قبل ساعات من بدء الإقتراع في الإنتخابات: المعارضة السودانية لازالت تتخبط !

 


 

صباح موسى
9 April, 2010

 

 

الخرطوم -أفريقيا اليوم/ صباح موسى  sabahmousa@hotmail.com

الباقي علي  بدء الإقتراع في  الإنتخابات السودانية أصبح يحسب بالساعات ومع ذلك فالأوضاع في هذا البلد الشاسع المساحة والمتعدد في ثقافات أهله وانتماءاتهم الحزبية والعرقية يختلف عن غيره من بلدان العالم في مثل تلك المناسبات ، فالحديث في الشارع السوداني لا يتناول الموقف التنافسي لهذا المرشح او ذاك في السباق الإنتخابي, وانما الحديث كل الحديث يدور حول الحزب الذي سيخوض الإنتخابات أو ذلك الذي سيقاطعها, وما اذا كانت تلك الإنتخابات ستجري في موعدها المحدد سلفا أم سيتم تأجيلها .

 

الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الثاني في الحكم أعلنت منذ يومين على لسان " باقان أموم" الأمين العام للحركة أن المكتب السياسي للشعبية  قد قرر في إجتماعه الأخير, مقاطعة إنتخابات الشمال, وأصبح هذا القرار للجميع أمر واقع, ولكن جاء " مالك عقار" نائب رئيس الحركة الشعبية ليهدم هذا الواقع من جديد. ونفى " عقار" في تصريحات صحفية أمس بالخرطوم ما أعلن عن مقاطعة الحركة للانتخابات في الشمال، معتبراً الحديث عن مقاطعة شاملة ،شخصياً ومتجاوزاً لقرارات المكتب السياسي للحركة.

 

وقال " عقار" أن موقف المكتب السياسي للحركة من الإنتخابات واضح ومعلن ولم يحدث فيه أي تعديل أو تغيير،وذلك خلافاً لما أعلنه "أموم"، بأن الحركة قررت مقاطعة الإنتخابات على مستوى الولاة في شمال السودان, موضحا أن الحركة ربطت خوض الإنتخابات في المستويات الأخرى بظروف الأشخاص، وقال إن أي شخص لا يرى في نفسه كفاءة للاستمرار في الانتخابات لأي سبب عليه الانسحاب،وأضاف: «سيكون ذلك بصورة فردية وقراراً شخصياً، لا علاقة للمكتب السياسي به».

وكشف عقار أن إجتماع المكتب السياسي للحركة لم ينعقد الثلاثاء لعدم إكتمال النصاب، وأكد حضور تسعة أشخاص فقط من عضوية المكتب،مبيناً أن اللجنة التي شكلها رئيس الحركة سلفاكير ميارديت, من الأمين العام ونائب رئيس قطاع الشمال مهمتها الإستماع لآراء مرشحي الحركة في الشمال حول إمكانية خوضهم للانتخابات ،مشيرا إلي أن كير أبلغ أعضاء اللجنة بأن اتخاذ أي قرار إن كان بالمقاطعة أو المشاركة سيكون قراراً شخصياً.

 

وإعترف عقار لأول مرة بوجود صراع داخل الحركة، لكنه لم يشأ الخوض في تفاصيله،وقال: «هنالك صراعات داخل الحركة لكن ما يحدث الآن مجرد تباين في المواقف»، قبل أن يعود ويعتبر أجواء التوتر في الحركة، طبيعية في ظل قيام عملية مصيرية ومكلفة مثل الانتخابات, وإكتفى بالقول «إن صعوبة المواقف دائماً ما تقود إلى التباين في الآراء».

 

وأكد مصدر رسمي من داخل الحركة الشعبية لـ " أفريقيا اليوم"  www.africaalyom.com  -  فضل عدم ذكر إسمه -  أن الموقف الرسمي للحركة هو ماجاء على لسان " باقان أموم" الأمين العام للحركة, وقال أن ماقاله " أموم" هو قرار تنظيمي وافق عليه المكتب السياسي, نافيا ماقاله " عقار" من أن النصاب القانوني لم يكتمل في هذا الإجتماع الذي أقر مقاطعة 17 ولاية من الشمال بإستثناء جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق, مضيفا أن عدم حضور " عقار" للإجتماع ليس معناه أن النصاب القانوني لم يكتمل.

 

وفي حزب الأمة القومي بقيادة " الصادق المهدي" وبعدما وضع شروطا تعجيزية لدخول الإنتخابات, وبعدما صرح بأن هذه الشروط قد تمت مناقشتها مع الحكومة, وتم الإتفاق على نسبة 90% منها, وإستبشر الرأي العام السوداني من هذا الحديث, بأنه تمهيد لدخول الأمة الإنتخابات, ليفاجئنا الأمة عشية أمس الأول بمقاطعة جميع الإنتخابات على كافة مستوياتها, وإختتم حزب الأمه بيانه في هذا الصدد بجملة أن لرئيس حزب الأمة الحق في ممارسة صلاحياته بالصورة التي تراعي المصلحة الوطنية ، الأمر الذي فسره المراقبون بأن " المهدي" وضع لنفسه خط رجعه في هذا الموقف, ربما لأن هناك ضغوط أو صفقات يلعب عليها في اللحظات الأخيرة لكسب المزيد.

 

وعلى العكس من حزب الأمه قرر الإتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة " الميرغني" خوض الإنتخابات على كافة مستوياتها, وكشفت مصادر في هذا الصدد عن أن مرافقة القيادي بالحزب الاتحادي الأصل، إبن عم الميرغني "طه محمد الحسن الميرغني" لمرشح الوطني للرئاسة "البشير" إلى الولايات الشمالية تأتي في إطار تنسيق مشترك تم بين الوطني والإتحادي. وأضافت المصادر أن التنسيق تم بموجبه إرجاع مرشح الإتحادي الأصل لحلبة المنافسة على الرئاسة السودانية.

 

حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي هو الوحيد الثابت على موقفه في المشاركة في الإنتخابات, وهذا الموقف الثابت, فسره " أحمد إبراهيم الطاهر"  رئيس البرلمان السوداني والقيادي البارز في الحزب الحاكم بأنه تخطيط من الشعبي لدخول البرلمان بمفرده مع الوطني, وقال لـ " أفريقيا اليوم" أن المؤتمر الشعبي هدفه واضح وهو دخول المجلس الوطني, فهو يريد فقط صوتا واحدا داخل المجلس, مضيفا أن الشعبي يعتقد أنه بدخول الأحزاب السياسية الأخرى لن يجد هذا الصوت, وأنه بطريقة التمثيل النسبي الأحزاب ستجد فرصة في دخول البرلمان, ولذلك كان من هدف الشعبي أن يشتت الأحزاب, وأن يسعى معها في جوبا, لكي  يبعدها عن الإنتخابات, وعندما إطمأن لذلك, أصر المؤتمر الشعبي على الإستمرار في دخول الإنتخابات, حتى ينفرد بالأصوات مع الوطني, ويكون المنافس الأول للوطني, في غياب الأحزاب, مؤكد أن هذه هي إستراتيجية الشعبي, والذي يسعى لأن يكون له صوت واحد داخل البرلمان.

 

"كمال عمر" الأمين السياسي للشعبي إستنكر حديث " الطاهر" وقال لـ " أفريقيا اليوم" هذا حديث غريب, وهو إستنتاج حكومي غير ذكي, مضيفا أن الوضع  هو أننا في الحزب نقود معركة التحول الديمقراطي, وكنا مستعدين لذلك رغم شح الإمكانات, مؤكدا أن الشعبي يقوم على الإستقامة, مشيرا إلي  أن الأحزاب لديها تقديرها الخاص بشأن الإنتخابات, وأن منها من يرى أن الإنتخابات بها خروقات, ومنها من لم يستعد لها, وقال نتفق مع الأحزاب في وجود  خروقات بالإنتخابات,  ولكننا قطعا لا نخطط للإستفراد بالوطني داخل المجلس, ولو كنا نخطط لذلك لم كنا نحتاج   لكل ذلك ، وكان يمكننا مفاوضته وأخذ أكثر المكاسب منه بشكل مباشر, ونحن أصحاب الفضل عليهم, وزاد لا يشرفنا أن نكون بمفردنا مع الوطني في البرلمان ، موضحا أن مافعله الشعبي مع الأحزاب السياسية كان من باب تهيئة الساحة السياسية للتحول الديمقراطي.

 

وعن الحديث عن تأجيل الإنتخابات لأسبوع قال الأمين السياسي للشعبي أن التأجيل لن يحدث شيئا, وسيكون مجرد عبث, والكلام عن التأجيل أسبوع أوشهر, سيربك الساحة السياسية أكثر, ولايوجد مبرر سوى تأزيم الوضع أكثر.

وعلق " عمر" على موقف حزب الأمة قائلا أن المكتب السياسي للأمه قد أعطى  رئيس الحزب سلطة لإدخال كثير من التعديلات والرؤى, مضيفا لا أستطيع أن أتكهن بشئ, سوى أن هذه المواقف ستخرج بعدد من المتفلتين داخل الأحزاب, وإحداث تشقق كبير بها, مؤكدا أن الحركة الشعبية بموقفها الأخير تبين أنها في طريقها للإنفصال. وقال أتفهم موقف الشعبية فطبيعي أن تسير الأمور هكذا, في ظل وجود شريك لها كالمؤتمر الوطني, مبينا أن مقاطعة الحركة لإنتخابات الشمال لن يضرها بشئ لأنها لا يوجد لها قواعد شعبية فعاله في الشمال, مضيفا هناك فقط بعض المتعاطفين مع الشعبية في الشمال.

 

وسط هذا الجو العام يتردد هنا وهناك أن مفوضية الإنتخابات تعكف الآن على دراسة تأجيل الإنتخابات لمدة أسبوع, لإعطاء فرصة أكبر لمن قاطع بالتفكير مرة أخرى, وهذا مانفاه بشدة قادة المؤتمر الوطني, والبشير نفسه يقطع الطريق أمام هذا التكهن.

 

وقال " أحمد إبراهيم الطاهر" رئيس البرلمان السوداني في رده على سؤال لـ " أفريقيا اليوم" حول مايتردد عن تأجيل الإنتخابات أربعة أسابيع قائلا أن الإنتخابات لن تؤجل ولا أربعة أيام.

 

يذكر أن معظم قيادات الأحزاب السياسية في حالة عزوف الآن عن أي تصريحات, ويفسر ذلك بأنه من الممكن أن يدلي القيادي بتصريح, وبعد دقائق يخرج رئيس الحزب بتصريح آخر مخالف, فالقرارات الآن داخل الأحزاب المترددة تقتصر على القيادة العليا فقط والمتمثلة في رئيس الحزب نفسه.

 

آراء