في الذكرى 67 لترتفع عاليا رآية الاستقلال .. بقلم : تاج السر عثمان

 


 

 

1
تمر الذكرى 67 للاستقلال وشعب السودان يخوض المعارك ويقدم الشهداء لاسقاط انقلاب 25 أكتوبر الدموي واستعادة الحكم المدني الديمقراطي واستدامة الديمقراطية ووقف الحرب وتوفير الحياة الكريمة وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن اللغة أو اللون أو المعتقد السياسي والفلسفي ، ووحدة وسيادة البلاد.
يعيد الزمان دورته عندما توحدت ارادة شعبنا ضد الاستعمار في أوائل خمسينيات القرن الماضي في أوسع تحالف ضم الأحزاب والحركة النقابية وكل فئات الشعب السوداني من أجل جلاء القوات الأجنبية والاستقلال، حتي تم تتويج نضاله باتفاقية الحكم الذاتي لعام 1953 ، وما نتج عنها من ترتيبات دستورية كفلت حرية التعبير والنشر والتنظيم ، وقيام انتخابات حرة نزيهة، وتكوين أول برلمان سوداني عبر عن ارادة شعب السودان بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955 ، وإعلان الاستقلال رسميا في أول يناير 1956.
جاء استقلال السودان نتيجة لنضال شرس خاضه شعب السودان بكل مكوناته ضد الاستعمار منذ إعادة احتلال السودان عام 1898 ، وقيام الحكم الاستعماري الذي جثم علي صدر شعبنا لحوالي 57 عاما ، انتزع شعب السودان استقلالا نظيفا بعيدا عن أي أحلاف عسكرية وحقوقه وحرياته الأساسية التي قننها دستور السودان المؤقت لعام 1956 الذي كفل حرية التعبير والنشر والتجمع والمواكب وحرية التنظيم السياسي والنقابي والاجتماعي والثقافي والرياضي ، وقام السودان بتأسيس علاقات خارجية قامت علي المنفعة المتبادلة و نالت احترام دول العالم.
2
بعد الاستقلال صارع شعب السودان ضد الأنظمة الديكتاتورية التي صادرت تلك الحقوق والحريات ، حتي قامت ثورة أكتوبر 1964 ضد ديكتاتورية نظام عبود التي انتزع فيها شعب السودان الدستور الانتقالي المؤقت المعدل 1964 الذي كفل الحقوق والحريات الأساسية ، وكذلك في انتفاضة مارس – أبريل 1985 التي أطاح فيها شعب السودان بدكتاتورية النميري وانتزع فيها الدستور الانتقالي للعام 1985 الذي كفل حرية التنظيم والتعبير والنشر.
بعد أن ضاقت الجبهة الإسلامية بالديمقراطية الثالثة، وتوصل الحركة السياسية السودانية إلي اتفاق السلام مع الحركة الشعبية، قامت بانقلاب 30 يونيو 1989 الذي زاد اشتعال نيران الحرب التي امتدت لتشمل دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان وما نتج عنها من تشريد وابادة وجرائم حرب وماسي انسانية جعلت البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، إضافة للحرب ضد الشعب السوداني بمصادرة حقوقه وحرياته السياسية والنقابية والاجتماعية والثقافية والرياضية ، واعتقال وتشريد وتعذيب الالاف من المعارضين للنظام ، كما نفذ النظام سياسة الخصخصة والتحرير الاقتصادي مما أدي إلي إفقار 95 % من شعب السودان وتكديس الثروة في يد حفنة قليلة من طفيلي الإسلامويين الذين نهبوا ثروات البلاد وأفسدوا في الأرض بسياسة التمكين، وباعوا أصولها وممتلكاتها لمحاسيبهم بأثمان بخسة، مع عدم الشفافية والفساد في إنتاج وتصدير الذهب والبترول وتهريب العائدات منهما الذي يُقدر بمليارات الدولارات للخارج بدلا من استثمارها في الداخل لتنمية البلاد وتحسين أوضاع شعبنا الاقتصادية والمعيشية..
فرطوا في السيادة الوطنية حتي أصبح كل من هب ودب يتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد ، وفصلوا جنوب السودان ، كما فرطوا في أراضي وموانيء سودانية " حلايب ، شلاتين ،سواكن ، بورتسودان ، الفشقة..الخ". و وتدخلوا في شؤون بلد أخر عندما زجوا بأبناء السودان في محرقة حرب اليمن .
3
منذ بداية انقلاب الاسلامويين خاض شعب السودان أشرس المعارك ضد هذا النظام ، وواجه بصلابة عسف واستبداد وقهر هذا النظام كما وضح من هبات سبتمبر 2013 ، ويناير 2018 . وجاءت ثورة ديسمبر 2018 لتشكل حلقة متطورة في تلك المقاومة بعد أن أصحت الحياة لاتطاق وفشل النظام في تقديم أي حلول للأزمة الاقتصادية والمالية الذي هو السبب الرئيسي فيها، وفشلت الحلول الأمنية وتخصيص 75 من الميزانية للأمن والدفاع.
رغم انقلاب اللجنة الأمنية في 11 ابريل 2019 ، وانقلاب مجزرة فض الاعتصام وانقلاب 25 أكتوبر 2021 بهدف تصفية الثورة ، لكن استمرت الثورة رغم القمع الوحشي المفرط ، والتدخل الدولي الكثيف لتمكين العسكر في السلطة لضمان استمرار مصالح المحاور الاقليمية والدولية في نهب ثروات وموانئ البلاد .
4
