قصة علاج إبن وزير المالية
سارة عيسى
5 July, 2011
5 July, 2011
أمر المؤمن كله خير ، إن اصابه شر صبر ، وإن اصابه خير شكر ، والمرض هو أحد التحديات التي تواجه البشرية ، ومهما تطور العلاج وتقدم ، فإن الأمراض تأخذ اهميتها وحيزها الثابت في قلق الناس ، لذلك عمدت الدول والحكومات إلى تسهيل التطبب والعلاج لجميع مستويات الشعب ، ونظراً لحساسية هذه المسألة يجب أن لا يكون هناك " خيار وفقوس " في طريقة التعامل مع المرضى ، يجب أن لا يكون النظر لهذا الحق تحت معيار هذا مواطن دستوري له الأولوية وهذا مواطن غير دستوري عليه أن يذهب ، بل النبل والأخلاق تدعوان إلى تقديم الدعم لللفقير قبل الغني ، أو تقديم من هو حالته أكثر سوءاً من غيره ، وكلنا تابعنا الضجة التي احدثتها الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لإحد المستشفيات ، فقد قام الطبيب المسؤول بطرده من المستشفى ومنعه من التجول وذلك حرصاً على راحة المرضى ، طبعاً لو حدث هذا في السودان لتمت إقالة هذا الطبيب ومحاكمته على ضوء مختلف التهم والتي يأتي من بينها إعاقة مسؤول حكومي أثناء تأدية مهامه ، وعلينا أن لا ننسى أن مهنة التعذيب والتحقيق في السودان يتطوع لها حملة شهادة الطب والجراحة .
بالفعل أنها صدمة كبيرة ، فإنها لا تكشف فقط مستوى الأنانية والكيل بمكيالين ، لكنها تكشف أن النخب الحاكمة بدأت تتعرى من القيم الأخلاقية والإنسانية ، ودعاة المشروع الحضاري اصبحوا بلا وازع ديني أو اخلاقي ، وما حدث اليوم جعلني أتذكر الشاعر المرهف والحساس أمل دنقل ، فقد رفض العلاج على نفقة الدولة ومكث في المستشفى وهو يعاني من مرض السرطان حتى مات حيث وصف ذلك في " اوراق الغرفة 8 " :-
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ
ومنذ لحظة تسلمه منصب وزير المالية أصبح الاستاذ علي محمود نجماً لامعاً في وسائل الصحافة والإعلام ، فقد بدأ بحديث " الكسرة والعصيدة " حيث دعا الشعب السوداني للتخلي عن الخبز والعودة للجذور وممارسة " العواسة " ، وقد شرح لنا سعادة الوزير برنامجه الإقتصادي الخاص بزوجاته الثلاثة وكيف يتفادي عجز المصروف عن طريق تمويله من بند السفر الذي تمنحه له الدولة ، ثم أطلت علينا فضيحة " عقد العمر " الذي وقعته وزارته مع أحد الخبراء وقد تضمن ذلك العقد نقطة في غاية الغرابة وهي أن جهة العمل تتكفل بدفع الضرائب للشخص المستخدم ، فحتى عالم الفضاء الذي يعمل في وكالة " ناسا " لن يتمتع بهذه المزايا ، فالسيد/وزير المالية يعتبر نفسه الآن ضحية ، والسبب لأن سفارتنا في واشنطن قامت بدفع مصاريف إبنه من دون أن تعطيه إشعار بذلك ، وعندما علم بذلك أعتبر إن هذا حق مكتسب يمنحه له الدستور بحكم أنه يشغل وظيفة حكومية ، وقد تجاوزت عملية الصرف القيود البيروقراطية المعروفة مثل المرور على القومسيون الطبي أ وغيرها من الجهات ، وقد قام سعادة الوزير بتسديد المبلغ ولكن بشكل آخر عن طريق تخصيص مبلغ تبرع بقيمة 100 مليون لصالح قرية المستشار أحمد بلال ، وهذا تبادل مصالح بين الطرفين والضحية هو الشعب السوداني ، فقد أغلقت المستشفيات ابوابها أمام مرضى الفشل الكلوي بسبب توقف الدولة عن دعم هذا النوع من العلاج ، وهذا يفسر إحجام حكومة الإنقاذ عن دعم الصحة في البلد والتي تخصص لها فقط 2% من إجمالي الميزانية ، تخذل الدولة مواطنيها في العلاج ولكنها تخصص لمنسوبيها رعاية طبية ذات مستوى عالي في الولايات المتحدة ، أنهم قوم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]