قرغيستان وسودانستان: التنافس فى تقديم الشهداء … بقلم: د . أحمد خير/ واشنطن
24 April, 2010
ليس من عادتى تتبع والتعرض لمايكتبة البعض ، ولكن قراءتى لما كتبه الدكتور/ عبد الوهاب الأفندى بتاريخ 17 أبريل 2010 تحت عنوان " نعم الله على المؤتمر الوطنى " أشعرتنى بخيبة أمل وإمتعاض لما توصل إليه فى نهاية موضوعه ، بعد أن عدد نعم الله على المؤتمر الوطنى والتى من خلالها حسب رأية تمكنت سفينة الإنقاذ من الإبحار طوال العقدين الماضيين! أنا أعتبر د. الأفندى من الباحثين والمفكرين وأصحاب القلم الذين شاركوا فى عمليات التنوير بغض النظر عن إتجاهه السياسى الذى له فيه مطلق الحرية. ولكن أن يتوصل إلى ماتوصل إليه فى محاولة منه لإقناع القارئ بأن السماء كانت ولازالت راعية لهذا النظام فهذا كثير لم أقوى على تحمله!
كتب د . الأفندى" لقد ظل تاريخ حكم الإنقاذ يتميز بثنائية مدهشة ، تتمثل فى اتباع سياسات كارثية تقود النظام إلى حافة الهاوية ، تتبعها ضربات حظ من السماء تنقذه من الكارثة!" وعدد الدكتور/ الأفندى نقاط السقوط والعثرات ثم خروج النظام من " ورطاته " .... و " فجأة تتنزل البركات "
وإنتهى د . الأفندى إلى القول بأن " مشكلة الفئة الحاكمة تلخصت حتى الآن فى أنها ظلت تعمل لكسب معاركها بإستخدام أدوات غير سياسية ، مثل العنف والقمع والمناورة وإستخدام المال "
الشئ الذى لم يتعرض إليه د . الأفندى هو أن نظام الإنقاذ قد خطط له وقبل تنفيذه ليقوم على خديعة للنظام الديمقراطى الذى كان ممسكا بدفة الحكم آنذاك وللشعب بأن نفذ ليذهب من ذهب منهم إلى القصر والآخر ذهب إلى السجن فى عملية تمويه إنطلت على أولئك الذين ضاقوا من التخبط السياسى الذى أحاط بالساحة السياسية فى تلك الفترة . ولكن إذا مرر الشعب تلك اللعبة فهل المطلوب منه غض الطرف عن كل الألاعيب فى اللاحقات من الأيام !؟ ثم هل على الشعب تقبل الهوان والذل بالرغم من علمه بأن ما إنبنى على خديعة فهو باطل ، وعليه أن يظل فى حالة سبات يتقبل معها كل هفوات وخدع النظام !؟ وهل كانت تلك الخدعة من نعم الله!؟ أين النقمة إذن !؟
بعد أن تمركز النظام وتحكر فى السلطة بدأ فى حشد الآلاف من الشباب فى حرب أطلقوا عليها "جهادية " ضد أبناء البلد الواحد! وفى تلك الفترة كان يمكن الأخذ بما جاء به د . الأفندى أن من نعم الله أن القردة كانت تحارب معهم وتدلهم على المقاتلين من أبناء جنوب السودان ومن معهم من أبناء الشمال من الذين تمترسوا مع إخوانهم فى خندق واحد !
هل من نعم الله أن ترك النظام عمدا أرضه تحتل ولايحرك ساكنا !؟ وهل من نعم الله أن فتح النظام معتقلاته لدول أخرى لترسل كل من يشتبه فيه ليعذب لتؤخذ إعترافاته لأن مثل تلك الأعمال الوحشية غير مقبولة قانوناً ولايسمح بها فى بلادهم !؟ ثم أن يقوم النظام بدور المخبر السرى ليتجسس على دول الجوار على حساب دول أخرى يعد أيضا من نعم الله !؟
وهل إستباحة الأرض لدفن النفايات بمقابل مادى أو سياسى يعتبر من نعم الله على النظام !؟ أم أن هناك مقابل تتغاضى معه الدول الكبرى عن هفوات النظام وهى كثر !؟
إذا كان كل ما أشرنا إليه وتغافل عنه د . الأفندى يعد أيضا من نعم الله فعلى الأفندى إعادة تقييم موقفه من الله الواحد الأحد الذى يعلم خافية الأنفس !
ان هذا النظام قد شرب الكأس حتى الثمالة فمالت رأسه وأصبح يرى الخطأ صوابا والصواب خطأ ! هذا النظام الذى يخرج علينا بين الفينة والأخرى ليذكرنا بأن ما أخذ بالقوة لايسترد بغير القوة ! " قلعناها بالقوة والدايرة يجى يأخذها بالقوة " يعنى الحكاية قلع ! وبعدها من يأتى ويقول لنا أن الإنتخابات ستجرى أو جرت فى مناخ ديمقراطى شهد عليه الأشهاد ممن كانوا يلقبونهم بدول الكفر ، وأصحاب " الدجاج .. الجداد " أما لماذا شهد أولئك بأن الأنتخابات تقارب فى المستوى الحد الأدنى المتخذ به أو المتعارف عليه دولياً !؟ فالسبب هو نظرة تلك الدول والهيئات والمنظمات لما هو أبعد ، ألا وهو تقرير المصير الذى دخل منذ نيفاشا المطبخ الأورو- أمريكى لتكتمل الطبخة مع إستفتاء تقرير المصير لينفصل الجنوب عن الشمال !
فى نظرى أن من نعم الله على الإنقاذ ان هذا الشعب الذى قدم القرابين فى سبيل الحرية والديمقراطية ووقف أمام الآلة العسكرية فى أكتوبر لازال صابرا ! أو ربما نائماً !! ولنفترض ان أكتوبر 1964 قد مضى عليها 46 عاما ، وهذا زمن ليس بالقصير ، فمابال هذا الشعب لايلتفت إلى ماحدث فى قرغيزيا فى الأيام القليلة الماضية !؟
هل نسى الشعب نداء : أنا سودانى حر والحرية فى دمى .. سوف أحطم الأغلال مهما كمموا فمى !؟ ام انه لازال ينتظر متمسكا بفحوى : ضاقت فلما إستحكمت حلقاتها.... فرجت وكنت أظنها لاتفرج! ويانعم الله جودى !
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]