فتوى قادة الإنقاذ: السودانيون شذاذ آفاق ومرجفون وفاقدوا بصر وبصيرة وشحادون ! . بقلم: د. على حمد ابراهيم

 


 

 




بدءا  اقول  صادقا  اننى  لم  افتر  كذبا  على  قادة  الانقاذ   بهذا  العنوان . فالرئيس  البشير  شخصيا  وليس  احدا  سواه  هو  الذى  وصف  السودانيين  المتظاهرين  جوعا  بأنهم  شذاذ  آفاق  قبل  ان  يهددهم  بانزال  المجاهدين  الحقيقيين  للتعامل  معهم . ولكن  الرئيس  ناقض  نفسه  حين  زعم  ان  احدا  من  الشعب  السودانى  لم  يخرج  مع  شذاذ  الآفاق  هؤلاء. اذن  لماذا  كل  هذا  الغضب  المضرى  ضد  المتظاهرين   اذا لم  ينجحوا  فى  استدراج  احد  من افراد  الشعب  للخروج  معهم . كان  المتوقع  ان  يفرح  الرئيس  لفشل  المتظاهرين  ولا  يغضب .  ولكن  الشارع  العريض  خرج  . وقنابل  البمبان  خلصت  من  مخازن  الشرطة . السيد على عثمان  محمد  طه  نائب  الرئيس  البشير  تلى  الرئيس  فى  السخرية  من  الشعب  السودانى   ووصفهم  بالمرجفين  فى  المدينة  الذين  فشلوا  فى  اقتلاع  شجرة  الانقاذ . هذا  وصف   ظالم   زمّ  به  المولى  عزّ  وجلّ  منافقى  المدينة  اليهود  الذين  مردوا  على  النفاق  والشقاق . ولا يجوز اطلاقه  على  مؤمنين  جائعين  يشكون  لطوب  الارض  من  المسغبة   التى  يعانون منها بسبب  فشل  سياسات  قادتهم  بالاكراه . مساعد  الرئيس  البشير  الدكتور  نافع  على  نافع   تفنن  فى  السخرية  والهزء  من  المعارضة  الديمقراطية   ووصفهم بفاقدى  البصر  والبصيرة  وطلب  اليها  ان  تلحس  كوعها  اذا ارادت  معارضة  الحكومة . قبل ان يعقبه  الدكتور  مصطفى  عثمان  وزير  الخارجية  السابق  ومستشار  الرئيس  اللاحق   ويصف  الشعب  بأنه  كان  شعبا  شحادا  قبل  ان  ينبلج  فجر  الانقاذ الميمون .  اذا  كان  هذا  هو  رأى  قادتنا  الانقاذيين  فينا   بعد  ربع  قرن  من  الزمن  قضيناها  نبؤ  تحت  احذيتهم  الثقيلة ، فاننا   لا  نسألك  رد   قضائك  فينا  ولكننا   نسألك  اللطف  فيه   فهذا  رئيس  الامر الواقع  يسمنا  بسمة  شذاذ  الآفاق .  بينما  وسمنا  نائبه  بأننا  مرجفون . وقبله  وسمنا  مستشاره  المعجزة   بأننا  شعب  شحاد . كل  هذا  لأننا   قلنا  اننا   جائعون   ومرهقون  جسديا  وماديا  وروحيا  ومعنويا . و لا نستطيع  تحمل  تبعة  السياسة  المالية  والاقتصادية  التى اخطتها  حكومة  الرئيس  البشير  ونائبه  فى الايام  القليلة  الماضية.    رئيس الشعب  السودانى  بالخج  ، الذى اشتهر  بأنه  رجل  مرسل  السجية .  و يستجيب  بصورة  تلقائية  وعفوية  للشحن  العاطفى  والحماسى  الضار. والجالب   للحرج  والعنت  السياسى  له  شخصيا  ولنظامه  ولمؤيديه  مع  المراكز  السياسية  والسيادية  الدولية  التى  تتوقع  نهجا  ومسلكا  يختلف  كلية  عن  النهج  التهريجى  العفوى  الذى  يرونه  فى  الوسط  السيادى  السودانى   السائب   هذه  الايام .  