فساد الحكم: ظلم الكبار وحرمان الصغار وتخريب الأوطان والديار

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة:
أورد أحد الكتاب هذه القصة عن الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان الأخ الأكبر لحكيم العرب الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. تقول القصة أن الشركات البريطانية تمكنت من استخراج النفط في دولة الإمارات العربية المتحدة على أيام الشيخ شخبوط, في الستينات من القرن الماضي. وكان أن تدفقت أموال عظيمة على يد الشيخ شخبوط من مبيعات النفط في السوق العالمي. فلم يهتد الشيخ إلى سبيل معرفة كيف يتصرف في هذه الثروة العظيمة التي تنزلت عليه وعلى الإمارة. فهو إن أنفقها فيما ينفع الناس في معاشهم وتعليم أبنائهم ورفاههم, فسوف يغري ذلك أهل الإمارة من العرب الذين لا يزال يغلب عليهم طبع البادية, سوف يغريهم بالتطلع إلى الحكم والرياسة والسيادة, وهذا ما لم يكن ليسمح به الشيخ شخبوط. فهداه تفكيره إلى الاستحواذ على كل هذه الثروة الطائلة, ووضعها تحت تصرفه, يصرفها كيفما شاء وبمقدار معلوم. فاشترى بالمال ذهبا ما ملأ به حجرة عظيمة في قصره المنيف. لكن المال ما زال يتدفق. فاشترى بالمال جواهر ثمينة ملأ بها حجرة أخرى من الحجرات في القصر, ولا زال المال يتدفق. فلم يجد بداً من أن يرمي بثروة النفط التي تأتيها به الشركات البريطانية أن يرميها فى بحر العرب حتى يحرم المواطنين من الانتفاع بها حتى لا يتطلعون الى منافسته على الرياسة والسيادة, فنصحه بعض خاصته العدول عن هذه الفعلة. فأمر  الشيخ الشركات البريطانية بالتوقف عن ضخ النفط, وغلق الآبار. فاهتزت لهذا الأمر السلطاني أركان لندن, فاجتمع أبالستها الذين خشوا كساد تجاراتهم فقرروا أمراً. تم استدعاء الشيخ شخبوط إلى لندن, وقامت السلطات بإبقاء الشيخ هناك, وتم تنصيب أخيه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكماً للإمارة بدلاً عنه, في ما يشبه انقلاب أبيض على الشيخ الذي رمى بثرة بلاده في عرض البحر, بدلاً من إنفاقها على شعبه وتحسين أحوالهم. والسبب شح نفسه الذي يؤذيه أن يرى الناس في خير ونعيم وسؤدد, قد يغريهم مشاركته الرياسة والسيادة.
فكم ياترى من الشخابيط تكتظ بهم الساحة يحرمون شعوبهم مثلما فعل الشيخ شخبوط من حقوقهم  الأصيلة في بلدانهم؟
أمثلة متنوعة من الشخابيط:
-القذافي:
 صرح أحد قادة الثورة الليبية في معرض بيان فساد الحكم في ليبيا أن القذافي أنشأ ذراع من أذرعه الأمن مهمتها "محاربة النجومية" في ليبيا. ذلك أن العقيد يؤذيه أن يرى أحداً من أبناء الشعب الليبي ينبغ أو يتفوق في أي مجال من المجالات حتى يسطع نجمه. مهمة هذا الجهاز هى وأد أي نبوغ أو تفوق أو عبقرية في مهده حتى يكون العقيد هو النجم الوحيد الساطع  في سماء ليبيا. هذه فعلة ذات فعل تخريبي مركب, فهي لا تحرم الليبيين من تحقيق امكاناتهم وإبراز مكوناتهم الشخصية ومقدراتهم فقط, بل أن العقيد يستخدم أموال الشعب بقصد التحطيم المتعمد للنابغين والنابهين واغتيال شخصياتهم. حبس القذافي ثروة الشعب الليبي المتراكمة من صادرات البترول وأودعها وبنوه في مصارف خارجية تقدر هذه الثروات بمئات المليارات من العملات الصعبة. وها هو القذافي يستخدم هذه الثروة العظيمة في شراء السلاح لقتل شعبه وتحطيم بناه التحتية العظيمة التي شيدت لصالح الشعب الليبي على مدى عشرات السنين.
