في ذكرى رحيله العاشرة “1”: الفكي عبد الرحمن من الألف الى العين
بدرالدين حسن علي
16 September, 2012
16 September, 2012
قبل فترة وجيزة كان قد اتصل بي أحد طلابي في المسرح طلب مني أن أكتب عن الفكي عبد الرحمن ، قلت له من الصعب جدا ان تكتب عن شخص هو قريب منك مثل حبل الوريد ، بل تكاد تحس بأنفاسه ، هذا هو حالي مع الراحل المقيم الأستاذ الفنان الفكي عبدالرحمن الشبلي ، فالكتابة عنه ثلاثية الأبعاد ، البعد الأول هو خالي وهذا أمر مهم جدا ، والبعد الثاني هو أستاذي ومعلمي في أشياء كثيرة ، والبعد الثالث أنه فنان بحق وحقيقة .
في البعد الأول كان بمثابة والدي وشبيها به ، وفي البعد الثاني علمني كيف أقرأ المسرح من الألف إلى الياء ، فتح لي مكتبته العامرة بمئات الكتب في شتى ميادين المعرفة والعلوم ، سرقت نصف كتبه وحولتها إلى منزلنا ، وكان يعلم ذلك بالتفصيل الممل ، ولكنه لم يسألني إطلاقا إلى أن فارق الدنيا وهو الذي بنى مكتبته بعرق جبينه وكان يعتبرها كل حياته ، وكان يقول لزوجته آمنه عبد القادر : كل أمنيتي أن " يطلع بدرالدين هذا راجل إبن راجل والحمد لله أنني طلعت راجل إبن راجل "، ولما إشتد بي الحنق والغيظ إعترفت له ، فقال لي جملة واحدة " الكتب التي سرقتها حلالك بلالك " فقط يا صديقي لا تبخل بها على أشقائك وأصدقائك دعهم أيضا يسرقونها منك " . وهذا ما حصل لقد سرقت مني كل الكتب التي سرقتها من خالي ولكن برضائي ، أما في البعد الثالث وهذا هو الذي يهمني أنه فنان أصيل ، والأمر الأهم من ذلك إنقطاعي الطويل عن المسرح وتغير الكثير من الأشياء في العالم وفي حياتي شخصيا ومع ذلك سأغامر بالكتابة حتى لا يقولون أني بخيل .
هذه الأيام تمر ذكرى رحيله العاشرة فحاصرتني ذكراه وموته الفاجع المؤلم ، وما كنت أظن أني سأغيب عن تشييع جنازته ، خاصة وقد طلب مني في آخر محادثة هاتفية معه قبل رحيله بالعودة إلى السودان قائلا أن الكثيرين من أهل المسرح يسألون عني وذكر تحديدا إسم الصديق العزيز مكي سنادة ، بل ما كنت أظن أن علاقتي ستنقطع بأسرته الرائعة التي عشت معهم الكثير من السنوات منذ منزلهم في بيت المال ثم رحيلهم إلى الصافية ، فلم أستطع فعل شيء سوى الإتصال بالأخت العزيزة زوجته آمنه عبد القادر التي تشرفت بمعرفة معظم أفراد أسرتها الذين أكن لهم كل التقدير والإحترام .
الشبلي وأحلام جبرة
باديء ذي بدء عندما أتذكر الفكي عبد الرحمن تتداعى كل الذكريات الحلوة الرائعة التي قضيتها مع شقيقه من والده الكاتب المسرحي الأستاذ الفنان عبد الرحيم الشبلي ، وأتذكر مسرحيته الشهيرة " أحلام جبرة " التي قدمت من على خشبة المسرح القومي بأم درمان في ستينات القرن الماضي بطولة صديقي العزيز الفنان الكوميدي الرائع يحي الحاج وأتذكر زوجته منى وشقيقتها الممثلة المبدعة سميه عبد اللطيف ، كما أتذكر الإنسان الرائع عثمان قمر الأنبياء مخرج المسرحية ، وعبد الرحيم الشبلي هذا تعلمت منه الكثير والذي لا يمكن أن أنساه فقد كان نعم الصديق والأخ بطيبته وبشاشته ، وقد سعدت بمشاركنه زواجه في أم روابة من الأستاذة زينب حسن وهما الآن مغتربان في دولة قطر ولهما من الأبناء محمد وأحمد وأمجد .
" أحلام جبرة " كانت هي المحطة الثانية في علاقتي بالمخابرات السودانية بعد إعتقالي ألأول الذي تم على طيب الذكر الفريق إبراهيم عبود نتيجة قناعتي الكاملة بالظلم الذي وقع على أهلي في الجنوب ، فسألوني : من هو العامل " جبرة " ؟ فقلت لهم لا أعرف ، أسألوا المؤلف ، واستمر التحقيق الغبي . لم أتحدث مطلقا مع عبد الرحيم في هذا الأمر لأني قررت وقتها أن أتحمل كامل المسؤولية في أمر كتابتي عن مسرحية " أحلام جبرة""
badreldin ali [badreldinali@hotmail.com]
////////////