كافوري: ميزانيتك المقدودة

 


 

 


كفى بك داءً

خرج وزير المالية إلى الناس يوم 13 يونيو يعلن فلس الحكومة بصريح العبارة فكأنه يطلب عون الجمهور لفك حيرة الحكومة الما عندها. أما البشير الرئيس فاستعطف نواب حزبه الوطني، سكان البرلمان، أو كاد، ليقبلوا بحجة فاقة الحكومة، حيث شرح وفصل في المعلوم، أن البترول ببح. سوَق البشير إلى نواب حزبه رفع الدعم الحكومي عن المحروقات بجمباز تقليص حجم أجهزة الحكم والإدارة على مستوى المركز والولايات، وحصد تصفيقهم عندما أعلن نهاية عهد تعدد سيارات الوزراء والأمر الجمهوري بسحب الدراجات البخارية من ركاب كبار المسؤولين. عندها علت صيحات النواب بإجازة خطاب الرئيس ولما يفرغ من قراءته، ولوحت إحداهن بلافتة أمام كاميرات التصوير تحتفل فيها بشفافية الحكومة وصراحتها، أي إعلانها الفلس.
لكن، أفلس الحكومة وخيبتها الاقتصادية مما يحتاج إلى إعلان، وقد قدت جيوب الناس قبل جيبها، وأقر بذلك رجال ماليتها. في حديثه لبرنامج "حتى تكتمل الصورة" يوم الإثنين 18 يونيو قال الزبير أحمد الحسن، وزير المالية الأسبق ورئيس القطاع الاقتصادي للحزب الحاكم، أن الحكومة تمحركت في الإصلاحات الاقتصادية حتى أتت ساعة الجد هذه، بل أقر أن الحكومة راح عليها أن تنفع الاقتصاد بعائدات البترول حتى انقضت إذ أغفلت قطاعات الإنتاج ولم تسع إلى تنويعها. برر الحسن سوء منقلب الحكومة الاقتصادي بما أصابها في حلبة السياسة، فالاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع القوى المسلحة، كما قال، أرهقت الميزانية بتكاثر مستويات الحكم والإدارة وتفشي المناصب الدستورية، فعاد بذلك إلى الجمباز المعلوم حول بدانة الحكومة ورشاقتها.
ما ينفع من حديث الحسن طرحه الصلة بين اقتصاد الحكومة وسياستها، وهذا ميس القضية. ورطة الحكومة، كما يعلم الحسن، ويدرك المتظاهرون الذين خرجوا الجمعة الماضية والأيام التي سبقتها يهزون عرش كافوري، تكمن في التناقض المكشوف بين خططها الحربية وسوق اتفاقياتها المكلف، جهتي معدنها السياسي، وبين مطلب النمو والاستقرار الاقتصادي. تصب جل ميزانية الحكومة المعلنة في جب الدفاع والأمن، المصارف التي تفادى نواب الوطني التطرق لها تقية وخشية ومنفعة. محل هذا المطلب الحق، الجهاد الأكبر ضد هدر مقدرات البلاد في سوق الصراع على السلطة، اكتفى نواب الوطني بسلق البيض حول عربية المدام والدراجات البخارية حتى كاد الأمر أن يتدهور إلى محض حسادة بين أقران. لكن، لم تنطل تكتيكات الوطني، حكومة وبرلمان، على أحد، فقد صوت غمار الناس ضدها بأرجلهم في شوارع الخرطوم ومدني وبورتسودان وعطبرة. إذا كان نواب الوطني أجازوا خطاب الرئيس ساعة قراءته فقد أسقطه الشارع سيد الفهم.  
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]

 

آراء