كفى بك داءً مستر 10% … بقلم: د. مجدي الجزولي
وقع على خالد المبارك، المتحدث باسم سفارة السودان في المملكة المتحدة، عبء ثقيل آخر الاسبوع الماضي فقد سبقت إليه البي بي سي تريد التحقق مما جهرت به ويكيليكس بخصوص ادعاء لويس مورينو أوكامبو، مدعي محكمة الجنايات الدولية، أن الرئيس البشير "دكن" في حساب بنكي بلندن مبلغ يتراوح بين مئات الملايين إلى 9 مليار دولار أو حوالي ذلك، أي ما يقارب 10% من الناتج القومي السنوي للبلاد. بحسب وثائق ويكيليكس فإن ثروة البشير مؤمنة ببنك لويدز، الأمر الذي رد عليه البنك بالقول "ألا دليل على قيامه بحفظ أموال باسم مستر بشير". رد البنك إن أعدت النظر أقرب إلى جواب غريشو ماركس على النادل في فيلم من الثلاثينات، فقد سأله النادل أيهما تريد القهوة أم الشاي؟ ليرد عليه غريشو نعم بالتأكيد. بنك لويدز لم ينف وجود الأموال بل نفى وجود دليل على ذلك، كما لم ينف وجود أموال تخص مستر بشير تحت اسم غير اسم مستر بشير.
على أية حال، البنك غير ملزم سوى تحت أمر قضائي أن يكشف عن أسماء وحسابات عملاءه ولذا لا تثريب، فقد جاء رده في حدود مسؤوليات قسم علاقات عامة يريد التحلل من الإحراج، فالبشير عند الرأي العام الغربي ملك الجنجويد الذي لا يرعوي.
خالد المبارك تعدى في رده على البي بي سي حدود الموضوع فوجه سهاما نحو صاحب الإدعاء بحسب ويكيليكس أي مدعي محكمة الجنايات، ليقول أن الزعم بأن البشير يستطيع التحكم في مالية السودان ومن ثم سحب أموال لصالحه لأمر مضحك وأن أوكامبو ما هو سوى مهرج يعمل بحسب أجندة سياسية، فقد فشل في كل إدعاءاته ورفض التحقيق في قضايا العراق وغزة. من ثم فهو يحتاج إلى نجاح ولذا استهدف البشير. زاد المبارك أن محاولات تشويه صورة البشير والسودان عامة تتصل بوضوح بالشعور المعادي للعرب والإسلام. الحجة التي تتعلق بالموضوع هنا هي زعم المبارك أن البشير لا سيطرة عليه على مالية السودان ولا وسيلة بين يديه لتغذية حساباته الشخصية منها، وهي بصورة أخرى ذات الحجة التي يتحلل به البشير من إدعاء محكمة الجنايات الدولية بالقول ألا قوامة له على سلسلة القيادة التي نظمت حقول القتل في دارفور وإن كان القتلى عشرة آلاف وليس مئات الألوف.
إن أخذنا بحجة المبارك إلى منتهاها فالبشير كذلك لا سيطرة له على دولة يوثق لفسادها كل عام مراجعها العام، وترفض وزاراتها ذات الشوكة الخضوع لأمر ديوانه. والبشير كذلك لا مسؤولية تطاله إن أفسد ديوان الزكاة وعبث بمال العبادة، ولا مسؤولية تقع عليه جراء ما يصدر موقعا باسمه من أوامر رئاسية وفرمانات. وبالطبع ليس في ذمته شئ مما يفعل عماله وأعوانه وأهل حزبه وأمنه وشرطته دع عنك المسكين قدو قدو، فالبشير إما لا يعلم أو لا يستطيع دفعا في دولة "المؤسسات" التي يرأسها، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته إلا البشير. ربما كان الأجدر بالبشير إذن أن يجعل هذا الطفو مؤسسيا كذلك ويتعفف كلا عن السلطة والجاه ولو بسعر 9 مليار دولار.
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]