قصة سي السيد

 


 

 

 

   (4

 

-----

صديقنا "عديل الدغري" أحضر سيارته الكريسيدا لورشة صديق الطرفين الميكانيكي خليل قرنو، لعطل أصابها، أنصب الحديث جله حول تحكم الزوجات في أزواجهن وتضييق الخناق عليهم، ما أدهشني في كل قصة يحكيها خليل في هذا السياق لا تجد من صديقنا "عديل الدغري" إلا الشجب والمعارضة، وأنه هو في قرارة نفسه يسير البيت و"سي السيد" فيه.

عطل سيارة الدغري ليس بالذي يصعب إصلاحه بالسرعة المطلوبة، لكن  إصلاحها امتد لما بعد منتصف الليل، جرت الونسة لم نحس بمرور الوقت، بطء حركة خليل في إصلاح السيارة جعل رشات من الظنون تتناوبني، تأكد لي أن خليل يبيت شيء ما، سيحدث أو يثبت نظرية جديدة في العلاقات الزوجية لكثرة القصص التي كالها كيلا عن هروب الرجال من بيت الزوجة الناجهة المناكفة في كل صغيرة وكبيرة تعمل من الحبة قبة، من لحظة لأخرى ألاحظ على محيا صديقنا الدغري السرحان والتوهان وتطلعه المستمر لساعته، كأن هناك شيء لا أعلمه يخنق المرح داخله،  بعد إصلاح السيارة والتأكد من سلامتها، بادر خليل ملتفتا نحو الدغري، رامغا له بنظرة إشفاق، مدعوون يا شباب لوجبة (بوش) معتبرة مع الكوارع والبسبوسة  بمطعم السروات، بيني وبين نفسي قلت دي من فلتات خليل التي لا يجود بها الدهر من تاني، فليس من عادة خليل الذي يشكو كل يوم من أقساط مدارس الأولاد والبنات أن يعزم علينا بالثقة هذه إلا في مناسبات الأعياد والعقيقة، بيني وبين نفسي أهتبلتها فرصة وغنيمة ما بعدها غنيمة، رفعت كلتا يدي بالموافقة.

خليل موجها حديثه للدغري في تحدي, وأللا عندك ما يمنعك يا "سي السيد".   

تلجلج الدغري وتلوى كأنه بين المطرقة والسندال وبعد مجاهدة ومغالبة نطق بكلمة موافق، يستطيع المرء أن يحصر عدد الكلمات التي قيلت في هذه الجلسة كلها، لكنه لا يستطيع أن يتخيل الوقت الذي أستغرقه الدغري لجمع حروق كلمة موافق .

نصحت محمود ود بله أكثر من مرة، أن يغير كراسي البلاستيك المتهالكة في مطعمه واستبدالها بكراسي خشب تتحمل ملتهمي (البوشات) الذين زادوا وزاد عددهم بعد الأزمة الاقتصادية العالمية.

اقترحت أن يكون لكل منا صحن بوش وما يتبع ذلك. 

وافق خليل على مضض بعد أن تبن جيوب "أبروله" الواسع المتعدد الجيوب، فهو لا يستطيع أن يقول لا، حسب ما حسيته واستقريته، وعلمه بإنتهازيتي في هذه الحالات.

واصل خليل ما بدأه في الورشة عن الأزواج وتسلط الزوجات وما فتر في ذلك، كانت مهمتي التأمين على كلام خليل باستمرار عسى أن يستعجل في إصلاح سيارتي التي مر عليها أكثر من شهر في توضيب الموتور، فكل ما أتوسل إليه أن يرحمني من تأجير السيارات، يرد علي بان الورشة ورشتك، مع علمي أنه يريد أن يتسلى بوجودي ويطلع الغاشي والماشي أن الورشة لها عملاء حتى لو كانوا  مثل حالتي، الزين الموظف الكحيان الغلبان.  

محمود ود بله نبهنا للمرة العاشرة، أن المطعم على وشك أن يقفل أبوابه، أتضح لي جليا أن صديقنا الدغري في ورطه كأنه لا يريد أن يذهب إلى منزله، لكن طلبي منه أن يوصلني في طريقه عجل بوقوفه متثاقلا.

ودعنا خليل لأن منزله بالقرب من المطعم.

في صبيحة اليوم التالي كان علي أن أحضر باكرا للورشة لجلب بعض قطع الغيار لسيارتي، طلب خليل شاي الحليب كالعادة، الوقت لم يحن للإفطار، فجأة تقف سيارة صديقنا الدغري الكريسيدا البيضاء على حافة الطريق الموازي لورشة خليل، يدوي صوت المزمار عاليا، ألتفتنا كلينا، الدغري وزوجته عديلة داخل السيارة.

- الدغري يسأل بصوت متوسل يا جماعة يا خليل أنا أمبارح كنت وين؟، ما ساهرت معاكم في الورشة عشان تصليح السيارة وكمان أتعشيت معاكم "بوش" ؟

+ خليل: البارح يا سي السيد؟، كأنه يتذكر شيء غاب عنه، الباااااارح الورشة أصلا ما فتحتها!!! 

= عديلة: شفت شفت شفت يا ها.....

- يا أخوانا بلاش هزار دا فيه خراب بيوت وتشتيت وليدات؟      

+ يا سي السيد ؟؟!!

- بلاش سي السيد بلاش كلام فارغ، طلعونا من الورطة دي عليكم الله يا جماعة، وحات الخوة البينا؟ 

ضحك خليل جنس ضحك ...وضحكت حتى الانكفاء.

 

(حمد إبراهيم محمد دفع الله)

 

الأحد 6 ديسمبر 2009م

Hamad_ibrahim2003@yahoo.com 

 

 

آراء