حول كيف سيُضَارَّ السودان من سد النهضة ومُتَلاَزِمَاته؟
بروفيسور د.د. محمد الرشيد قريش
مركز تطوير أنظمة الخبرة الذكية لهندسة المياة والنقل والطاقة والتصنيع استهلال:
في مفاوضات سد النهضة ذات الثلاث شعب (المسار الفني والسياسي والقانوني) – أشارت الأخبارالي أن السودان ومصر وإثيوبيا قد تلقوا العرض الفني المشترك المقدم من الشركتين الفرنسيتين "بي آر ال" و"آرتليا"، والمسند لهما تنفيذ الدراسات الفنية بخصوص تأثيرات سد النهضة.،ووقعوا علي العقد الخاص بذلك ,ليقوم المكتبان بدراستين: الأولى تتعلق بتحديد: تأثيرات سد النهضة على التدفقات المائية التي تصل السودان ومصر ، علاوة على تأثيره على الطاقة الكهربية المولدة من السدود القائمة في البلدين ، بينما الثانية تحدد تأثيرات السد على النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية للبلدين.
الأضرار بالنفس وبالأخرين: يعتبر الحديث الشريف " لا ضرر ولا ضرار"
أحد قواعد التشريع الأسلامي التي أخذ بها القانون الدولي ، ومعني الحديث أن المرء ليس مطلوبا منه أن يضار نفسه، وليس مسموحا له بأن يضار غيره وهي القاعدة التي ”اليها ترد جميع مسائل المعاملات التي يرجع فيها الي الأحكام في القضاء والسياسة والحرب“.
وفي شأن استغلال مياه الأنهارالمشتركة، دعت مسودة المادة 8 للجنة القانون الدولي (احدي لجان اللأمم المتحدة ) الي "الالتزام بعدم التسبب في ضرر كبير"
"Obligation not to Cause Substantial Harm"| : وهو التزام لا يرقي الي مَضَاء و صَرَامَة المبدأ القانوني اللاتيني الأصلي الذي يعتبر اليوم مبدأ اساسي في القانون الدولي والمنصوص عليه كالأتي: “sic utere tuo alienum non laedes” أي "على المرء استخدام ما تحت يديه بحيث لا يلحق الضرر بجيرانه "!
موجز -- تلخيص لأهم أضرار سد النهضة ومشاريع المياه الهندسية الأثيوبية الأخري علي السودان
باديء الرأي، ينبغي التفريق هنا بين: "الأضرار" (Adverse Impacts) ، موضوع هذه الحلقة من "شهادتي للتاريخ" ، "والمخاطر" ((Risks التي سنخصص لها حلقة حصرية (شهادتي للتاريخ 25) ، لنعود بعدها ونواصل حلقات "سلامة السد"(الهيكلية والهيدروليكية والتشغيلية) ان شاء الله بعض هذه المشاريع المائية لها فوائد محتملة لكن كما أوضحنا في الحلقات السابقة أن هذه الفوائد مشروطة بظروف لا يؤمل في تحقيقها
أهم 7 أنواع من الأشغال الهندسيىة المرتبطة بسد النهضة وما يتصل بها من اعمال ذات أضرار علي السودان هي : ضخامة السد وكبر حجم ومسطح الخزان وملحقات السد ومُتَلاَزِمَات السد: التحويلات (Diversions) أعمال ضبط النيل الأزرق(River Regulation) شق الترع (Canalization) سحب المياه للري (Irrigation Abstractions) استخدامات الأرض(Land Uses) النفايات السائلة (Effluents)
ويتمحور الأضرار الذي ينال السودان من سد النهضة ومُتَلاَزِمَاته حول الأتي: تدفق وحركة المياه فى الخزان: متوسط التصريف السنوي للنيل الأزرق عند الدماذين هو 1570 م3 في الثانية أو 135.7 مليون م3 في اليوم ، لكن أثيوبيا الأن تعد السودان فقط ب130 مليون م3 في اليوم (وفي رواية أخري 133 مليون م3 ) والرقم الأول يعادل 47.5 مليار م3 في السنة، وذلك أقل من ايراد النيل الأزرق الذي اعتمدته أثيوبيا عند تصميم سد النهضة والبالغ52.6 مليار م3 في السنة! اذا أين ذهبت ال(5.1) مليار م 3 في السنة وهي الفرق بين الرقمين؟ أما ان كان الرقم هو 133 مليون م3 في اليوم فهو ما يعادل ال(48.6) مليار م3 في السنة: واذا أين ذهبت ال(4) مليار م3 في السنة وهي الفرق بين الرقمين؟ عندما يكمل القاريء قراءة هذه الحلقة ، سيكون قد أدرك الأجابة علي هذا السؤال ! من جانب أخر، فان أقصي تصريف النيل الأزرق في القرن العشرين عند الدماذين كان قد بلغ في عام 1946 10800م3 في الثانية أي 933 مليون م3 في اليوم أما معدل تمرير فتحة بوابات التحكم السفلي – وفق تصريح المسؤلين -- هو 150 مليون م3 في اليوم ، أي أن الفتحتين(بسعة 300 مليون م3 في اليوم) قادرتين علي تمرير متوسط التصريف السنوي للنيل الأزرق عند الدماذين (والبالغ 135.7 مليون م3 في اليوم) لكن ليس تمريرأعلي تصريف (813 مليون م3 في اليوم) ، ولا –بالطبع -- أقصي تصريف (933 مليون م3 في اليوم)
كما أن أحد ألأثار الكبري لضخامة السد واجراءت تشغيل خزانه تتمثل في مُتَقَلِّبٌ ومالاَت سد الروصيرص في ظل سد النهضة ، كخفض وظيفتة الحالية ( " كسد تخزين" (Storage Dam ، يقوم بضبط فرق التوازن المائي Head خلف السد و بضبط Regulate اطلاق التصريفات المائية أمام السد)، خفض وظيفته إلى "قنطرة"Barrage لرفع منسوب المياه (أي ضبط فرق التوازن المائي خلف السد) لتوليد الطاقة " لكن ليس لضبط اطلاق التصريفات المائية أمام السد! - سنخصص حلقة حصرية لهذا الأمر (شهادتي للتاريخ 23- ب) ، ان شاء الله وستكون هناك آثار وخيمة على حجم وتباين (تقلباتVariability) الدفق النهري بسبب سد النهضة وال 3 سدود الأثيوبية المتتالية معه: (Karadobi, Mabil & Mendaia Dams) كما أن الأنسياب المائي في السودان قد يصبح غير مستقر للغاية (Highly Unstable) نظرا للاحتياجات المتقلبة لتوليد الطاقة من ذلك السد، مما قد يتطلب الأمر إعادة تصمم بعض منشئات الري في السودان وكبر حجم الخزان وسحب المياه للري يلحقان أضرار بالغة بامدادات المياه: ، بانقاص كمية المياه (Flow Magnitude) الواردة للسودان بسبب: زيادة فاقد التبخر زيادة فاقد تغذية المياه الجوفية (Groundwater Recharge Losses)
مثلا نتيجة فقدانه لفيضانات الرهد و الدندر
خاصة في السنوات الأولى للتخزين تَأَرْجُح و تَضَعْضَع حقوق السودان المائية وفق اتفاقية مياه النيل لعام 1959، بسبب ما يطلق عليه "تراجيديا الموارد المائية" ، علي سبيل المثال
أما أعمال التحويلات فستقود الي: انقاص كمية المياه أيضا تغيرات بالغة في المجري النهري((River Channel، كالتتغيرات الكبيرة في مورفولوجيا النهر بمجمله، خصوصا في توزيع الرواسب الطميية والنباتات،كما حدث عند تطوير حوض نهر الفولغا - عام 1975 تغيرا كبيرا في الجريان السطحي النهري(River Runoff) نظرا لزيادة التبخر وتغذية المياه الجوفية في الأحباس العليا وأضرار متوسطة للتحويلات المائية علي كل من جودة المياه والكائنات الحية (Biota)
وأما شق الترع لمشاريع أثيوبيا الزراعية الطموحة فذات : أضرار بالغة ،كما حدث عند تطوير حوض نهر الفولغا - عام 1975علي كل من المجري النهري(River Channel) وعلي الكائنات الحية (Biota) و أضرار متوسطة علي كل من كمية المياه الواردة للسودان وعلي جودة المياه
وأما سحب المياه للري فسيكون ذو تاثير سلبي بالغ علي: كمية المياه الواردة للسودان (بانقاصها مثلا) جودة المياه نظام الجريان المائي(Flow Regime) ، بتغيره مثلا صلاحية المياه للأعراض المختلفة ، بما في ذلك مشاكل التلوث: فمثلا أدت نشاطات الري والصناعة في الولايات المتحدة الأمريكية في الأحباس العليا الي تركيز المعادن بصورة كبيرة في المكسيك (دولة الأحباس )، مما حط من قيمة تلك المياه للري ولغيرذلك من الأغراض الاقتصادية الأخرى
بينما تتمثل أهم الأضرار الناجمة عن مناشط العمران المختلفة (Urbanization) والزراعة والتعدين ، في الأثارالبيولوجية التي تخلفها مثل: الفضلات القولونية التلوث السام الطلب علي الأوكسجين الحيوي BOD))
وهناك أيضا الأضرار علي السودان الناجمة عن أعمال ضبط النيل الأزرق المتمثلة في : التحكم في مياه النيل الأزرق بالمنح او المنع التحكم في نمط التدفق من خلال تغيير: توقيت التدفق (Flow Timing) نمط ترسب الرواسب(Sediment Deposition) ، ففي حالة حجز الرواسب الطميية نجد مثلا ضياع فرصة اقتلاع النباتات المائية، وضياع صيانة وتنظيف النظام النهري خفض نسبة طمي الأساس (Bedload Sediment) إلى إجمالي الرواسب الطميية " مما يؤدي بدوره الي خفض نسبة "عرض المجري الي عمقه" وزيادة في تعرج المجري (Sinuosity) في الأحباس السفلي
كما أن استخدامات أرضي الحوض (كازالة الغابات ومصارف المياه) ، وكب النفايات السائلة المصاحب للعمران الذي سيطلقة سد النهضة ذات أضرار بالغة أيضا علي كل من : كمية المياه الواردة للسودان نظام الجريان المائي(Flow Regime) ، كما في حالات تغير نمط الجريان السطحي مثلا والمجري النهري (River Channel) و جودة المياه ، كما في تغيرات حمل الرواسب الطميية مثلا والكائنات الحية (Biota)
مقدمة :
إسداء النُصُّحٌ لصاحب القرار: قال رسول الله (ص): "أذا أراد الله بالأمير خيرا ،جعل له وزير صدق : ان نسي ذكره وان ذكر أعانه ، واذا أراد به غير ذلك، جعل له وزير سوء: ان نسي لم يذكره ، وان ذكر لم يعنه" "فما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيكَ نُصحَهُ, وَما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ"، كما قال أبو الأسود الدؤلي
نصح مِتْلاف:
فريدريك ليندمان، الفيزيائي الإنجليزي والمستشار العلمي لونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية، والذي كان قد شكك في تطور تكنولوجيا الرادار في ألمانيا ، أعلن أن صاروخ الوقود السائل الألماني V-2، لن ينطلق من الأرض ، وذلك قبل أيام فقط من استخدامه بشراسة ضد لندن! و خلال غزو نورماندي في الحرب العالمية الثانية، نصح خبراء الارصاد الجوي الجيش الألماني أن الطقس لن يكون مناسبا لغزو الحلفاء لألمانيا فأجتاح الحلفاء ألمانيا بعد أن وجدوا القوات الألمانية و دفاعاتهم في حالة استرخاء تام!
”التأثير(لسد النهضة علي السودان) لن يكون الا بمناطق قليلة متاخمة لنهري الدندر والرهد“ (24-5-2010) وأن "السد لا يؤثر علي المياه الواردة للسودان بقدر ما يقلل من التبخر" (19 -5-2011)! وأن " السودان لن يتأثر بقيام أي مشاريع علي حوض النيل لأكثر من مئة عام مقبلة حسب الدراسات الهيدرولوجية للمناطق" ! (19 -5-2011) ، وأن "السودان سيستفيد من سد النهضة الإثيوبي ، ولن يتضرر منه" (27 -4- 2014 )!
