قانون الصحافة تحت محاصرة النواب … بقلم: علاءالدين محمود

 


 

 

تحت قبة المجلس الوطني

 

قانون الصحافة تحت محاصرة النواب

 

الخرطوم : علاءالدين محمود

 

alaaddinadwa@hotmail.com

 

لم يكن يوم امس يوما عاديا من ايام المجلس الوطني ففي ساعات صباحه الاولى احتشد عدد كبير من الصحافيين بعد ان نما الى علمهم عزم المجلس الوطني مناقشة السمات العامة لمشروع قانون الصحافة الجديد جاءوا معلنيين عن رفضهم لمشروع القانون ويبدو ان العديد من نواب المجلس الوطني قد تسللت اليهم موجه  الرفض الشديد الذي وجه به مشروع قانون الصحافة الجديد لعام 2009م من قبل المجتمع الصحافي في سياق اتسعت فيه دائرة المناهضون لمشروع قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009م، والذي كان إنخرط في حملة رفضه عدد كبير من  المهتمين من ممثلي الكتل النيابية بالمجلس الوطني والسياسيين والقانونيين، وبالامس انسحبت عدد من الكتل النيابية وعلى راسها كتل الحركة الشعبية والتجمع الوطني الديمقراطي وسلام دارفور وجبهة الشرق من الجلسة  المخصصة لمناقشة مشروع القانون الجديد للصحافة بالمجلس الوطني في مرحلة سماته العامة احتجاجا على مشروع القانون الذي ترى فيه تلك الكتل انه قد جاء غير منسجما مع روح الدستور الانتقالي واتفاقية نيفاشا للمصالحة الوطنية المبرمة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ، انسحبت تلك الكتل ليجد نواب المؤتمر الوطني انفسهم وحيدين يجادلون بعضهم البعض دون معارض لهم ينغص عليهم نقاشهم الهادي حول سمات مشروع القانون العامة بعد الانسحاب العاصف للكتل النيابية الاخرى وإن كان بعض المراقبين يرى ان هنالك تزمرا حتى داخل الكتلة النيابية للمؤتمر الوطني داخل المجلس الوطني احتجاجا على مشروع القانون الذي وصف بالمعيب حتى من قبل منسوبين للمؤتمر الوطني قبل ان تشبعه المعارضة نقدا ففي وقت سابق حدد الأمين العام للمجلس الدكتور هاشم الجاز رزمة من البنود التي رأى انها تتعارض مع عملية التحول الديموقراطي، ولا تتناسب مع قانون لكفالة الحريات الصحفية، وحماية الصحفيين، منتقدا الجزاءات المنصوص عليها في مشروع القانون، كما رأى ان العقوبات يجب أن تكون قضائية وليست عقوبات إدارية من سلطات مجلس الصحافة والمطبوعات، مشيرا الى ان هنالك فرقا بين العقوبات والجزاءات، حيث تتعلق الاخيرة بالتأنيب ولفت النظر وغيرها.وفي المجلس الوطني امس وفور الانسحاب من الجلسة عقدت كتلتا الحركة الشعبية والتجمع كلا على حدا مؤتمرا صحافيا حددا فيه موقفهما من مشروع القانون بالرفض وقدم ياسر عرمان رئيس الكتلة النيابية للحركة الشعبية بالمجلس الوطني خلال مخاطبته المؤتمر الصحافي للحركة المبررات التي جعلت الحركة تنسحب من الجلسة وهو نفس السيناريو الذي تكرر في المؤتمر الصحافي للتجمع الوطني الديمقراطي والذي جدد فيه التجمع موقفه المعلن والرافض لمشروع القانون. ارتياح كبير قابل به الصحافيون المحتشدون داخل المجلس الوطني انسحاب الكتل النيابية تلك غير ان فصول الحكاية لم تكتمل داخل المجلس الوطني ففي خارج المجلس احتشد عدد كبير اخر من الصحافيين يحملون شعارات ولافتات تطالب بالغاء المشروع خرج ممثلو الكتل النيابية لمخاطبتهم وتحدث ممثلا للحركة الشعبية مؤكدا رفض الحركة الشعبية الكامل لمشروع القانون الامر اقتلع به ممثل الحركة التصفيق والهتاف من قبل حشود الصحافين وهو المشهد الذي تكرر مرة اخرى عندما اعلن فاروق ابوعيسى الذي تحدث للحشد الصحافي نيابة عن كتلة التجمع عن موقف التجمع الرافض لمشروع القانون متمسكا بالمشروع الذي اودعه التجمع الوطني الديمقرطي المجلس الوطني وقال فاروق ان مشروع القانون جاء معيبا قبل ان يصفه باللقيط مؤكدا دعم التجمع للبيان الذي تلاه ممثل الصحافيين المحتشدين والذي جددت من خلاله مجموعة من الصحافيين مطالبتها بإلغاء مشروع قانون الصحافة لسنة 2009 الذي أودعه شريكا الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية منضدة المجلس الوطني الشهر الماضي.

