فليسمح لنا حضرة الامام بكلمة! … بقلم: د. على حمد ابراهيم
15 June, 2009
السيد الصادق المهدى قدم تصورات حاولت حل الاشكالات التى نتجت بسبب التجاوزات الدستورية التى حدثت اثناء انعقاد المؤتمر السابع لحزب الامة وبعد الانعقاد . التصورات التى قدمهاالسيد الامام لم تشف غليلا ولن تشفيه!
وليس هناك حلا لتلك الاشكالات الا بالحل ! والامل المأمول اليوم وليس غدا هو ان يفض السيد الامام هذه السيرة الآخذة فى الاستطالة ، ويصدر قرارا دستوريا مكفولا له بنص دستور الحزب يحل بموجبه الاجهزة التى نشأت عقب المؤتمر السابع ، ويعتبرها كانها لم تكن. ويعين لجنة مؤقتة من شيوخ الحزب تدير الحزب لفترة قصيرة جدا ينعقد بعدها مؤتمر استثنائى للهيئة المركزية لكى تنتخب امينا عاما للحزب. لقد كانت بعض اعمال المؤتمر السابع اعمالا فطيرة ، والاعمال الفطيرة تتم ارجاعها الى النار لكى تنضج . هذا الاجراء ضرورى وملح وعاجل بالنظر الى اجواء الانتخابات التى دخلت فيها البلد اليوم بعد اعلان لجنة الانتخابات عن توزيع الدوائر الانتخابية وهو اجراء قطعت به اللجنة قول كل خطيب فيما يختص بحكاية قيام الانتخابات فى موعدها.
لقد برر السيد الامام فى احدى ردوده الصحفية ، برر تجاوزه لدستور الحزب بأنه كان ( درءا للغبائن ) . ولا بد ان السيد الامام قد عرف الآن الحجم الضخم من الغبائن التى خلقها قرار تجاوز دستور الحزب مما اصبح مادة دسمة للشامتين مما ينبغى معه اتخاذ اجراءات سريعة لدرء الغبائن الجدية التى نشات بعد المؤتمر السابع الذى اصبح الكثيرون يتمنون اليوم لو أنه لم يعقد اساسا . لأن نتائجه اصبحت تهدد الحزب العريق بمزيد من الجراح رغم انه لم يبق فى جسمه موضع لمزيد من الجراح .
بقى لى بعد ذلك التوجه الى السيد الامام برجائين . الرجاء الاول يدور حول اشواق جماهير الانصار فى أن ترى حزبها موحدا قبل الدخول الفعلى فى العملية الانتخابية ( بالمناسبة اشواق الوحدة الانصارية هذه يكابدها اشقاؤهم الاتحاديون بنفس القدر الذين يعيشون فيه محنة التشقق التى يعيشها اشقاؤهم الانصار . ومما يزيد مكابدة الطرفين الما ومضضا انهما لا حول لهما ولا قوة لتغيير ذلك الواقع الاليم ) واقول للسيد الامام ان تاريخ الحركة السياسية الحديث سيحكم عليك شئت ام ابيت انك اجترحت الانشقاق القاسى الأول فى تاريخ الحركة الانصارية . أقول القاسى لأن ذلك الانشقاق شمل القيادة والقاعدة .واقول القاسى لانك تجد فى كل بيت انصارى حربا مشتعلة بين الأباء والأمهات من جهة وبين الابناء والبنات من جهة اخرى . و كان كل بيت انصارى عبارة عن ميدان معركة بين جيلين من الانصار : جيل ارتضى ان يكون الحزب تحت رعاية ووصاية الامامة ، باعتبار أن الامام هو الأب الروحى للحركة الانصارية وصاحب بيعتها . وجيل انحاز الى دعوة تحديث الحزب واخراجه من عباءة الامامة . وبطبيعة الحال انحاز الشباب الى دعوة التحديث ودخلوا فى جدليات حادة مع اسرهم كان بعض الآباء يردون عليها بالضرب والتأديب . كانت تلك فتنة كبرى بمقاس خاص. ولم يسبق للحركة الانصارية ان كابدت مشقة بذلك الحجم قبل تلك المحنة .