لقد   حفظ  الشعب  السودانى   للرئيس  المبتهج  فى  الفارغة   ، حفظ  له  كثيرا   كثيرا  من  الهنات   التجاوزات  اللفظية  والسلوكية ، من  ايمانات  مغلظة  و(طلاقات)  مسيلة  للدموع  الضاحكة  و  للسخريات الجارحة  والهزء. وصاروا  يتفننون  فى  متابعة  تجليات  رئيسهم   و  خطبه  المتفلتة . واصبحوا  يحصون  عليه  انفاسه  حتى صار  لا   يلفظ  من  قول  الا  ولديه  رقيب   وحسيب  .  لقد  اكتشف  الشعب  السودانى  ان  تجليات  رئيسه  هى  انجع  السبل  للترفيه  عن   نفسه  ،  خصوصا  عندما  تأخذ الرئيس  نوبة  من  نوبات  الغضب  او  الفرح  ، ويبدأ  فى  تجديع   شعبه  بكلامات  غثة  ولغة   مجوفة  فيصيب  مستمعيه  فى  مقتل  ويزيدهم  من  القول  خبالا .   فيتعزون  بالتفكه  وهم  يعلمون  ان  شر  البلية  ما  يضحك . سجل  الرئيس  الطروب  فى الكلامات  المارقة  والمرتدة   هو  سجل  ضخم   لا  تفنى  عجائبه . مثلا  يقسم  الرئيس  فى  حالة  من  الانفعال  ان (  برنيطة )  زرقاء  واحدة   لن  تدخل   السودان  او   دارفور  الا  فوق  جثته .  فى  اشارة  الى  قوات  الامم  المتحدة . حتى  اذا  اصبح  الصبح  ، الفى  الشعب  السودانى  عشرات  الالوف  من  اصحاب  القبعات الزرقاء  وهم  يتجولون  فى  مطارات  وشوارع  المدن  السودانية   بعد  ان  تحول  السودان  الى  حديقة  خلفية  على  الشيوع  الدولى  والاقليمى  للامم المتحدة   وللدول  الكبرى ،  تملى  عليه  ارادتها  باقامة  ما  تريد  من  معسكرات  نازحين   ومراكز  للوجود  الاممى  لتقديم  الغذاء  والكساء  جبرا  لجائعى  السودان  الذى زعم  السيد  البشير   فى  بيانه  الانقلابى  الاول  ان  السودان   على  عهده  الجديد  سوف  يأكل   مما  يزرع  ويلبس  مما   يصنع  ويفوق  العالم  اجمع  مثلما   قالت  اغنية  الانقلاب  الاولى   الفرحة  بانقلاب  السيد  البشير  يومها .  ولكن  الشعب  السودانى  صار  يتذكر  ذلك  الادعاء  و يضحك  مما  يسمع !
انهمرت  قوات  الامم  المتحدة   والقوات  الاقليمية  والدولية  الاخرى  الى داخل السودان  ودارفور تحديدا  بقوة  الارادة  الدولية  التى  قالت  انها   لن  تسمح  بأن  يموت  أهل  دارفور  جوعا   ومرضا  ولم  يجد  الرئيس  الملتهب  طربا  متسعا  من  الوقت   لكى  يكفر  عن  يمينه  المغلظ   فسردب ،   وانحنى  للمشيئة الدولية . وترك   لكوادره  الحزبية  التى تحولت بالقدرة  الانقلابية  الى  دبلوماسيين فى  وزارة  الخارجية  المنكوبة  ، ترك  لهم  امر  تفسير  وتبرير  وتلوين  مواقف الرئيس  التى  تستعصى  على  التفسير  والتبرير  لولا  مقدرة  كوادر الرئيس على  اللف  والدوران  والمغالطة  واستخراج   الشربات   من  الفسيخ  المر .  