 وتعتبر هذه المجموعة ان مشروع قانون الصحافة انتهاك واضح لنصوص الدستور الانتقالي واتفاقية السلام الشامل والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. معبرة عن دعمها للمعارضة التي يواجهها مشروع قانون الصحافة من قبل الصحفيين والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق الانسان  وترفض هذه المجموعة مشروع القانون باعتباره يحرم الصحافة من أداء وظائفها الأساسية لأنه بحسب البيان ينتهك حق الحصول علي المعلومات الذي نص علية الدستور الانتقالي، واتفاقية السلام التي تعتبر إنتهاك حقوق الإنسان إنتهاك للإتفاقية نفسها داعية أعضاء المجلس الوطني ولجنة الاعلام والمعلومات بصفة خاصة للإنتباه لخطورة مشروع القانون الذي تنتهك مواده الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور واتفاقية السلام الشامل والمواثيق الدولية . وتطالب أعضاء المجلس الوطني برفض مشروع القانون واستبداله بآخر يحترم حرية التعبير باعتبار أنها مفتاح لإتاحة الحقوق والحريات الأخرى . وكان مشروع قانون الصحافة الجديد قد تعرض للعديد من الانتقادات خاصة في الوسط الصحافي وعقدت مجموعات صحافية عديدة ورش وندوات تبرز فيه مسالب المشروع . وأنتقدت بشدة فرض مشروع القانون لقيود على حرية التعبير وحرية تداول المعلومات، وأن المسودة جاءت كنسخة اكثر سوءا من قانون 2004 بل يمكن القول أنها تمثل انتكاسة في مسيرة الحريات، لانها تحولت الى لائحة عقوبات تكثر من الحظر والمنع، وتعمل عكس القاعدة القانونية والشرعية، بان الاصل هو الاباحة وتوسيع الحريات، مشيرا الى ان المواد التي جاءت تحت مسمى حرية الصحافة والصحفيين( المادة 5) أكثرت من الحظر واباحت اعتقال وحبس الصحفيين اثناء ممارسة مهنتهم، وجوزت حظر الصحف ومصادرتها ، الحركة الشعبية من جانبها اوضحت في بيان لها الاسباب التي جعلتها تنسحب من الجلسة في بيان للناطق الرسمي باسم الحركة ين ماثيو جاء فيه (لقد قاطعت الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية لتحرير السودان جلسة البرلمان ليوم 19 مايو بعد التصريحات التى ادلى رئيس كتلة نواب المؤتمر الوطنى للصحف يعلن فيها وصولهم لاتفاق مع كتلة الحركة الشعبية على قانون الصحافة فى مرحلة السمات العامة وهو حديث عار من الصحة تماما ، فالاتجاه الغالب كان يؤكد اعتزام المؤتمر الوطنى تمرير القانون بالاغلبية الميكانيكية مما يتنافى مع روح الشراكة و اتفاقية السلام الشامل ، وقد جاءت مقاطعة كتلة نواب الحركة الشعبية التزاما مع توجيهات اجتماع المكتب السياسى الاخير بجوبا فيما يتعلق بقانون الصحافة و اهمية العمل مع الكتل البرلمانيةالاخرى لادخال التعديلات الضرورية عليه حتى تتسق بنوده مع الاتفاقية و الدستور) وبينما ذهب مراقبون قريبون من الحركة الشعبية الى ان الحركة لا علاقة لها بمشروع القانون وان هذا ماظل يروج له البعض فان البيان تحدث عن ادخال تعديلات ضرورية ولم يؤكد على اسقاط مشروع القانون او ينفي صلة الحركة به ، ولم يات نفيا من قبل الحركة لتصريحات رياك مشار نائب رئيس الحركة التي اكد فيها المشاركة في صنع مشروع القانون عندما اعترف رياك مشار في تصريحات متوفرة بصياغة قانون الصحافة، مع المؤتمر والوطني، وقال : ( صغنا قانون الصحافة باستشارة مجموعة من قادة العمل الصحافي). واكد مشار ان الغرامة الواردة في القانون بـ (50) ألف جنيه بغرض وجود قلم مسؤول وحكم راشد واضاف مشار (اذا تحدثنا عن حكم راشد لابد من صحافة راشدة على الاقل والصحفى يكون مسؤولا عن قلمه) . موضحا أن المكتب السياسي الذي انعقد بجوبا أخيراً ناقش القانون ، غير ان ماهو اوضح من تصريحات مشار نفسها هي مشاركة الحركة في اجازة مشروع القانون بمجلس الوزراء ، كما ان رئيس الكتلة النيابية للحركة الشعبية ياسر عرمان كان قد صرح قبل يوم من مناقشة السمات العامة وجاء في تلك التصريحات لعرمان : (ان الحركة تطالب وتعمل علي ادخال التعديلات التي ترضي الوسط الصحفي، وتنادي بها القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وأنها تسعي للوصول الي توافق حولها وانجاز قانون ديمقراطي للصحافة، معلنا أن كتلته ستلتقي كتل التجمع الوطني وسلام دارفور والأحزاب الجنوبية بعد غد الخميس، وأقر بأن الحركة كانت جزءا من  تمرير المشروع في مجلس الوزراء، لكنها تعمل الآن علي تعديله ليكون مرضيا للوسط الصحفي) ويرى عضو بشبكة الصحافيين السودانين ان الموقف الواضح للشبكة ونضالاتها هو الذي ساهم في صناعة هذا الموقف للحركة الشعبية كما انه اجبر المؤتمر الوطني للتعامل مع اطروحاتها عندما اكد غازي صلاح الدين انهم سيجلسون الى الشبكة والاستماع اليها لاجراء التعديلات اللازمة على القانون. ولئن كان الوسط الصحافي قد ثمن موقف الحركة الشعبية عاليا و قابل موقف الحركة الشعبية والتجمع الوطني الديمقراطي ، وكتلة سلام دارفور بارتياح بالغ فان الوسط الصحافي فيما يبدو يرجو مواقف اكثر تقدما في مرحلة التصويت على مشروع القانون.

 

آراء