في الذكرى 67 للاستقلال والرابعة لثورة ديسمبر لنرفع عاليا رآية الاستقلال والسيادة الوطنية التي اصبحت في مهب الريح بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي يحاول الاتفاق الإطارى تكريسه ، ونواصل التصعيد الجماهير في أوسع تحالف وتنسيق لقوى التغيير الجذري والرافضة للتسوية ، والمزيد من التنظيم لهزيمة مخطط التسوية لتصفية الثورة وإعادة إنتاج النظام البائد وسياساته القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية التي تطلت برأسها كما في القمع الوحشي للمواكب السلمية واستمرار الإبادة الجماعية وحرق القرى في دارفور وبقية المناطق المناطق لنهب الموارد ، والسير في سياسة التحرير الاقتصادي والليبرالية الجديدة التي افقرت شعبنا من خلال الارتفاع المستمر في الأسعار وتخفيض الجنية السوداني ، والضرائب الباهظة، وسحب الدولة الدعم عن التعليم والصحة والدواء كما في الرسوم الباهظة المفروضة علي الطلاب المقبولين الجدد في الجامعات هذا العام ، وتدنير القطاعين الزراعي والصناعي جراء الارتفاع المستمر في أسعار مدخلات الإنتاج والطاقة (جازولين، كهرباء. الخ)، وشبح المجاعة الذي يهدد 15 مليون سوداني ، ومقاومة التدخل الخارجي الكثيف في الشؤون الداخلية من المحاور الاقليمية والعالمية بهدف نهب ثروات البلاد ، ونستلهم تجربتها في عدم تكرار انتكاسة ثورة أكتوبر ، ومهم مواصلة النهوض والتصعيد الجماهيري والثورة حتي تحقيق أهدافها في الآتي : -
- العدالة الناجزة ومحاكمة المجرمين في مجازر فض الاعتصام ، ومابعد انقلاب 25 أكتوبر، والجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب وغرب كردفان وبقية المناطق ، والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين ..
- _ التفكيك الناجز لنظام 30 يونيو واستعادة أموال الشعب والشركات المنهوبة منهم، وتحويل كل ممتلكات وشركات المؤتمر الوطني ورموزه إلي الدولة ، وتحرير الإعلام من عناصر النظام البائد ليصبح إعلاما للشعب والثورة.
- إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات السياسية والنقابية ، وتحقيق الاصلاح الأمني والقانوني بأن يكون جهاز المن فعلا لاقولا لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها.
- _ أن تضع الدولة يدها علي كل شركات الجيش والشركات العاملة في الذهب والبترول وتخصيص جزء من عائداته لتنمية مناطق الانتاج والمحافظة علي البيئة، ومراجعة كل الاتفاقات حول تأجير الأراضي الزراعية التي تصل الي 99 عاما، لمصلحة شعب السودان والمناطق المحلية.
- تحسين الأوضاع المعيشية التي تدهورت كثيرا بعد الثورة، وتركيز الأسعار ودعم السلع الأساسية، ومجانية خدمات التعليم والصحة وتوفير خدمات المياه والكهرباء، وإعادة تأهيل المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية لدعم الإنتاج وتقوية الصادر والعملة المحلية وتوفير العمل للعاطلين ، وتقليل الصرف علي جهاز الدولة وميزانية الأمن والدفاع التي تصل 76 % ، وزيادة ميزانية التعليم والصحة والتنمية.
- إلغاء اتفاق جوبا بعد فشله في تحقيق السلام كما هو الحال في استمرار الحرب والإبادة الجماعية في دارفور والمنطقتين ، وتحقيق الحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة كما في الآتي:: -
* الديمقراطية وإلغاء قانون الأمن وكل القوانين المقيدة للحريات.
* رفع حالة الطوارىء ، واطلاق سراح كل المحكومين.
*الترتيبات الأمنية بحل كل المليشيات " دعم سريع ، جيوش الحركات. ، جيوش ومليشيات الكيزان.الخ" ، وانجاز قومية مهنية القوات النظامية.
* تسليم البشيروالمطلوبين في جرائم الابادة الجماعية للجنايات الدولية.
* عودة النازحين لقراهم ، وإعاد تأهيل واعمار مناطقهم ، وعودة المستوطنين لمناطقهم ، والتنمية المتوازنة.
- الغاء كل الاتفاقات العسكرية التي تفرط في سيادتنا الوطنية، والخروج من المحاور العسكرية ، ورفض قيام قواعد عسكرية في البلاد ، وقيام علاقاتنا الخارجية علي أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري، والتفاوض لعودة كل الاراضي السودانية المحتلة مثل: حلايب ، شلاتين ، الفشقة. الخ
* قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة، وحماية ثقافة ولغات المجموعات المحلية، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية ، الذي يقرر كيف تحكم البلاد؟ ، ويضع الإطار لدستور ديمقراطي بمشاركة الجميع ، وقانون انتخابات ديمقراطي ولجنة مستقلة تضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية التي يجب الا تقل عن اربع سنوات.

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء