في ابيى “حبايب” ..ولكن ماذا عن حلايب ؟! … بقلم: عبدالباقى الظافر
عبدالباقى الظافر
26 July, 2009
26 July, 2009
تراسيم
alzafir@hotmail.com
في ابيى السودانية جلس الخصوم السودانيون تحت (راكوبة ) حديثة وهم يحدقون النظر حول شاشة تلفاز ضخمة ينتظرون إعلان نتيجة التحكيم ..إبراهيم محمود وزير الداخلية يجاور دينق الور وزير الخارجية ..الفريق مالك عقار نائب رئيس الحركة الشعبية كان أكثر الحضور توجسا.. فى لاهاي الهولندية وفى قصر قديم كانت المحكمة الدولية تعقد جلسة النطق بالحكم التاريخي ..بحضور أعيان ورموز القبيلتين المتصارعتين..الدينكا والمسيرية .. تلك اللحظات كانت فاصلة في حياة الأمة السودانية .. لأنها تعنى الانتقال من حيز الصراع إلى أفاق الأمل ..من خانة الحرب إلى فضاء السلام.
صدر الحكم في شكل تسوية أرضت الجميع ..الخرطوم كانت تطالب بكل الأرض شمال بحر العرب .. متحصنة بمبدأ قدسية الحدود التي خلفها الاستعمار .. جوبا ترى في ابيى قطعة عزيزة من التراب الجنوبي ألحقت قسرا بالشمال ..الناس في جدال ظهر النفط في قلب ابيى فأضاف إلى الصراع أبعاد ودراهم .
تسوية لاهاي مازجت بين العرف والقانون .. عملت بروح القانون ولم تتجاوز نصوصه ..خلطت الجغرافيا بالتاريخ ..زاوجت بين الاقتصاد والسياسة .. خلاصة خلطة لاهاي ..أنها لم تمنح طرف زهو الانتصار الذى لن يعقبه إلا الدم .. سال دمع عين دينق الور ولم يبتسم الدرديرى محمد أحمد ممثل حكومة السودان ..ولكن الجميع في جوبا والخرطوم أكد التزامه القاطع بالقرار .. بالتالي طوي ملف الأزمة في ابيى السودانية .
حلايب تماثل ابيى في نواح عديدة ..كانت جزأ من مصر عام 1899ولكن الإدارة الاستعمارية البريطانية رأت عام 1902 ضمها للسودان لأن سكانها جلهم من قبيلة البشاريين السودانية .. ومنذ ذلك التاريخ تشهد( قبل) الدنيا الأربع على سودانية حلايب ..كل خرائط العالم تقول ان حلايب سودانية.
حاول الزعيم جمال عبد الناصر ان يمد النفوذ المصري إليها عام 1958 ولكن عبد الله خليل رئيس وزراء السودان وقتها رده بعنف وحافظ على سودانية حلايب .
مصر (أخت بلادي) تسللت إلى حلايب تحت جنح الليل .. حينا تتعذر بحوجتها لمراقبة العدو الاسرائيلى ..ووقتا بالاستثمار المشترك ..مصر منذ 1992اخذت( بوضع اليد) حلايب ..حكومة مبارك تحاول تمصير حلايب بأعجل ماتيسر..تمد شبكات الطرق والمواصلات ..تعفى أبناء المنطقة من رسوم الدراسة الجامعية ..الوجود السوداني أصبح رمزيا.. ومؤخرا صار الدخول إلى حلايب (السودانية) يحتاج إلى إذن من السلطات( المصرية) .
حلايب عند الحكومة السودانية شكوى قابعة في أضابير مجلس الأمن الدولي ..لا تريد الحكومة ان تنفض عنها الغبار حتى لا تجرح خاطر العلاقات الثنائية .. في مثل هذه الظروف يمكن لملف حلايب ان يتسرب إلى سلة المهملات .. قرأت مؤخرا ان جهة حكومية تعتني بأمر الثقافة في بلادنا نشرت في إحدى مطبوعاتها خارطة تنسب حلايب إلى مصر ..رغم الخطأ الشنيع لم يستقيل أحد ..لأن الواقعة حدثت سهوا ..وهنا مكمن الخطر .
واضح جدا ان حكومتنا ليس في أجندتها حماية سودانية حلايب ..حكومتنا غير قادرة وربما غير راغبة في حماية ترابنا الوطني ..حتى لا تسقط قضية حلايب بالتقادم ..أو تشطب الدعوة لعدم حضور الشاكي ..تعالوا جميعا لنكون منظمة حلايب سودانية .. حتى تكون حلايب حاضرة في حياتنا .. اه لو منحتم هذا الشرف للهرم التاريخي بروفسور يوسف فضل .