قطع رؤوس، سلْخ و أكل أطراف الضحايا

 


 

 

مع توفر السوشيال ميديا و إمكانية الجميع في طرح أي نوع من المحتوي. المشاهد المطروحة أعلاه قد شُوهِدت و تمّ التعليق عليها كمان.
لنبتديء من حرب الجنوب 1955-1972م . سمعت هذه الحكاية عن قريبِ صديقٍ ممن أثق فيهم. كان هذا التائب من مريدي أحد المشايخ و كانت أن تاورته الذكريات المفجعة عن ممارسات الجيش الذي كان هو أحد ضباطه. ذكريات فاجعة إنعكست علي صحته النفسية جعلت أهله يذهبوا به للشيخ. كأن أبشعها هو إلقاء الأطفال الناجين من محارق الجنود لقري المدنيين في الجنوب ثانية في نيران القطاطي المشتعلة. إغتصاب النساء اللائي جاء بهن الجوع إلي معسكرات الجيش و تم قتلهن قبل أن يعطين الطعام. هذه هي سيرة القوات المسلحة السودانية خلال حروبها ضد السودانيين في الجنوب. تكرر نفس المشهد ربما ببشاعة أكثر في جبال النوبا و ما زال حتي بداية هذا الأسبوع ألق الطائرات البراميل المتفجرة علي أطفال المدارس. و تكررت نفس الممارسات في دار فور و ما زالت مستمرة و ستظل مذبحة الجنينة عار يطاردنا جميعا ما لم نحاسب الدعم السريع عليها. في تلك الأزمان و أقصد أيام حركة الأنانيا لم تتوفر السوشيال ميديا حتي يري السودانيون البعيدون عن مناطق النزاع. السودانيون المستمعون للأذاعة و المشاهدين للتلفزيون و القارئون للصحف حينها، لم يسمعوا بتلك الممارسات الوحشية لقوات الشعب المسلحة ضد أخواتهم و إخونهم في الوطن. من كان يعرف لم يكن يتكلم و من تكلم أو فقد عقله لم يصدقه أحد. الحمد لله أن هذا الحرب تتم في زمن التلفونات الذكية و السوشيال ميديا لذلك توفرت فرصة لمشاهدة تفاصيل جرائمها.و المؤلم أن الناجين لم تكن لهم ثقة فينا ليكلمونا. و ربما لم نحسن الإستماع لهم.
جنّ جنون الجيش و رئيس الدولة أيام حكم الحركة الإسلامية فإستأجروا موسي هلال و كوشيب و اليافع حينها حميدتي لبناء مليشيات الجنجويد ضد مسلحي دارفور و مواطنيها العزّل. لم يتوقف جنون الدولة و الإسلاميين هنا فأطلقوا علي تلك المليشيات اسم قوات الدعم السريع و سنّوا لها قانونا يتبعها مرة لجهاز الأمن و المخابرات الوطني و مرة للجيش و أخيرا تحت إمرة الرئيس الباهت عمر البشير أراجوز الحركة الإسلامية.
الآن و نتيجة للصراع حول ريع نهب مواردنا أختتلف الجيش مع الدعم السريع و بدأت بينهما حرب واسعة جغرافيا شملت بالإضافة إلي دارفور و كردفان الجزيرة و الخرطوم الكبري. دارت الحرب بعد أن تعملق الدعم السريع و صارت له بفضل البرهان و عمر البشير أحلاف دولية و علاقات حتي مع الإتحاد الأوربي و حاز جبال الذهب و اقتسم مع لصوص الحركة الإسلامية منشآت الجيش و شركاته الممسكة بأكثر من 80% من مداخيل الإقتصاد السوداني.
ليس عند الجيش الآن فرصة لإستحمار أعراب دارفور و كردفان هناك في أقاليمهم. فقط عنده فرصة للإستفادة من جنود الحركات المسلحة بقيادة مالك عقار و غيره من قادة الحركات المسلحة الدارفورية و جميعهم يمكن إعتبارهم تسعة طويلة من وقف التنفيذ. و عند الجيش فرصة لإستخدام أتباع علي كرتي و أحمد هارون و أسامة عبد الله من كتائب الكيزان المسلحة و المدمجة بالجيش الذي يقوده إسلاميون من عضوية التنظيم و يأتمرون بأمر علي كرتي و مجموعة الكيزان الباقية من تشققات تنظيم الترابي.
في التوضيح أعلاه مسلحون لهم صلة بالحركة الإسلامية الآن أو صلات قديمة معها. فهل من العقل أن تتحالف مع مثل هؤلاء قحت المجلس المركزي؟ هذا كلام يكذبه الواقع. و من يقول بهذا الكلام سيدفع ثمن ذلك عند أخذهم للمحاكمات مستقبلاً هذا كان لنا واحد.
الإعتداء علي ضريح الشيخ قريب الله. مقتل حجر مان من غاضبون بلا حدود. إلقاء لجان المقاومة. التضييق علي المتطوعين و التصفيات لعناصر الأحزاب و إعتقالهم. توضح هذه الممارسات بجلاء وجود الكيزان كطرف أصيل في الحرب الدائرة.