الصورة أعلاه التي رسمها هؤلاء القوم " صورة زاهية ولا شك !، ولكن ما أبعدها عن الواقع : اذا ما بال هؤلاء القوم ، وَقد جاؤوا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ ، هل "يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" " بهذا النصح المِتْلاف لصاحب القرار؟ كلا :
و"إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا" (يونس 36) " هؤلاء المروجون لسد النهضة يضخمون "إيجابيات" للسد كنا قد دعثرناها في أكثر من ست عشرة حلقة ، وينسبون له من "فوائد" مفترضة لم تزعمها حتي أثيوبيا! ولقد أشرنا فيما سبق أن أثيوبيا لم تقل أبدا أنها ستوفر فوائد للسودان من السد ( كالحماية من الفيضانات الخ…) ، ناهيك أن تخطط لها ، ولوكانت هناك مثل هذه "الفوائد" للسد علي السودان، لقالت بها أثيوبيا صراحة في "وثيقة الخرطوم"! و لكانت تلك "الوثيقة" تحولت الي "معاهدة" ملزمة لأثيوبيا علي غرار "المعاهدة بين السودان وأثيوبيا" التي اقترحنا مسودتها في الحلقة الحادية عشر من هذه الدراسة الموسعة ، لا الخروج باعلان حسن نوايا فقط ليس فيه من الألزام الا ما جادت به أريحية دول الأحباس السفلي علي نفسها ! في كل ذلك ينكر هؤلاء المروجون للسد أضرارا نخشي أن تكُونَ "رَدِفَ" لَهم و يغفلون ذكر مخاطر وسلبيات تحيط بسد النهضة إحاطةَ السُّوار بالمِعْصَم ، تكمن جذورها في: عدم جدارة االموقع المتمثلة في: طوبوغرافية الموقع غير الملائمة والتي تشمل الخصائص الجيوتقنية للتربة كالتربة المتمددة (Expansive Soil) جيولوجيا الموقع والتي تشمل : à زلزالية الموقع à الانزلاقات الأرضية وفي "حجم السد"(طولا وعرضا وسعة) المؤشر الأكثر افصاحا عن درجة "التعويق الأضراري" (Disturbances) لأي سد وفق أسس تصنيفات السدود(Basis of Dam Classification) ، فسد بحجم سد النهضة قادر علي أقصي درجات التعويق الأضراري واطلاق العنان لسلسلة من التغيرات تطال كل من الأحباس العليا والسفلي وفي زيادة فرص انهيارالسد بسبب طبيعة الموقع وحجم السد
دعنا نري اذا بالبسط والشَّرح والتَّحليل جزئيات تلك الأضرار التي أوجزناها عاليه ودقائقها
انقاص الماء الوارد للسودان انقاص الماء الوارد للسودان (ومصر) سيأتي من عدة جهات:
ملء الخزان بسعة 74 مليار م3
ستتوزع هذه المياه خصماعلي المياه الجارية للسودان خلال سنوات ملء الخزان (وهي غير معروفة حاليا لكن هناك تقديرات مصرية لها في حدود 11 إلى 19مليار م3 من المياه سنويا) ،
تداعيات نقص المياه بسبب ملء الخزان علي توليد الطاقة في السودان:
الطاقة الكهرومائية المولدة هي نتاج لتوفر ثلاثة عوامل: سرعة التوربينات في الدوران، والتي بدورها تعتمد علي: فرق التوازن المائي (Head) المتوفر(أي الفرق بين منسوب المياه في الخزان والتوربينات) و تصريف التوربينات (Turbine Discharge ، أي حجم المياه المتدفقة عبر التوربينات) اذا، فأي نقصان في تصريف التوربينات أو في فرق التوازن المائي سيخفض سرعة التوربينات في الدوران وبالتالي حجم الطاقة المائية المولدة التقرير الإثيوبى المقدم إلى اللجنة الثلاثية الدولية - وفق ما صرحت به اللجنة نفسها – لم يأخذ "فى الاعتبار التأثير المتوقع والطاقة المتوقع توليدها من سدود الروصيرص ومروى ... أثناء فترة ملء الخزان". عموما فان "سدود التخزين" في الأحباس العليا للنيل الأزرق – لا "سدود الطاقة" كسد النهضة -- تستطيع زيادة التصريفات المتدنية (Low Flows) المارة عبر المواقع المختلفة وبالتالي يمكن استخدامها للحفاظ على الحد الأدني للتصريف على النيل الرئيسي وذلك لزيادة القدرة المؤكدةFirm Power شمال الخرطوم في الروصيرص وسنار ومروي الخ لكن – بالمقابل -- حبس المياه في سد النهضة وغيره من السدود الاثيوبية يعطي فرصة أكبر للتبخر لان الخزان قد يكون ممتلئا في غالب الاوقات تحت ظروف تشغيل معينة وبالتالي خفض الماء المتوفر للري والتوليد الكهرومائي في السودان ومصر، فمثلا: التقرير الإثيوبى المقدم إلى اللجنة الثلاثية الدولية أشار – بالمقابل - الي أن "امدادات المياه التى تصل إلى مصر ستؤثر سلبا على توليد الطاقة فى السد العالى بنسبة تصل إلى 6% بسبب انخفاض مستوى المياه فى بحيرة ناصر"، "وفى حالة ملء الخزان الإثيوبى فى سنوات الجفاف فسوف تنخفض مستويات التشغيل وتوليد الطاقة فى السد العالى إلى أقل مستوياتها، وقد يتسبب ذلك فى: o فقدان توليد الطاقة من السد العالى، o وتقليل امدادات المياه لمدة لا تقل عن أربع سنوات". وأشار التقرير الإثيوبى أيضا أنه "من أجل تقليل التأثيرات السلبية على تدفقات المياه إلى دول المصب... فإن ذلك يتطلب : تقليل معدلات التشغيل فى سد النهضة إلى أقل مستوياتها؛ وذلك لتقليل نسب تخزين المياه كل عام، وذلك قد يستمر لمدة 15 سنة متتابعة" (انتهي)
وفي 5-20 -2016 ، قال وزير الكهرباء المصري "إن السد العالي خرج من الخدمة تماما كأحد أهم مصادر توليد الكهرباء في البلاد….واعتبر خبراء : "أن هذا التطور يعد أول التداعيات الخطيرة لسد النهضة الإثيوبي على مصر"…لأن المياه لم تعد تندفع بالقوة المطلوبة " "وإن منسوب المياه انخفض في بحيرة ناصر خلف السد العالي من 180 مترا إلى 150 مترا فقط مما يعني عدم قدرة المولدات على إنتاج الكهرباء من السد العالي" "وأن خروج السد العالي من الخدمة يعني حرمان مصر من نحو 10% من إنتاجها للكهرباء، … لأن كل مليار متر مكعب من المياه التي تنخفض من النيل بفعل سد النهضة يقابله فقدان 2% من إنتاج الطاقة الكهربائية بمصر.)وكالة الأناضول وقناة الجزيرة)"
من الواضح --- اذا ، وفق اقرار أثيوبيا نفسها – أنه سيتزامن مع نقص المياه الواردة للأحباس السفلي، خفض للتوليد الكهرومائي في السودان ومصر بنفس النسبة، لا زيادته كما يزعم البعض ( مصر تقدر الخفض بنسبة بنسبة 25 الى 40 في المئة وفقا لتقديرات خفض منسوب المياه في بحيرة السد العالي أثناء بناء السد، وكل ذلك بالطبع بناء علي تكَهُّنات عن فترة ملء خزان سد النهضة التي لم ترد اثيوبيا الأفصاح عنها حتي الأن رغم أن هناك اشاره في ميثاق الخرطوم بأنها ستتشاور حولها مع السودان ومصر!)
التخزين الميت (Dead Storage): انقاص الماء الوارد للسودان (ومصر) سيأتي أيضا من الحجم الكبير للتخزين الميت ، وهو مستوي الحد المائي الأدنى المطلق المسموح به لسحب المياه أو
Absolute Minimum Permissible Drawdown Level اذ يبلغ حجم هذا التخزين ، (14.79) مليار م3 ،! أي أكبر من سعة خزان مروي كلها!وهي مياه يتم الاحتفاظ بها دائما كاملة: لتوفير الحد الأدنى لتوليد الطاقة و لتأمين مساحة لتخزين الترسيب (الطمي) ، ولأي استخدامات أخرى !
قارن مع:
• 0.63 مليار م3 كحجم تخزين ميت لخزان
الروصيرص
•و 0.23 مليار م3 لخزان سنار
ولن يبقي بعد هذا من ايراد النيل السنوي – في فترة امتلاء المجال الميت — علي أحسن تقدير – سوي حوالي 70 مليار م3 ، لتقسم بين دول الحوض الأحدي عشر اذا مضي السودان ومصر ووقعا علي "اطارعنتبي" متخلين عن اتفاقية مياه النيل لعام 1959! الحجز الأضافي للمياه فوق التخزين الميت لتوليد الطاقة:
وان لم يكن كل ذلك كافيا لأنقاص الوارد من المياه للسودان ومصر ، فأن من المؤكد أن أثيوبيا ستحجز – اضافة - مياه اخري فوق "التخزين الميت" ، تمثل "مستوي الحد المائي الأدنى الحرج للتوليد الكهربائي الأقصى" (Critical Minimum Level for Maximum Electricity Generationأنظر الرسم) ، فتوليد الطاقة يتطلب احتباس الماء تحت ارتفاع معين (the “Min Operating Head”) لتأمين الضغط المطلوب لتشغيل التربينات
انقاص الماء بسبب التناقض التصريفي والزماني الأقصائي بين انتاج الطاقة و الري
التوليد الكهرومائي يعتمد على: معدلات التدفق التي يمكن تمريرها في المواقع المناسبة أقصي فرق توازن مائي في كل الأوقات توفرالمياه في الأوقات المواتية لكن هناك تناقض تصريفي وزماني أقصائي بين الطاقة (غرض أثيوبيا الأساس0ي في مياه النيل) و الري (غرض السودان ومصر الأساسي في مياه النيل) ،لن تنجح أثيوبيا في حله الا بالتضحية بقدر معتبر من انتاجها الكهربائي ، وهو أمر لا يتوقع أن تقدم عليه أثيوبيا! ويتمثل التناقض التصريفي بين التوليد الكهربائي والري في أن : التصريف اليومي للطاقة الكهربائية (Power” Discharge) يختلف مع أحمال الذروة والاغوار(أي "وديان الأحمال"): بينما "التصريف اليومي لأغراض الري في السودان ينبغي أن يكون تدفق منتظم (Uniform Discharge) ويتمثل التناقض الزماني: في أن السحب للتوربينات ، والتفريغ السريع للخزان لتوليد الطاقة في أثيوبيا ، كلاهما يتعارضان مع السحب المتدرج لأغراض الري في السودان! وفي تعديل وصول الماء ، اذ أن التوليد الكهربائي من سد النهضة سيكون له بالغ الأثرعلي توقيت وصول الماء للسودان ومصر: كما أن التيار المائي موعود أن يصبح شديد عدم الأستقرار بسبب تذبذب توليد الكهرباء (كما حدث في نهر كولورادو بعدتشييد سدGlen Canyon،سنأتي علي ذكر ذلك بعد قليل
التناقض بين توليد الكهرباء والري: هل أتاك حديث سد جبل أولياء؟
يجد السودان نفسه مضطرا للحفاظ على منسوب المياه في خزان جبل أولياء ثابتا علي كامل مستوى الأمداد (FSL) في الفترة من أكتوبر إلى مارس لفائدة مشاريع الري بالطلمبات رغم أنه أمر معوق لإنتاج الطاقة من هذا السد
التناقض بين توليد الكهرباء والحماية من الفيضانات:
مكافحة الفيضانات القصوي تتطلب: خزن للمياه في مكان ملائم وكبير بما فيه الكفاية لخفض ذروة الفيضان لأرقام آمنة أن يكون الخزان فارغا معظم الوقت بينما التوليد الكهرومائي يتطلب أقصي فرق توازن مائي في كل الأوقات وأن يتم الأفراغ عبرالمفيض (اوعبرقناة التصيف أو بوابات التحكم ) بينما تصريف المفيض يمثل خسارة للتوليد الكهربائي وأن يتم الأفراغ للمياه بأسرع ما يسمح به المجري أمام السد بينما التصريف اليومي للطاقة الكهربائية (Power” Discharge) يختلف مع أحمال الذروة ووديان الأحمال: وفي كل مرة يستخدم فيها خزان النهضة للحد من حجم وذروة الفيضان، سيتم ترسيب الطمي في خزان السد وبالتالي خفض فائدته
كيف يمكن حل هذا التناقض بين توليد الكهرباء والحماية من الفيضانات: الراجح اذن أن أثيوبيا ستسعي لتقليل استخدام الخزان للحد من من حجم وذروة الفيضان ، مثلا : من خلال اعتماد قواعد تشغيل (Reservoir Operating Rules)مناسبة للخزان - قدر الإمكان، وهذا أمر يعتمد على (حجم) التصريف الأقصى الذي يمكن تمريره عبر السد من دون أن يؤدي ذلك الي مناسيب خطيرة نحو أسفل النهر"، (Downstream) زيادة أحجام الأنفاق الضغطية أو خطوط الأنابيب Pressure Tunnels/ Pipelines Sizes ، يزيد كفاءة استغلال فرق التوازن المائي (Head Utilization Efficiency) من خلال تقليل فقدان الضغط ( تقلص فرق التوازن المائي) بالاحتكاك الهيدرولي اما ان لجأت أثيوبيا الي التخزين المشترك (أي استخدام نفس الحيز للتوليد الكهربائي ومكافحة الفيضان) فستجد أثيوبيا ذلك ضارا باهدافها اذ سيكون عليها تفريغ منطقة الاستخدام المشترك سنويا، وقد لا تسهم كل "منطقة التخزين للحفظ" في انتاج "القدرة الثابتة" (Firm Power Capability)
فالراجح اذا أن أثيوبيا ستسعي لتقليل استخدام الخزان للحد من حجم وذروة الفيضان ، الا ان ارتضي
السودان ومصر المشاركة في الكلفة كثمن للاستفادة المفترضة من : حجب الأضرار الناجمة عن الفيضانات أو توفير التدفقات المائية المستقرة لمحطات الطاقة عندهم!
كيف تم حل التناقض بين توليد الكهرباء والحماية من الفيضانات خارح حوض النيل:
هل أتاك حديث سدود الصين؟ العديد من المشاريع الكبيرة في الصين اضطرت علي ابقاء مناسيب التشغيل في الخزانات منخفضة خلال موسم الفيضان لتوفير حيز كافي لأستيعاب طوفان الفيضان المتوقع، على الرغم من ذلك يعني خسائر كبيرة للتوليد الكهربائي
وبالنسبة لسد النهضة ، فهناك أيضا: التناقض بين توليد الكهرباء و الملاحة
فالملاحة تتطلب: سد منخفض مع أقفال (أهوزة ملاحية) لا سد بارتفاع 145 متر أعماق مياه كافية بينما التصريف اليومي للطاقة الكهربائية (Power Discharge) تختلف مع أحمال الذروة ووديان الأحمال توفرالمياه في الأوقات المواتية مع سرعات تدفق ليست بالكبيرة جدا بينما توليد الطاقة يتطلب التفريغ السريع للخزان ،
وهناك أيضا: التناقض بين انتاج الكهرباء وتوفير إمدادات مياه المدن أو مع اطلاق المياه للأحباس السفلي (السودان) و التناقض بين انتاج الكهرباء وحصاد الثروة السمكية –أحد القيم المضافة لسد النهضة وفق الرواية الأثيوبية
وجل هذه الاغراض لا يمكن تحقيقها الا علي حساب تقييد انتاج الكهرباء ، الغرض الجوهري للمشروع!
انقاص الماء الوارد للسودان بسبب التبخر:
زيادة الفقد بالتبخر في مقابل زيادة القدرة الثابتة
نظريا –كما أشرنا عاليه حول سدود التخزين- فان، أية سعة "تخزين" على النيل الأزرق يمكن أن تزيد أقل تصاريف (Lowest Discharges) مارة بمواقع توليد الطاقة علي النيل وبالتالي تزيد القدرة الثابتة المتوفرة ( (Available Firm Power[1](أي تأمين الحد الأدني المطلوب من تصريف على النيل الرئيسي لتوليد طاقة مائية وفيرة في الروصيرص وسنار ومروي ولكن: "التخزين على النيل الأزرق للماء لرفع منسوب بحيرة السد لإعطاء فرق توازن مائي (Head) في مواقع محطات التوليد، حتما سيزيد فاقد التبخر وبالتالي يؤدي لأنقاص المياة المتوفرة للري في السودان
انقاص الماء بالتبخر الناجم عن السدود المقامة علي روافد النيل الأزرق وعلي نهري الرهد والدندر
يبلغ أجمالي سعات تلك السدود 139 مليار م3 ! مما يجعل الفقد بالتبخر من سد النهضة والسدود الأثيوبية الأخري أكبر بكثير مما يزعم مرجو السد، مساحة مسطح خزان النهضة (عند منسوب التخزين الكامل (Full Supply Level-FSL)هي 1680 في كيلومتر2 ، علما بأن الفقد بالتبخر يزداد مع كبر مسطح الخزان – قارن مع : مسطح خزان السد العالي والبالغ 5250 كيلومتر2 (بتبخر سنوي يفوق 10 مليارم3) مسطح خزان جبل أولياء البالغ 600 كيلومتر2، (وبتبخر سنوي يبلغ 3 مليارم3) ومسطح خزان مروي والبالغ 476 كيلومتر2،(وبتبخر سنوي يبلغ 0.85 مليارم3) ومسطح خزان الروصيرص والبالغ 290 كيلومتر2، (وبتبخر سنوي يبلغ 0.4 مليارم3) ومسطح خزان سنار والبالغ 160 كيلومتر2، (وبتبخر سنوي يبلغ 0.3 مليارم3) ومسطح خزان خشم القربة والبالغ 150 كيلومتر2، (وبتبخر سنوي يبلغ 0.4 مليارم3) أي أن مسطح خزان سد النهضة يفوق كل مساحات سدود السودان مجتمعة وهو أمر له تداعياته الكبيرة علي حجم التبخر من سد النهضة فالفقد بالتبخر – كما أشرنا -- يزداد مع كبر مسطح الخزان ، علما بأن كبر المسطح المائي يؤثر أيضا علي السلوك الهيدروليكي للطمي
انقاص الماء الوارد للسودان ومصر بسبب احتياجات أثيوبيا من المياه لمشاريعها الزراعية الطموحة:
دعنا نفتح قوس هنا لقراءة نوايا أثيوبياالزراعية قبل أن نسترسل في حصر الأوجه الأخري التي يأتي منها انقاص المياه للسودان
"سد الألفية ليس سد لري الزراعة ولا توجد أصلا أرض قابلة للزراعة في تلك المنطقة” (من حوار مليس زناوي في الأهرام اليوم12-5-2011 نقلا عن الحياة اللندنية)
هل صحيح سد النهضة لتوليد لكهرباء فقط ولا نية لري مشاريع زراعية منه؟ السياسة المائية للدول تنطوي علي تحديد وتحليل استراتيجيات الدول المتشاطئة وفي السياسة الدولية ،في هذا الشأن وخاصة في صياغة الأستراتيجيات هناك مقاربتان لأتخاذ القرار: عقيدة النوايا (A Doctrine of Intentions)، وبناء القرارعلى نوايا من يقف في الطرف الأخر وعقيدة القدرات (A Doctrine of Capabilities)، وبناء القرار على تقدير قدرات الطرف الأخر: وهناك قول مأثور في الفلسفة الاستراتيجية مكمل لهاتين المقاربتين، وهو ان "القدرات تخلق نواياها الخاصة" “Capabilities Create Their Own Intentions”) بمعني ان الأمر بمجمله يدور ويعود في النهاية الي النوايا وهو أمر يتفق مع ما أخبر به الخليفة الملهم عمر (رض) عن الرسول (ص) في الحديث الشريف " إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " ولعل الأوثق مصداقية مما رشح من النوايا الأثيوبية الزراعية ، هو ما ورد في مقترحات جهات الأختصاص الغربية حول استغلال وتطوير موارد أثيوبيا المائية لأغراض الزراعة والتي قامت أثيوبيا بوضع بعضها موضع التنفيذ كما حدث في تحويل 3 من روافد بحيرة تانا ، ثم عمدت أثيوبيا بعدها الي تنفيذ خيارات اكثر طموحا من التوصيات الغربية ، كما في استبدال مقترح سد الحدود بسد النهضة
فمن منطلق "عقيدة النوايا"، الزعم الأثيوبي بأنه "لا توجد أصلا أرض قابلة للزراعة في منطقة سد النهضة" ." ، تهزمه ما فصلته المقترحات الغربية لتلك المنطقة ووضع أثيوبيا لتلك المقترحات موضع التنفيذ ، وهو أمر يعضده ماورد في التقارير الأثيوبية الرسمية (كما سنري بعد قليل أيضا) ومن منطلق "عقيدة القدرات"، هناك حقيقة علمية غاية في الأهمية غابت عن الكثيرين حول قدرة أثيوبيا بري اراضي بعيدة عن سد النهضة انطلاقا من تخزينها المستمرفي سد النهضة: ففي التخزين المستمر(Over-Year Storage) – علي عكس الحال في التخزين السنوي - تكون المسافة من السد الي نقطة امداد القناة (Canal Off-take) نسبيا غيرمهمة اذا كان هناك "خزان موازنة" (Balancing Reservoir) ليس بعيدا فوق نقطة الأمداد) أي "حوض توازن" صغير يشاد أمام الخزان الرئيسي لتوفير تدفق منتظم الحجم ) مما يعطي أثيوبيا القدرة علي ري اراضي بعيدة عن سد النهضة!
أثيوبيا والري الصناعي: “فلدي صانعي السياسة (المصرية) عقيدة أن الدول الأخري (في حوض النيل) مطرية... فهي ليست في حاجة لمياه النيل " (انتهي) (عبد الملك عودة –اليسار فبراير 1997)
هل تحتاج أثيوبيا لمياه النيل الأزرق لأغراض الزراعة رغم ما أفاء الله به عليها من مياه الأمطار(والتي تبلغ 1000- 2000 ميلي متر ، قارن مع حوالي 500-350 ميلي متر للجزيرة)؟
حاجة أثيوبيا (أو السودان) للري الصناعي تعتمد على: التوزيع الشهري والموسمي لهطول الأمطار عمق ما تتلقاه المنطقة سنويا من مياه الأمطار التذبذب الكبير في هطول الأمطار (Extreme Variability) عدم اليقين حول هطول الأمطار: فوقت حدوث المطر دائما غير مؤكد ، و"المطر نفسه عادة يأخذ شكل العواصف العنيفة التي لا يمكن استخدامها بكفاءة من قبل المزارعين" بينما الزراعة المروية صناعيا تقدم لأثيوبيا: ضمان (وثوقية) إنتاج الأغذية توقيت ري المحاصيل، اذ يمكن استخدام الري الصناعي على المحاصيل عند الحاجة
اذا، من دون شك أثيوبيا تحتاج للري الصناعي من النيل الأزرق ، وعلينا أن لا نتوقع ان لا تستخدم اثيوبيا السد للري وترضي بالري المطري! لكن هذا يستدعي للساحة قضايا حرجة مثل ما يسمي ب "مأساة الشيوع"،أو ا"لعموم" (Tragedy of the Commons) التي تنشأ في المورد "المشترك" حيث يميل الشريك إلى الإفراط في استغلال المورد خوفا من أن يستنزف الأخرون المورد قبل ان ينال نصيبه منه
،فالسؤال اذا هو:
كيف ستأمن أثيوبيا احتياجاتها من المياه لمشاريعها الزراعية الطموحة؟
” اثيوبيا تطالب لكل مشروعاتها ب16 مليار م3“ (رشدي سعيد—اليسار فبراير1997) "اثيوبيا ويوغنده يطالبان ب ب18 مليار م3 " (Int’l Water Power & Dam Construction, May 1998) لن تجد أثيوبيا مصلحة في تقييد استغلالها لمياه النيل الأزرق لمقابلة احتياجاتها المائية الطموحة كما رسمها لها الخبراء الغربيون وبذلك تطلق ركلة البدء لمأساه الشيوع في حوض النيل الأزرق أثيوبيا ستستند في هذا الي أمرين : مذهب "الحقوق المؤسسة علي مبدأ السيادة المطلقة" ( "مبدأ هارمون") The (Harmon) Doctrine of Absolute Territorial Sovereignty
(وقد أخذ اسمه من "هارمون"، المدعي العام الأمريكي في القرن التاسع عشر الذي تبني هذا المذهب في في نزاع الولايات المتحدة والمكسيك حول نهر ريو غراندي) ، والمبدأ يقول أن أية دولة لها حق التحكم في كل شيء داخل أراضيها ، وقد عبر عن هذا المبدأ صراحة عام 2010 وزير الموارد المائية الأثيوبي حينها (Asfaw Dingamo) حين قال: “85 من مياه أثيوبيا“(!) ترفد النيل حيث يبدأ الأخرون ملكيتها“(!) : ”من يستطيع أن يملي علي أستخدام ما في منزلي“(!) ”من حقي الشرعي أن أتحكم في ما في فناء منزلي“! (“قناة الجزيرة 29-6-2010) الخطأ الأول في قول الوزير الأثيوبي هوالأستمرار في ترديد مقولة "85 من مياه أثيوبيا“(!) ترفد النيل" والصحيح "85 من مياه حوض النيل الأزرق"(الذي يضم السودان أيضا ) ترفد النيل " كما تقول بذلك الهيدرولوجيا الجديد (أنظر دراستنا المشار اليها عاليه (وفي نفس الموقع الأسفيري) بعنوان ""جدلية الهوية النيلية للسودان" ! الخطأ الثاني في مقولة الوزير الأثيوبي هو تطبيق "مبدأ هارمون" علي الحقوق المتشاطئة ، يعني أن للدولة حقوق سيادية مطلقة علي المياه المتدفقة فوق أراضيها ومع عدم وجود مسؤولية قانونية عن أية أضرار قد تحدث للدول أخرى "! و مبدأ هارمون هو مذهب متطرف قد عفَّى عليه الزَّمَن باتفاق الجميع ، ولم يطبق أبدا في أي معاهدة للمياه أو يتذرع به كمصدر قضائي في أي حكم قانوني دولي للمياه ، والمبدأ قد تم التخلي عنه (في انكلترا على الأقل) منذ القرن الثامن عشر، وفي مفاوضات الأنهار العابرة للحدود، ترفض هذه النظرية في كثير من الأحيان من قبل الدول على أساس أن عملا كهذا: يمكن أن يؤدي الي تأزيم العلاقات بين الدول و يعيق تنمية الأنهار الدولية ويقود الي تأخير المزايا الاقتصادية الناجمة عن المشاريع التعاونية
ولا غرو ، فيكفي هذا المبدأ عيبا أنه يطأ فوق (يدوس علي) ما يعبر عنه ب "الحتمية القطعية" " (The Categorical Imperative) ، أحد المباديء الأنسانية العليا(Supreme Principle) ، حيث ينبغي علي المرء أن يسأل نفسه "ماذا يصير عليه الحال لوأقدم الجميع علي ما أنا بصدده؟" الخطأ الثالث في قول الوزير الأثيوبي هنا هو أفتراض ان النيل الأزرق قضية داخلية لأثيوبيا-- وهم هنا يخلطون بين “البشري" من المعضلات ( Universal Problems) وبين "العالمي" منها ( Global Problems) فالمشاكل "البشرية " (Universal Problems) التي تعاني منها الدول ، (على سبيل المثال مشاكل الأزدحام المروي والتحضر و ترويض الأنهار وشق الترع الخ…): تؤثر علي الدولة وحدها ويمكن حلها من خلال اتخاذ إجراءات أحادية (فردية من الدول) ، بمعنى أنها لا تعتمد إلى حد كبير في حلها على الأعمال التي تقوم بها الدول الأخرى ولا دخل لهم فيها أما المشاكل "العالمية " ،Global Problems) (على سبيل المثال قضايا استخدام الأنهار المشتركة والأرصاد الجوي ومكافحة الأمراض ، والطبيعة العالمية للهيدرولوجية (Global Hydrology) الخ…: لا تنحصر تداعياتها في حدود الدولة التي قدحت زنادها ، بل تؤثر علي العديد من الدول الأخري ولا يمكن –أو ينبغي محاولة - حلها من خلال اتخاذ إجراءات أحادية (انفرادية من الدول)
الحجة القانونية الثانية التي ستستند اليها أثيوبيا في استغلالها المتوقع وغير المقيد لمياه النيل الأزرق – بعد "مبدأ هارمون" -- هي " تفسيرها الذاتي لمبدأ " الاستخدام المنصف والمعقول" Doctrine of “Equitable & Reasonable Use” ، رغم أن المبدأ نفسه "مقيد" وبالتالي لا يسمح بالأستغلال غير المقيد للمياه المشتركة! وينطوي علي كثير من الألتباس كما سنوضح ذلك لاحقا ، حيث نخصص –انشاء الله – حلقة أو حلقات كاملة عن ما يعرف ب "قوانين المياه الدولية " وما تنطوي عليه من قواعد (Rules) ومبادئ(Principles) و مبادي ذاتية (Maxim) والزامات قطعية حاسمة (Categorical Imperatives) الخ …، وتقاطعات كل ذلك مع قضايا سد النهضة واطار عنتبي واتفاقية مياه النيل لعام 1959 هنا نقفل القوس الذي فتحناه لنعود الي:
انقاص الماء الوارد للسودان ومصر بسبب تحويلات أثيوبيا من المياه لمشاريعها الزراعية الطموحة:
أثار "سدود التحويل" الأثيوبية لأغراض الري علي السودان :
اذا كانت الخزانات (( Reservoirs ، وليس السدود (Dams) الأثيوبية تعد السودان ومصر ببعض الفوائد المفترضة ( والمشروطة بشروط لا مجال لتحقيقها) ، فان "التحويلات الأثيوبية المقترحة" (Proposed Diversions) ، لا تعدهم الا بالأضرار! رغم أنها لا تضبط التصريف المائي Discharge ولا فرق التوازنHead، فقط تركزه وتوجهه في الأتجاه المطلوب
تأثير التحويلات الأثيوبية للمياه لأغراض الري يمكن اجماله فيما يلي: التأثير الشديد على كمية المياه ، وعلي نظام التدفق (Flow Regime) ,وعلي المجري المائي ، مع تأثير معتدل على نوعية المياه والكائنات الحية تغيير هيدرولوجيا النهر، مثلا: خفض وتغيير في نظام التدفق (سحب المياه للري ، خسائر التبخر الخ…) تغيرات في الجريان السطحي النهري(Runoff) نظرا لزيادة التبخر وتغذية المياه الجوفية( أمام السد)
أنقاص المياه الواردة للسودان بسبب مقترحات وزارة الداخلية الأمريكية (US DOI) لعام 1952
والتي شملت تحويل (Diversion) لثلاثة من روافد بحيرة تانا في فترة الشحة المائية في حوض النيل وهي: Little Abbai , Reb (Ribb) & The Cumarra
لفائدة لمشاريع الري الأثيوبية الثلاثة التالية:
W.Megech, E. Megech & N. E. Tana Projects وكانت دراسة لإثيوبيا عام 1956 قامت بها شركة سيمنز (SIEMENS) الألمانية قالت فيها إن التدفق الطبيعي لبحيرة تانا ،(ذو الأيراد السنوي البالغ 4 مليار م3) ليس لديه عمليا أي تأثير على تصريف النيل الأزرق، خاصة خلال فترة الوفرة (Period of Surplus) من منتصف يوليو الي ديسمبر ، أن تصريف بحيرة تانا البالغ البحيرة (105 -120م3 في الثانية) يمكن تحويله (طوال العام) بواسطة نفق إلى نهري الرهد وعطبرة لتوليد الطاقة وتطوير الري في المنطقة المرتفعة والممتدة بين بين بحيرة تانا ومدينة المتمة الأثيوبية علي الحدود السودانية مع تحويل اثنين من روافد النيل، وهما: نهرأنديسا(Andessa) ، ونهردديسا ( Didessa (
لأغراض الري أيضا لمشروعي : "الرهد" ، بمتطلبات مائية تبلغ 1.043 مليار م3 و"الدندر" بمتطلبات مائية تبلغ 1.145 مليار م3 ولما كانت هذه التحويلات لمشروعي "الرهد" و"الدندر" الأثيوبيين ، هي تحويلات تجري طوال السنة بما في ذلك زمن التدفق المتدني (فترة الشحة المائية في الحوض ) دون أن يصاحبها اطلاق مياه مخزنة للتعويض عن هذه تحويلات ، فهي ستغير هيدرولوجيا النهر وستكون خصما علي إمدادات الري في السودان ومصر وكلاهما يتستخدمان كامل تدفقات النيل الأزرق زمن تدفقه المتدني
وفي عام 1964 أقدم "مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي" (US Bureau of Reclamation-USBR) علي اقتراح 33 مشروعا مائيا لإثيوبيا شملت: 11 مشروعا هيدرو كهربائي 4 سدود على النيل الأزرق (Karadobi، Mabil، وMendaia و"مشروع الحدود"(Border Dam ) ،علي الحدود السودانية والذي استبدلته أثيوبيا لاحقا بسد النهضة 8 مشاريع متعددة الأغراض، بما في ذلك مشروع ري الدندر (لأستغلال 1.39 مليون فدان قابلة للري) ومع متطلبات مياه سنوية تعادل 1.145 مليارم3 14 مشروعا للري، بما في ذلك "مشروع الرهد" الأثيوبي لأستغلال 1.26 مليون فدان قابلة للري ومع متطلبات مياه سنوية تعادل 1.043 مليارم3 بإجمالي مساحة قابلة للري تبلغ (1.07مليون فدان ) ، بينما تبلغ الأحتياجات المائية السنوية لل 33مشروع 6.37 مليار م3 ووفقا لدراسة مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي
( دراسة قواريزو وهوتنقتونGuariso, G & D. (Whittington في التسعينات ،سيكون هناك: انخفاض حاد في التدفقات للسودان: من نهر الرهد (وهونهر متوسط ايراده السنوي يبلغ 1مليار م 3 بينما يبلغ متوسط تصريفه 30 م3 في الثانية رغم انه بلغ250 م3 في الثانية عام 1908) ومن نهر الدندر (وهو نهر متوسط ايراده السنوي يبلغ 3 مليار م 3 بينما يبلغ متوسط تصريفه 90 م3 في الثانية رغم انه بلغ860 م3 في الثانية عام 1916)
علما بأن الرهد والدندر يشكلان 7- 8 % من ايراد النيل الأزرق في فترة الوفرة(High Flows ، سبتمبرمثلا) ولا يسهمان بشيء في فترة الشحة المائية (Low Flows ، مايومثلا) ووفق دراسة قواريزو وهوتنقتون أيضا: "ستكون هناك آثار وخيمة على حجم وتباين (تقلبات Variability ) الدفق النهري بسبب ال 4 سدود الأثيوبية المتتالية المقترحة وحدها ، مما ينتج عنه : زعزعة أو تعطيل مخططات السودان للرهد و الدندر ومشروع كنانة الحد من تغذية المياه الجوفية في السودان نتيجة فقدانه لفيضانات الرهد و الدندر ومشاكل نقصان المياه في منطقة النيل الأزرق كبح "فيضان النيل الأزرق السنوي على نحو فعال" "خفض الأيراد السنوي الواصل للسودان بنسبة 8.5٪ بسبب السحب للري وفاقد التبخر لما كانت هذه التحويلات تجري في فترة الشحة
المائية في الحوض (يناير الي يوليو) ، فستكون خصما علي إمدادات الري في السودان ومصر وكلاهما يستخدمان كامل تدفقات النيل الأزرق زمن تدفقه المتدني مع خفض وظيفة سد الروصيرص الحالية -- " كسد تخزين" (Storage Dam) إلى "قنطرة"(Barrage ) لرفع منسوب المياه (أي ضبط فرق التوازن المائي خلف السد) لتوليد الطاقة "
بعدها شرعت أثيوبيا في وضع المقترحات الغربية موضع التنفيذ، بدءا بتحويل روافد بحيرة تانا (يمكن للقاري أن يجد تفاصيل أكثر عن هذا الأمر في "شهادتي للتاريخ 8")
وبحلول عام 1998-- كانت إثيوبيا قد وضعت خططا لري 3مليون هكتار(≈ 7.1 مليون فدان) بينما وضع البعض مطالب أثيوبيا المائية لكل مشاريعها في حدود 16 مليار م3(رشدي سعيد— صحيفة اليسار فبراير1997) ، ومطالب إثيوبيا وأوغندا في حدود (18) مليارم3، وفق اصدارية ”الطاقة المائية الدولية وبناء السدود"، كما أشرنا عاليه )Int’l Water Power & Dam Construction, May 1998)
وكما أشارت تلك الدراسات الي أنه رغم أن معظم التنمية الاثيوبية حاليا هي في مستجمعات المياه الشرقية، ولكن تحت ضغط السكان، تتحرك أثيوبيا الأن لتطوير مستجمعات المياه الغربية على طول حدود السودان، والتي تقدر مساحتها ب (5.71) مليون فدان، تفاصيلها كالتي: (3.57) مليون فدان للري في حوض السوباط (2.14) مليون فدان للري في حوض النيل الأزرق (Abbay Basin) و هو الحوض الأكثر أهمية في إثيوبيا، اذ يمثل 50 %من إجمالي متوسط الجريان السطحي السنوي فيها ؛ ويشكل حوالي 20 % من مساحة الأراضي في أثيوبيا وأكثر من 40٪ من إنتاجها الزراعي و25 % من سكانها والجزء الأكبر من طاقتها الكامنة للري والأنتاج الكهرومائي، مع خطط لزراعة قصب السكر علي مساحة 357143 فدان في اقليم اومو المجاور لحوض النيل الأزرق بمساعدة شركة كنانة (السودانية)
وموقع الحكومة الأثيوبية الرسمي نفسه http://www.gerd.gov.et/web/guest/nile-basin ) يضع مساحات الأراضي القابلة للري كالأتي: 1001500 هكتار(أي2,384,523 فدان) في حوض النيل الأزرق(Abbey) (أي أن هذا الحوض وحده والذي يلامس الحدود السودانية تعادل الأراضي القابلة للري فيه (2.4) مليون فدان ، أي أكبر من مساحة مشروعي الجزيرة والمناقل مجتمعين! فكيف يمكن القول بأنه "لا توجد أصلا أرض قابلة للزراعة في تلك المنطقة"، وفق تصريح المسئول الأثيوبي الأول!اضافة الي: 2,155,952 هكتار (أي 2.2 مليون فدان) في حوض بارو-أكوبو(Baro-Akobo): 744,523هكتار (أي 0.7مليون فدان)
في حوض ستيت-تاكيزي- عطبرة(Setit-Tekeze/ Atbara)
وقد لا يقف اضرار السحب للري في أثيوبيا عند خفض التدفقات الواردة للسودان، بل قد يحدث: تغيرا في ريجيم (نظام) الجريان المائي ومشاكل التلوث المائي:
فقد أسفرت أنشطة الري في الولايات المتحدة الأمريكية (دولةالأحباس العليا) في تركيز المعادن وبالتالي تردي قيمة الري والمناشط الأقتصاديىة الأخري بشكل ملحوظ في المكسيك (دولة الأحباس السفلي) كما أشرنا عاليه
انقاص الماء الوارد للسودان ومصر بسبب فقدان تغذية المياه الجوفية في الأحباس السفلي ، تماما كما ما حدث عند تطوير حوض نهر الفولغا :
وهذا بدوره سيقود حتما الي انخفاض ملحوظ في الجريان السطحي والنهري ، وبالتالي الي انقاص الماء المنساب للسودانَ ذلك لأن النيل الأزرق -- --هونهر "كسبيٍ"، " أي "مصب" Gaining Stream) Effluent or، مثله في ذلك مثل أنهار المسيسيبي، والأمازون ، وكولومبيا) ، ومثل هذه الأنهار يزيد حجم مائها كلما توغل سيرها في اتجاه مصبها النهائي وذلك بسبب كسبها الماء من خزانات المياه الجوفية المحلية (Groundwater Runoff or “Base Flow ) ، على سبيل المثال أثناء فترة الجفاف ، وهذا يجعل الأراضي المتشاطئة من السودان الشرقي --"مناطق رفد" (أي منابع"ّ ترفد النيل الأزرق الجاري فوق أراضيها بالمياه ) فتصريف النيل الأزرق عند الروصيرص في أبريل (زمن التدفق المنخفض) مثلا يبلغ 10 مليون م3 في اليوم ترتفع الي 11 عند الخرطوم لرفدالمياه الجوفية للنيل الأزرق ،مما يجعل هذا الجزء من السودان "رافد أرضي" وهذا يؤكده ارتفاع متوسط تصريف النيل الأزرق للسنة بين الروصيرص والخرطوم من 135 مليون م3 في اليوم ، الي141 مليون م3 في اليوم عند الخرطوم كما أن نهر النيل خلال فترات التدفق المنخفض (Falling River & Shortage Periods من منتصف سبتمبر الي منتصف يوليو ) وهي الغالبة— أيضا هو "نهر كسبي" ، مما يجعل شمال السودان ومصر في الغالب "مناطق رافدة" (أي—ان شئت-- دولة "منبع") —رغم أن متوسط هطول الامطار السنوي في شمال السودان يقل عن 10 مم— بينما مصرهي أكثر جفافا ، وأن حبس "حلفا- أسوان" يعتبر منطقة جافة تكاد تنعدم فيها الأمطار حيث لا يزيد المتوسط السنوي للأمطار فيها عن صفر الي 5 مم: عليه فان فقدان تغذية المياه الجوفية التي ترفد النيل الأزرق ونهر النيل في الأحباس السفلي بسبب سد النهضة ، سيقود حتما : الي انخفاض ملحوظ في الجريان السطحي وفي مياه النيل (التي تتغذي من المياه الجوفية من أحباسه واليها يعود الفضل في ايصال النيل الي البحر الابيض المتوسط،)، وبالتالي الي انقاص الماء المنساب للسودانَ وكان هذا بعض ما ورد في دراسة موسعة لهذا الكاتب أثبت فيها حجم اسهام السودان في مياه النيل والبالغ 25 مليار م3 حتي بعد فصل الجنوب ، ويمكن مراجعة هذه الدراسة المنشورة بعنوان " جدلية الهوية النيلية للسودان وأبعادها السياسية والفنية والقانونية : دولة مصب أو عبور فقط -- أم دولة “منبع” ، واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟ في الموقعين التالين:
انقاص الماء بسبب حدوث استغلال جائر محتمل وغيرمشروع للمياه من أحد الأطراف المتشاطئة:
مأساة الشيوع(أو "العموم") المورد "المشترك" (Commons) - مثلا أراضي أومياه – هو مورد يتقاسمه عدد من أصحاب المنفعة المتنافسين الخ… و"مأساة العموم" ((The “Tragedy of the Commons” تمثل نموذجا لعدم كفاءة الموارد المشتركة "الشاردة" (Fugitive” & Common Pool Resources) ، التي منهاعلى سبيل المثال: § تدفقات الأنهارالدولية و المياه الجوفية العابرة للحدود § أسماك المحيطات § النفط والمعادن في أعماق البحار §الطيف المداري (Orbit Spectrum) / موجات الراديوالمتزامنة عالية التردد(HF )Synchronous) Radio Frequencies) § مستجمعات المياه §بخار الماء في الغلاف الجوي (في أنشطة تعديل الطقس) الخ…
ففي الموارد المشتركة ، لن يستفيد االشريك بتأجيل استخدام المورد ولكن بدلا من ذلك يميل إلى الإفراط في الاستفادة خوفا من أن يستنزف الأخرون المورد قبل ان ينال نصيبه منه، وذلك لأن االفائدة للفرد او للدولة دائما تبز لديه الضرر الجماعي عند استغلال المورد المشترك، وبالتالي "الحرية في العموم لا محالة تجلب الخراب للجميع"!وفق مقولة هاردن(Garrett Hardin) الذي صاغ هذا التعبير عام 1986
وهكذا تنشأ صراعات دولية خطيرة بسبب الأستخدام غير المقيد للمورد المشترك من قبل طرف أو اكثر علي حساب الأطراف الأخري وفي ظل الألتباس الذي يسم "قانون المياه الدولي الموضوعي " (Substantive International Water Law) ، لن تجد أثيوبيا مصلحة في تقييد استغلالها لمياه النيل الأزرق لمقابلة احتياجاتها المائية الطموحة كما رسمها لها الخبراء الغربيون وبذلك تطلق ركلة البدء لمأساه الشيوع في حوض النيل الأزرق
انقاص الماء الوارد للسودان ومصر بسبب الخرق المحتمل للأتفاقات بالسحب الجائر (غيرالمشروع) للمياه " لستُ بالخِبِّ ، ولا الخِبُّ يخدعُني " (عمر بن الخطاب رض): § في دراسة لهذا الكاتب تحت عنوان "شهادتي للتاريخ (10) ولتقرير الدولية (3 ج) -- توسّم الربط الكهربائي: منافعه و مَثَالِبه وكيف يحصن السودان الربط الكهربائي مع دول الجوار "المنشورة في الموقع الأتي: http://www.sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=87219:2015-09-07-10-54-54&catid=1021&Itemid=55
في تلك الدراسة أشرنا الي أن الربط الكهربائي مبني على الثقة المتبادلة وفرضية أن القدرات المطلوبة واحتياطي التشغيل سيتم الحفاظ عليهما- لكن قد لا يتحقق هذا، كما في حالة : السحب الجائر(غيرالمشروع) للمياه أو الطاقة (Water or Power Poaching”) ، كاستخدام أحد الأطراف أكثر من حصته من المياه من بحيرة مشتركة لتوليد الطاقة ، كما ورد حدوثه في : نزاع عام 1988 بين يوغوسلافيا -ورومانيا حول خزان "بوابة الحديد" على نهر الدانوب، حيث اتهمت يوغسلافيا رومانيا بالأستغلال غير المشروع للمياه من الخزان المشترك لتوليد الطاقة (Power Poaching) وكما في اتهام "شبكة الأنهار الدولية" لأوغندا عام 2002 بسحبها مياه من بحيرة فيكتوريا لتوليد الطاقة عند سد أوينز (المسمي الأن Nalubaale) ، بأكثر مما يسمىح به لها "المنحنى المتفق عليه" (The Agreed Curve) الذي حدد مدي التدفق بين300-1700 م3 في الثانية أما في المشروع المائي المشترك بين الشيك والمجر(The Gabcikovo Nagymaros) أراد الطرفان أن يحصنا أنفسهما من مشكلة سحب المياه غير المشروع بالأتفاق علي اقتسام القدرة التوليدية (Generating Capacity) ، مما لا يمكن معه الأستغلال الجائر للمياه ( Water Poaching) ، لكن الأستغلال غير المشروع للقدرة Power Poaching)) يظل ممكنا ! وكما في خرق المعاهدات متعددة الأطراف " (Multilateral Treaties) حيث أن معاهدة التعاون الأمازونية لعام 1978 (Treaty of Amazonian Cooperation—TAC ، لتوفير التنمية المشتركة) لم تمنع أحد الأعضاء من الأقدام علي تنمية مواردها من جانب واحد، فقد عمدت البرازيل علي التطوير الهيدرولوجي لما يليها من نهرالأمازون، مع عواقب وخيمة علي دول الأحباس السفلي وكما عمدت الهند الي ايقاف تدفق الأنهار الشرقية، لتعطيش باكستان ، ملحقة الأضرار بها، وذلك على الرغم من وجود معاهدة مياه نهر السند بينهما التي توسط فيها البنك الدولي وكما عمدت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1860، من جانب واحد علي عكس اتجاه نهرألاقاش ((Allagash في ولاية مين، ليصب في البحر بدلا من أن يصب في نهر سنت جون الكندي
احتمال اقدام أثيوبيا علي تَعطيش دول الأحباس السفلي ، مثلا في أي نزاع سياسي مستقبلي، بحجز المياه (Withheld in Storage)، مثلا بفتح بوابات التحكم في فترة الفيضان واغلاقها فترة الشحة المائية (فبراير الي يونيو) أو في "السنين المجدبة" Low Flows)) علي غرار ما تخوفت منه مصر عند بناء سدي جبل أولياء وسنار ، وفق ما جاء في تقرير كوري قبل قرن من الزمان ونصه كالأتي:
“(One of) The Committee of Egyptian Engineers Objections to Gebel Aulia & Makwar (Sennar) Dams (is that they) Would Afford Physical Means of Arbitrarily Controlling Egypt’s Water Supply Adversely for Political or Military Purposes. It is true that by Opening Sluices during Floods & Closing them in Low Water, Egypt’s Summer Water Supply Could be Almost Quite Cut off. Such a Possibility...Exists in Most Storage Works for Irrigation” ”(H.T. Cory, Chapter IV –Section Two--, Report on Second & Third Terms of Reference, in Egyptian Government .1920. Short Summary of the Report of the Nile Projects Commission)
والجدب أوالتدفقات المنخفضة (Low Flows) المشار اليه عاليه ، هو ليس "الجفاف" (Drought) الذي يضرب أثيوبيا ودول الساحل الأفريقي من وقت لأخر ، بل هو ظاهرة موسمية وجزءا لا يتجزأ من نظام تدفق النهر ، فالدفق الطبيعي للنهر يتراوح بين نقيضين هما الفيضانات ("السنين المخاصيب") و"السنين المجدبة" ويعرف الجدب علميا بتصريف نهري ذو عودة مدتها 10 سنوات 10-Year Recurrence Interval) ، لأدني متوسط جريان لسبعة أيام في السنة وتكمن الأهمية الهيدرولوجية لأغلاق أثيوبيا المحتمل لبوابات التحكم في فترة الشحة المائية ‘ أي السنين المجدبة Low Flows)) في الأتي: تعطش السودان ومصر التأثير علي توزيع الأنصبة المائية وحدود السحب المسموح به، بين السودان ومصر، فمثلا نتيجة لعدم مشاركة السودان في كلفة بناء السد العالي وانطلاقا من المبدأ العام الذي يقول "من لا يشارك في الكلفة لا يجني الفوائد" ، اذا تقلص ايراد النيل في سنة ما الي (65.7) مليار م3 (أو ما يعادل 79% من متوسط ايراد النيل السنوي ) ، كما حدث في عام 1940-1941 ، ستنخفض في المقابل حصة السودان بنفس النسبة ، و لا يستطيع أن يسحب أكثر من ذلك حتي مع وجود وفرة من المياه في السد العالي تراكمت من السنين المخاصيب! ارباك خطط وتصميم إمدادات المياه في السودان ومصر علما بأن خفض انسياب المياه في حبس ما، قد يؤدي إلى تدهور نوعية المياه
تداعيات انقاص الماء الوارد للسودان ومصر
أثيوبيا لن تكون قادرة علي الأيفاء بوعدها حتي بأطلاق ما يعادل 47.5 مليار م3 في السنة في اتجاه السودان وهورقم أقل من ايراد النيل الأزرق الذي اعتمدته أثيوبيا عند تصميم سد النهضة والبالغ52.6 مليار م3، ناهيك أن يقوم السد بتنظيم تصريف النيل الأزرق للحصول على دفق مائي أقصي ومضمون (Firm Yield) يمكن التنبؤ به كل سنة، وفق ما يروج له! وبنفس القدر تنقص حقوق السودان المائية التي يكفلها له القانون الدولي للمياه والبالغة 18.5 مليار م3،
وهل أتاك حديث معاهدة مياه نهر السند؟ معاهدة مياه نهر السند(Indus Water Treaty)، بين باكستان (دولة الحباس السفلي) والهند (دولة الأحباس العليا) توسط فيها البنك الدولي الأمريكي ديفيد ليلينتال، الرئيس السابق لهيئة وادي تينيسي (TVA) ، حاجج بأن مشكلة تقاسم مياه نهر السند هي مشكلة هندسية ، أي انها نزاع فني وينبغي نزعها من السياسيين وارجاعها للمهندسين ، مقترحا ان تعمل الهند وباكستان معا على وضع برنامج مشترك لتطوير وتشغيل مشترك لنظام حوض نهر السند"،
• البنك الدولي دعا الي التمييز بين الجوانب "السياسية" و"الوظيفية الفنية ((Functional Aspects " لنزاع السند. وأن حل النزاع يكمن في التفاوض على الجوانب الفنية (Technical) من الخلاف ، وبصرف النظر عن الاعتبارات السياسية، مع دعم ومساعدة البنك الدولي كوسيط ".ومذكرا بأن "واحدة من نقاط القوة في مهنة الهندسة هي أن جميع المهندسين في أنحاء العالم، يتكلمون نفس اللغة ويتبنون معايير مشتركة للحكم في القضايا الهندسية "(كان ذلك أحد الحلول الثلاثة التي اقترحها هذا الكاتب لحل قضية سد النهضة في واحدة من استضافات القنوات الأقليمية له، وسنشرح ذلك بافاضة في حلقة قادمة ان شاء الله عن الحلول لمشكلة سد النهضة)
• باكستان – دولة الأحباس السفلي: تمسكت بحقها التاريخي في مياه جميع روافد نهر السند،(تماما كمحاججة السودان ومصر اليوم حول قدسية حقوقهم التاريخية في مياه النيل) وأحترام "مبدأ الأخطار المسبق " عن أية خطط لبناء أيا من الأعمال الهندسية التي من شأنها أن تؤثر على الطرف الآخر وعلي توفير بيانات عن مثل هذه الأعمال، وهو ما أخفق السودان ومصر في التأكيد عليه رغم دعوة هذا الكاتب قبل ثلاثة أعوام لذلك مرارا وتكرارا، حيث يشكل "الأخطار المسبق" ورديفه "مبدأ الموافقة" (The Consent Principle ، صلب قانون المياه الدولي الأجرائي الذي دعا هذا الكاتب الي تفعيليه كأحد الحلول الحاسمة لقضية سد النهضة ، بدءا بمقالة "الأخطار المسبق "عن سد النهضة ؟ " الصيف ضيّعت اللبن"
المنشورة علي الموقع التالي
http://www.sudaress.com/sudanile/54677
باكستان كانت تخشي استغلال الهند لمعاهدة "مياه نهر السند" كسلاح في أي حرب بينهما وذلك بتعطيل أو بالغاء المعاهدة و"قفل الصنبور" بسبب تموضعها في أعلي النهر وذلك لخلق جدب ومجاعات في باكستان ، المهم في النهاية المعاهدة ضمنت لباكستان (دولة الحباس السفلي) حقوقها المائية رغم تحكم الهند(دولة الأحباس العليا) في التصاريف!
الأضرار البيئي والهيدرولوجي والهيدوليكي والمورفولوجي السلبي لسد النهضة علي السودان
ورد في أخبار أخر جولة في مفاوضات سد النهضة أن السودان ومصر وإثيوبيا قد تلقوا ووقعوا علي العرض الفني المشترك المقدم من الشركتين الفرنسيتين "بي آر ال" و"آرتليا"، والمسند لهما تنفيذ الدراسات الفنية بخصوص تأثيرات سد النهضة.، وانه من المقرر أن يقوم المكتبان بدراستين، الثانية منهما تتقصي تأثيرات السد على النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية للبلدين. من الجلي أنه سيكون لأستخدام الماء لتوليد الكهرباء من سد النهضة أثر كبير على التدفقات المائية ، وليس فقط "أثار بيئية واقتصادية واجتماعية"، داخل نهر النيل بمجمله، دعنا نتقصي بعض هذه الأثار:
التغيرات الهيدرولوجية والهيدروليكية في الأحباس العليا (علي الجانب الأثيوبي خلف السد):
: سينتج عن تشييد سد النهضة تغيروتعديل شامل من قبل السد للنظام الهيدروكي (Hydraulic Regime) لنهر النيل بمجمله وتغير الخصائص الهيدروليكية لتدفق التيار ينتج عنه بالمقابل تغير القدرات االنقلية للرواسب الطميية (Sediment Transport Capacity): وفي الأحباس العليا ، سوف يتسبب اعتراض السد لجريان النيل الأزرق في : تمدد(توسع) التدفق النهري في اتجاه عرض المجري المائي (أي يزداد مقطع النهر العرضي Cross Section متزامنا مع انخفاض عمق المياه وانخفاض انحدار (تدرج النهرGradient) وهذا يقود الي : خفض سرعة التدفق النهري ، والذي بدوره سيقلل من قدرة التيار النهري علي نقل الرواسب الطميية (فالشكل الهندسي للمسطح المائي من أهم محددات السلوك الهيدروليكي النقلي للرواسب): والي اطماء و ارتفاع كبير للمناسيب (Aggradation) في قاع النهر في المجري المائي خلف السد: تراكم هذه الرواسب الطميية يؤدي الي تكون دلتا ويصبح التيار في نهاية المطاف ضحلا جدا مما يقلص سعة المجري المائي ، بالأضافة الي: ارتفاع سطح المقطع الجانبي للمياه (Water Surface Profile) عند بحيرة السد ، بسبب ترسب الطمي، وتزامن هذا مع خفض سعة المجري خلف السد سيؤدي إلى: فيضانات متكررة خلف السد(في الجانب الأثيوبي) ورفع منسوب المياه الجوفية في الأحباس العليا (في الجانب الأثيوبي) ، لا الجانب السوداني كما زعم البعض!
التغيرات البيئية في الأحباس العليا (الجانب الأثيوبي) ,ذات الأثر البالغ علي السودان
في التقرير الدولي حول سد النهضة الذي قام بإعداده المقاول المنفذ للمشروع ، اقترحت اللجنة الدولية على الجانب الإثيوبى "التوسع فى: تقييم الأثر ودراسة تغيرات مناسيب المياه وعلاقتها بترسبات الطمى فى مجرى النهر، ودراسة نوعية المياه خاصة فى ظل التغيرات المتوقعة وارتفاع معدلات امتصاص الاكسجين"
ملء الخزان ودوره كفخ للمغذيات الكيمائية (ال Nutrients التي تحتاجها النباتات والحيوانات المائية لتنمو) ، سوف يؤدي إلى تغييرات جذرية في النظام البيئي المائي من تدفق حر لتيار النيل الأزرق الي "بيئة بحيرية" ( Lacustrine Ecology) خلف السد ، وما لذلك من تداعيات و تأثيرات متوقعة علي بيئة المياه في الأحباس السفلي (السودان ومصر) ، ومن ذلك: "التنضيد الحراري" (أي تكون الطبقات الحرارية)، مما يؤدي الي: تسارع تحلل المواد العضوية في بحيرة السد ، وهذا بدوره يؤدي إلى: "نزع الأكسجة" (De-Oxygenation) في أغلب الطبقة المائية السفلي من بحيرة السد (The Hypolimnion) ،أي انضاب الأوكسجين المذاب في المياه عند تحلل المواد العضوية ، كتحرير الفوسفات والمواد المغذية الأخرى، مما يؤدي إلى: النمو غير المنضبط لكل من الطحالب والنباتات المائية (Phreatophytes)، وهذه الكائنات بدورها تؤدي إلى تغيير "الحالة "( Trophic State) للخزان والنيل الأزرق من خلال 3 طرق: تلوث المياه انسداد المجري المائي ومخارج سحب المياه "الأتخامية" (Lake Eutrophication ، أي أن تصبح مياه الخزان مشبعة "بالمغذيات")، وهذا سيؤدي الي: ازدياد الطلب علي الأوكسجين الحيوي ، Biological Oxygen Demand-BOD ، أي الأكسجين المطلوب لعملية التمثيل الغذائي من قبل الكائنات الهوائية (Aerobic Organisms)، نتيجة لتكاثرالكائنات الهوائية كالعوالق (Plankton) والطحالب (Algae) بوتيرة متسارعة مما يحدث نقصا في كمية الأوكسجين المذاب المتاح وبالتالي الإخلال بالتوازن الطبيعي للحياة المائية
لكن كيف سيضار السودان بهذه التداعيات الجارية في الجانب الأثيوبي من السد؟
التغيرات الهيدرولوجية في الأحباس السفلي (الجانب السوداني) وتداعيات حجز مياه النيل الأزرق لمتطلبات توليد الطاقة في أثيوبيا: استخدام الماء لتوليد الكهرباء، سوف يكون له أثر كبير على توقيت التدفقات (Flows) داخل نظام النيل الهيدرولوجي وسيحدث سد النهضة تغييرات عميقة في نظام انسياب النيل الأزرق وفي التقرير الدولي حول سد النهضة الذي قام بإعداده المقاول الدولي المنفذ للمشروع (شركة "بناة ساليني") وقدمه الجانب الإثيوبى للجنة الخبراء الدولية فى أغسطس 2011، لفتت اللجنة الدولية نظر الجانب الأثيوبي الي أن ا"لتحليل الوارد من شركة "بناة ساليني" لم يتطرق إلى التأثير على المنشآت "الهيدرولوجية" (الأصح قول "الهيدروليكية") فى السودان بما فى ذلك السدود السودانية"!
ما أخفقت شركة "بناة ساليني" عن ذكره في تقريرها ، هو أن سد النهضة سوف يحدث تغييرا كاملا في خصائص المجري المائي الهيدرولوجية في الأحباس السفلي (السودان ومصر) نتيجة للتغيرات الهيدروليكية و الهيدرولوجية في الأحباس العليا (الأثيوبية) الناجمة عن تشييد السد ، على ، سبيل المثال: حجز مياه النيل الأزرق لمتطلبات توليد الطاقة في أثيوبيا سينجم عنه كلفة بالغة للسودان و يلحق الضرر بمصالح دولتي الأحباس السفلي، من خلال تغيير هيدرولوجيا النهر: تعديل سرعة تدفق التيار المائي وتاريخ وصول المياه الي السودان وارباك خططه الزراعية خفض مناسيب النيل في الأحباس السفلي نتيجة لخفض قاع النهربسبب التعرية (Erosion) انقاص حجم الماء الواصل للسودان بسبب زيادة التبخر، فقدان تغذية المياه الجوفية في الأحباس السفلي وخفض منسوبها تحول التدفق المائي في الأحباس السفلي الي حالة بالغة من عدم الأستقرار (Flow Highly Unstable) نظرا للاحتياجات المتقلبة لتوليد الطاقة ،وبسبب النبضات المفاجئة (Spate or Surges) المرتبطة بالتوليد الكهربائي ، وبعض هذا ما حدث بالضبط عندما شيد سد غلين كانيون Glen Canyon)) لترويض نهر كولورادو: فقد تم خفض التدفقات العالية و زيادة متوسط التدفقات لكن التدفق أصبح غير مستقر للغاية نظرا لتقلبات توليد الطاقة
التغيرات البئية في الأحباس السفلي (الجانب السوداني) أيضا مما أخفقت شركة "بناة ساليني" عن ذكره في تقريرها هو طبيعة وحجم "التعويق الأضراري" المصاحب لبناء السد ("Disturbances" or Adverse Impacts)، علي سبيل المثال: التغير الكامل لمورفولوجيا المجري النهري ، كإعادة توزيع الرواسب والغطاء النباتي مما يؤدي الي: خفص نسبة حمل الطمي القاعي (Bed Load)إلى إجمالي نسبة الرواسب ككل (Bed & Wash Load)، وهذا بدوره يقود الي نوعين من الأضرار: خفض نسبة عرض المجري المائي الي عمقه
((Width-to-Depth” Ratio زيادة في تعرج النهر (Sinuosity)
وبعض هذا بالتحديد ما أحدثه سد غلين كانيون الكهرومائي علي نهر كولورادو ، في مورفولوجيا النهر، خصوصا في توزيع الرواسب الطميية والنباتات تراكم الطمي خلف السد ، بافتراض أن أثيوبيا سوف تحجزه: سوف يخفض قدرة السد في حماية السودان من الفيضانات ويزيد من احتمالية وقوع حادث أو "فشل" (انهيار) للسد بسبب ثقله، وبالتالي يقَوَّضَ قدرا وافيا من سلامة السد بمنع منظومة السد من الأيفاء بأحد الأستحقاقات البيئية الرئيسية عليها ، أما بأفتراض أن أثيوبيا سوف تطلق الطمي أو جزء منه للسودان، فان كان هذا الطمي يحوي ملوثات سامة (كالمبيدات Pesticides مثلا ) فأن اطلاق هذه الملوثات لدول الحباس السفلي ، يمثل حالة اضافية لفشل منظومة السد في الأيفاء بالأستحقاقات البيئية وبالتالي يضَعْضَع عملية "سلامة السد"
تدهور معلمات جودة المياه (الفيزيائية و الكيميائية والبيولوجية) في الأحباس السفلي نتيجة: لترديها في بحيرة السد وفي الأحباس العليا،من خلال : انطلاق الرواسب والمغذيات والتعكر، تمدد(توسع) التدفق النهري في اتجاه العرض يعني اتساع رقعة مسطح الخزان وبالتالي نقصان مياه الخزان بسبب التبخر وهذا يجعل المياه المتبقية أكثر ملوحة يقلل قدرة الخزان في خفض تركيز الأملاح وحملها للأحباس السفلي ، بسبب تبخر المياه عالية الجودة من الخزان تردي جودة المياه بسبب مناشط الري الناتج عن مشاريع أثيوبيا الزراعية الطموحة ،والعمران (Urbanization) في الجانب الأثيوبي الذي يتوقع أن يصاحب قيام السد ، مما سينجم عنه تدفق للأيونات (Efflux ion) المنزلية والزراعية و مياه الصرف الصحي الصناعية والنفايات السائلة وما يرافق ذلك من : التلوث بالسموم والتلوث بالمبيدات (Pesticides) والقلوية ( Alkalinity ووكما أشرنا عاليه ، فقد أدت أنشطة الري في الأحباس العليا لنهر كولارادو في الولايات المتحدة الأمريكية لتركيز المعادن في المياه التي تصب في الأحباس السفلي للنهر ( أي في المكسيك)،مما قاد إلى تدهور قيمة المياه للري وغيره من الأغراض الأخري بصورة ملحوظة في المكسيك تردي جودة المياه بسبب"نزع الأكسجة" (De-Oxygenation) في أغلب الطبقة المائية السفلي (The Hypolimnion) لبحيرة السد عند تحلل المواد العضوية ،بمعني أن المياه التي سترد الي السودان عبر فتحات السد السفلي ستتسم بانضاب الأوكسجين المذاب وهو أمر ذو أثر بالغ علي الأحياء المائية، وهذا أيضا سيكون حال المياه التي سترد الي السودان عبر فتحات فتحات التيربينات Turbinated Discharge Water ، لكن هذه المياه الأخيرة قد تحتوي على قدر وافر من غاز كبريتيد الهيدروجين السام (Hydrogen Sulfide وستصبح هذه المياه هي المهيمنة بسبب تركز السياسة الأثيوبية لإدارة الأحواض المائية علي توليد الطاقة الكهرومائية ، مما يجعل اعادةالتأكسج الطبيعي ((Reoxygenation لهذه المياه أكثر حرجا لقصرالمسافة بين سد النهضة وسد الروصيرص (126 كيلومتر) "فقد لا يكون هناك وقت كاف للمياه فاقدة التأكسج لتعيد تأكسجها بشكل طبيعي قبل دخولها لخزان الروصيرص عبر تعرضها للغلاف الجوي والضوئي ، ولهذا يمكن توقع تأثرالإنتاجية البيولوجية سلبا بسبب سوء نوعية المياه الرافدة
وهناك جوانب أخري لأضرار سد النهضة بالسودان ، منها :
ضياع فرصة غسيل الفيضان للأملاح وقواقع البلهارسيا مع كبح الفيضانات
ضياع فرصة قلع الطمي للنباتات المتجذرة وتنظيف وصيانة النظام النهري مع كبح الفيضانات:
فهل أتاك حديث سدغلين كانيون؟:
"في عام 1963 أكتملت الولايات المتحدة تشييد سد غلين كانيون Glen Canyon ، وهكذا تم الترويض الهيدرولوجي لنهر كولورادو وكانت نتيجة ذلك:
انخفاض التدفقات العالية (High Flows)
ازدياد متوسط التدفقات (Average Flows) ومع ذلك:
أصبح التدفق غير مستقر للغاية نظرا لتذبذب احتياجات توليد الطاقة التغيير الذي طال هيدرولوجيا نهر كولورادو، قاد الي تغير كبير في مورفولوجيا النهر، خاصة توزيع الرواسب الطميية والنباتات، فالأطلاق الكبير للرواسب الطميية ذو فائدة كبري لبيئة النهرباقتلاعه للنباتات المائية، مما يجلي أهمية الفيضانات في صيانة وتنظيف النظام النهري عمل السد، كفخ طبيعي للرواسب مطلقا مياه صافية للأحباس السفلي وهذا بدوره تسبب في : تدهور فرشة (قاع) المجري المائي (Riverbed Degradation ) أمام السد، مما قاد الي خفض نسبة الرواسب القاعية ((Bed-load لأجمالي الرواسب، وهذا بدوره أدي الي خفض نسبة عرض المجري الي عمقه Width-to-Depth” Ratio زيادة في تعرج النهر
ضياع ري السهل الفيضي ، مع كبح الفيضانات أي حرمان الجروف السودانية من المياه والمخصبات الطبيعية ، فمثلا فيضان 1946 غطي 130 الف فدان ، في حبس شندي واستفاد السودان بزراعة الجزء الأكبر منها
ضياع "حقوق الطمي"للسودان اذا تم حجزه في الخزان
وتعاظم متطلبات الصحة العامة: كضرورة مراقبة ناقلات المرض (Disease Vectors)
تحويل سد الروصيرص الي "قنطرة"
(Barrage)
سيتحول سد الروصيرص الي "قنطرة" (Barrage مثل قناطر ترع مشروع الجزيرة Canal Regulator لرفع منسوب المياه لتوليد الطاقة
، لكنه سيكون أكبر من قناطر الجزيرة الرئيسية Headwork's ، سنخصص لهذا الأمر حلقة حصرية ان شاء الله)
دراسة حالة اضرار أولي:هل أتاك حديث السد العالي؟ "فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" (الأعراف 176)
أفلح السد العالي في حماية مصر من الفيضانات العالية في سبعينيات القرن الماضي من خلال التحكم في تدفق النيل، ولكن: قام السد العالي ما بين عامي 1964-1989 بحجز (106 (2800X طن من الرواسب الطميية المودعة في خزانه،مما قاد الي حت(تهتك) تحت القناطر وتاكل شديد في فرشة قاع النهروشواطئه لمئات الكيلومترات أمام السد حت فرشة قاع النهر له أثر خطير علي المنشئات القائمة والمستقبليةعلي طول النهر، فقد: à تسببت في خفض قاع النهروبالتالي خفض منسوب المياه à مما قاد بدوره الي تهديد استقرار قناطر مصر (الخيرية) بزيادة فرق التوازن المائي عندها (Head) ، و احتاجت مصرالي: استبدال قناطر إسنا علي بعد 176 كم أمام السد كما احتاجت لتشييد هويس (Navigation Lock) جديد لقنطرة نجع حمادي علي بعد359 كم أمام السد وانخرطت مصر في البحث عن حلول لمشكلة الأختناق الملاحي عند عبور الجسور نظرا لعدم كفاية عمق المياه في المجري النهري ، بسبب انخفاض منسوب المياه في فصل الشتاء
دراسة حالة اضرار ثانية:هل أتاك حديث تطوير حوض نهر الفولغا؟
تأثيرات توليد الطاقة الكهرومائية يمكن أن يكون كبيرا: فقد أدي تطوير حوض نهر الفولغا، Volga River Basin بانشاء سدود بلغ اجمالي سعة خزاناتها (83) مليار م3، أي ما يقارب سعة سد النهضة ، أدي الي: انخفاض ملحوظ في الجريان السطحي(Runoff)،، بنسبة 6٪ من متوسط الجريان السطحي عند المصب ، وذلك بسبب: زيادة التبخر وفقدان تغذية المياه الجوفية ، - خلال سنوات التخزين الأولى ونتيجة لذلك، انخفض مستوى سطح بحر قزوين بنصف متر تقريبا عام 1973
دراسة حالة اضرارثالثة: تداعيات سدغلين كانيون الكهرومائي علي نهر كولورادو
أحد نتائج التوليد الكهرومائي من سد النهضة تتمثل في أن الأنسياب المائي في السودان قد يصبح غير مستقر للغاية نظرا للاحتياجات المتقلبة لتوليد الطاقة ، مما قد يتطلب الأمر إعادة تصمم بعض أعمال الري وبعض هذا بالتحديد ما أحدثه سد غلين كانيون الكهرومائي عند سعيه لترويض نهر كولورادو: ففي عام 1963 تم الانتهاء من سد غلين كانيون (Glen Canyon)، وهكذا تم الترويض (الهيدرولوجي) لنهر كولورادو، لكن : أصبح التدفق النهري في الأحباس السفلي غير مستقر إلى حد كبير(Highly Unstable) نظرا للاحتياجات المتقلبة لتوليد الطاقة
تحكم سد النهضة في تصريف النيل الزرق:
التحكم في تصريف النيل الأزرق (Flow Control) هو "تسييس مائي" يتركز حول اكتساب أو ممارسة "سلطة المنح (الجزرة) و المنع" للمياه عن الأخرين (العصا) واستخدام المياه كسلاح في أوقات الأزمات، بالتهديد بالتحويلات أو الوعد بزيادة التدفقات! ودرجة التحكم في تصريف مياه النهر تحددها نسبة سعة مواعين التخزين ، Reservoir Capacity (مثلا خزان بسعة 74 مليارم3 لسد النهضة)، الي حجم ايراد النيل الأزرق Water Discharge Volume (والبالغ50.2 مليار م3 عند الدمازين) مما يعني التحكم في كل نصيب السودان ومصر السنوي من مياه النيل
بالاصرار علي تشييد سد النهضة بهذه الضخامة ، تكون أثيوبيا قد ناقضت معاهدة وستفاليا، Westphalia Treaty)) لعام 1648التي أنهت "حرب الثلاثين سنة" وارست عقيدة "ميزان القوي" (Balance of Power Doctrine) كاحد الأعمدة الرئيسية للنظرية الكلاسيكية للعلاقات الدولىة والذي تلتزم فيه الدول بضبط النفس عند تملك القوة لتجنب زعزة الوضع القائم وذلك لضمان استقرار النظام الدولي، سلسلة منشئات التحكم (Control Works) التي تنخرط أثيوبيا حاليا في أقامتها ستعمل علي: اعادة توزيع السلطة السياسية بين اللاعبين في لعبة الأمم في حوض النيل، وكذلك، زعزعة استقرار حصيلة أليات وقف الصراعات مثل المعاهدات القائمة (كاتفاقية مياه النيل لعام 1959) وغيرها، مما يعد بدخول دول الحوض في نزاعات وصراعات قد لا تقف عند حدود الحوص بل تنطلق فتعرض للخطر صيانة السلام الدولي والأمن وتحكم أثيوبيا في التصريف والسيطرةعلى التصريفات المائية المنسابة للسودان ومصر ، ستتم من خلال أليتين: حجزسد النهضة لمياه النيل الأزرق وكذلك من خلال: قواعد تشغيل الخزان (Reservoir Operating Rules) التي يبدو أن أثيوبيا ستنفرد بوضعها أو تعديلها ، رغم ما جاء في وثيقة الخرطوم (حول الأستخدام العادل والمنصف) والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء ونصه كالأتي:
* "الاتفاق …(علي) قواعد الملء الأول لسد النهضة ...بالتوازي مع عملية بناء السد."،(لم يتم مثل هذا الأتفاق بينما العمل يشارف انتهاؤه في السد وفق الرواية الأثيوبية)
* "الاتفاق …(علي) قواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر"، (وضبط اجراءات التشغيل قد يعني تعديلها في مفهوم الطرف الأثيوبي)!
