قراءة تحليلية لسيناريوهات إنتخابات جنوب كردفان التكميلية .. بقلم / آدم جمال أحمد

 


 

 

قراءة تحليلية لسيناريوهات إنتخابات جنوب كردفان التكميلية .. وتداعيات سقوط الحركة الشعبية ..

( 2 – 4 )

بقلم / آدم جمال أحمد – سدنى - استراليا
لقد أوضحنا فى الحلقة السابقة كيف إنجلت المعركة وحسم الجدال وإنفضّ سـامر الإنتخابات – التكميلية – بولاية جنوب كردفان بفوز مرشح المؤتمر الوطنى أحمد محمد هارون بمنصب الوالى ، بفارق ليس كبيراً فى الأصوات بينه وبين مرشح الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو كما كان متوقعاً ،  ، وعدم إعتراف الحركة بالنتائج ، وإعتبرتها عملية تزوير من قبل خصمها المؤتمر الوطنى .. لأن هذه الإنتخابات كانت مفصلية ومثابة أمل لكل مواطنى جنوب كردفان تمثل لهم نقطة فارقة لبداية تاريخ مشرق ونهاية لتاريخ قاتم عاشته الولاية خلال كل الحقب الماضية منذ تكوين الدولة السودانية ، وتكمن أهميتها  فى جوانب عديدة للولاية ، لأنها مرتبطة أولاً بمستقبل شعب جنوب كردفان كله وعلاقته الكلية بدولة الشمال من حيث الحقوق المرتبطة بالمشورة الشعبية ، والتى ينتظر نتائج ثمارها الشعب ، من خلال هذه الإنتخابات .. وثانياً كانت تمثل فرصة لإعادة الحقوق وضمان إجراء عملية المشورة الشعبية بشفافية ، ولكن نتيجة فوزا الشريكين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية الثنائى فقط بكل الدوائر للمجلس التشريعى الولائى ، يوحى بعدم وجود ديمقراطية والتشكيك فى نزاهة هذه الإنتخابات ، وعملية إقصاء للقوى السياسية والأحزاب الأخرى ، فأضحى مصير الولاية مرهون لإرادة شركاء نيفاشا ، وهذا الشكل من الممارسة سيؤثر بصورة واضحة على إستقرار الولاية وشبح التوترات الأمنية  والمشاكسات التى بدأت تلوح فى الأفق ، مما أدى الى توتر أجواء الانتخابات ، والتى شهدت حالة من الإستقطاب الإثنى والقبلى غير المسبوق بين المجموعات النوبية والمجموعات العربية بالمنطقة ، قادها الشريكان المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية بتوجهاتهما المختلفه ، مما ساهمت بشكل مباشر فى تعقيد العملية الإنتخابية بولاية جنوب كردفان ، بالإضافة الى تداعيات فوز أحمد هارون وتفوق المؤتمر الوطنى وكيف فشل عبدالعزيز الحلو وأسباب سقوط الحركة الشعبية .. وحتى نقف الى خفايا هذه الإنتخابات وما صاحبها من إخفاقات وملابسات ، دعونا نواصل قراءة تحليلنا من خلال الحلقة الثانية ، حتى نتعرف على بقية تفاصيل السيناريوهات ...