فلنعد للبشاعة الموصوفة في العنوان. التجهيز لهذه الحرب إشتمل من ضمن ما إشتمل علي إطلاق أجهزة الأمن و الشرطة للمجرمين فيما كان يعرف بتسعة طويلة لترويع المواطنين. هذا غير خطابات الثور أنس الساجد لعمر البشير و المعتوه محمد علي الجزولي و شواهد كثيرة منها إعتصام القصر (الموز) و إغلاق الميناء. لو تأملت ما سبق ذكره جيّدا لفهمت دوافع الحركة الإسلامية لهذه الحربو مكاسبها المتوهمة.
لقد فتح الله للحركة الإسلامية بمجموعات من أدعياء المعرفة من غير عضوية تنظيمات الحركة الإسلامية ممن ينادون بدعم الجيش علي أساس أنها ملك للشعب السوداني و واحد من مؤسسات الدولة! في معركته ضد المليشيا المتمردة كما يقولون ويقصدون الدعم السريع صنيعة نفس الجيش. لقد أعمي الله هؤلاء عن كتائب الإسلاميين علي شاكلة كتيبة البرّاء كما أعماهم عن فهم بقية المشهد و هذا كلها نتيجة لكراهيتهم لحمدوك و قحت. و لو كنت مكان قحت لأعطيتهم مناصب يتبختروا بها كما فعل علي خليفة عسكوري و مبارك أردول من عضوية قحت الموز و كانوا سيحوزون لقب قحت التفاح.
عندما تبحث في الإنترنت عن سايكولوجية المغتصب أو الإرهابي ستندهش من التطابق و سنضيف إليهم تسعة طويلة و عناصرها الخرطومية ساكنة أحزمة الفقرمن جموع النازحين الغاضبين و المٌهَجّرين بسبب الحروب و الذين لا يعرفون صليحهم من عدوهم بسبب الخراقة و الجهل. من يقومن بمثل هذه الأفعال جنود للحركة الإسلامية نعم جنود للحركة الإسلامية. ألا تذكرون تجنيد الحركة الإسلامية للتأئبات من الأمهات اللاتي أنجبن دون زواج أو تجنيدهم لفاقدي السند الإجتماعي في أجهزة الأمن و الشرطة و الجيش. تعلّم الأخوان المسلمون هذا النوع من التجنيد من أسلافهم المماليك و العثمانيين. كتب التاريخ تزخر بمثل هذه النماذج علي شاكلة علاء الدين أيبك الأشرم الذي روّع سكان دنقلا أيام مملكة دنقلا و قطعهم بالمناشير و الفؤوس ( راجع الأب فانتيني تاريخ الممالك المسيحية) . لأن هذا النوع من البشر له إستعدادات يمكن إستغلالها لتحويله إلي آلة قتل أو إغتصاب. يعرف أمثال نافع علي نافع و الفاتح عروة و صلاح فوش و الدابي و عاصم كباشي و عبد الغفار الشريف يعرفون جيّدا كيف يمكن لهم إستغلال مثل هذا النفر من ضحايا المجتمع لحماية عروشهم و عروش أسيادهم.
أطلقت الحرب الحالية شراً لا أظن أنه في مقدورنا إرجاعه لقماقمه. هذا الشر لا يمكن إرجاعه يا تقدم و تحالف التغيير الجذري إلي قمقمه. سينطلق هذا الشر ليخرب الإقليم و يهدد العالم أجمع حينها سينتبه العالم لحجم الكارثة و ربما سيستخدم طرائق غير طرائقنا لسحق هذا الشر. ما يحدث الآن من هجرة برغم المعاناة و الخسائر لكنه في نظري عملية فرز إجتماعية لتذهب بالخيرين من أبناء الوطن إلي خارجه و نسأل الله المعونة للعالقين من بنات و أبناء الناس.
الجيش و الدعم السريع شرّان يجب التخلص منهما. المليشيات و تسعة طويلة و المجرمون الهاربون شر آخر يجب التعامل معه.
المحزن أن كثير من الناس لا يرون أبعد من أرنبات أنوفهم و ما زالوا في العداوة لقحت المجلس مركزي أو في عداوة مع تحالف التغيير الجذري . يا هؤلاء ما حدث و يحدث أمر يفوق قدراتكم علي التفكير فلتساعدونا بالصمت فيكم الخير.
أن ما يضيع من بين أيدينا هو الوطن. و المحزن أن القوي الوطنية من جماعة لا للحرب ما زالت تظن أنه بالإمكان إنهاء الحرب و عودة السلام. هذا لن يحدث ببساطة لأنه يحتاج لإزالة الحركة الإسلامية بالكامل عن الوجود و أزالة الدعم السريع بالكامل عن الوجود و كذلك الحركات المسلحة بما فيها حركتي عبد الواحد محمد نور و عبد العزيز الحلو. ما لم تتم إزالة هذه الكيانات بالكامل عن الوجود فلن يكون لنا وطن. أضاع المسلحون الوطن ببساطة و لن يسترده لنا غير السلاح من المجتمع الدولي. و إذا لم نرد سلاح المجتمع الدولي عالي القرقعة فليس أمامنا غير الوحدة التامة بيننا جميعا كقوي مدنية سلمية و هذا لعمري من المستحيلات.

طه جعفر الخليفة
اونتاريو – كندا
21 مارس 2024م

taha.e.taha@gmail.com

 

آراء