليم حسن، ب. ت. ص 20) كما ورد أن الملك ببي الأول رابع ملوك الأسرة السادسة أرسل حملة "لتخترق بلاد إرثت". وأرسل ببي الثاني آخر ملوك الأسرة السادسة حملة "لتخريب بلاد إرثت" (سليم حسن، ب. ت. ص 26 و30)
فهل كانت أعمال الأسرة الخامسة الحربية موجهة لإرثت؟ قد يبدو ذلك مقبولً لأن توماس تقع في منطقة إرثت، وليس هنالك ما يمنع أن تكون قد اتجهت إلى منطقة جنوب الشلال الثاني. فالآثار لم توضح أسماء المنطقة أو المناطق التي وصلتها الحملات المصرية بعد عصر الأسرة الثانية بل جاءت الإشارات بصورة عامة، فورد أن خملات الأسرتين الأولى والثانية اتجهت إلى تا ستي وحملات الأسرتين الرابعة والسادسة اتجهت نحو تا نحسي.
ولم يرد اسم كوش في آثار كل الحملات العسكرية حتى عصر الأسرة السادسة التي شهدت نهاية الدولة المصرية القديمة المعاصرة لكوش القديمة. هل يعني عدم ذكرها أنها لم تكن في ذلك الوقت تعرف باسم كوش؟ أم أنها كانت تعرف باسم كوش ولم تتطرق الحملة أو الحملات التي وصلت تعدت الشلال الثاني جنوباً في عصر الدولة القديمة إلى ذكر أسماء المناطق بل أشارت بصورة عامة إليها تحت اسم تا نحسي؟ المعلومات المتوفرة حاليا لا تمكن من الإجابة على مثل هذه الأسئلة.
في عصر الأسرة السادسة (2345 – 2181 ق م) ظهر اسم يام، فقد ذكر حرخوف أن مرنرع رابع ملوك الأسرة السادسة أرسله إلى إقليم يام "ليكتشف الطرق المؤدية إلى هذا الإقليم الأجنبي" (سليم حسن، ب. ت. ص 26) وفي عصر الملك ببي الثاني ذكر حرخوف أنه ذهب إلى بلاد يام عن طريق الواحة.
ولم تتفق آراء الباحثين حول موقع يام و؟ هل هي على النيل جنوب الشلال الثاني أم في منطقة الشلال الثالث أم جنوب هذه المنطقة؟ أو تقع غرب النيل في مناطق واحة سليمة ولقية ووادي هور؟ ويبدو أن هذا الرأي الأخير مقبولاً لأن حرخوف في رحلته الأولى ذكر أن الملك مرن رع أرسله إلى بلاد يام لكشف الطرق المؤدية إليها. وطريق النيل كان معروفاً للمصرين في عصر الأسرة السادسة ولا حاجة لأرسال من يكتشفه، وقد شن المصريون حملاتهم الحربية منذ بداية عصر الأسر. هذا إلى جانب أن نقش جبل عوينات – كما سنتناوله لاحقاً – قد عزز فرضية من قالوا بأن بلاد يام تقع غرب النيل.
ويرجع نقش جبل عوينات إلى عصر الأسرة الحادية عشرة (2050 -1786 ق م) ويوضح الملك منتوحتب الثاني يتلقى الضرائب من منطقتي يام ونخبت. وتوجد في منطقة النقش رسومات صخرية ربما كانت من عمل مواطنين، كما توجد حمير محملة ورجال وكهف مزين في الداخل برسومات وآثار مواقد نيران مما يشير إلى أن المنطقة كانت مستوطنة لوقت طويل. ويوضح النقش أن المصريين كانوا على صلة بالمطقتين – يام ونخبت – عبر المنطقة التي وجد فيها النقش والتي ربما كانت بمثابة منطقة تواصل أو مركز تمويل للبضائع أو منطقة تقاطع طرق مسافات طويلة. (Forster, p 316, 318; Williams, 2013, p 63, 64)
ويشير النقش إلى أن نشاط الدولة المصرية القديمة في مناطق الصحراء الغربية كان واسعاً، وكانوا يقومون بإنشاء مناطق مراقبة من الواحات داخل الصحراء الغربية حتى واحة الكاب غرب دنقلة. ويرى الباحثون أن فورستر ص 320 وظهور يام في نقش جبل عوينات يشير إلى أن موقعها يكون في منطقة بعيدة من النيل. (Forsteer, p 299, 316; kuper et. Al.)
ولذلك فقد خرج حرخوف لاكتشاف طريق جديد إلى بلاد يام. وإلى مناطق غرب النيل للتعرف على الطرق المؤدية إلى بلاد يام. وقد أشار حرخوف إلى يام كمنطقة "بلاد يام" فبلاد يام إذاً كانت منطقة تتطلب كشف الطرق المؤدية إليها، وليس هنالك ما يمنع أن تكون بلاد يام ممتدة على النيل جنوب الشلال الثاني وممتدة غرباً في مناطق واحة سليمة ولقية ووادي هور وأن كوش كانت إحدى مناطق بلاد يام.
العلاقات السلمية
تمثلت العلاقات السلمية بين السودان ومصر بصورة رئيسة في العلاقات التجارية. ويبدو أن تلك العلاقات قد بدأت في وقت مبكر بين أصحاب الثقافات المبكرة في كل من السودان ومصر. فقد وحدت أواني مصرية في فترة ما قبل كرمة في جزيرة صاي. (Torok, 2009, p 59) كما يوجد الفخار المصري بوضوح في عصر كوش المبكرة. سليم حسن ص 27) كما أسس المصريون في عصر الأسرة الثانية (2890-2686 ق م) مستوطنتان أو مركزان تجاريان إحداهما في كوبان بالقرب من مصب وادي العلاقي والأخرى في بوهين بالقرب من الشلال الثاني (Torok 2009 p 55)
وكان المصريون يستغلون محاجر الديوريت في شمال غرب توشكي الحالية حيث وجدت آثار أسماء ملوك من الأسرة الرابعة والخامسة في تلك المنطقة، كما وُجِت في منطقة توماس شمال وادي حلفا آثار للملكين ساحورع واسي من ملوك لأسرة الخامسة. (سليم حسن، ب. ت. ص 20) ويبدو أن العلاقات في هذه الفترة ظلت محدودة إذ لم يرد في الآثار الصرية ما يشير إلى تطورها، بل ورد توقف نشاط بوهين بعد عصر الأسرة الخامسة إذ يرجع آخر أثر مصري في بوهين في عصر الملك إيسيسي الملك قبل الأخير في الأسرة الخامسة ويمثل نهاية السيطرة المصرية عليها حتى بداية الأسرة الثانية عشرة (1991-2050 ق م)
العلاقات في عصر الأسرة السادسة
شهد النصف الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد (2500 - 2000 ق م) تغيرات وتطورات في السودان ومصر كان لها أثر كبير على العلاقات بين الجانبين. فقد شهدت هذه الفترة في السودان بداية مرحلة كوش القديمة (كرمة القديمة) في القرن 25 ق م، وانتهى في مصر مع بداية هذه الفترة حكم الأسرة الخامسة وبداية عصر الأسرة السادسة في القرن 24 ق م والذي تطورت فيه العلاقات المصرية السودانية.
وتوفرت في آثار الأسرة السادسة مزيد من المعلومات عن نشاط المصريين التجاري في بالسودان. ففقد اهتم ملوك الأسرة السادسة بعلاقاتهم بالسودان وبخاصة في المجال التجاري الذي توسعوا فيه بصورة واضحة، واولوا عنايتهم بطرق التجارة البحرية والبرية.
فقد تم تعميق خمس قنوات في الشلال الأول في الجنوب لتيسير إبحار السفن جنوباً، وبُنِيت المزيد من سفن النقل من سنط بلاد واوات لنفس الغرض. (سليم حسن، ب. ت. ص 37) كما أولت الأسرة اهتماماً كبيراً بالطرق البرية ومهدوا السبل لازدهارها. فتم تعيين أمراء وقادة على القوافل وتراجمة مثل أري والد حرخوف وحرخوف وسبني ووالده. وخرجت البعثات الكشفية عبر المناطق الصحراوية وبخاصة الصحارى الغربية.
فقد سلك حرخوف في رحلته الثانية طريق الفنتين عبر الصحراء وذكر أنه عاد عن طريق Irtjet و Mehker و TererezوIrtjet، كما ذكر حرخوف أنه أُرسِل في رحلته الأولى إلى إقليم يام لنكشف الطرق المؤدية إلى الإقليم، وفي رحلته الثالثة خرج عن طرق الواحة الخارجة إلى بلاد يام. (سليم حسن، ب. ت. ص 26)
كما قام سبني في عهد الملك ببي الثاني في عصر الأسرة السادسة برحلة "في قلب مجاهل افريقيا" كما عبر سليم حسن (ب. ت. ص 30) . وأضاف سليم "ولم يكن سبني عند قيامه بهذه الرحلة جاهلاً بأحوال البلاد التي قتل فيها والده، بل يظهر أنه كان مدرباً على ارتيادها – وكان لا بد له من ذلك - لأن وظيفة قيادة القوافل على ما نعلم كانت وراثية في حكام هذه المنطقة.
وقد أوضحت الآثار ارتياد طريق أبو بلاص في عصر الدولة القديم. ويخرج الطريق من الواحة الداخلة ويتجه نحو الجنوب الغربي إلى الجلف الكبير بالقرب من الحدود الليبية المصرية الحالية. وقد ذهب بعض الباحثين إلى افتراض امتدا الطريق من الجلف الكبير إلى جبل عوينات ثم يتفرع إلى أربعة اتجاهات أحدهما يتجه غرباً نحو كرمة والثاني تتجه جنوبا عبر واحة النخيلة والعطرون مخترقاً وادي هور إلى وسط دارفور. والثالث ينحدر جنوباً نحو منطقة إنيدي على الحدود الشمالية الشرقية لدولة تشاد، والرابع ينحرف نحو الجنوب الغربي إلى بحيرة تشاد. (خريطة رقم 1) ونهاية الطريق لا زالت موضع البحث، رأى بعضهم الكفرة وراي آخرون دارفور عبر عوينات وإنيدي. (Kuper et. Al.; Forster, p 309 – 310, 313)

خاتمـة
دخلت منطقة كرمة في العصر الحجري الحديث منذ الألف السادس قبل الميلاد (Usay, 2016) وتواصل تطور المنطقة بقيام حضارة كوش (حضارة كرمة) في منتصف الألف الرابع قبل الميلاد. وقد تمكن الباحثون من التعرف على مرحلتي حضارة كوش المبكرة والقديمة ودراستها من خلال الأثار التي خلفتها في المنطقة. غير أن التاريخ السياسي لتلك المرحة المبكرة حتى القرن الثالث قبل الميلاد لم تجد عناية الباحثين نسبة لقلة المعلومات المتوفرة عنها.
وغني عن البيان أن هذه الفترة تمثل مرحلة الأساس لتاريخ مملكة كوش الأولى مما يتطلب ضرورة المزيد من الاهتمام بها. ويبدو إن الحروب التي شنها المصريون خلال النصف الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد قد لعبت دوراً كبيراً في تطور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع الكرمي لمواجهة الأخطار المصرية والدفاع عن أراضيهم. ففي القرن العشرين قبل الميلاد حيث ظهرت مملكة كرمة – كما عبر توروك – في الآثار المصرية "بجيش ومؤسسات دينية، ونظام برقراطي أطلقت نصوص المملكة المصرية الوسطى على ملوكه ألفاظ تدل على الحكام المستقلين" (توروك 1997 ص 99)
كما يلاحظ أن كثيراً من الباحثين تجاوزوا تاريخ كوش في مرحلته الأولى في كرمة (3500 – 1500 ق م) إلى مرحلة كوش الثانية في نبتة في بداية الألف الأخير قبل الميلاد. وقد تناول بعض الباحثين أسباب ذلك التجاوز مثل أسانة عبد الرحمن النور و David O’connor وEmberling Geoff.
يقول ديفد إمبرلنج: "رغم إن كوش القديمة واحدة من أقدم المجتمعات المعقدة في افريقيا فإنها عادة لا تعد من الدول والامبراطوريات في التصنيف الآثاري المقارن" ويعتبر إمبرلنج أن كوش تمثل "مسار ثقافي متميز يؤدي إلى السلطة السياسية والفوارق الاجتماعية والاقتصاد المعقد." ويناقش إمبرلنج موضوع غياب كوش في الدراسات المقارنة. وكيف أن الباحثين عند تناولهم لكوش لا يستخدمون المصطلح الآركيولوجي للدولة والامبراطورية رغم انها تمتلك سمات النظامين. ويرى أن أغلب الباحثين يستخدمون التصنيف القديم للدولة الابتدائية (primary states) التي لا تتطابق مع طبيعة المجتمع الكرمي، ويوضح أن كوش المبكرة تبدو دولة في عدد من الجوانب وبخاصة في مرحلة كرمة الكلاسيكية.
وقد طهرت مملكة كرمة – كما عبر توروك – في الآثار المصرية "بجيش ومؤسسات دينية، ونظام برقراطي أطلقت نصوص المملكة المصرية الوسطى على ملوكه ألفاظ تدل على الحكام المستقلين" (توروك 1997 ص 99) وتظل الفترة السابقة لظهور كوش كمملكة قوية في حاجة إلى البحث والدراسة وبخاصة تاريخها السياسي.
ونواصل: المجموعة ج
المراجـع
- أحمد فخري (1960) مصر الفرعونية. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية 1960
- بيكين: جيمس (1194هـ) الآثار المصرية في وادي النيل ترجمة نور الدين الزراري القاهرة.
- سليم حسن ( ب. ت) تاريخ السودان المقارن حتى عصر بيعنخي، القاهرة: شركة نهضة مصر للطباعة والنشر
- سليم حسن (2012) القاهرة: موسوعة تاريخ مصر.

- Breasted, J. H.(1908) A History of Egypt freo the Earkiest times to the Persian Conquest, New York.
- Emberling, Geoff (2014) “Pastoral States: toward a Comparative Archaeology of Early Kush” ORIGINI, XXXVI.
- Forster, Frank, (20130 “Beyond Dakhla: The Abu Ballas Trail in Libyan Desert (SW Egypt)” in Frank Foster and Heiko Riemer, Desert Road Archaeology in Ancient Egypt and Beyond,Kolen, 297-338.
- Kuper et al, (2010) “From Dakhla down to Yam? – New Light on the Abu Ballas Trail” Journal of Ancient Egyptian Interconnections, Vol. 2:4, 1–14. http://www.egyptsearch.com/forums/ultimatebb.cgi?ubb=get_topic;f=8;t=006511 posted 09 October, 2009 11:17
- Lange, M. (2006) “The Archaeology of the Laqiya Region (NW-Sudan): Ceramic, Chronology and Culture” in Caniva I and A. Roccati (eds.) Acta Nubica,. Proceedings of the 10th International Nubian Studies, Rome2006, 19 – 14 September 2002, pp 107 – 115.
- Rampersad, Sabrina Roma, , 1999, the Origin and Relationships of the Nubian A-Group. A PhD thesis, dept. of near and Middle Eastern Civilizations, University of Toronto.
- Roy, Jane, The Politics of Trade: Egypt and Lower Nubia in the 4th Millennium
- Török, László (2009) Between Two WorldsThe Frontier Region between Ancient Nubia and Egypt 3700 BC – AD 500 by LEIDEN • BOSTON
- Usay, Donatlla, (2016) “A Picture of prehistoric Sudan: The Mesolithic and Neolithic periods” in Oxford handbook, online Publication date June.
- William, Bruce, (2013) “Some Geographical and Political Aspects to Relation between Egypt and Nubia in C-Group and Kerma Times”Journal of Ancient Egyptian Interconnections” Vol. 6:1, 62-75.

بروس وليام 2006 ص 187 أهم مظهر للثقافة الكوشية (كرمة ونتة ومروي) أنها كانت تتكون من ثقافة نواة رسمية وأساسية a core official, formal culture محاطة ومفروضة على ثقافات تقليدية متنوعة
سليم ص 27 حرخوف في رحلته الثاني "انحدرت نحو إرثت ومخر ونخن ...حاملاً محاصيل هذا البلد الأجنبي، ولم يحدث مرة أن شيئاً مماثلاً قد حمل من هذه البلاد من قبل ... ص 28 "أنك أحضرت قزماً يرقص رقصاً مقدساً من أرض الأرواح (تا أخو) مثل القزم الذي أحضره حامل خاتم المقدس (با وٍرْدد) من بلاد بنت في عهد الملك إسس" لم يحدث قط من قبل أن واحداً مثله قد أحضر ممن زاروا يام" الأسر 5 والقزم من بلاد يام .... أحمد ازدهار التجارة السلع الواؤدة والهدايا
... أوضحت الآثار في بداية عصر الأسرة الخامسة حقق ملكين انتصارهما على الليبيين. بيتس ص 211
والمفهوم السائد لبلاد بونت أنها يقع في منطقة الفرن الأفريقي واليمن، ولكن يبدو أن بلاد كنت كانت تشمل منطقة واسعة ين غرب السودان الحالي وحتى أعالي النيل الأزرق ومنطقة كسلا الحالية.(Budge, Vol. 1 p 572-573 )

مملكة مستقلة.
سليم ص 30 وذكر بيبي نخت أن جلالة الملك بيبي الثاني آخر/6 "أرسبني لأخرب بلاد ارثت ... فذبحت منهم عدداً عظيماً ومن بينهم أولاد الرؤساء والضباط المتفوقين من المحاربين ... وعقب ذلك أرسلني جلالته أرسلني جلالته لتهدئة الأحوال في هذه الممالك ... ولقد أضرت معي رئيسي هاتين المملكتين... وكذلك أحضرت أطفال الرئيسين وظابطي المحاربين الذين كانوا معهما
الحروب ضد كوش سنوسرت الأول ثاني ملوك الأسرة الثانية عشر 1971 – 1928 ق م غزا تا خنتي وذكر أسما 10 مدن ضاعت منها اثنتان البقية هي: كاش، هاو، يام، خ...، وعو، يخركن، شعت، خسعاي، شميك. (سامية 2011 ص 318)
Dirminti, ص 338 "بلغت مملكة كوش أوج قوتها في النصف الثاني من القرن الثالث قبل الميلاد والنصف الأول من القرن الثاني قبل الميلاد" (2500 - 1500) وعرفت في المصادر المصرية في عصر المملكة الوسطى بمملكة كوش
Honegger, 2018, p 20 ظهور أول قبور ملكية نحو 2050 ق م (لاحظ قوله المادة غير متوفرة حتى الآن لمعرفة تطور المجتمع الكرمي)
Honegger, 2020, p 147 وجد قبرين في شرق مدينة كرمة أرخ لهما بنحو 3000 ق م، بعض المواد التي وجدت فيهما تشبة مواد أ المتأخرة.
