ق ح ت …. التغيير وسيكولوجية التفاوض

 


 

مجدي إسحق
4 April, 2023

 

يؤكد علم النفس السياسي أن التغيير الحقيقي يتم من خلال تنظيم الجماهير التي تمتلك الوعي الحقيقي وتنتظم حول الهدف المعلوم. و حيث أن القيادة الحقيقية هي التي تستطيع ترجمة غضب الجماهير في عمل منظم وطاقة إيجابية تسلب من سلطة القهر قوتها وتفضح عجزها.
‏إن سلطة القهر عادة لا تفكر في تسليم السلطة أو التنازل عنها إلا في أوضاع ثلاث
‏أولا
‏عندما تشعر بأنها عاجزة عن الاستمرار في السلطة نتيجة لقوة حركة الجماهير التي تحاصروها وتمنعها من دون تنفيذ سياساتها
‏ثانيا
‏عندما تشعر بأن الاستمرار لن يقود إلى تحقيق مصالحها وربما سيكون خصما عليها لذا تسعى للتفكير في حلول تساعدها في التخلص من السلطة بأقل الخسائر ومحاولة الإفلات من العقاب مع الاحتفاظ ببعض المكاسب ما أمكن ذلك
‏ثالثا
‏ كسبا للزمن بالدخول في مناورات القصد منها اما شق وحدة الجماهير او اغراقها في معركة ثانوية أو استهلاك جهدها في محاولة الحصول على السراب.
‏ إن سلطة القهر حتى وإذا بدأت دروب التفاوض وهي تفكر في تسليم السلطة لكنها إذا شعرت في أي لحظة يضعف وتفكك قوة التغيير فإنها تتحرك من موقع التفاوض لتسليم السلطة إلى موقع التفاوض من أجل تفكيك القوة وإضاعه الزمن وبيع السراب.
‏أن التغيير حتمي ولا شك بأنه قادم فيه سيتحقق للشعب مصالحة إذا كانت قيادته في كراسي التفاوض تمتلك الوعي الحقيقي بمقدراتها وتستطيع أن تعكس ما تمتلكه من قوة حقيقية دون أن يتخللها أي من جراثيم الضعف والتفكك.
إن من يقرأ الواقع بموضوعية سيجد كثير من المواقف التي تعكس تسلل جراثيم الضعف والوعي الزائف حيث نجد
اولا
‏الضعف السياسي و الغياب الكامل لحشد حركة الجماهير و تنظيم غضبها في تناغم مع جلسات التفاوض ليكون المتفاوضين صدى حقيقي لأرض الواقع ومايحدث فيه وكل ماكان الهدير عاليا والغضب ظاهرا في الشارع كان سيف الصدى أكثر قوة وحسما في غرف التفاوض
ثانيا
‏غياب المعلومات عن نقاط الاتفاق والإختلاف حيث الشعب مغيب جالس في مقاعد الانتظار سوى تدوير الإشاعات والأقاويل ليس له دور في التفكير والتحليل والضغط
‏للتذكير دوما بالشعب وصوته كمرجعية وصاحب الحق الأول والأخير في التغيير التي يجيب أن يحقق أي اتفاق احلامه
ثالثا
‏و الاعتماد الكبيرعلى توازن القوى الخارجية والضغط الدولي بديلا هزيلا لسطوة شعبنا لكسب الأفضلية في عملية التفاوض مع التجاهل وتناسي إن القوة الدولية ليست العامل الحاسم وان حتى الضغط الذي تملكه ليس مبرأ من كل عيب ….بل لها مصالحها التي لا تخفيها والتي قد تتعارض مع مصالح شعبا.
يؤكد علماء النفس السياسي ان جرثومة الضعف تبدأ في التسرب من منافذ الوعي الزائف التالية
‏أولا