تداعيات ترشيح تلفون كوكو ضد عبدالعزيز الحلو وراء القضبان:
أن ترشيح اللواء تلفون كوكو وظهوره مؤخراً على مسرح الأحداث أربكت حسابات بعض القوى السياسية ، وما نتج عنه من ردود أفعال واسعة بدأت تتضح جلياً ، وذلك من خلال علو نبرات أصوات البعض منهم والتهديدات الأخيرة التى أطلقوها على الهواء لمصلحة من ؟ .. ومن الذى يقف وراء ترشيح تلفون كوكو  والجهات التى تدعمه ؟ .. ولكن ما يجب توضيحه أن ترشيح اللواء تلفون كمرشحا مستقلا لمنصب والى ولاية جنوب كردفان جاء مدعوماً بـسبعة آلاف صوت مؤيد يمثلون معظم أطياف ومكونات مجتمع الولاية ، ولقد حاز على تأييد أثنتى عشرة محلية من جملة تسع عشرة محلية ، وهذه  الخطوة أقدم عليها مجموعة من ناشطى المجتمع المدنى والمستقلين من أبناء الولاية ، لقد دفعوا بتلفون كوكو إلى حلبة المنافسة الإنتخابية ، والتى أدت الى ربك حسابات الطرفين .. المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية ، ولا سيما أن كوكو عرف بمواقفه الصارمة والواضحة تجاه قضية جنوب كردفان ، والتى لا تقبل المساومة ، سواء كان بدوره فى السلطة أو خارجها ، حيث جرب الأثنين معا منذ أن إنضم الى الجيش الشعبى فى أوائل الثمانينيات ، فلذلك يعتبر ترشيحه نتاج طبيعى لردة الفعل لورشة ( كاودا )  الأخيرة .. والتى كانت قاصمة الظهر لقيادات الحركة الشعبية .. مما جعلتهم فى مفترق طرق ، بعد أن رفض القائد عبدالعزيز الحلو التوصيات وقرارات الورشة ، والتى طالبت بإجراء إصلاحات واسعة داخل الحركة الشعبية بجنوب كردفان وإعادة المفصولين الى صفوفها وإطلاق سراح اللواء تلفون دون شروط ، إستعداداً للعملية الإنتخابية وخوض خمار المعركة من خلال فتح باب الحوار مع الآخرين وعمل تحالفات وترشيح القوى الأمين والكفؤ والغيور الوطنى حتى لو جاء من خارج منظومة الحركة الشعبية وذلك من أجل ضمان الفوز وتوحيد الصف والخطاب السياسى والاعلامى فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها الولاية ، ولكن قوبل ذلك برفض شديد من قبل الفريق الحلو وبعض رفاقه .. والتى إعتبرها البعض ذات دلالات .. أن يرفض قائد الحركة الشعبية القيام بقبول الإصلاحات واطلاق سراح تلفون فى الوقت الراهن .. نعم هى مفارقة لا تخلو من دلالات عميقة جديرة بالتأمل .. فكانت ردة الفعل قوية .. حيث أعلنت مجموعة كبيرة من قيادات الحركة الشعبية تضامنهم وتأييدهم له حتى لو ضمنياً ، وكانوا على صلة به .. وبل كانوا معه داخل معتقله حين توقيعه على اوراق اعتماد ترشيحه ، بالرغم أن تلفون كان رافضاً لفكرة الترشيح .. ولكن تم اقناعه من قبل هؤلاء ( قيادات الحركة الشعبية الناقمين من ورشة كاودا ) .. فهولاء القادة لا يستطيع احد ان يصفهم بأنهم موالين للمؤتمر الوطنى أو خونة لأنهم ببساطة من المؤسسين للحركة الشعبية فى جبال النوبة .. ومن قدامى المحاربين .. وقالوا بملئ فمهم (ماذا ينتظر شعب جنوب كردفان والمجموعات التى حاربت مع الحركة الشعبية فى جبال النوبة بعد أن إختزلت أدبيات الحركة الشعبية وقراراتها فى يد فئة معينة لها حق الرضا والقبول .. وهى ما زالت تركض لاهيثة وراء السراب والأحلام الزائفة ) .. فغادر البعض منهم غاضباً البلاد ، وظل الآخر مسانداً لترشيح تلفون كوكو ودعم حملته من أجل مصلحة المظلومة المكلومة المأزومة المسَّماة (جنوب كردفان) ، التى لم يخيل أحد أن تصل مأساوية المشاهد فيها درجة من التراجيدية والسوداوية والنكوص عن كل الشعارات والمعانى المرفوعة والمطروحة فى الساحة من قبل الحركة الشعبية وإنتهاج الحلو أسلوب الغاب فى التعاطى مع الشأن العام والنوبى ، وسيادة قانون القوة بدلاً عن قوة القانون وقوة الحق لدرجة حسم الخلافات وتغليب الرؤى ووجهات النظر حتى داخل التنظيم السياسى الواحد باللجوء إلى إعتفال المناوئين المغايرين فى الرأى ووجهات النظر ، ناهيك عن المناوئين المغايرين في الأيدولوجيا والفكر السياسى.
بالرغم أن تدشين الحملة الإنتخابية لتلفون كوكو جاءت متأخرة عن منافسيه الآخرين ، نسبة لغيابه وسجنه وراء القضبان ، إلا أنه حرص على مخاطبة أنصاره بالهاتف من مقر إعتقاله بجوبا ، ولقد كشف وكيله الأستاذ عمر منصور فى حديث خاص لـه بأن رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفا كير ميارديت لقد شكل لجنة كانت تنظر في إيجاد تسوية للخلاف بين الحركة والقائد تلفون كوكو ، وأن رئيس اللجنة هو قائد من قادة الجيش جلس مع كوكو للتباحث حول هذا الأمر ، وهناك تسوية طرحتها الحركة الشعبية على تلفون كوكو في سبيل إطلاق سراحه مقابل سحب تلفون لترشيحه فى الإنتخابات مقابل التعويض بمنصب دستورى فى حكومة الولاية ، حال فوز عبد العزيز الحلو ،  ولكن أعدلت الحركة مؤخراً حينما علموا بإطلاق سراحه فى مؤتمر صحفى يعقده سلفاكير فى كادقلى وصفوه بالخطر ، مما جعل أنصار تلفون التصميم من مواصلة الإنتخابات لمنافسة الحلو ، فكان تشتيتاً للأصوات بين الأثنين مما عزز فرص أحمد هارون فى الظفر بهذا المقعد الأهم فى تاريخ الحركة الشعبية ، لأن الأصوات التى نالها تلفون أكثر من تسعة ألاف جديرة بترجيح كفة عبدالعزيز وفوزه على أحمد هارون ، إذا إستقرت الحركة على أدبياتها السياسية والتنظيمية ، وقيمت تجربتها وإنتهجت سياسة الإنفتاح وقبول الرأى والطرف الآخر ، وفكت إرتباطها بالجنوبيين لإنصلح حالها ولتحقق الإتفاق بين قادة النوبة في جنوب كردفان.
الأسباب الحقيقية وراء إلغاء زيارة سلفاكير للولاية ودعم موقف الحلو
من غير سابق وعد أو إنذار لقد ألغى رئيس حكومة جنوب السودان سيلفا كير ميارديت زيارته إلى ولاية جنوب كردفان لدعم مرشح الحركة الشعبية عبد العزيز آدم الحلو والتى كان مقرراً لها بعد زياة رئيس الجمهورية عمر البشير للوية ودعم مرشح حزبه أحمد هارون ، ولكن لقد تحصل المكتب المعنى بتأمين الزيارة على معلومات تفيد بوجود مخطط لإغتياله ، وتشير أصابع الإتهام الى كلاً من ياسر عرمان وعبدالعزيز الحلو وراء تلك الفرية ، بعد أن كان منتظرا أن يعلن فيها سلفاكير العفو عن تلفون كوكو وإطلاق سراحه خلال مؤتمر صحفى يعقده بمطار كادوقلى ، ولكن ذلك لم يحدث نتيجة لإعتراض قيادات عليا بالحركة كما اشرنا .. لأن ذلك بموجبه سوف يوجه ضاربة قاضية وصفعة قوية لموقف الحلو ، مما يعنى سحب البساط وخطف الأضواء ، مما يفقده كثيراً من الأصوات ، ونتيجة لذلك المخطط المزعوم ، لقد إتهمت إستخبارات الحركة الشعبية مجموعة من الموالين للواء تلفون أبو جلحة المرشح المستقل لمنصب الوالى المعتقل فى جوبا بالترتيب لإستهداف ميارديت خلال الزيارة ، ولكن رغم ما حدث إلا أن سيلفاكير وجه رسالة صوتية إلى الناخبين .. قال فيها (إن جنوب كردفان ولاية مهمة تجاور أربع ولايات فى جنوب السودان ويجب أن تكون مكانا للسلام ) .. أى مشيرا إلى أن سلام وإستقرار جنوب كردفان هو دعم لسلام وإستقرار الجنوب .. وقال أيضاً  ( لن نسمح بإندلاع حرب جديدة بين الشمال والجنوب ولتذهب الجهود للتنمية والجوار الجاذب .. وأنا كرئيس لحكومة الجنوب ودولة الجنوب القادمة أجندتى أجندة للسلام وليس للحرب واليد الواحدة ما بتصفق ولذلك أدعوكم لإنتخاب عبدالعزيز آدم الحلو .. فهو أخى وصديقى ومناضل شجاع عرفته فى سنوات الحرب والسلام .. وهو بعلاقته بجنوب السودان سينقل ولاية جنوب كردفان إلى سلام دائم مع الجنوب ) .. ومن خلال خطابه نجده يؤكد أن مجهودات الحركة الشعبية ستكون لضمان وصول جنوب كردفان والسودان إلى سلام عادل وشامل ودائم .. ولكن الحقيقة وراء إلغاء زيارة سلفاكير للولاية غير ذلك ، حيث أن التقارير التى وصلته من قبل الحركة الشعبية بجنوب كردفان ، وخاصة من جانب الحلو وعرمان كانت تطمئنه وتقول له (كل تمام يا كمورت .. ويا سعادتك .. أن الأوضاع فى جنوب كردفان تشير لفوزنا بمنصب الوالى والمجلس التشريعى بكل سهولة ، وأن موقفنا فى الولاية 80 % وموقف المؤتمر الوطنى 20 % ) ، ولكن أخيراً لقد إتضح أن السيد الحلو كان يكذب على رئيسه .. وإنجلت الحقيقة لسلفاكير حينما وضع تقارير الحلو جانبا ، وبدأ يقرأ غيرها ، لتوضح له التقارير التى وصلت الى يده من من جانب مبعوثيه ومناديبه للمنطقة تؤكد أن الحقيقة غير ذلك أى عكس ما يقوله الحلو وعرمان ! .. فنصحوه بأن يلغى الزيارة حتى لا يتم إحراج موقفه مستقبلاً ، وهو يدعم ممثل خاسر للإنتخابات ،  فكانت المسرحية التى وصلت الى وسائل الاعلام حيث تقول .. ( أن هناك تهديدا أمنيا على حياة رئيس حكومة الجنوب بواسطة مجموعة يعتقد أنها موالية للمرشح المستقل لمنصب والى جنوب كردفان تلفون كوكو ) .. وتاه الحلو قبل بداية ضربة الإنتخابات ! .. مما ألقت بظلالها فقضت بإستمرار حبس وإعتقال تلفون كوكو ، مما أدى الى إستياء الموالين لتلفون وبعض أبناء النوبة بالجيش الشعبى حتى وصل الأمر الى تشتيت أصوات الناخبين فى الولاية مما أدى سقوط وضياع عبدالعزيز الحلو .. ولكن يمكر السوء بأهله.

تحليل وقراءة متأنية لنتائج الدوائر الجغرافية بالولاية
إن عدد مقاعد المجلس التشريعى بولاية جنوب كردفان (54) مقعداً ، حيث نال المؤتمر الوطنى منها (33) مقعداً ، بينما نالت الحركة الشعبية (21) مقعداً ، أى بنسبة تقارب 40 % من عضوية المجلس التشريعى للولاية ، ولقد شكلت هذه النتيجة مفاجأة لكل المراقبين الذين توقعوا إكتساح المؤتمر الوطنى لهذه الإنتخابات نسبة للتنمية الكبيرة التى قام بها فى هذه الولاية ، ولكن ما نستغرب له لم يفز أى مرشح من مرشحى الأحزاب السياسية الأخرى التى شاركت في الإنتخابات كما لم يفز أيىمرشح مستقل ، وهذا يعنى أن الأحزاب التقليدية لقد فقدت قواعدها بالمنطقة ، ويبدو أن عامل السلطة كان له أثره المباشر فى النتائج النهائية للإنتخابات.
وبذلك لقد تقاسم الشريكان مقاعد دوائر التمثيل النسبى للأحزاب كما حدث فى إتفاق نيفاشا ، حيث أحرزت الحركة الشعبية 191.582 صوتا لتنال أربعة مقاعد ، وأحرز المؤتمر الوطني 182.751 صوتا لينال كذلك أربعة مقاعد ، وضمت قائمة المؤتمر الوطني إبراهيم محمد بلندية ، أحمد محمد مختار، أحمد محمد أبكر وعبد الله حمدان ، وقائمة الحركة الشعبية ضمت مهاجر حامد ، إدريس ناجى ، يعقوب التجاني وتوتو ملوكة ككى ، كما تقاسم الشريكان مقاعد المرأة حيث نال كل منهما سبعة مقاعد ، وشملت قائمة المؤتمر الوطنى ، صفاء فضل رحمة الله ، آسيا إدريس ، سيدة أحمد قائد ، فاطمة عثمان ، التومة طبق ، ليلى رزق الله وعنايات على الطاهر .. وشملت قائمة الشعبية .. بثينة إبراهيم دينار، نجدة رميو ، شادية جبريل ، النسيم عيس كوكو ، سلوى جمعة دلمان ، حفصة إدريس ، وعزيزة محمد عزار . وبذلك لقد سيطرا الشريكان – المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية – على مقاعد المجلس التشريعي للولاية ، حيث فاز المؤتمر الوطنى بعدد 22 من الدوائر الجغرافية والحركة الشعبية بـعدد 10 منها.
لقد خسر أحمد هارون كثيراً من الأصوات كانت فى دوائر محسومة مسبقاً للمؤتمر الوطنى ، حيث وجدت طريقها الى عبدالعزيز الحلو ، فالحركة الشعبية نفسها لم تكن متوقعة أن يحصد مرشحها تلك الصوات فى بعض الدوائر ، وهى كانت تعلم جيداً بأن مرشح المؤتمر الوطنى سيكتسحها ، والذى إعتمد على شخصية هارون وما قدمه للمنطقة وإعتبرت ذلك كافياً  لإكتساح الإنتخابات ، فترتب عليه ضعف وفارق ضئيل فى الأصوات بين الوطنى والحركة ، أما الحركة الشعبية فهناك ضعف ناتج عن ضعف مؤسسته الحزبية ، والتى تحتاج لوقفة للتقييم وليست المشاكسة ، لأن هذه الخسارة لها إنعكساتها السلبية على مستقبل المنطقة حينما تجرى المشورة الشعبية ، فلذلك لا بد من قراءة متأنية وعميقة لنتائج الإنتخابات بعيداً عن المشاحنات والعاطفة والتعنت ، بل التعقل والتحليل بدقة للإخفاقات التى حدثت فى بعض المناطق التى جاءت نتيجتها غير متوقعة وبل مخيبة للآمال ، حتى تتدارك ما حدث خلال العملية الإنتخابية والتى بذل فيها مجهوداً كبيراً ، ولكن ذهبت هذه الجهود أدراج الرياح ، ويبدو أن هناك خللاً واضحاً فى مسيرة الحركة بجنوب كردفان لتصحيح المسار ومعالجة وتلافى الأخطاء مستقبلاً ، لأنها ليست آخر المطاف ..
ولقد ضمت قائمة الـ 22 الفائزين بمقاعد المجلس التشريعي من المؤتمر الوطنى ، عن الدوائر الجغرافية كل من: محمد آدم بابكر جبريل - 11,165 صوتاً الدائرة رقم (1) العباسية ، عبدالرحمن النور بركة حسين - الدائرة رقم (2) رشاد تجملا ، 9,160 صوتاً ، محمد الزبير كلكة الوزير - الدائرة رقم (3) أبو كرشولا أم برامبيطة ، 10,257 صوتاً محمد حسن عبدالله محمد - الدائرة رقم (4) مدينة وريفى أبو جبيهة ، 7,024 صوتاً صالح عساكر عيساوى آدم - الدائرة رقم (5) السراجية وجديد أبو نوارة ،9,109  صوتاً علي محمد النور النعمة على - الدائرة رقم (6) وكرة الترتر ، 9,679 صوتاً أحمد حسن عباس بوش -الدائرة رقم (7) كالوقى ،7,030 صوتاً ، آدم جاروط خميس كوكو - الدائرة رقم (8) تلودى الليرى ، 6,834 صوتاً ، قادم بابكر آدم إسماعيل - الدائرة رقم (9) مدينة كادقلى ، 8,295 صوتاً على التوم مسار فال النبى - الدائرة رقم (11) كادقلى الشرقية ،  5,238 صوتاً ، مضوى أحمد مضوى أحمد - الدائرة رقم (21) القوز شمال ،7,030  صوتاً ، الطيب عبدالرحمن يونس عبدالرحمن - الدائرة رقم (22) القوز جنوب ،6,577 صوتاً ، حمدان أحمد ضحية شبوري، الدائرة رقم (23) لقاوه، 7,461، أحمد علي أحمد على صوتاً الدائرة رقم (24) السنوط، 5,767 صوتاً ، سعد داؤود عبدالرحيم جمعة - الدائرة رقم (25) كدام ، 4,018 صوتاً ، بندر إبراهيم أبو البلول كشيب - الدائرة رقم (26) كليك ، 5,507 صوتاً على إسماعيل حمودة إيدام - الدائرة رقم (27) مدينة وريفى الفولة ، 4,777 صوتاً ، نافع إسماعيل نافع عامر - الدائرة رقم (28) بابنوسة التبون ، 4,148 صوتاً ، إدريس بخيت أحمد كيال - الدائرة رقم (29) كجيره ، 4,087 صوتاً ، الفكي نواى فضل الله سعد - الدائرة رقم (30) مدينة وريفى المجلد ، بالتزكية  ، إيدام آدم محمد آدم أبو شعيرة - الدائرة رقم (31) الميرم والستيب ، 11,126 صوتاً ، إسماعيل حامدين حميدان الشخيطير - الدائرة رقم (32) الدبب وشمال أبيى ، 4,544 صوتاً ، بينما ضمت قائمة الحركة الشعبية كل من: سليمان جبونه محمد ساردين - الدائرة رقم (20) هبيلا دلامي،13,603، أحمد بلقة ايتم كوكو ، الدائرة رقم (19) سلارا، 13,867 صوتاً ، حمد النيل حسب الله سليمان خضر - الدائرة رقم (18) مدينة وريفى الدلنج ، 8,196 صوتاً ، اسكيال كوكو تالودى كافنى - الدائرة رقم ( 17) البرام الجنوبية ، 12,74 صوتاً ، أحمد تيه كافى ككى - الدائرة رقم (16) البرام الشمالية، 6,942، رمضان إبراهيم شميلا سعيد ، الدائرة رقم (15) هيبان الجنوبية، 18,247 ، مبارك بولس توتو جوده - الدائرة رقم (14) هيبان الوسطى ،5,238 صوتاً ، نيرون فليب اجو كوكو - الدائرة رقم (13) هيبان الشمالية ، 15,189 صوتاً ، داؤود اشعيا الفول كوكو - الدائرة رقم (12) أم دورين ، 21,889 صوتاً ، النور صالح الفاضل اللبي - الدائرة رقم (10) كادقلي الغربية ، 8,03 صوتاً.
وفى مؤتمر صحفى لقد أعلن البروفيسور عبد الله أحمد عبد الله - نائب رئيس المفوضية ، أن الإنتخابات التكميلية بولاية جنوب كردفان تمثل المرحلة النهائية للعملية الانتخابية التي نصت عليها إتفاقية نيفاشا للسلام ، حيث جرت في بقية أنحاء ولايات السودان فى أبريل من العام الماضي ، وإن هذه الإنتخابات تُعد فرصة مهمة لمواطنى الولاية الذين إختاروا فيها الوالى وممثليهم الذين سيتولون إدارة عملية المشورة الشعبية ومهام التشريع بالولاية ، رغم أن الحركة الشعبية أعلنت عدم إعترافها بهذه النتائج وإعتبروها تزوير ، ورغم ما حدث من مناوشات وتأزم فى الموقف ، إلا أن الإنتخابات التكميلية بالولاية تم الإعداد لها في جميع مراحلها بالتشاور والإتصال مع الأحزاب السياسية على مستوى رئاسة المفوضية ورئاسة الولاية ، وحتى أن مركز كارتر أشاد بالعملية الإنتخابية ، والتى لم يقدح في سلامتها أى من المراقبين الدوليين والمحليين أو الأحزاب المشارِكة في جميع المراحل التي سبقت تجميع النتائج ، وقال البروفيسور عبد الله: ( تشير جميع تقارير المراقبين إلى المستوى العالي من الدقة التي تمت بها هذه الانتخابات والبيئة الآمنة التي جرت فيها   ودعت المفوضية جميع الأطراف لقبول النتيجة بكل هدوء، وأعربت عن أملها بأن تدعو الأحزاب مناصريها لتقبل النتائج بالهدوء ( لأنه في كل انتخابات ديمقراطية كاسب وخاسر وبتكرار مثل هذه الانتخابات يتم التحول والبناء الديمقراطى ).