كوادر حزب  السيد  البشير   الذين  وجدوا  انفسهم  بقدرة   قادر  فى  مواقع  الريادة  الدبلوماسية ، اصبحوا  اكثر  الناس  شقاءا  حين  وجدوا  انفسهم  مضطرين   للدخول  فى  مغالطات   جسيمة  ،   يبررون  فيها  الذى  يستحيل  تبريره   من  المواقف .  ينكرون  الثابت  بالضرورة  .  ويشرحون  ما هو  اوضح  من  نور الشمس . ويلونون العصى  على  التلوين .  وتصبح  حالهم  عندها  مثل  حال  من  يحاول  تغطية  وهج  الشمس  باصابعه .  بذل  التوضيحات  المتعرجة  و الاعتذارات  المغلفة  وغير  المباشرة  زوغانا  من  الشينة  المنكورة   كما  يقول  المثل  الشعبى  السودان  المطروق  هو  جهد  ذى  عائد  ضئيل  وبضاعة   غير  المرغوبة  فى  سوق   السياسة  الدولية . الدبلوماسى   السودانى  المحترف   يحتاج  لكى  يعرف  انه  مراقب  فى  كل  المواقف  الحربائية  والبلهوانية  الى  يقوم  بها  دفاعا  عن  باطل  حنبريت  لا  يمكن  الدفاع  عنه   او  تبريره  لا سيما  حين   يجعل الاسود  ابيضا  و الابيض  اسودا  .فغدا  يذهب  المنصب  والموقع  وتبقى  المواقف  المزرية .
الرئيس  السودانى  اشتهر  باطلاق   نفسه  على  سجيتها   فى  مهاترة   شعبه  باقذع   الاهانات  . وصف  المتظاهرين  الجائعين  من ابناء  شعبه  بشذاذ  الآفاق . وتهديدهم  بانزال  مجاهديه  المسلحين  لابادتهم  هو خطأ  يجل  عن  الوصف . ويعكس سؤ  تقدير  وقلة  فطنة  سياسية  فى  ظرف  دقيق  تمر  بها  سلطته  وكان  اجدر به  النزوع  الى  التهدئة  بدلا  من  زيادة   النيران  اشتعالا  . و لا  يعيد حكاية  الامبراطورة  مارى  انطوانيت  زوجة  الامبراطور الفرنسى  لويس  السادس عشر التى استغربت  خروج  المتظاهرين  الى الشارع  احتجاجا  على  عدم  توفر الخبز  فى  حين  كان  يمكنهم  الاستعاضة  عن  الخبز  بأكل  الجاتوه  . الجائعون  السودانيون  الذين  لا يجدون  مالا  يشترون  به  حاجياتهم  المعيشية  فى  ظل انهيار  قيمة  العملة  السودانية  وارتفاع  اسعار السلع الغذائية  ليسوا شذاذ آفاق . انما هم  ضحايا  غدر بهم  فشل  حكامهم  . ويستحقون  المؤاساة  بدلا  من  التهديد بالقتل  على ايدى  المليشيات  المسلحة  (المجاهدة ). لقد ابتذل   الانقاذيون  مفهوم الجهاد  الى درجة  الصفر فى زمن  التردى  الشامل هذا .  ويلحظ  المواطن  المغلوب  على امره  هذه  الايام  جنوح اعلام  حكومة السيد  البشير  نحو لغة  الحرب  والترويج  لها  يقاتل  عدوا  وهميا  مثل  دون  كيشوت  الاسبانى  الذى  كان  يقاتل  طواحين  الهواء   فيقتل  نفسه   بالوهم  ولا يقتل  عدوا .  والحال  هذه ،  فيبدو  انه   لم  يعد  هناك  من أمل  لتصحيح  هذا  الخلل  السلوكى  فى  سلطة  هى  عائرة  بالاصل  قبل ان  تلهب  بمزيد  من  السياط .  