في انتظار السيدين: الأمة والاتحادي … البحث عن مشترك .. قرير: خالد البلولة ازيرق

 


 

 

كمن يبحث في دفاتره، بدت تحركات حزب الامة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي خطواتهما نحو تنسيق المواقف مع اقتراب موعد الانتخابات، تنسيق بعد مسيرة طويلة من التباعد في المواقف بين الحزبين أعقب انسحاب حزب الأمة القومي من طاولة التجمع الوطني الديمقراطي الذي يترأسه محمد عثمان الميرغني، ليعود الحزبان مجدداً عبر لجنة مشتركة لترتيب العلاقة بينهما في شكل تنسيق ربما يقود لخلخلة كثير من المواقف التي ربما تسفر عن اعادة تشكيل الخارطة التحالفية في الساحة السياسية اذا مضت خطوات التقارب في المواقف بين الحزبين الكبيرين نحو غاياتها التي تنشدها قيادة الحزبين وجماهيرهما.

ففي ظل الحراك الانتخابي الذي تشهده الساحة السياسية منذ فترة والذي تحركه قوي ملتقي جوبا بقيادة الحركة الشعبية، واحزاب حكومة الوحدة الوطنية بقيادة المؤتمر الوطني، فاجأ حزبا الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الساحة السياسية ببيان صدر أول أمس بعيد انتهاء اجتماع اللجنة المشتركة بين الحزبين التي عقدت اجتماعاتها بعيداً عن أعين الساحة السياسية الأخري، توصلا فيه الي تنسيق الجهود والمواقف المشتركة في العملية الانتخابية المقبلة، ولكن خطوات التقارب التي يبحث عنها الحزبان تقف دونها كثير من العقبات والمواقف السابقة التي باعدت بين الحزبين، والتي لم تبدأ بطلاق حزب الأمة القومي للتجمع الوطنى الديمقراطي ولم تنته  بتقارب المواقف بين الاتحادي والمؤتمر الوطني في كثير من القضايا الوطنية.

لتضع نقطة الالتقاء المشتركة التى توصل لها الحزبان أول أمس لبنة جديدة في مسيرة جديدة تفرض مستجدات الواقع السياسي علي الحزبين تنسيق مواقفها لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة التي تواجه الحزبين اصحاب الاغلبية طيلة الانتخابات الديمقراطية «الثلاثة» الماضية التي شهدها السودان منذ استقلاله، لتضعهما الانتخابات المقبلة أمام تحدٍ جديد لاثبات جماهيريتهما ومواقفهما التاريخية بعد تغييرات كبيرة شهدتها الخارطة الانتخابية التقليدية للحزبين نتيجة لمستجدات سياسية قلبت كثير من موازين القوي السياسية ببروز تيارات سياسية جديدة أصبحت ذات نفوذ قوي في عدد من مناطق نفوذ الحزبين التاريخيين.

فقد اتفق الحزبان علي منهج عمل للحوار في كل القضايا يتوج بتفاهم نهائي يوقع عليه السيدان، وقال حاتم السر الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي ان الحزبين تفهما ما اسماه بالرسائل الخاطئة التي يبعثها المؤتمر الوطني من حين لآخر علي ان يحتفظ كل حزب بأحقية ادارة الحوار مع الجهة التي يرتضيها علي ان توضع المحصلة أمام القوي الأخري لتوسيع مائدة التشاور في القضايا المصيرية. وكانت اللجنة المشتركة بين الحزبين قد بحثت تطورات الاوضاع السياسية بالبلاد وتنسيق المواقف والرؤي بين الحزبين خاصة فيما يتعلق بالعملية الانتخابية، حيث اتفق الطرفان علي ضرورة العمل المشترك من اجل توفير الضمانات الكافية لاجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وتهيئة الاجواء المناسبة لنجاح العملية الانتخابية. وقال الاستاذ ياسر كمبال القيادي بحزب الأمة وعضو اللجنة المشتركة بين الحزب الاتحادي وحزب الأمة لـ»الصحافة» انهم أمنوا مع الحزب الاتحادي الديمقراطي علي موضوع التحالفات تماماً، وبدأوا التحضير لذلك بمسألة تهيئة الأجواء للانتخابات من حرية ونزاهة وحيدة وذلك بالمطالبة بتأجيل الانتخابات وتمديد مدة الاقتراع لعشرة ايام، وأشار الي انهم في اللجنة المشتركة يسعون لتطوير الاتفاق بين الحزبين الي تحالف في الانتخابات، واضاف ان التحالف في الانتخابي ممكن بين الحزبين ومتاح افضل من أي وقت مضي بين الحزبين، وقال ان ما تم الاتفاق عليه يمكن ان يطور ليكون تحالفا انتخابيا مرتقبا، واشار الي انهم يسعون لتحقيق الاجماع الوطني قبل الانتخابات والتوافق علي ان تجري الانتخابات بشكل متراضٍ عليه بين القوي السياسية حتى لا تكون مدخل شر للبلاد، وقال ان اجتماع اللجنة المشتركة تم الحوار فيه بين الحزبين حول القضايا الوطنية المطروحة في الساحة وهي دارفور التي أمن علي مشاركتها في الانتخابات وتحقيق الاستقرار والسلام فيها والاستجابة لمطالبها، بالاضافة الي العلاقة بين الشمال والجنوب والاستفتاء المرتقب، وقال موقفنا في الحزبين «اننا ندعو للوحدة باعتبارها الخيار الامثل للسودان واستقراره، لكننا نري ان العلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لا توفر فرص الوحدة الجاذبة، وهذا الجو لابد ان يتغير ويكون هناك نوع من الاجماع الوطني علي هذه القضايا».