ولكن إتهامات تزوير الإنتخابات إنحصرت في الشريكين فقط ، حيث إن الرقابة المحلية والدولية لم تشر إلى التزوير في تقاريرها الأولية حتى هذه اللحظة .. نجد أن الحركة الشعبية تحدثت عن التزوير قبل بداية خوض الإنتخابات ، ويبدو هنا أنها كانت تمهد لموقفها الذى أعلنته بعد إعلان النتائج وهو عدم إعترافها بهذه النتائج ورفضها المشاركة في السلطة بالولاية .. وقررت بذلك عدم مشاركتها فى السلطة التشريعية والتنفيذية بالولاية ، بالرغم من دعوة المؤتمر الوطنى لها للشراكة ، وذلك لتبرير فشلها في كسب أصوات الناخبين .. حيث إن أغلبية سكان الولاية يتبعون لها ولكنها لم تقدم لهم شيئاً خلال طيلة الفترة الانتقالية ، أما المؤتمر الوطنآ فإنه قد تحدث عن التزوير الذى قامت به الحركة الشعبية بعد إعلان النتائج لتبرير عدم إكتساحه للانتخابات ، حيث إن الفارق في الأصوات يعتبر ضئيلاً جداً ولا يتناسب مع المجهود الكبير الذى بذله المؤتمر الوطنى في تنمية الولاية ، وخاصة أنه ركز فى مناطق النفوذ التقليدية للحركة الشعبية بمنطقة كادوقلى وما جاورها .. وفى منطقة الدلنج وما جاورها ، وهذا يؤكد لكل قارئ حصيف أن سياسة الخدمات التى إنتهجها المؤتمر الوطنى فى إختراق مناطق نفوذ الحركة الشعبية قد أثبتت فشلها ، ولا سيما أن ظاهرة عدم تأثير الخدمات على كسب أصوات الناخبين تعتبر ظاهرة جديدة فى هذه الولاية المأزومة جديرة بالبحث والدراسة ، ولكن ما يثير الدهشة والإستغراب أن المؤتمر الوطنى قد حقق فوزه بكل دوائر المنطقة الشرقية والغربية ودائرتى محلية القوز ، بالرغم من أن هذه المناطق لم تحظى بأى نوع من الخدمات التي حظيت بها المنطقة الجنوبية والمنطقة الشمالية ، أما بالنسبة للدوائر الجغرافية التى إكتسبتها الحركة الشعبية تقع جميعها تحت دائرة نفوذ الولاء الأثنى والتعصب القبلى والذى يمكن أن يطغى أثره الولاء السياسى ، بالإضافة إلى الضغوط التى مارستها الحركة الشعبية على الناخبين وما قامت به بعد طردها للمراقبين ووكلاء الأحزاب فى كل المناطق التى تقع تحت دائرة سيطرتها ، والتى تحتاج لوقفة وتأمل هل مارست الحركة الشعبية عملية تزوير ، وهل ما حققته من نتائج وحصولها على عدد من الأصوات العالية يمكن أن تضعها على دارة الإتهام ، ولا سيما أن غالبية سكان هذه المناطق من الأميين وأغلبهم جديدى عهد بعمليات الإقتراع وبطاقات الإنتخابات ، فكيف يعقل بأن لا تكون هناك بطاقات تالفة! وختاماً هل أفلح المؤتمر الوطنى فى إختياره أحمد هارون مرشحاً لمنصب الوالى بجنوب كردفان ، مما أدى إلى إختياره وقبوله من قبل أبناء النوبة وكسبه لاصواتهم .. أم  أخطأ المؤتمر الوطنى فى إختياره أحمد هارون مرشحاً لمنصب الوالى بجنوب كردفان ، مما أدى لإحجام معظم أبناء المسيرية عن التصويت ، لأن ذلك يتضح جلياً من خلال ما رشح من أرقام تؤكد بإن ما يقرب من ثلثى مجموع سكان جنوب كردفان من أبناء المسيرية لم يُدلوا بأصواتهم ، ومعلوم أن معظم المسيرية يناصبون الحركة الشعبية العداء .. فقط لكونها تنازعهم فى منطقة أبيى .. أم أن لذلك علاقة بمشكلة أبيي؟! وهل ما حدث مؤخراً لتطهير أرض أبيى وبسط سيطرتها عليها بإعتبارها أرض شمالية ، وطرد فلول قوات الحركة الشعبية منها .. يمكن أن تكون فرصة سانحة لترضية وقبول ود المسيرية !.

Adam Gamal Ahmed [elkusan67@yahoo.com]

 

آراء