 زين العابدين بن علي:
تكشفت الفضائح التي كانت مستورة في عهد حكم زين العابدين بن علي قبل ثورة الشباب التونسي الميمونة. كشفت التحقيقات عن حجم الفساد وجود غرفه كاملة في القصر الرئاسي (مكتبة) ملئت كل الدواليب فيها بأوراق العملة المطبوعة لتوها من البنك المركزي التونسي مكدسة تكتظ بها دواليب الحجرة في القصر الرئاسي, تماماً كما فعل الشيخ شخبوط. القصد واضح: حرمان الشعب التونسي من حقوقه الأصيلة, وإيداع جزء مقدّر من ثروة الشعب التونسي في القصر الرئاسي ليتصرف فيها الرئيس وحرمه السيدة ليلى الطرابلسي والأقارب والحاشية وذوي الخطوة, والإنفاق بقدر معلوم على الأمن بما يحفظ الحكم واستدامة حراسة السلطة في يد الطغمة الظالمة. حتى وصل ضيق الحال وشظف العيش بالشعب التونسي المحروم مبلغاً تفجر فيه غضب الشعب على الحاكم الظالم وبطانته الفاسدة.
-حسني مباركـ:
   لا زالت نتائج التحقيقات جارية في أموال الشعب المصري المنهوبة بواسطة الرئيس السابق حسني مبارك وأبنائه وبطانته ووزرائه. لكن ما رشح منها حتى الآن يؤكد أن الشعب المصري تعرض وعلى مدى ثلاث أو أربع عقود أو يزيد, إلى عملية حرمان متعمد من الانتفاع  بثروات مصر من النفط والغاز والزراعة والسياحة والتجارة وغيرها من الموارد. وأن ثروات الشعب المصري ظلت حبيسة لجهاز الحكم, في يد حسني مباركـ وحاشيته, يتصرفون فيها كيفما يشاءون وبما يحفظ امتداد سلطانهم, وحرمان الشعب من التطلع إلى حياة كريمة. فظل الشعب المصري يرزح لعقود تحت الذل والحاجة وطغيان الحكام وسياط الشرطة وبلطجية الأمن. تقدر الأموال التي هربها الرئيس واسرته وبطانته من ثروات الشعب المصري بمئات المليارات من العملات الصعبة, حرم الشعب المصري من الانتفاع بها في الصحة والتعليم والعمل  وتحسين مستوى المعيشة.         
البشــير وطاقمه:
رغم عمق الأزمة المعيشية الطاحنة التي يعيشها الشعب السوداني على مدى اثنين وعشرين عاماً عـجافاً هي مدة حكم الرئيس البشير وبطانته,يطل علينا بعض رموز حكومة الخرطوم ليؤكد أن عوائد الذهب سوف تغطي بل وتفوق ما ستفقده الخزانة العامة من عائدات البترول بعد انفصال الجنوب وأيلولة آبار النفط إليه. قد يكون مثل الحديث صحيحاً أو غير صحيح, لكنه يؤكد على أية حال أن السودان يمتلك اثنين من أهم مصادر الثراء في أي زمان ومكان على الإطلاق: البترول والذهب, هذا بخلاف الثروات الأخرى العظيمة التي يزخر بها السودان. تشير الإحصاءات أن السودان ظل يضخ حوالي نصف مليون برميل من النفط يومياً منذ عام 1999م عام تصدير النفط السوداني إلى الأسواق العالمية. كما تشير بعض التقديرات الفرنسية, أن الشركات الفرنسية رحلت الى فرنسا من السودان ما مقداره أكثر من 22 طن من الذهب من مناجم الذهب بشرق السودان. أين ذهبت هذه الثروات العظيمة التي هي حق أصيل للشعب السوداني؟
في ذات الوقت الذي تؤكد فيه الإحصاءات غنى السودان بثروات عظيمة من البترول والذهب والمعادن والثروات الطبيعية الهائلة وثروات حيوانية ونباتية هي من بين الأغنى في العالم, مع كل هذا الثراء, تؤكد الإحصاءات الرسمية أن ما يزيد على 95% من شعب السودان يعيشون تحت خط الفقر, أي أن كل الشعب السوداني تقريباً, باستثناء الفئة الحاكمة والمنتفعين من النظام الذين يشكلون حوالي 5% من مجمول السكان, يعيش الفرد السوداني على أقل من دولار في اليوم. أين ذهبت ثروات  الشعب السوداني وحقوقه الأصيلة في ثروة بلاده والانتفاع بها في أن يحيا حياة كريمة؟