طبقة محاربين (Hafsaas-Tsakos, p 86) في مرحلة كرمة المكرة وجدت مقابر شباب دفنت معهم أسلحتهم القوس والنشاب ثم ظهرت الخناجر. وترى حفساد أن ربما كان هؤلاء الشباب عندما يبلغون سن الجولة يدربون لحماية المستوطنات وماشيتها... ص 89 تقترح أنه كانوا طبقة محاربين
وتميزت مملكة كرمة بجيش ومؤسسات دينية، ونظام برقراطي. أطلقت نصوص المملكة المصرية الوسطى على ملوك كرمة ألفاظ تدل على الحكام المستقلين (توروك 1997 ص 99)
توروك 2009 مركز دولة كرمة نشأ نحو 2500 ق م
. William, 2013b p 65 ربما كانت المعارضة لحملات الأسرة 12 في الرقة حتى عصر أمنمحات (أسرة 12) قوات أمنمحات سيطرت على طيبة والجنود الذين كان ولاءهم للأسرة 11 تقهقروا إلى النوبة مثل الكابتن Tejehmau ... سنوسرت بنى ووسع 12 قلعة
لمصادر المصرية تنازلت كوش كمملكة مستقلة منذ القرن 20 ق م (The Nubian Past, (Hafsaas-Tsakos ص 82 1725 توسعت كوش حتى الشلال الأول ، تركت النوبة السفلى تحت حكامها المحليين (ج)
المصادر المصرية تناولتها كمملكة منذ القرن 20 ق م. (The Nubian past, p 79)توروك ص 93 نحو 1650 خضعت النوبة السفلى لمملكة كرمة التي أصبحت الآن تسيطر على التجارة بين مصر وافريقيا، وأنشأـ علاقات مع الهكسوس في عصر كوسموس ( قبل 1550أسرة 17) وحارب خلفه أحمس (1552-1527أسرة 18) مملكة كرمة التي ظهرت في المصادر باسم مملكة كوش وبدأت غزو منتظم للنوبة.
بكر ص 52 "أصبحت مملكة كوش دولة قوية وموحدة بنهاية الدولة الوسطى (1786) في مصر ودخول الهكسو 1730 ق م" بكر ص 44 أصحاب حضارة كرمة هم مؤسسو مملكة كوش التي خاطبها الهكسوس قبل 1550...
توروك 1997 في القرن 17 سيطرت مملكة كرمة على النوبة السفلى وعلى لتجارة بين بين مصر وافريقيا، وأسست علاقات دبلوماسية مع الهكسوس حكام مصر في ذلك الوقت. ودخلت في منتصف القرن 16 في حرب مع مصر. وظهرت مملكة ككرمة في المصادر تحت مسمى "مملكة كوش"
ملوك كوش الثلاثة في عصر كوش الأخيرة (18-16 ق م)
في منتصف الألف 17 ق م امتدت حدود مملكة كرمة شمالاً حتى النوبة السفلى وسيطرت على التجارة بين مصر وافريقيا وأنشأت علاقات دبلوماسية مع الهكسوس في مصر. ودخلت مملكة كرمة افي حرب مع ملوك مصر العليا في منتصف القرن 17 ق م. (توروك 1997 ص 93)
في فترة الدولة المصرية الوسطى (2040 – 1786 ق م) ظهرت مملكة كرمة كدولة مركزية ذات سلطة متطورة، واتضح ذلك من توسعها الجغرافي وحجم سكانها المنتظمين في طبقات مثل المجتمعات المعاصرة لها في مصر وتوحيدها للمشيخات chiefdoms التي يبدو أنها ما زالت كوحدات تابعة لمملكة كرمة. (توروك 1997 ص 99)
امبرلنج ص 130-131 بدأ أساس كوش مبكرا نحو 3000 ق م في مستوطنة كبيرة في كرمة تمتد لنحو 10 هكتار .. بكر ص 52 ملك الهكسوس في مصر السفلى يخاطب ملك كوش للتحالف ضم الملك المصري كاموسي آخر ملوك الأسرة 17 في منتصف الألف 16 ق م في مصر العليا. ص 53 كانت حد مملكة كوش ممتدة حتى أسوان في عصر ملك مصر كاموسي منتصف الألف 16ق م بكر ص 44 أصحاب حضارة كرمة هم مؤسسو مملكة كوش التي خاطبها الهكسوسى