‏نسيان الحقيقه الموضوعيه بأن سلطة القهر غير مبدئية في رغبتها في تسليم السلطة للشعب و أنها ستبحث عن أي منفذ حتى لا يحقق التفاوض أهدافه ولايمكن الاعتماد عليها كحليف مخلص لأهداف التغيير
‏ثانيا
‏ الإغفال عن حقيقة إن سلطة القهر ستسعى بكل جهدها بالبحث عن المنافذ و الثغرات التي تؤخر من عملية تسليم السلطه أو توقفها.
ثالثا
‏التوهم بأن الوصول إلى اتفاق يعتمد على ذكاء المتفاوضين و خبراتهم السياسية و أنهم يستطيعون بذكائهم خداع سلطة القهر للتوقيع على شهادة وفاتهم وهم غافلون أو إقناعهم بتغير قناعتهم والتنازل عن السلطة وهم فرحون
رابعا
الإغفال عن حقيقة إن ما قاد سلطة القهر لكراسي التفاوض ليس توبتهم أو صفاء قلوبهم ولا تبدل أفكارهم بل بكل بساطة هو فشلها في ترويض الجماهير وخوفها من غضبه عليها وحسابه ولو بعد حين.
لذا عندما نسمع عن التأجيل في التوقيع على اتفاق يحق لنا ان نتساءل الي أي مدي هو دلالة على حال قوى التغيير ومدى تأثيرجراثيم الضعف والوعي الزائف؟
إن التأخير والتأجيل في التفاوض متوقعا ولكن يصبح التساؤل المشروع كيف يتم عادة حسم الاختلافات…. فإن كانت ق ح ت تظن بأنهم قادرون بحسمه بذكاء مفاوضيهم ومقدراتهم بالإقناع وتغيير قناعات سلطة القهر فأنهم واهمون وسيغرقون في التخبط الذي سيقود لطريق مسدود لتعنت سلطة القهر التي لا تؤمن الا بمصالحها .
وفي وجود جراثيم الضعف فسيقود التخبط هذا لدروب التنازل والإرضاء إستسلاما وسيكتب الإتفاق على نفسه الموت و على ق ح ت بالفشل.
فبدلا عن التفاؤل المدمر تعالوا لكلمة سواء…..ما الذي يمكن تحقيقه من اتقاق في خمسة ايام ولماذا خمسه وليس عشرة أيام او شهر؟
الواقع يقول انه حلم بمشروع اتفاق تحكمه الأمال والنوايا لم تستصحب فيه حركة الشارع وغضبه وربط خطوات التفاوض وقياسها بمقدار التنظيم والتصعيد لحركة الشارع والتوحد حول مطالب الجماهير
إن رسم خارطة طريق دون إستصحاب حركة الشارع ستجعلكم تسابقون الزمن مع خارطة الطريق أما بلوي أعناق الحقيقة وتقديم التنازلات حتى تؤكدوا مصداقيتكم على حساب اتفاق قد لا يساوى المداد الذي كتب به ولا يجد من يسنده وسينكره ويتبرا منه حتى من وقع عليه
أو سيكون عليكم الوقوف أمام شعبنا والاعتراف بأنكم فشلتم في الوصول لإتقاق يحقق أحلام شعبنا وستعودون لتنظيم حركة الجماهير وتوظيف غضب شعبنا من الظلم في عملية التغيير الحقيقي .
إذن ليس لديكم من طريق سوى محاربة جراثيم الضعف والرجوع لشعبنا و تجاوزوا كل المواعيد والوعود وخارطة الطريق التي رسمتوها تعسفا بدون أي معطيات أو اسباب ومقومات فإن ذهبتم للتفاوض أذهبو مستعدون مسلحين بقوة شعبنا و تأكدوا ان حركة الشارع المنظم بجانبكم وهديره يتجاوز شبابيك غرف التفاوض زمجرة ترعب سلطة القهر حتى تنحني لمحراب الثوره يدفعون بتوقيعهم متسارعين بلا تأجيل أو تسويف مستسلمين يسبحون بعظمة شعبنا وثورته وهم صاغرين

مجدي إسحق

 

آراء