الإجابة على هذا السؤال يمكن تلخيصها بالإشارة إلى السياسة الرسمية التي  ظلت تنتهجها حكومة الإسلامويين منذ اليوم الأول لسطوها على السلطة على فوهة البندقية, تلك السياسة الجهنمية التي صرح بها النظام آنئذ والمتمثلة فى تجويع الشعب, حين صرح القوم على رؤوس الأشهاد بأنهم سوف "يجرون الناس من بطونهم" ولا يحتاجون لشن الحروب أو إقامة السجون, بل تجويع الشعب حتى يمكن ترويضه وتركيعه. وغني عن القول أن سياسة التجويع, أو جر الناس من بطونهم تقتضى بطبيعة الحال  حبس استحقاقات العباد عنوة, وغصبهم على الاذعان كشرط لنيل حقهم في العيش. بمعنى آخر أن جهاز الحكم في دولة الإسلامويين في السودان حبس ثروة الشعب السوداني لدى العصبة وعمد إلى تجويع أفراد الشعب السوداني بحرمانهم حقوقهم الأصيلة في ثروة البلاد, ومن أراد أن يعيش عليه أن يأتي صاغراً كسيرا ليؤدي فروض الولاء والطاعة عن يد وهم صاغرون. حبست حكومة الإسلامويين ثروات الشعب التي هي حقوقه الأصيلة في أن يحيا حياة كريمة, حبستها واشترت بها  السلاح لإرهاب الشعب السوداني وترويعه وتقتيله, بدلاُ عن توجيه هذه الثروات فيما ينفع الناس في إصلاح حال معاشهم وتعليم أبنائهم وتحسين صحتهم.
ظلت حكومة الإسلامويين في الخرطوم تخصص حوالي 80% من الميزانية العامة للجيش والأمن, ليس لشن حرب على الصهيونية أو الكفار, بل لتوجيه السلاح لقتل أبناء الشعب السوداني. لم نسمع يوما واحدا أن الجيش السوداني أطلق رصاصة واحدة موجهة إلى صدر أحد الكفرة أو الغازين, لكن يعرف القاصي والداني أن 80% من موازنة الدولة التي تذهب للجيش والأمن توجه لقتل الملايين من أبناء الشعب السوداني جنوبا وغربا شمالا وشرقا, وتوجه في تعذيب الوطنيين من أبناء الشعب وملاحقتهم والتضييق عليهم من قبل زبانية الأمن.
إن منهج الشيخ شخبوط في رمي ثروة بلاده في عرض البحر بدلا من إنفاقها فيما ينفع الناس هو منهج يعتبر فاضلا جدا إذا ما قورن بمنهج حكومة البشير في الخرطوم, التي بدلا من أن تر مي بثروة السودان في عرض البحر, تستخدمها لقتل أبناء الشعب وتحطيم البلاد وتخريب القيم  و افساد الذمم (راجع مقالنا السابق فى سودانايل الموسوم: مفهوم التنمية والاستثمار في الخراب).
ظلم الكبار
حكومة الإسلامويين في الخرطوم تسخّر, بل تستعبد الشعب السوداني لغرضها النهائي وهو التشبث بالحكم والسلطة مهما كان الثمن. الأجور التي يتقاضاها موظفو الدولة لا تفي بحاجة الأسرة لأسبوع واحد, بل تعيش غالب الأسر السودانية على وجبة أو وجبتين في اليوم تفتقد العناصر الضرورية للتغذية. أجور الأطباء المتدنية والحيف الواقع عليهم دفع بمعظم أطباء السودان إلى الهجرة القسرية خارج البلاد ما أدى الى انهيار الخدمة الصحية, وكذا الحال مع جل الكوادر السودانية المؤهلة والمنتجة أجبرت بسبب الظلم على الهجرة إلى خارج البلاد حيث تشير إحصاءات وكالات الأمم المتحدة إلى ما يربو على 11 مليون من السودانيين أجبروا على الهجرة القسرية بسبب الظلم الواقع عليهم من حكومتهم –أي ما يعادل حوالى ثلث سكان السودان (راجع مقال الأستاذ معاوية يس بصحيفة الراكوبة الإلكترونية بتاريخ 4/5/2011). يعجز الكبار على الوفاء بالتزاماتهم نحو أسرهم, ما ينعكس ظواهر سالبة غاية في السوء والخطورة  تصيب أخلاق المجتمع في مقتل, من تفكك الأسر, والتفسخ, واستشراء الجريمة بسبب حالة الإفقار المنهجي التي تتبعها الحكومة السودانية بحرمان الشعب من حقوقه الأصيلة في ثروة بلاده.
