قراءة في دفاترالأحزاب بعد إنتهاء زمن الحصاد المر … بقلم : عمر قسم السيد

 


 

 

يبدو لكل مراقب ان ما يحدث في الساحة السياسية السودانية الان هو حراك بطئ في ظاهرة ، لكنه سريع في باطنه ، فقد فعلت الانتخابات ما فعلت بالاحزاب والكيانات السياسية ، خاصة التي كانت تمني نفسها بالفوز والحصول على مقاعد في الحكومة المنتخبة !!

ولعل الواقع الان اصبح مكشوفا ، لانها بعد اعلان مفوضية الانتخابات لنتائج المرشحين ، بكى وخرخر كثيرون تعبيرا عن عدم رضاهم عن النتائج ، واطلقوا التصريحات عبر الاجهزة الاعلامية المرئية منها والمسموعة والمقروءة تشكيكا في نزاهة العملية ، ومنهم من – فبرك – افلاما مصورة لإقناع الرأي العام وتضليل البسطاء من ابناء الشعب السوداني !

ودرجت بعض الاحزاب في عقد اجتماعات مكثفة للخروج من مأزق الفشل وفقدان الثقة الذي لحق بهم من قبل قواعدهم ، وعقد حزب الامة القومي بود مدني اجتماعا بدار الحزب هناك ، كانت ابرز اجندته بحث الفشل في الانتخابات ، ورفع الامين العام للحزب بالولاية مختار النعمة تقريرا مفصلا لقيادته بالمركز حول فشلهم منذ السجل الانتخابي مما ادى الى الركود وعدم المشاركة الفاعلة لقواعدهم في الانتخابات ، حيث ذكر مختار لمقربين منه ان مرشحيهم تحملوا منصرفات الحملة الانتخابية من مالهم الخاص ، حيث لم يساهم الحزب في دعمهم ، ودعا بدوره الى مراجعة خطة الحزب المستقبلية وتعويض المرشحين البالغ عددهم " 41 " مرشحا عن الاموال والمنصرفات التي دفعوها في الحملة الانتخابية !

اما الحزب الشيوعي .. فحدث ولا حرج ، لم يؤثر عليه السقوط المريع في الانتخابات ، وعاد لينظم صفوفه بعد هزيمته النكراء في معركة الانتخابات ، وعاد ليرتب في ولاية الجزيرة لعقد مؤتمره ، وحدد له السابع من مايو بدار الحزب بود مدني ، وتم انزال التكاليف المتعلقة بانعقاد المؤتمر لمكاتب الحزب على كل المستويات ، كذلك تم تحديد عدد المشاركين بـ " 370 " عضوا  ، وسبق للحزب ان عقد لقاءات مع القوى السياسية المعارضة ممثلة في المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية والاتحادي الاصل للعمل على تصعيد الخطاب الاعلامي والسياسي ضد المؤتمر الوطني تمهيدا لإنفاذ اعمال اخرى يمكن ان تصل الى الاعمال التخريبية ، وزاد الحزب الشيوعي من فاعليته بعقد اجتماع آخر بمنزل متوكل كمال بحى سنكات جبرونا بحضور " 35 " طالبا ، تصدرت اجندته مناقشة دور الطلاب في مؤتمر الحزب المزمع انعقاده !

ولكثرة النشاط السياسي بالجزيرة ، تحركت القوى السياسية وعقدت بدورها مؤتمر صحافيا بدار الحزب الاتحادي الاصل شرّفه معظم ممثلي الاحزاب والصحفيين ، انصب جل الحديث حول تزوير الانتخابات وإدعاءات اخرى تبرر فشلهم وتبييض ماء وجههم لقواعدهم ، خاصة وان الرئيس البشير قال في لقاء جماهيري احتفالا بفوزه بالرئاسة ، قال " على الاحزاب ان لا تنسى ان هناك انتخابات اخرى بعد اربعة اعوام " !

وفي امدرمان عقد تحالف احزاب جوبا اجتماعا بقطاع امدرمان الكبرى بدار الحزب الشيوعي بامبدة لتحديد موعد تسيير مسيرة كبرى على مستوى محليات الخرطوم السبع ، بعد صياغة مذكرة توضح رفض نتيجة الانتخابات ، ومن سيمول الحشود والتعبئة !

كل ذلك يحدث في ظل – الجرسة – التي دخلت فيها هذه الاحزاب !

وبرغم كل ذلك هناك من يرقبون في المشاركة في الحكومة الجديدة القادمة من هؤلاء ..

هم يتوقون المشاركة والحصول على كرسي ينفضون فيه غبار الخسارة والفشل !

لكنهم يستحون ! 

فمثلا هناك مجموعة كبيرة داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي " الاصل " بقيادة حاتم السر تسعى لخلق رأي ضد المشاركة في الحكومة القادمة ، وهناك ترتيب لعقد لقاءات مع مرشحي الحزب لمنصب الولاة بغرض قطع الطريق امام المشاركة في الحكومة القادمة والحد من اتخاذ القرار من قبل الميرغني – وفق ما ذكر مقربون - باعتبار ان هذا الرأي يمثل رأي قواعد الحزب ، واكد آخرون ان مساع اخرى لحشد قطاعات الشباب والمرأة والطلاب في محاولة للضغط على الميرغني من خلال ترديدهم لهتافات ضد المشاركة في الحكومة القادمة ، كما تم انزال توجيه لمكاتب الحزب بالجامعات بغرض تصعيد الخطاب السياسي والاعلامي تجاه العملية الانتخابية ووصفها بالـ" مزورة " اضافة للتنسيق مع القوى السياسية الاخرى بالجامعات لخلق نوع من عدم الاستقرار بالجامعات خلال الايام المقبلة ، كذلك قام حاتم السر خلال الايام الماضية بالاتصال ببعض قيادات حزب الامة القومي بغرض الترتيب لتكوين تحالف عريض يضم القوى المعارضة الرافضة للمشاركة في الحكومة القادمة . فيما أيدت قطاعات واسعة بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل برئاسة مولانا محمد عثمان الميرغني مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة التي تجرى المشاورات حول تشكيلها قبل إعلانها الأسابيع المقبلة .

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل سيستمر توادد هذه الاحزاب مع بعضها البعض ، ام سيكون تحالف من اجل المصالح والصعود على ظهر الآخرين ؟

هذا ما سيكشفه ميدان العمل السياسي وساحة " ام دفسوا " التي تبرطع فيها الاحزاب المعارضة . 

 

Ali Car [mabsoot95@yahoo.com]

 

آراء