ولكن يخشى اليوم وبصورة متزايدة أن نعود حالة الاحتراب القديم مجددا وتعود معها نوازع الخصومة الفاجرة التى فرضت على جماهير الانصار . هناك اسباب كافية لكى يشعر الانصار بمزيد من الحزن والاحباط فى هذه الايام اكثر من اى وقت مضى . فقد تسلم السيد الصادق الحزب موحدا بعد الصلح بينه وبين السيد الامام . ولكن هاهو الحزب يتشظى الى ست مجموعات كل مجموعة تدعى ملكيتها للحزب اسما وجماهيرا وتاريخا ومستقبلا. بينما جماهير الانصار تتفرج على هذا المولد الذى خرج صاحبه فى وضح النهار ولم يعد حتى لحظة اعداد هذه المفكرة لجريدة (الخرطوم) الغراء. اكيد سيحمل التاريخ السيد الامام مسئولية الذى يحدث للحزب العريق باعتباره الراعى المسئول عن الرعية الانصارية التى تفرقت ايدى سبأ. وسوف يثور سؤال يبحث عن اجابة شافية : جماهير الانصار من فرقها فى الماضى ومن يفرقها اليوم . وكيف عجزت قيادتها فى لملمة شعث المتفرقين . وما هو دور القيادة فى الذى حدث فىالماضى والذى يحدث اليوم . ستنطرح هذه الاسئلة طال الزمن ام قصر ولا يقولن لى احد ان الذين ذهبوا هم قوم ليسوا بذى خطر . أو أنهم شرذمة قليلون مثل زعم فرعون موسى عن المؤمنين اليهود. الذين يقولون هذا او يصدقونه يخدعون انفسهم قبل ان يخدعوا الآخرين .لقد كنت فى السودان ازور المراتع التى اعرفها فى ديسمبر الماضى ، وشاهدت وعايشت التشقق الذى ينكره البعض. وقبضت على قلبى المريض أصلا خوفا عليه مما رأيت. رأيت رايات ست ا حزاب كل حزب منها يدعى ملكيته لجماهير الانصار!و تتطاحن احزاب الضرار هذه فيما بينها و تقيم مؤتمراتها التنظيمية بمعزل عن بعضها البعض حيث يشتم هذا الحزب ذاك وينشر غسيله القذر المفترض حتى تفوح روائحه المزعومة لكى يراه الناظرون فيعايرونه بما يرون ويسمعون ! ويرد حزب ضرار آخر بما توفر وتيسر له من غليظ الاقوال حتى انك لتجزم ان هؤلاء القوم لم تكن بينهم فى يوم من الايام من وشيجة ولا حتى نحلة الآدمية من فجورهم فى الخصومة العمياء.
ان تفلت وتشظى البيت الانصارى الكبير ، وتشقق بيت آل المهدى الذى طال واستطال يجعل من حق أى مراقب أن يسأل : كيف يطمع السيد الامام ان يلم شعث السودان الحدادى المدادى اذا كان السيد الامام عاجزا عن لم شعث اسرته الصغيرة الممثلة فى آل المهدى المباشرين : عمه وعمته وابناء اعمامه.او لم الكثيرين الذين خرجوا من الحوش الكبير من عموم عضوية حزب الامة . لقد تذكرت المثل الذى يضرب عن باب النجار المخلع عندما قرأت قبل ايام حديثا للسيد الامام يتحدث فيه عن مهام خارجية يقوم بها لرأب صدوع اقليمية ودولية لاطفاء حرائق هنا وهناك . وساءلت نفسى بحسرة : ما بال الحرائق فى ديار حزب الامة ، وآل المهدى تزداد اشتعالا طالما كان المهدى الامام قادرا على هذا التجول شبه اليومى من اجل اطفاء حرائق الآخرين.
يتبع-