كما غصبت حكومة الإسلامويين في السودان جورا وظلما أراضي مزارعي مشروع الجزيرة, تلك الأراضي التي كان يعتاش عليها ملايين من الأسر, توارثوها أب عن جد, وشكلت عماد الاقتصاد المحلي والقومي لنيف ومائة سنين. كما اعتدت الحكومة السودانية على مؤسسات القطاع العام, التي هي ملك وحق أصيل للشعب السوداني, وباعتها لمحاسيب النظام بثمن بخس, نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر شركة الخطوط الجوية السودانية (سودا نير) ومؤسسة الملاحة النهرية والكهرباء, باعتها تحت مسمى خصخصة مؤسسات القطاع العام خلف أبواب مغلقة behind closed doors لا يعلم الشعب السوداني كيف تم التصرف في حقوقه وأصوله القومية, فأثرى محاسيب النظام تحت مظلة سياسة التمكين. وببيع مؤسسات القطاع العام تم تشريد مئات الآلاف من الموظفين والعمال الذين كانوا يعولون أسرهم من عملهم في تلك المؤسسات حتى آلت ملكيتها لمصاصي دماء الشعوب ممن لا يشبع نهمهم للمال تراب الأرض وإن رحبت ففقد الموظفون والعمال وأسرهم مصادر أرزاقهم.
كما ظلمت حكومة الإسلامويين المعلمين والأساتذة. ففي حين نجد في بلد مثل ألمانيا أن راتب الأستاذ الجامعي يفوق راتب رئيس الوزراء, نجد في السودان أن راتب الأستاذ الجامعي لا يساوي شيئا إذا ما قورن براتب أصغر رتبة في جهاز أمن حكومة المتأسلمين, ما كانت نتيجته التدهور المريع في التعليم والتدني المشين في مستويات الشهادات السودانية, حتى صارت الشهادات الجامعية الصادرة من مؤسسات التعليم في السودان غير معترف بها في كثير من البلدان .
حرمان الصغار:
نشأت أجيال شابة تحت هذه الظروف القاسية فقدت الأمل في حياة كريمة, فقد وجدت كل الأفق أمامها مسدودة, ملايين من جيوش العطالى وخريجي الجامعات الهائمين على وجودهم بلا عمل أو حتى أمل في فرصة عمل في الداخل أو الخارج, وشهادات بمستويات تدريب متدنية ومؤهلات متواضعة لا تمكنهم من المنافسة في سوق العمل الخارجي. ملايين من الفتيات يحلمن ببناء أسرة وإنجاب أطفال وتحقيق الأمومة, لا يجدن إلا العنوسة يعتصرهن الوحدة والألم. ملايين الشباب في البيوت والمدارس والجامعات يحلم الواحد منهم باقتناء لابتوب أو آي فون أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة التي أضحت من ضرورات الحياة اليومية للشباب في كل أصقاع المعمورة لا غنى عنها مثل الماء والهواء, يحرم منها شبابنا لضيق ذات يد الأب المغلوب الذي يلهث لتوفير لقمة العيش لأسرته ولا يقدر. يشعر شبابنا بمرارة الحرمان وقساوته, وينشأ جيل تربى تحت الحرمان بكل ما يستتبع ذلك من  انعكاسات سالبة على الشخصية والأخلاق والمجتمع.
هذا الحرمان المرير الذي يشعر به شبابنا هو حرمان متعمد, حين تحبس الدولة مقدرات الأمة وثروات الشعب وتحرمه من حقوقه الأصيلة في الانتفاع بهذه الثروات بإنفاقها على تحسين جودة التعليم, وتوفير فرص العمل للشباب, وتوفير المقتنيات الحديثة وجعها في متناول الأفراد والأسر. تتعمد الدولة حرمان الشباب من حقوقهم هذه, وتوجه الثروات إلى تجييش الشباب وغسل أدمغتهم وتجهيلهم وحرمانهم المتعمد من تحقيق ذواتهم وإبراز إمكاناتهم حتى يجبروا مكرهين على الانخراط في صفوف العسكرية والأمن ومليشيات الدفاع الشعبي والكتائب الإستراتيجية ليكونوا حراسا للنظام.
تخريب الأوطان والديار:
هذه السياسات الجهنمية التي تحبس فيها الدولة عمدا وعن قصد ثروات الشعوب وحرمان الناس من الانتفاع بثروات بلدانهم, هي سياسات شيطانية مصدرها نفوس الحكام الشحيحة التي تتأذى من أن ترى الخير يعم بين الناس, وتأبى عليها نفسها المريضة أن ترى بعض أبناء الوطن النابهين يتبوءون مراكز القيادة والسؤدد, التي يريدها الحكام الفاسدون قصرا عليهم وحدهم ولا أحد سواهم, هذا أو الطوفان. وحكومة عمر البشير في الخرطوم لا يهمها إن أنفصل جنوب السودان, أو إذا احترقت دارفور,أو قتل في الحروب التي تشنها الدولة على مواطنيها ثلاث أو أربعة ملايين من البشر, أو إذا تم التهجير قسرا لما يقرب من 12 مليون سوداني إلى المهاجر يشكلون حوالي ثلث السكان , أو إذا تفككت الأسر جراء الفقر أو إذا تفسخت الأخلاق والقيم أو أنهار نظام التعليم والصحة, أو إذا احتلت الدول الطامعة أجزاء من تراب الوطن كما هو الحال في حلايب والفشقة. كل هذا الخراب والدمار للبلاد والعباد لا يهم ما داموا هم فى سدة الحكم بيدهم صولجان الملك ومنعة السلطان.
خاتمة:
 هؤلاء الحكام الفاسدون هم السبب الرئيسي في ما يحدث في هذه البلدان من خراب ودمار وتخلف وفقر وجهل بسبب ظلمهم للكبار وتعديهم على الحقوق المشروعة وحرمان الناس من الانتفاع بثروات بلدانهم, وحرمان الشباب من التمتع بما أحل الله لهم من متع الحياة الدنيا في العمل والكسب الحلال والزواج والإنجاب واقتناء ضرورات الحياة المعاصرة. وذلك لما جبلوا عليه من شح النفس وسوء السريرة, إذ يؤذيهم أن يروا الخير يعم بين الناس ولا يسرهم رؤية النجاح والنبوغ والتفوق. فيعمدون إلى حبس ثروات البلاد التي حبا الله بها عباده وحرمانهم منها خشية أن يغري ذلك الناس بالمنافسة على الحكم والرياسة والسؤدد.
فلا سبيل لكي تنعتق الشعوب من هذه الربقة المهلكة إلا بكسر هذه الحلقة الخبيثة والإطاحة بمثل هؤلاء الحكام الفاسدين, ووضع أمر القيادة في أيدي أناس مشهود لهم بحب الخير للآخرين ونقاء السريرة والإيمان الراسخ بمبادئ الحق والعدل والمنافحة عن الحقوق والمصلحة العامة  public good والذود عن كرامة الإنسان الذي كرمه الله خالق الخلق جل وعلا "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر" ( صدق الله العظيم). فيجب على قيادات الشباب – عقب الاطاحة المحتومة بالحكام الفاسدين - تخيّر القيادات المشهود لها بالإيمان الراسخ بهذه المبادئ الإنسانية السامية التي هي جزء من رسالة الإسلام الخالدة. (وسوف يكون ذلك هو موضوع مقالنا اللاحق إن شاء الله).

د. أحمد حموده حامد
fadl8alla@yahoo.com
الجمعة 6 مايو 2011, الموافق 3 جمادى الآخرة 1432ه
 

 

آراء