كرة القدم وبراءة الطفولة الضائعة

 


 

 


لن يتوقف قلمي عن الكتابة حول العنصرية البغيضة في كرة القدم ،وقد شاهدت بأم عيني العديد من مباريات كرة القدم التي وضحت فيها العنصرية في عدد من بلدان العالم ، ولا زلت أذكر ذلك المشهد المأساوي الذي يعبر عن قمة العنصرية في المباراة التي جمعت بين المنتخبين  الإنكليزي والصربي تحت  سن 21 سنة ، عندما إستخدم المشجعون عبارات وإشارات وإساءات شخصية لأحد لاعبي المنتخب الإنكليزي وخاصة ضد أحد اللاعبين السمر وتشبيهه بالقرد وتأدية التحية النازية .
وبالطبع أجد نفسي داعما بقوة للحملة  التي أطلقها الإتحاد الأوروبي لكرة القدم بأن يرتدي قادة الفرق الأوروبية في بطولات كرة القدم الأوروبية والدوري الأوروبي شارات تربط حول العضد لمحاربة التفرقة العنصرية ، ومن الواضح جدا أن الحملة تهدف لتخليص رياضة كرة القدم من العنصرية ، وواحدة من المعارك الهامة هذه الشارة التي تحمل عبارة : إتحدوا ضد العنصرية .
معظم القيادات الرياضية في العالم أعلنوا إلتزامهم الكامل بمحاربة العنصرية ،وهذا رائع وجيد ولكنا نعرف أن ظاهرة العنصرية لن تتوقف ما لم يسن الإتحاد الأوروبي قانونا صريحا يقضي بخصم نقاط من الفرق أو طردهم من المنافسات في حال تورطهم في إساءة عنصرية ، وعندما يدرك الكثير من المشجعين العنصريين ذلك سيكفوا تدريجيا عن مثل تلك الإساءات والهتاف العنصري ، وعندها أيضا ستكف الأيادي الخفية التي تتلاعب بالجموع المهووسة التي تزرع الفتنة وإلحاق الأذي بالآخرين .
كرة القدم يا سادتي لعبة لا يمكن  تجاهلها ويصعب تهميشها أو فصلها عن إهتمامات الناس وشؤون حياتهم ، وأنها يمكن جدا أن تتحول في لحظة إلى وسيلة تنمية أو أداة بناء أو سلاح ضغط سياسي أو ملف إقتصادي !!!
أنا صراحة لم أقرأ عن التوجهات الكروية للرئيس إسماعيل الأزهري أو الفريق أبراهيم عبود ولكني على يقين بالتدخلات الرعناء لكل من نميري وعمر البشير في كرة القدم ، والآن بدأنا نقرأ عن تدخلات جهاز الأمن في بعض مباريات كرة القدم وفي سياسات إتحاد كرة القدم وتلك مأساة .
في السابق كنت أشاهد مباريات كرة القدم بكثير من الإستمتاع ، وكان لا يهمني من هو الفائز ومن الخاسر ، يهمني فقط اللعب النظيف والأخلاق الرياضية ، اليوم أتابع لعبتي المفضلة بكثير من التوتر وأعصاب مشدودة وأدعو الله أن ينتهي الأمر بسلام .
إن كرة القدم رياضة عالمية تنمحي داخل بوتقتهاالفوارق الطبقيةوالعرقيةوالجنسية ، ورغم ذلك تسول للبعض أن يتلاعبوا بالجماهير ويرسلوا رسائل معينةلشريحة من المجتمع تعميها رغبتها في تحقيق الفوز فيأخذ ذلك محل التسلية الحقيقية ، وقد تألمت وحزنت كثيرا عندما عرفت أن جماهير فريق رياضي مرموق طالبت بطرد كل  اللأعبين السمر من الفريق ، فأية عنصريةأبغض من ذلك ؟ وجماهير كرة القدم بالذات وفي كل أصقاع الدنيا يعرفون عطاءلاعبي كرة القدم السمر .
ينبغي في كرة القدم تحديدا أن تختفي تماما أشكال العنصرية ، إن لون البشرة أو الدين أو المركز لا يجب أن يكون ذريعة لإحداث الشقاق بين شخصين يحب كل منهما الآخر ، إن الكرة التي تتدحرج تدهش المرء منذ سن مبكرة  وقد ادهشتني ودفعت ضريبة الدهشة وعلينا أن نتابع حركتها بكل ما في العبارة من رمزية ، إن براءة الطفل يجب أن تستمر في الوجود ، وعلى الناس أن يروا في الأشخاص الواقفين في الجانب الآخر منافسين لا أعداء ، إن كرة القدم لن تجعل من الدنيا مجالا ورديا بصورة مفاجئة ذلك لأن لديها حدودها ، غير أن من المهم والضروري تسخيرها لتجاوز عوائق العنصرية والكراهية .
badreldin ali [badreldinali@hotmail.com]
///////////////

 

آراء