كلكم عبيد

 


 

 

بشفافية -
العبارة العنصرية البغيضة التي تفوه بها لا فض فوهه محامي المخلوع، ليست غريبة ولا جديدة على جماعته، فحتى كبيرهم لم يكن يختلف في عنصريته في شئ عنه، فقد نقل عن هذا الكبير أنه كان على موعد للقاء مسؤول كبير آخر يليه مباشرة في المقام والدرجة، جاء المسؤول الكبير الذي طلب اللقاء بالأكبر في الموعد تماما، أدخلته السكرتاريا المكتب الفخيم وأجلسته وأكرمته لحين حضور المسؤول الأكبر، وقتها كان المسؤول الأكبر يتسامر مع بعض خاصته في مكتب اخر مجاور، ولم يأبه لتنبيهات السكرتاريا له باللقاء للمرة الثانية بل كان غارقا في سمره وضحكه، وحين عاودت السكرتاريا تذكيره للمرة الثالثة، نهض واقفا وقال لخاصته (أها يا جماعة ودعتكم الله نمشي نشوف العب دا عاوز يقول شنو)، وحكاية هذا المحامي الغرير والمغرور مقروءة مع حكاية كبيره السفيه، ما هما إلا مجرد مثالين يمكنك أن تقيس عليهما مئات الآلاف بل ملايين الأمثلة الدالة على مدى تعشعش وتغلغل القبلية والعنصرية في الرؤوس وتجذرها في الثقافة الشعبية، بل الأنكى والأدهى أن كثيرا من النخب والقيادات التي تلعلع أصواتها في أجهزة الاعلام تلعن القبلية والعنصرية نظريا وجهرا من على المنابر بينما تمارسها عمليا في حياتها وسرا في مجالسها الخاصة، والادهى والامر من ذلك أن وزارة الداخلية كانت وربما لا تزال تخصص موضعا لـ(القبيلة) في كل فورمات التقديم لنيل الوثائق الثبوتية، والكارثة أن كل هذه الممارسات القبلية تتم رغم أنف وثيقة الحقوق الواردة في الدستور، وهذا ما يكشف أن العنصرية والقبلية داء معشعش فى الرؤوس ولم ولن تزله القراطيس، انها فى الحقيقة أزمة ثقافة وهوية بامتياز، ولو أفضنا وتوسعنا في حكاوي العنصرية المنتنة لاحتجنا لمجلدات..
من غشامة وغرارة بعضنا الذين يتوهمون النقاء العرقي والانتساب الى الأرومة العربية، أن هؤلاء الذين يحاولون (التلصق) بهم يعتبرونهم كلهم عبيد ومنهم هذا المحامي الواهم، وكما أن لعنصريينا الواهمين قصص وحكاوي مؤسفة كثيرة وعديدة، فهنالك أيضا قصص وحكاوي كثيرة وعديدة تعتبرنا جميعا على اختلاف قبائلنا وجهاتنا عبيد بالمعنى العنصري، ولا فرق عندهم بين جعلي من المسيكتاب أو حلفاوي من السكوت أو هدندوي من سنكات أو مسلاتي من قارسيلا أو دينكاوي من أبيي، وتقول احدى الحكايات أن سودانيا أخضر اللون طوله خمسة أقدام وستة بوصات وعيونه عسلية وشعره قرقدي، هجّ من البلد مهاجرا بسبب المسغبة إلى إحدى دول البترودولار التي نشأت ونهضت على اكتاف السودانيين وعقولهم طلبا للرزق والسعة وهربا من الضيق والتضييق، وعندما حل بذاك البلد وفي أول أيام بحثه عن فرصة عمل كان أن التقى أحد أرباب العمل وكان بدويا (لطخ) سأله إن كان سيجد فرصة عمل معه، بدأ البدوي إجراءات المعاينة موجها أول سؤال فيها وكان بطبيعة الحال عن الاسم، رد السوداني بأن إسمه عبيد، ولم يكد (اللطخ) يلتقط الاجابة إذا به يصفع السوداني بتعليق جارح قال فيه (أدري إنك عبيد…بس ايش إسمك)، لم يكمل الراوي بقية القصة ولكن يقيني أن السوداني لا شك قد صفعه صفعةً لن ينساها أبدا، هذه القصة وغيرها كثير تؤكد أن لها في واقع الاغتراب والمغتربين سند ودليل واقعي..
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة
//////////////////////

 

آراء