تصرفات  النظام  المتوترة  وغير  المحسوبة  نراها  فى  استهداف  النظام  لحزب  الأمة  اكبر  الاحزاب  السودانية  ذى  القاعدة  العريضة  المصادمة  لندزة       لندوة   سياسية  كانت  تناقش  الاوضاع  المتأزمة  فى  البلاد . و تعكس  هذه  الحادثة  مدى  التشنج   السياسى  الذى  يعتمل  فى صدر  النظام  السودانى  . فالمهدى  المستهدف  حزبه   يجلس  نجله  الاكبر  العقيد  عبد  الرحمن  جنب  الرئيس  فى  القصر  الجمهورى  فى  منصب  مساعد  رئيس  الجمهورية  .  وكان  البشير  يغازل  المهدى  لكى  يضمه   وحزبه   الى حكومته  . وقبل ان  تأتى  مجهودات  البشير اكلها  خربت  عليه   قوات  أمنه  مساعيه   باستعراض  عضلاتها  ضد  حزب  الأمة  والانصار  بالاعتداء  على  مظاهرة  انصارية  خرجت  من  جامع  الانصار  العتيق . كما  ابلغت  قيادة  حزب  الأمة  بأنها  اوقفت  كل النشاطات  العامة  فى  دار  حزب  الأمة  من  ندوات  سياسية   وغيرها. وردت  حزب  الامة  بتحدى  قاطع  وقالت انها لن  توقف  نشاطات  دار  حزب   الاامة  واعلنت  عن ندوة  فورية  عقدت  فى اليوم التالى  مباشرة .
هذه  الاعتداءات  المستفزة   ضد  طائفة  الانصار  التى   لم  يكن  احد   يتجرأ  على  استفزازها  او  غمز  جانبها  ،   يتوقع  المراقبون  ان   يواجه  النظام   خصما  سياسيا  عنيدا  كم بذل  من  جهود  فى  الماضى  القريب  لكى  يتفادى  الاصطدام  به .  لقد  صادم  الانصار  كل  الانظمة  الشمولية  التى  مرت  على  السودان   ، بدءا   بعبود  الذى   صادموه  فى   معركة  المولد  الشهيرة ، و مرورا بالنميرى   الذى  صادموه  فى   الجزيرة  ابا  والكرمك  و يوليو 76 .  ويتوقع  المراقبون  ان  لا يمتد  صبر  الانصار و يطول  على  حكومة  الانقاذ  اطول  من  هذا  فى  ظل  تصرفات  حكومة  الانقاذ  الاستفزازية  الاحيرة  ضد  االانصار  وحزبهم .  
بقى  ان  يعرف  السيد  البشير  ان  خطته  لضم  ابن  السيد  المهدى  الى حكومته  لم  تأت  اكلها . فابن  السيد  المهدى  وقد  على السيد  البشير  بمفرده  . بينما  وقفت  شقيقاته  المباشرات   واخوانه  الآخرون  موقفا عدائيا  مصادما  من السيد البشير  ونظامه . اما  جماهيبر  الانصار ، فهى  لا ترفض  تصرف ابن السيد  المهدى  فحسب ،  انما تطالب بطرده   وشطبه  من كيان  الانصار  الاكبر  ونعنى به  هيئة   شئون  الانصار التى اخلى ابن  السيد  المهدى  مواقعه  فيها  بالاستقالة  . ولكن  الانصار يطالبون  بشطب  اسمه  من  كشوفات العضوية  القديمة  قطعا  لكل طرق  العودة  المستقبلية  امام  المهدى  الصغير .  هل  عرف  السيد  البشير  اخيرا  ان  جهوده  لضم  اسرة  السيد  المهدى  كانت  جهودا  ضائعة . ان  معارضة  كوادر  حزب الامة  الحادة   لنظام  الانقاذ  كانت  وما زالت  هى  المصد  القوى  لمحاولات  الانقاذ  لجذب  حزب  الأمة  القومى  الى  حلفها  المكون  من احزاب  ورقية بلا قواعد  وصفها عواب  الانقاذ  السابق  الشيخ  الترابى بانها  احزاب  زينة  زخرفية  لزوم  الديكور الساسى .


Ali Hamad [alihamad45@hotmail.com]

 

آراء