كلمات فى حق الشهيد طيار خالد الزين ورفقائه

مقدمة:_ ( تابعناهم ووأصلناهم رمضان _و دفناهم _!*) حديث للرئيس السابق عمر البشير أذيع عبر فديو مسرب نشرته فضائية قناة العربية فى اجتماعات شورى جماعة الجبهة الاسلامية عام ٢٠١٣، و فى تعليق سابق مثير للدهشة كان قد اشار بأن اؤلئك الذين قبروا كان من ضمنهم _خيرة ضباط الجيش __، و فى نفس الجلسة صرح على عثمان محمد طه _( احنا أعدمنا ٢٨ ضابطا فى يوم واحد !!)..وأجهش أحدهم ببكاء وهو يستمع لهذا الحديث ، ولا ادرى هل كان دموع فرح ؟ تنبىء عن استعدادهم لمزيد من الدماء!! أم حزنا على ما ألت اليه الاوضاع … وسلسلة التصفيات التى حدثت حتى بين الاخوة الاعداء ….؟؟

(1)
حين اتحدث عن خالد الزين اعنى ال٢٨ ضابطا ، الذين اعدموا فى عجالة بطلقات طائشة من مدنيين لا يجيدون حتى الرماية ، وقيل ان خالدا قد سيق من امام منزله وهو منهمك فى سقى زرع بفناء منزله، أقتيدالى دروة الاعدام واودع مع زملائه داخل عربة دفار مقيد اليدين، و ما كان منه الا ان بصق على تلك الفئة المجرمة واصفا اياهم بالجبن، وأخال لو ترك له المجال لصرع اؤلئك الجبناء بما امتاز به من قوة بدنية ،كانت مدة محاكمتهم لا تتجاوز النصف ساعة!!! ، ومن نفذوا اطلاق الرصاص مدنيين ،كانت اصابات بعض الضباط غير قاتلة ، ومن ثم تم القاؤهم فى خندق واحد و بعضهم ما زال حيا وأهيل عليهم التراب ، لم يتم الاعدام استنادا على اللوائح والاعدامات العسكرية ، و شبه اعداماتهم بالهولوكست التى طبقها النازيون ...و ياليت من أراد معرفة تفاصيل تلك المجزرة قرأوا كتاب عصام الدين مرغنى شقيق الشهيد العقيد الركن عصمت مرغنى تحت عنوان ( الجيش السودانى والسياسة )

(2)
الفريق الشهيد خالد الزين على نمر ، اذكره بايمانه العميق ، وحبه للسودان ، واخلاقه العالية التى دلت عليه اصالة لم تكن ادعاءا، وكان لى شرف معرفته و توثيق علاقاتى معه حين قدمت لتلك البلاد البعيدة _ الصين _ مثقلا بهموم قنانة العصر ، و كان عزاء لى ان أجد شخصا تصادقه وتحس بأنه ان لم يكن فى كفه غير روحه لجاد بها لكل محتاج يسأله ...، اذكر خالدا و ما يدهشنى انه ذات يوم كان يتحدث عن محاولة الانقلاب التى قام بها الرائد هاشم العطا ، واصفا هاشم بأنه كان من أكثر ضباط قوات الشعب المسلحة انضباطا و شجاعة واصالة ، ولكنه كان يبدى حيرته عن المحاولة التى قام بها ، و ما اعتراها من ضعف فى توقيتها وفى استيفاء شروط تأمينها !، ليأتينى سؤال لا أجد له الاجابة حتى اللحظة، ان كانت محاولة ضباط ٢٨ رمضان احداث تغيير ( انقلاب *) على الانقلاب الذى دبرته الجبهة الاسلامية ، لماذا كان ذاك الفشل ، هل لضعف فى التوقيت أم فشل فى الاستيفاء بشروط تأمينها أم لعوامل اخرى يعلم خباياها العشرات من الضباط الشرفاء من أمثال العميد معاش حسن صديق.

(3)
خالد الزين الذى عرفته لا تفوته شاردة ولا واردة شيمة من عمل فى مجال الطيران !! يمتازون بالانضباط ، قراءة عجلى لسيرة خالد الذاتية تقول انه..تخرج كطيار مقاتلات عام ١٩٦٠ من اثيوبيا ، واوفد لدراسة طيران مقاتلات فى بريطانيا ليعود معلما فى سرب مقاتلات _ جت بروفوست _ وتلقى دراسات طيران متقدمة فى الاتحاد السوفييتى عام ١٩٧٠ ، وتدرب كقائد لسرب طائرات النقل الثقيل انتينوف ، واوفد الى الولايات المتحدة ليتخرج عام ١٩٧٨ كاول سودانى كابتن على طائرات سى ١٣٠ هيرليوكيز ، و تحصل على شهادة الاركان من العراق١٩٧٩ ، و كان له دور بارز فى انحياز القوات المسلحة لانتفاضة ١٩٨٥، بعد هذه السيرة الباذخة يساق الفريق الشهيد من داره لتكبل يداه برفقة زملاء وصفهم البشير نفسه بأنهم من خيرة و صفوة ضباط قوات الشعب المسلحة .. و يتم تصفيتهم !!!

(4)
ظلت عائلات المغدور بهم يطلبون معرفة خبايا محاكمتهم و مكان دفنهم والسؤال عن متعلقاتهم و توصياتهم ، وأذكر الراحلة سعيدة محجوب أرملة الشهيد خالد وهى تهرول تلك الايام لكل الجهات لمعرفة اين دفن زوجها ؟! و الملابسات التى حاقت بتلك المحاولات ...و عشعش الحزن داخلها ، ولا شك ان هذا الحزن هو الذى طور المرض داخلها وهى ما زالت فى معية العمر لتلتحق بالرفيق الاعلى هناك فى فلوريدا رفقة ابنتها ناهد و ابنها نادر وزوجته منى ، و ياليتها عاشت لترى ماتم فى ديسمبر ٢٠١٩...و الخطوات التى تلت للكشف عن خبايا تلك المجزرة .
….و لا انسى ملامح الحزن والاسى فى وجه الاستاذة ليلى يحيى ارملة الشهيد اللواء الركن صلاح السيد ، وهى تسرد تراجيديا اعدام زوجها ضمن الشهداء ، حكت ان زوجها قد طلب من القائمين بامر اعتقالهم السماح له بموارة جثمان والده الذى توفى ليفاجأه أحد النافذين قائلا ...مافى داعى تمشى للعزاء لانك ستلحق به بعد شوية …!!!!
اجرام .. لا يجد الانسان له تفسيرا ، و شغف بالحاق الاذى بالاخر .. و تشف يجعل الانسان يردد ما قاله كاتبنا الراحل الطيب صالح .. من أين أتى هؤلاء؟؟؟، هل من تراب هذا الوطن ...؟ أم من خارجه ؟؟!!

ما زالت الاسئلة الحيرى تحوم حول تلك الجريمة ، لأن هناك كثير من الحديث عن التطمينات التى أعطيت للواء الركن حسين عبد القادر الكدرو الذى كان مسيطرا على سلاح المدرعات بالكامل ، و كان بامكانه ان يحول العاصمة الى بارود نار لا تبقى ولا تذر ….، سلم اللواء نفسه واعدم بتلك الطريقة الهمجية ... والعميد الطيار محمد عثمان كرار خريج الملكية البريطانية عام ١٩٦٧ واوفد فى كورسات متقدمة فى مجال الطيران الى كل من الاتحاد السوفييتى والمانيا الاتحادية والعراق ، وعرف كأول ضابط حصل على وسام الشجاعة من الدرجة الاولى مرتين متتاليتين وله دور مشهود فى عملية انقاذ الاجانب فى جبل موية عام ١٩٨٧ . و نحن كمدنيين ندرى بان مثل هذا الضابط الذى يمتاز بهذه الانجازات لا تجوز حتى محاكمته ، و لامر خفى استطاع العميد المرحوم محمد الامين خليفة ان يتسلل الى المطار ويطعنه بالسونكى فى جنبه الايمن وظل ينزف حتى أعدم

و قد سمعت من أحد الضباط بأن من تقليد القوات المسلحة اعدام المشاركين فى أية محاولة انقلابية حين يكون العسكر على سدة الحكم ….تقليد غريب لا يسنده قانون او منطق ..فكيف يستقيم ات تأتى جماعة و تنزع من الجيش قوميته ..، و تدخل البلاد فى متاهات ..خيارات ادت الى الفتن وتمزيق الوطن….و يحق لهم ارتكاب تلك الجريمة…..!!!

salahmsai@hotmail.com