ويعد مراقبون خطوات التنسيق التي تبتدرها اللجنة المشتركة بين الحزبين حتمية للطرفين من واقع الظروف التي تعيشها الساحة السياسية والتي ستكون محصلتها النهائية خصماً علي رصيدهما السياسي والجماهيري مع اقتراب موعد الانتخابات، ويشيرون الي ان الواقع السياسي يحتم علي الحزبين الكبيرين ليس الدخول في حوار تنسيق فقط بل حوار تحالف انتخابي حتى يحتفظا بمكانتهما التاريخية في الساحة السياسية، خاصة وان الحزب الاتحادي الديمقراطي مازال يقف وحيداً وبعيداً عن أي توجهات لتحالفات قادمة في الانتخابات المقبلة، وان بدأ حزب الأمة اقرب لتحالف احزاب جوبا الذي لم يقطع بعد بتحالفه في الانتخابات بفريق انتخابي واحد، ورغم ذلك فان حزب الأمة يتحفظ علي مسألة التحالفات من داخل احزاب ملتقي جوبا برؤية خاصة تحفظ له مكانته التاريخية في الساحة السياسية لذا يبدو في كثير من الاحيان أنه يتوق لتحالف الاتحادي الديمقراطي لأكثر من سبب، يضاف الي ذلك ان الحزبين يعانيان من حالة تشرذم داخلية ضربت جسديهما واسفرت عن انشقاقات داخل حزب الأمة القومي بلغت قرابة الستة أحزاب وفي الحزب الاتحادي الديمقراطي حوالي الأربعة أحزاب كلها تحت مسمي الحزب الاتحادي وحزب الأمة، في وقت يتعرض فيه الحزبان لحالة من الاستقطاب السياسي في الساحة السياسية من شريكي نيفاشا «الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني» فحزب الأمة القومي الذي وقع اتفاق التراضي الوطني مع المؤتمر الوطني بعد أن فشل اتفاقه الأول «نداء الوطن» في جيبوتي، عاد وأعلن ان المؤتمر الوطني نفض يده من التراضي الوطني ، وقال رئيسه الصادق المهدي «حينما اغلق باب التراضي الوطني في وجهنا في الشمال ذهبنا نبحث عنه في الجنوب»، في اشارة الي ملتقي احزاب جوبا الذي استضافته الحركة الشعبية، وبدا حزب الأمة منذ انفضاض سامر التراضي الوطني أنه بعيد  عن المؤتمر الوطني وقريب  في تحركاته ومواقفه من الحركة الشعبية واحزاب المعارضة، اما الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي قاطع تحالف المعارضة الذي استضافته الحركة الشعبية بجوبا، كثير من المراقبين يشيرون الي أنه متجاذب في الساحة السياسية بين تقارب خطواته وحواره مع المؤتمر الوطني، ونظرته لعلاقاته التاريخية والسياسية الممتدة مع الحركة الشعبية وبقية احزاب التجمع الوطني الذي مازال يحتفظ بقيادته ويضم احزابا ذات تاريخ وثقل سياسي كبير مثل الحزب الشيوعي والبعث العربي.

اذاً مشوار جديد في علاقة حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي استهل أول أمس باتفاق علي القضايا المشتركة واتفاق علي اجتماعات دورية كل خميس للجنة المشتركة لبلورة المواقف والرؤي حول مستجدات الساحة السياسية التي تعج بالحراك الانتخابي، فهل يسفر ماراثون التفاوض بين الحزبين الكبيرين عن تشكيل تحالف انتخابي قبيل انطلاقة سباق الانتخابات مطلع ابريل المقبل لتأكيد واثبات احتفاظهما بشعبيتهما في الساحة السياسية منذ الاستقلال، ام أن الاستقطابات السياسية التي تشهدها الساحة السياسية ستباعد مواقف الحزبين وتجعل من اتفاقهما أول أمس مجرد مسرح لعلاقات عامة تمارسها الاحزاب في موسم الانتخابات!!.

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء