فقر الحساسية السياسية !!

 


 

 

إذا صحّ أن وزيرة التعليم العالي التقت بمأمون حميدة فهذا خطأ جسيم و(فاول مركّب) لا يغسله الاعتذار.. بل هو (لطعة) على جدار الثورة..وهدية غير مُستحقّة للفلول..! ولا نقول ذلك من باب المبالغة فهذا الرجل كان في الصف المعادي للثورة إشهاراً وبغير مواربة.. وبلغ به الحال كما كشفت يوميات الثورة أن يأمر بقفل أبواب جامعته أمام الطلاب ويجعلهم (لقمة سائغة) للتاتشرات والمليشيات ووحوش الإنقاذ الذين كانوا يطاردون الطلاب مثل الضباع المسعورة…! هذا علاوة على (سجله الوافر) في معارضة كل ما هو في صالح الشعب وكسر عظام مستشفى الخرطوم بل محاولة مسحها من الوجود من أجل (العلاج السياحي)..! ولم يكن الرجل محايداً تجاه مستشفى الخرطوم أو جامعة الخرطوم..فله مستشفياته ومؤسساته الطبية الخاصة وجامعته الخاصة.. فلماذا لا يرثيهما ويرثهما..؟!!

لا نريد الإسراف في رصد ما قام به الرجل من اختراقات وما تداوله الناس من إعفائه حتى من شروط إجراءات السلامة في إقامة المباني على خط هبوط الطائرات..! وقد كان يتصرّف من موقعه الوزاري وولائه للإنقاذ وكأنه (الحاكم بأمر الله الفاطمي) من غير أن يلتفت إلى مصالح الشعب..بل كان يتباهى بذلك..!..ولا نريد الدخول في الأمور التفصيلية واستباق العدالة (إذا كانت هناك عدالة..!) ولكن ما يمكن أن نقوله بموثوقية هو إن مسؤولي الإنقاذ جميعهم لم يكذبوا الظن بأنهم كانوا يجيّرون المناصب العامة والصالح العام والريع العام لمصلحتهم الخاصة…وقد اشتهر بعضهم بتحويل مخصصات المعونات والتدريب والبعثات الخاصة بحكومة السودان إلى جامعاته ومؤسساته الطبية الربحية.. ثم (يكشّر) وجهه للجمهور…!!

يذكر الأكاديميون وأساتذة الجامعات والمتصلون بالتعليم العالي في شهادات متواترة أن هذا الرجل وقف إلى جانب الإنقاذ في خطتها التآمرية على جامعة الخرطوم…وناصر تعريبها (الأخرق التخريبي المتعجّل المسيّس) للتعليم الجامعي.. ولكن ذات الرجل رفض التعريب عندما أنشأ جامعته الخاصة..! وعارض ما وافق عليه في جامعة الخرطوم في جامعته (للعلوم والتكنولوجيا)..! وسؤال الضمير هنا هو: إذا كان التعريب بالكيفية التي تم بها هو القرار الصحيح فلماذا لم يأخذ به في جامعته..؟! وإذا كان ما أخذ به في جامعته هو الصحيح فلماذا حرم منه جامعة الخرطوم وقد كان مديراً لها..؟! انك لا تجد عند الانقاذيين والموالين لهم والمنتفعين منهم غير المخاتلة وتغليب مصلحتهم على الوطن وعلى مستقبل الأجيال.. وما أشد وقع هذه الممارسات (الخِرعة) الشوفينية الأنانية الذاتية المصلحية عندما تكون في حقل التربية والتعليم…!!

إذا صح أن الوزيرة التقت بهذا الرجل فهذا (كسر مركّب) لا يشفع فيه بيان وزارتها.. فهي وزيرة جاءت بها ثورة في عظمة ثورة ديسمبر..وكان في مقدورها أن تزور الجامعة وتلتقي بالطلاب وغيرهم.. ولكن ما الذي يجبرها على الجلوس إلى رجل كان في صف الإنقاذ حتى عندما كان الرصاص يعوي في رؤوس الطلاب..بل في أجسادهم.. ؟! هذا يشير إلى فقدان مريع للحساسية السياسية لدى بعض وزراء ومسؤولي الفترة الانتقالية الذين يتصرّفون أحيانا بعلاقاتهم الشخصية و(بالاستظراف) وبعضهم بعلائق (تحتانية) مع شخوص الإنقاذ.. إن عليهم جميعاً أن يعلموا أنهم لا يمثلون أنفسهم في العمل العام وإنما يمثلون الثورة وعليهم إن يحسبوا خطواتهم جيداً..!! على المستوى الشخصي نكن احتراماً كبيراً لوزيرة التعليم العالي ونعرف عن تفوقها وانضباطها الأكاديمي وحُسن أدائها.. ولكن هذا لا يمنعنا أن نقول إنها إذا جلست إلى مأمون حميدة فهذا لا يقل عن لقاء المخلوع أو نافع للتشاور والتعارف وكأن شيئاً لم يكن..!! وطّنوا أنفسكم…فليس هناك قامة أكبر من قامة وهامة شخص يمثل الثورة.. وعليكم (أن تكونوا قدرها)….!!

 

آراء