فى التنصيب: حضر الاستقطاب وغاب الاشقاء وأهل الدار … بقلم: د. على حمد ابراهيم

 


 

 

نسجل ذلك  للتاريخ . ونقول ان لرئيس البشير انتزع السلطة للمرة الاولى فى  الثلاثين  من يونيو  من  عام  1989 و نصّب  نفسه  رئيسا  على  السودان  بارادته القاهرة  وليس  بارادة  احد من  أهل  السودان .  حتى  اذا قضى  من السلطة  وطرا ، وكثرت مشاكله مع قطاعات كبيرة من شعبه  فى  جنوب  البلاد   وشرقها   وغربها ، واستعصت  ازمات البلاد  على  الحل ، حتى  بعد ان تسوح   نظام حكم  الرئيس البشير  فى كل  المحافل الدولية ،  يضرب  اليها اكباد ابله بحثا عن  حلول ينشدها عند الآخرين  وليس  عند شركائه  فى الوطن الواحد ، حتى اذا حدث  كل هذا واكثر ، قرر الرئيس  الذى قال  ذات  يوم  وهو  فى  كامل وعيه  السياسى وانتشائه السلطوى   انه اخذ السلطة بالسلاح  وعلى  من  يريدها  منه  ان يحملالسلاح ، قرر  ان  يعود  ادراجه الى المعترك الديمقراطى الذى اباده فى  الثلاثين من يونيو من عام الحزن الشهير. وبالفعل اعد الرجل  عدته ، ورسم خططه  ، وجهز ميادين المعارك الانتخابية حسبما يهوى ، من  تعداد ، وتقسيم دوائر  انتخابية  ،وتكوين اجهزة ومبزانيات .حتى اذا  استقام  له  الأمر تماما ،   و لم يعد  فى الامكان احسن مما كان ،  دعا الناس الى الانتخاب فى يوم الزينة  الكبير .ولأن المقدمات  الواضحة  تقود الى النتائج الواضحة فقد جاءته  الرياح بما  تشتهى  سفنه الماخرة فى عباب السلطة.   وكان انتصار الرئيس الملك قامعا . فقد ذاب كل منافسيه  فى هجير ابريل  الفاقع مثلما يذوب  فص الملح فى  الماء الساخن .  وكان طريفا  ومثيرا  ان لا  يحصل   المنافسون للملك حتى على اصواتهم  الشخصية . لقد  تبخرت فى  هجير  ابريل الساخن .

    فى يوم الخميس  الموافق  السابع  والعشرين  من شهر  مايو من عام الفين وعشرة من مولد نبى  الله عيسى  عليه  السلام ، اقبل عهد جديد آخر فى  السودان اخذ فيه  الملك  السلطة  هذه المرة  عن طريق  الصندوق ، بعد  اخذه  لها   عن طريق – الماسورة- بلغة العسكر السياسيين- واحتفاظه بها لعقدين كاملين من الزمن الكسول  من الزمن  نالكسول. لقدكان حلم السودانيين كبيرا  فى انتخابات ابريل المنصرم. فقد  كانوا يأملون  فى تحول  ديمقراطى حقيقى يكتب الفصل  الاخير فى رواية  الديمقراطية السودانية التى ظلت عرضة للمذابح الشمولية على  مدى نصف  قرن من الزمن  تعلم فيها العاطلون عن الحجى الزيانة السياسية على  رؤوس الشعب السودان وجعلوه حقلا  لتجاربهم الفاشلة وانتهوا بالبلد القارة  الى ان يصبح على  قاب  قوسين  او ادنى من التشرزم النهائى بعد  ان حولوه قبلا الى حظيرة  على الشيوع الدولى والاقليمى تناقش  فيها اوضاع السودان  فى  معزل عن اهله  ويقرر  فيها وهم غائبون.كان ذلك هوحلم السودانيين فى انتخابات ابريل المنصرم. ولكن لذى حصلوا عليه  كان شيئا مختلفا تماما . التحول الديمقراطى  اصبح  اثرا  بعد  عين . وجاء   الاستقطاب الحاد  فى مكان الوفاق المنشود .  واصبحت  القوى السياسية اكثر  تشرزما واكثر  عدائية مع بعضها البعض.  وتعرضت الحريات السياسية الى  هجمات  شرسة بعد يام  فقط من اعلان نتيجة الانتخابات المثيرة  للجدل.  حيث  زج بالمعارضين والصحفيين فى السجون. وعطلت صحف.  وفرضت الرقابة  القبلية عليها  فى  احسن الاحوال. لقد بقيت مشاكل  البلد المأزوم فى مكانها ان لم تزد. واتسعت رقعة عزلته الدولية والاقليمية التى كانت قائمة اصلا  منذ زمن  طويل .  ولكن الجديد المثير  هو ظهور عزلة  النظام  العربية بصورة اكثر  وضوحا  فى  حفل التنصيب هذه المرة . فقد غاب الرؤساء  العرب  جميعهم من حفل  التنصيب . وكان  لافتا  للنظر بصورة خاصة غياب الرئيسين المصرى والليبى وهما الرئيسان العربيان  اللذين تحتفظ بلديهما بعلاقات اكثر  تجذرا  مع السودان. كما يلاحظ ان ا لدول  الافريقية ذات الوزن ، مثل جنوب اقريقيا ،  قد غابت عن حفل  التنصيب . بل ان رئيس جنوب  افريقيا قد هدد باعتقال الرئيس البشير اذا حضر  مباريات كأس العالم  فى بلاده. وقد اعلن الرئيس الجنوب  افريقى  هذا الموقف المتشدد فى لحظة  تنصيب  الرئيس البشير   مما  يشير الى  عدائية  غير  مسبوقة فى التعامل بين القادة  الافارقة الذين يحفظ  لهم  التاريخ  انهم هم الذين كسروا  الحصار ضد  ليبيا ذات يوم بزيارتهم  الجماعية  لها  عن طريق الجو فى تحد قوى  لقرار مجلس الامن بمنع الطيران من  والى  ليبيا بسبب  قضية  لوكربى  المشهورة . ان وقائع حفل  التنصيب  فتحت عيون  الشعب السودانى على حجم  عزلة  بلده الدولية والاقليمية والعربية. وكشفت  له ان ادعاء  لحكومة  السودانية  بتلاشى تأثير  قضية المحكمة الدولية على السودان لم يعد يحمل اى صدقية.الغياب اللافت الآخر عن حفل التنصيب هوغياب القوى السياسية  السودانية  المعارضة باجمعها . فقد قالت المعارضة  ان الانتخابات التى  جاءت  بالرئيس  البشير  مجددا رئيسا للسودان  لدورة جديدة  مداها خمس  سنوات هى انتخابات  مزورة.  ويوافق  مراقبون  عالميون  ومحليون كثيرون على وصف  تلك  الانتخابات  بانها  انتخابات  لم  ترق الى  المعايير العالمية  للانتخابات على اقل  تقدير. ولا ينزهونها  عن  شبهة  التزوير فى كثير  من الحالات . بل  ان مفوضية الانتخابات  نفسها  قد  اضطرت الى  الغاء نتائج  اربعين دائرة  انتخابية  على مستوى  القطر بعد تلقى شكاوى  وتقارير  دامغة عن  حدوث  مخالفات  فى  تلك  الدوائر  ترقى الى درجة  التأثير على  النتيجة  النهائية للدائرة. لقدكانت الانتخابات السودانية  فرصة مواتية للعودة بالسودان الى مساراته التاريخية  المعروفة  فى الوفاق لوطنى  والتسامح  والتراضى . ولكن  تلك الفرصة ضاعت مثل  الفرص الكثيرة التى ضاعت على السودان فى  ماضيه  القريب . ان المخلصين من ابناء السودان ، الخائفين عليه من مصير  يوغسلافيا والاتحادالسوفيتى القديم يضعون ايديهم  على  قلوبهم وصدورهم فى هذه الايام ويضرعون الى الله  أن يصرف  عن  بلدهم المكائد والمحن  وهم فى حالة مزرية من  العجز  وضعف  الحيلة .  وينتظرون  فقط  معجزة من السماء  تنقذ  بلدهم العزيز من تشرزم بات  وشيكا.    انهم يأملون ويتجملون  بالامل.  وقديما  قال الشاعر  :

ما أضيق العيش   لولا   فسحة الأمل.

 

 ما  أشبه الليلة  بالبارحة !*

 *   عسكريون  كبار  حذروا الرئيس اوباما  من  مخاطر  الهجوم على ايران. ففى الشهر الماضى حذر رئيس هيئة الاركان ، الادميرال مايكل موللن ،  حذر من  العواقب المزعزعة للاستقرار فى الاقليم  نتيجة لأى هجوم اسرائيلى على ايران . المستر  مايكل هانلون، من مركز بروكينج،  والخبير   الاستراتيجى  ،المستر بروس ريديل ،  كتبوا وحذروا   ضدالهجوم  على  ايران  فى المستقبل المنظور. اما فى واشنطن  فالحديث  لا  يدور الا عن  هذا  الهجوم  المحتمل  . فى ابريل الماضى قالت  السيدة ميشيل  فلورنوى ، وكيلة وزارة الدفاع للشئون السياسية  ان الخيار العسكرى ضد ايران يظل موضوعا على الطاولة .  السناتور جوزيف ليبرمان ، اليهودى المتشدد  ، قال  ان علينا  ان نكون مستعدين  لاستعمال القوة العسكرية لمنع حدوث ما هو غير مقبول.   مراسل  محطة س .ن . ن فى  وزارة الدفاع   يكشف عن توجيه سرى  صدر   مؤخرا عن   رئيس هيئة الاركان  الامريكية  الى القادة العسكريين  بأن   يجددوا  ويراجعوا خططهم  لأى طوارئ .  الجنرال ديفيد  بترايوس  ، قائد  القيادة  المركزية  الامريكية   واحد كبار  الصقور العسكريين الباقين الذين خدموا ادارة الرئيس  بوش  باخلاص  شديد تقول  التقاريرالسرية انه يرسل  مجموعات خاصة الى عدة اقطار فى  المنطقة  تضع الخطط  وتتجسس عليها تنفيذا  لسناريوهات عسكرية  قادمة .ويشمل فريق  المتطرفين   الذين يحبذون  الهجوم على ايران الآن، و حتى قبل ان يعطوا العقوبات وقتها الكافى ، يشمل   وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون،’و  وسفيرة  الولايات المتحدة  لدى  الامم المتحدة ، الدكتورة  سوزان  رايس . ومستشار  الأمن القومى  فى البيت الابيض ،ورئيس  هيئة موظفى البيت الابيض . هؤلاء  المتشددون   يجرجرون الرئيس   اوباما  نحو ورطة  شبيهة  بورطة الرئيس  بوش على ايدى  المحافظين الجدد  الذين  حسنوا  له  فكرة غزو العراق خلافا  لكل  التقديرات والتحذيرات . وكانت  النتيجة  هى عشرات الالوف من الارواح  الامريكية  والعراقية .  وازمات سياسية واقتصادية ومالية ما زالت تستعصى  على  الحل . بل ان  بعض المسئولين فى وزارة الدفاع الامريكية لا يخفون قلقهم من توجيهات الجنرال بترايوس هذه . ويخشون من بعض المخاطر التى قد تترتب عليها. ويشيرون تحديدا الى احتمال ان تعكر خططهفى  المنطقة  العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها فى الاقليم مثل السعوديية واليمن.  ويقول بعض المراقبين ان هالحلفاء  لا يريدون ان تربط دولهم  علنا بخطط الجنرال  بترايوس ، العسكرى الجمهورى الذى يقول  المراقبون  ان الحزب  الجمهورى  يدخره   لمنافسة الرئيس  اوباما  على  الرئاسة فى عام  2012.

واستمرارا   فى تصعيد  الاستعدادات العسكرية الامريكية فى الاقليم ،  فقد بدأت القوات الامريكية والقوات اليمنية معا عملية تدمير معاقل تنظيم القاعدة فى اليمن عن طريق القصف الصاروخى المركز   بقذائف تطلق من سفن  الاسطول الامريكى فى المحيط الهندى.   ويقول مسئولون عسكريون امريكيون ان الولايات المتحدة تخطط لانفاق 155 مليون دولار على تجهيز القوات اليمنية بعربات مدرعة وطائرات هيلوكوبتر واسلحة خفيفة.ونصح قادة عسكريون امريكيون كبار بتوسيع عمل القوات الامريكية فى الخارج الى ما بعد حدود العراق وافغانستان .  وقالوا أن  ذلك  سوف يساعد فى التصدى الى الجماعات المتطرفة بصورة افضل. توجيه الجنرال بترايوس المشار اليه  جرت صياغته بتعاون لصيق مع الادميرال أريك تولسون قائد القوات الخاصة ، التى تتولى  تنفيذ العمليات  العسكرية   التى لا  يمكن  تنفيذها  بواسطة قوات تقليدية . ان الايام  فى المنطقة حبلى  يلدن كل جديد.

-          

 

Ali Hamad [alihamad45@hotmail.com]

 

آراء