قرون الشيطان

 


 

 

 

أنا الشيطان ، ولدتُ في مركب النار. وأشعلت الدجي بناري. وطفقت في الآفاق أنشد حديث الرب للملائكة ، ونجوت من الشهب القديمة. وعشتُ لأرى جنتي

( أنا أحب ويكيليكس )
دونالد ترامب في لقاء جماهيري

(1)

أنا الشيطان ،
ولدتُ في مركب النار. وأشعلت الدجي بناري. وطفقت في الآفاق أنشد حديث الرب للملائكة ، ونجوت من الشهب القديمة. وعشتُ لأرى جنتي في دنياي، وخرجتُ للعالم بتنظيم الإخوان المسلمين. ابتكرت جسداً هلامياً يغير أوجه أصحابه ويعيد ترقيم أولوياتهم، وينشر الشر في العالم وأختار العقيدة وسيلة. الكذب نهج محمود لدي لجعل الأهداف واقعاً ملموساً، ويبيح أسوأ ما في البشر ليخرج إلى العلن، ويحمل وقود الدّين للخديعة، وينثر ثمره المر في الكون.

(2)

ربما كانت للشيطان الخرافي قرون وفق ما نعلمه منذ صغرنا، بها يشيع حالة نفسية مضطربة لأعدائه، ولكننا نذكر هنا قرينة تسريب ( ويكليكس ) الخاصة بقرون الرئيس السوداني الأسبق، أنه يملك ( تسع مليارات دولار) خبأها في بنوك بريطانية وأمريكية. إن قضية انتزاع شخصية غريبة على الخلق الطيب للسودانيين الذين عُرفوا به وبثها للعلن له شرٌ مستطير. واختيار الأمين العام لتنظيم الإخوان المسلمين لرئيس لانقلاب 1989، لم يكن عبثاً واستهتاراً بالوطن وأهله فحسب، بل هو صورة مكبرة للأب الروحي التنظيم الأسود الإرهابي، حين يختار رجل بعيوب نفسية وخلقية، يتسم بالطاعة ليكون رئيساً مرحلياً. لقد كان الأمين العام لتنظيم الإخوان المسلمين في السودان، هو الشيطان الحقيقي في صورة بشر.

(3)

برقية ويكيليكس: الرئيس السوداني (خبأ 9 مليارات دولار في البنوك البريطانية).
هذا ما جزء مما نشرته الغارديان البريطانية منذ أكثر من 8 سنوات الآتي:
قام عمر البشير، الرئيس السوداني، بسحب ما يصل إلى 9 مليارات دولار من بلده الفقير، ويتم تخزين جزء كبير منه في بنوك لندن، وفقًا لبرامج دبلوماسية أمريكية سرية تعيد سرد المحادثات مع المدعي العام الرئيسي للمجرم الدولي.
*
قد تكون بعض الأموال محفوظة لدى مجموعة" لويدز" المصرفية ذات التأميم الجزئي، وفقًا للمدعي العام "لويس مورينو أوكامبو"، الذي أخبر المسؤولين الأمريكيين، أن الوقت قد حان للإفصاح عن نطاق سرقة البشير لتحويل الرأي العام السوداني ضده.
*
إذا كانت مطالبة "أوكامبو" حول ثروة البشير صحيحة، فإن الأموال السودانية المحتجزة في بنوك لندن تصل إلى عُشر الناتج المحلي الإجمالي السنوي في السودان، الذي يحتل المرتبة الخامسة عشرة من الأسفل في مؤشر الأمم المتحدة لأفقر دول العالم. ناقش "أوكامبو" أدلة على الخبث مع الأميركيين، بعد أيام فقط من إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني في مارس 2009، وهي الأولى التي تصدرها المحكمة ضد رئيس الدولة السابق وهو في الحكم. وجهت للبشير سبع تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مع ثلاث تهم أخرى من الإبادة الجماعية أضيفت في يوليو. تعرض "أوكامبو"، الذي لم يكشف مطلقًا عن تفاصيل الأموال المزعومة، و لتوجيه الاتهام لشخص الرئيس من قبل الكثيرين في السودان ودوليًاً، وسط انتقادات بأن هذه الخطوة ستشعل فتيل القتال في منطقة جنوب دارفور.
تلك واقعة تتطلب البحث والتدقيق لانتزاع الحق من براثن سارقه.

(4)
إن الفعل الحقيقي لتنظيم الإخوان المسلمين، يظهر هذه الأيام. فاختلاف الثوار مع المجلس العسكري الانتقالي هو التميمة التي تصنع الضباب. في المناخ الضبابي تمنح التنظيم رواجاً لأفكار أمنية مربوطة بالفعل. والأمن لديه السلاح وعربات النقل والجنود، والأجهزة التكنولوجية والمخابئ السرية، والحافظات الإلكترونية مخزنة في مواقع بعيدة عن الخرطوم. وأكسبه التعديل في الدستور ليكون قوة عسكرية وأمنية ضاربة، إضافة لمهامه في تحليل المعلومات وتجهيزها كتغطية معلوماتية للجهاز التنفيذي. إن جهاز الأمن والمخابرات الذي أوكلت له من قبل القضاء على غزو " حركة العدل والمساواة" لأم درمان في 10 مايو 2008 ،أيام رئيسها " دكتور خليل إبراهيم". وقد تم حينها استبعاد تدخل القوات المسلحة لأن السلطة كانت تخاف أن تكون حركة العدل والمساواة لديها أذرع تناصرها داخل الجيش، فقد كان دكتور " خليل إبراهيم " أحد العناصر الأمنية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين في الخرطوم أيام الانقلاب الأول.

(5)
نحن نبحث في إخراج الجرح من صديد السنين كي يشفى، وكي لا ينسى الجيل الجديد. وفي نفس الوقت الذي يواجه المجلس العسكري الثوار ويعتمد على عامل الوقت. إن ظل التنظيم الأسود يحوم حول مكان الجريمة، يحاول كل جهده أن يمتص الضربة الأولى. وقد وفر لهم تلك الفرصة أعضاء من المجلس العسكري في تكوينه الأول، فهو قد قبل استقالة رئيس الأمن صلاح قوش، وظل الرجل طليقاً. ودعا المجلس تلك الوجوه التي شاركت الإخوان السلطة للاجتماع معه لمناقشة المستقبل. أي مستقبل يريده المجلس العسكري الانتقالي؟. إن تلك الوجوه هي صنيعة تنظيم الإخوان المسلمين، أراد بها أن يعتقد أن ذلك سيقنع العالم بأن يشاركه السلطة العديد من الأحزاب.
إن التنظيم قد أفاق من صدمة الضربة الأولى، وقد مهد له الصراع بين إخوان المجلس العسكري ومحايديه الصامتين عن الحق، وبدأ يصحو من الإغماء المؤقت. وهو الآن يتحرك ماداً أذرعه الأمنية وأدوات الاتصال والأسلحة، ليختار أقرب الطرق لاستعادة السلطة من جديد. فهل يتم وعي الدرس المكشوف أوراقه، والتدقيق في معانيه؟

عبدالله الشقليني
13 مايو 2019


alshiglini@gmail.com

 

آراء