-------------------
فقد ورد أن مملكة قسطل انهارت فجأة وهي في قمة مجدها بحملة عسكرية في عهد أول ملوك الأسرة المصرية الأولى، كما ورد أنها انتهت بحملة عسكرية في عهد الأسرة الثانية. وبعضهم يرى أنها انتهت في عصر الأسرة الثالثة أو الخامسة. ويرى البعض الآخر أن نهاية المملكة لم تكن فقط نتيجة الحملات العسكرية بل نتيجة فقدانها للسيطرة على التجارة مع مصر بقيام الدولة المصرية، وقد كانت تلك التجارة تمثل المورد الرئيس لاقتصادها. وترى رامبرساد أن غياب الأدلة الواضحة عن سقوط المملكة يجعل كل الآراء في نفس المستوى. (Torok 2009 p 50; Roy, p19, 46; Rampersad, p 223, 264; Lange, 1998, p 321).
ويرى بعض الباحثين أن الأدلة الأثرية توضح إمكانية بداية الصراع بين حكام مصر العليا وبين قسطل قد بدأ قبل الأسرة الأولى، واستشهدوا بذلك بنقشي جبل الشيخ سليمان باعتباره يصوران غزو حكام مصر ففي ترة ما قبل الأسر. (Torok, 2009 p 49-50; Roy, p 219)
لمـــذا
Emberling, 2014, p125 يقول إمبرلنج: رغم كوش القديمة واحدة من أقدم المجتمعات المعقدة في افريقيا فانا لا تعتبر عادة في تصنيف الآثار المقارن للدول والامبراطوريات. وتسعى هذه الورقة إلى اعتبار كوش كمسار ثقافي متميز يؤدي إلى السلطة السياسية والاقتصاد المعقد." و... لماذا يتم إبعاد كوش من الدراسات المقارنة الذي يتضمن الرؤية السابقة للدولة الابتدائية (primary states) / عدم التوافق مع التصنيف الأثري الحالي للمجتمعات القديمة، تغلب أثر الحضارة المصرية، التحيز المؤسسي الطويل
Emberling, 2014, p146 أغلب الباحثين لا يستخدمن مصطلح الآركيلوجي للدولة والامبراطورية عنما يرجعون إلى كوش رغم ان لها (تمتلك) سمات النظامين بل يستخدمون العبارة الضبابية "مملكة كوش" كوش المبكرة تبدو دولة في عدد من الجوانب وبخاصة في مرحلة كرمة الكلاسيكية. يشرح المعايير المستخدمة.
Honegger, 2020, p 145 النيولثك الرعوي في النوبة العليا في الألف الخامس قبل الميلاد يعاصر فترة التطور التي اكتشفت في مقابر ومناطق استيطان مناطق دنقلة وامتدادها والذي أعقبه خلو بدأ نحو 4000 واستمر لعدة قرون. وأسباب هذا الخلو غير واضحة ربما لقصور معرفتنا الحالية أو لتدرج الجفاف الذي أدى إلى نزوح السكان أو بعضهم. وبدأ عصر ما قبل كرمة بعد هذا الخلو في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد.
Emberling et al p329 أوضحت عمليات إنقاذ آثار منطقة شلال مروي أن أن استيطان كرمة امتد إلى الشلال الرابع وما بعده داعماً أو معززاً الحقيقة المتنامية منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أن كرمة كانت عاصمة لمملكة قوية، وأنها امتدت نحو 400 كيلو متر جنوب الشلال الثالث

- ===============

 

آراء