" كيف أجهض سد النهضة مشروع بحيرة تانا الموسع لتوفير التخزين المستمر(Over-year Storage) والحماية من الفيضانات لدول حوض النيل
دراسة"خطة وادي النيلNile Valley Plan" (أو مشروع ضبط النيل "كوحدة هيدورليجية") ، مثلها مثل دراسات هيرست وبلاك الخ …لم تجد موقعا لخزان كبير في هذا الحوض سوي في بحيرة تانا ، وبحيرة تانا هي بحيرة طبيعية ذات ايراد سنوي يبلغ (3.5) مليار م3 ، ويبلغ تفاوت مدي التباين في منسوبها 2 متر ومشروع بحيرة تانا كان يهدف الي استخدام البحيرة : "للتخزين القرني" (Century Storage) أو "التخزين المستمر"(Over-year Storage مثلا برفع منسوب البحيرة في حدود8-9 متر لتأمن "تخزين مستمر" بسعة 25-30مليار م3)، خزان كبير (في L.Tana) بتخزين مستمر (أوحتي قرني) يمكن استخدامه ليعمل يدا بيد مع سد مروي (في صيغته الأصلية)،وجنبا إلى جنب مع مشروع البحيرات (The Equatorial Nile Project) و"أشغال الحفظ"( Conservation Works) لنهر النيل بمجمله تحت اجراءات تشغيل موحدة Unified Reservoir Operating Rules—لتوفير ضمان أكبر امداد مائي مضمون لدول حوض النيل في كل السنوات. وهذا كاف لخفض ذروة فيضان النيل الأزرق ،وتوفير حماية متواضعة ولكن حاسمة من الفيضانات للسودان ومصر، وحتى ضد فيضان بحجم فيضان 1946 ، ويمكن السودان من زراعة المزيد من الأراضي ، مع توفير امداد مائي احتياطي لدول الحوض ، علما بأن مشروع بحيرة تانا لن يزيد الأيراد السنوي للنيل ولكن سياعد على تنظيمه ، علي عكس مشاريع النيل الاستوائي التي ستزيد الأيراد السنوي سد النهضة أجهض هذه الخطة المنسقة والمحكمة لأستعلال بحيرة تانا ضمن خطة لتطوير شامل لحوض النيل بمجمله ليدفع "بكل متشاطيء في دول الحوض ليبحث علي حد سواء عن توفير" تخزين مستمر" (Over-year Storage) داخل حدوده ، بالأضافة لتكبد كلفة المنشئات المائية اللازمة للحماية من الفيضانات ولضبط ما يليه من النيل وروافده بالنسبة للسودان هذا يعني خزان بسعة 25-30 مليار م3، وهذا لا يمكن للسودان توفيره الأن بعد ما بدد السد العالي موقع سمنا وبعد ما أجهض سد مروي موقع الشلال الرابع بسد صغير لتوليد الكهرباء فقط وهما الموقعان الوحيدان في السودان "للتخزين المستمر"
أهمية التنمية علي نطاق الحوض المائي:ماذا خسرت دول الحوض من مفارقة أثيوبيا – ومن قبلها مصر- لفكرة الوحدة الهيدرولوجية لنهر النيل ؟
لأدارة أنظمة الري في كل من السودان ومصر تحتاج الدولتان في كل الأوقات إلى معرفته تدفقات المياه النازلة من الأحباس العليا من حوض النيل، (على سبيل المثال تصريف المياه في منقلا وملكال والروصيرص، وعطبرة الخ…) ،و مصر، بالإضافة لذلك ، بحاجة لمعرفة كيف يقوم السودان بتعديل هذه التدفقات بواسطة ضبط الخزانات أو سحب المياه للري فالمشاطئة في الأحباس العليا عليها ان تمرر إلى المتشاطئة في الأحباس السفلي حصتها من خلال حساب كل شهرلحجم التدفق الطبيعي الذي تم تعديله اخذين في الأعتبار الفارق الزمني و فاقد النقل للمياه ، وهي عملية حسابية تقريبية ومعقدة و تتجاهل العلاقات المتبادلة الطبيعية بين الأنظمة الفرعية ،بمعني أن النظام من الناحية الفنية غير كفء! بمعني أنه تحت نموذج التطوير القطري المغلق نسبيا والمعزول وغير و المنسق مع دول الجواركما تريده أثيوبيا الان (حيث كل بلد عليه توفير وتشغيل جميع مواعين "التخزين السنوي" و"التخزين المستمر" اللازمة لتنظيم حصتة من المياه ) ، سيكون نظاما أقل فائدة من النظام المنسق كما في نموذج "الوحدة الهيدرولوجية للحوض"، حيث تتمثل نقائصه في الأتي : فقدان فوائد وفورات الحجم الكبير(Economies of Scale)المرتبطة بالتنمية الإقليمية علي نطاق منظومة الحوض المائي "التنمية القطرية المجزأة دون خطة رئيسية موحدة يمكن أن تتعارض مع الاستخدام الفعال للمورد النهري" اثيوبيا باجهاضها مشروع بحيرة تانا الموسع ، تكون أيضا قد هدمت خطة وادي النيل لعام1959 وفق نموذج ادارة النهرعلي أساس وحدته الهيدرولوجية، وفارقت فكرة التطوير الشامل لموارد النيل المتمثل في: الأستغلال الأمثل لأجمالي التدفق المائي
Total Flow Exploitation الأستغلال الأمثل لأجمالي فرق التوازن المائي Total Head Exploitation وخفض فواقد التدفق المائي
Flow Loss Reduction فمنذ ثلاثينيات القرن الماضي شدد المخططون الأمريكيون علي أهمية التخطيط للأحواض النهرية (Drainage Basins) كوحدة واحدة (as Single Hydrological Unit)، وهو تصور منطقي من وجهة النظر البيئية والاجتماعية والاقتصادية
السودان كان وضع مثل هذه السياسة موضع التنفيذ في "خطة وادي النيل"( Nile Valley Plan) كمساهمة عالمية منه في عالم المعرفة في مجال تنمية الأنهار ، والهدفان الرئيسيان للخطه كانتا : توليد الطاقة الكهرومائية من كل المواقع علي النهر توفير أكبر قدر من الامداد المائي الموثوق به لجميع ساكني الحوض ، وذلك من احد عشرة موقعا علي النهر ، مع أكبر مدد ثابت من المياه في جميع السنين ، وهو أمر لا يمكن ضمانه الا بتخطيط جميع المشاريع المائية في حوض النيل لتشكل جزءا من خطة رئيسية متكاملة و منسقة للحوض ككل و تعمل تحت سيطرة موحدة(Unified Control ،أي نظام متكامل للتحكم في النيل كما هوالحال في سلطة وادي تينيسي (TVA ، وأن أي خطة اخري سوف تكون أقل فعالية،
و ذلك لأن متوسط: الأيراد المتاح((Mean Available Supplies سيكون أقل الفواقد المائية ستكون أكبر
الخطة رغم ذلك نأت بنفسها عن الموقع الحالي لسد النهضة: فهي لم تراه الأصلح للتوليد الكهربائي، بل رأته ليس صالحا للتخزين المستمر، (Over-year Storage) ، وأن السد العالي يعتبرجزءا لا يتجزأ من "خطة وادي النيل" ، الا أنه سيكون اصغر حالا منه الآن، (100 مليارم3 بدلا من ال130 مليار م3 الحالية) وسيغمر حلفا ولكن "رمو" الخزان (أي المياه المرتده منه) لن يفسد موقع التوليد الكهرومائي الممتاز عند سمنة والتخطيط لحوض نهرالنيل ك"وحدة هيدرولوجية"، يعني التخطيط له كوحدة مساحية أساسية: § لقياس الخصائص الفيزيائية للنهر § ولتصميم وتشييد المنشآت الهندسية §ولإدارة الأراضي المرتبطة بمستجمعات المياه (Watershed) كجزء عضوي ومتكامل مع تنمية الموارد المائية § ولتبني منهج "التخطيط متعدد الأهداف" (Multi-objective Planning)
وكان من الأهداف الأخري لخطة وادي النيل (NVP) أيضا (وهو ما دعمه لاحقا بروفيسور كولفيلد Caulified, H): الأعتراف بالترابط (Interconnectedness) بين أحباس النهر المختلفة توجيه النظام النهري نحو المزيد من حالة التوازن تحسين إجمالي الأيراد النهري ، مما قد يقود إلى اكتشاف قوانين تشغيلية مثلى للخزانات التحسين والضبط الاقتصادي للعمق الملاحي المطلوب وتوحيد تجهيزات الملاحة تحقيق التوزيع الأمثل للتصريف النهري -- على سبيل المثال تصريف المياه الأقصي والأدني للموسم والإقليم -- والتخطيط المتكامل يتطلب بشكل ثابت تغيير توزيع المياه زمانيا وفضائيا تحسين هيدروليكية النظام النهري بالنسبة الي مشاكل تدفق المياه في النهر وفي قاعه، ومشاكل الاضطراب المائي (Turbulence) الخ… دفع جهود الربط الكهربائي الإقليمي دفع منهج "تحليل النظم" (System Analysis) للكشف عن العلاقة المتبادلة بين الجوانب الطبيعية والتقنية، والعمليات الاقتصادية تعزيز التعاون الأقليمي في التعامل مع الترسيبات الطميية و تآكل الضفاف النهرية رصد حركة المياه الجوفية العابرة للحدود مكافحة التلوث وتطوير تشريعات جودة المياه جمع البيانات الهيدرولوجية تعزيز وترشيد المشاريع المائية متعددة الأغراض التي تتطلب موازنات دقيقة للخيارات المتاحة وأثارها البيئية والأجتماعية وضع ميزان مائي إقليمي(Regional Water Balance) يمكن أن يقود الي كشف المشاكل الإقليمية الحرجة كما أن التخطيط لحوض النيل "كوحدة هيدرولوجية" يؤمن التطوير الأمثل للنظام النهري ويمثل أفضل الطرق لحفز النمو الإقليمي وأفضل الطرق لضمان تنمية المياه ومواكبة النمو السكاني والاقتصادي المتسارع في دول حوض النيل كما أن التكامل يحد من النزاعات حول استخدامات المياه من قبل الدول المتشاطئة ويوفرمجموعة أوسع من البدائل، مع اتاحة فرصة للتخفيف من الآثار السلبية بتقاسمها على مساحة أوسع ويوفرأفضل وسيلة للنظر في كل من الأحتياجات قصيرة وطويلة الأجل لتلك الدول و يمكن لهذه التدابير أن تأمن لدول الحوض أكبر الموارد المائيه الممكنة في جميع السنيين
خرجت للوجود "خطة وادي النيل" (Nile Valley Plan, NVP) كحل لمشكلة النزاع حول المياه في حوض النيل وتطوير حوض النيل لمصلحة كل أفريقيا ، ولا غرو : فتنمية الموارد المائية في حوض نهر كولورادو كانت لها آثار بعيدة المدى، إلى ما وراء حوض النهر وبالمثل كان الحال مع تطويرحوض وادي تينيسي ، ووادي السند وجاءت دراسة وزارة الري تلك كأول دراسة في العالم استخدم فيها الحاسوب علي نهر كبير وكمساهمة معتبرة من السودان في المعرفة العالمية بشأن موضوع تنمية الأنهار
§ فلسفة التخطيط لحوض نهرالنيل ك"وحدة هيدرولوجية"، وفوائدة العظمي عاليه -- التي أجهضها سد النهضة ، ترتكز علي ثلاثة عناصر:
أن الحل لكثير من المشاكل الهيدرولوجية يتطلب تكامل (Integration) جميع جوانب الدورة المائية (Hydrologic Cycle ) وأن "وحدة تنمية الموارد المائية "الأكثر رشدا للمياه ، هي التخطيط علي مستوي الحوض و أن تأمين أعظم فوائد ممكنة لجميع المشاطئة وأكبر مدد ثابت من المياه في جميع السنين ، لا يمكن ضمانه الا بتخطيط جميع المشاريع المائية في حوض النيل لتشكل جزءا من خطة رئيسيةمتكاملة و منسقة للحوض ككل و تعمل تحت السيطرة الموحدة(Unified Control) ،أي نظام متكامل للتحكم في النيل كما هو الحال في نموذج “سلطة ادارة" وادي تينيسي TVA))
ونموذج " سلطة ادارة الوادي" (Valley Authority) ، المشار اليه عاليه يعني التخطيط الإقليمي المركز حول الحوض المائي، حيث وحدة التخطيط والإدارة هي الحوض النهري، وكانت “سلطة وادي تينيسي" TVA)) هي الرائدة في ذلك في عام 1933، من خلال أنشاء مؤسسة حكومية،علي درجة عالية من الأستقلالية، ومسؤولة مباشرة للحكومة المركزية (للرئيس)، مع صلاحيات التخطيط وإنشاء وتشغيل مشاريع متعددة الأغراض وولاية واسعة للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ، (رغم أن النموذج يفتقرالي التنسيق مع الأدارة الوطنية للري والموارد المائية ، أو مع أصحاب المصلحة من مستخدمي المياه ( النموذج الأخر الذي سار في نفس الأتجاه هو نموذج "مؤسسة وادي دامودار" الهندية (Damodar Valley Corporation), التي نشئت عام 1948: لتعزيزالتنمية الاقتصادية، والصناعية والأجتماعية، والتعليمية و الصحية في وادي دامودار الهندي " تقليص الخسائر والفقد خارج نموذج ادارة النهر علي أساس وحدته الهيدرولوجية: ما لا يدرك كله، لا يترك جُلّه!
§رغم اجهاض أثيوبيا لمشروع بحيرة تانا الموسع ، وهدمها لخطة وادي النيل يمكن تقليص ذلك الفقد تحت ادارة مشتركة مع اثيوبيا: وفق نموذج سد اوين بين مصر ويوغندة ، موفرا الطاقة و"التخزين الأفتراضي" لدولة الأحباس العليا (يوغندة) وضبط التدفق النهري لدول الأحباس السفلي (السودان ومصر) ، بحيث تشمل الادارة المشتركة مع اثيوبيا مثلا: تطوير مشاريع لزيادة ايراد النيل الأزرق الإشراف على تنفيذ المشروعات .. أو تحت ادارة مشتركة مع اثيوبيا وفق نموذج اتفاقية مياه النيل لعام 1959( حيث يوفرالسد العالي الطاقة لمصر"والتخزين الأفتراضي" " للسودان) ، في ظل تحكم (ضبط)منسق Coordinated Control)،على سبيل المثال، من خلال "لجنة مشتركة دائمة لمياه النيل الأزرق" كما هو الحال الأن بين السودان ومصر،
ولأعطاء القاريء احساس بنوع المزيد من التعاون الأيجابي الذي يمكن أن يتم لو كان سد النهضة يهدف ضمن ما يهدف من الأغراض السيطرة علي فيضانات النيل الأزرق، سنقوم هنا باعادة ايراد مسودة اتفاق افتراضي كنا قد اقترحناه بين السودان وأثيوبيا، متمثلا في مشروع مشترك ومزدوج الأهداف يرغب فيه السودان الاستفادة من تخزين سد النهضة في انتاج الطاقة والتحكم في الفيضانات ، فالي نص مسودة الأتفاق: "يطلب السودان من أثيوبيا إعادة تعريف قواعد تشغيل خزان سد النهضة (Reservoir Operating Rules) ، ويطلب اضافة: توفير حيز لضبط الفيضان (Gated Flood Control Storage) في خزان سد االنهضة بسعة كذا كيلومتر مكعب لأستعمالها للحماية من الفيضانات علي السودان مع توفير كذا كيلومتر مكعب من "التخزين الصالح للاستعمال" (Usable Storage) في خزان سد النهضة لأستعمالها لتوليد الطاقة وفي مقابل فوائد توليد الطاقة ومكافحة الفيضانات التي سيجنيها السودان من خزان سد النهضة المعوق ، علي السودان: أن يقدم لإثيوبيا - بشكل مستمر - ½ الزيادة في الطاقة المولده لديه ، مدفوعة عينيا (Paid in Kind) أي ميقاوات-ساعات! مع تسديد دفعة نقدية لمرة واحدة ½ قيمة الحماية من الفيضانات المستقبلية التي سيتمتع بها السودان خلال 60 عاما الأولى من المعاهدة. هذه المعاهدة (الأفتراضية) لا تنص على تاريخ إنهاء صلاحيتها، ولكن تستطيع إثيوبيا أوالسودان إنهائها بعد 66 عاما (عام 2082)، شريطة اعطاء إشعارمكتوب بحد أدنى مدته عشر سنوات أن تأمن أثيوبيا للسودان كذا مليون "فدان - قدم" من تخزين سد النهضة، متاحا "تحت الطلب" (On Call ) تحسبا لأية فيضانات أكبر ، بتكلفة قدرها كذا مئة ألف دولار في كل من الطلبات الأربعة الأولى وتكاليف التشغيل الضائعة مع انقضاء أجل الأتفاق ، ينبغي أن تبقي بعض أحكام هذه المعاهدة سارية لحياة المشاريع القائمة وخاصة غرض السيطرة على الفيضانات مع الالتزام بالتنسيق بين الدولتين في كل القضايا المائية "!(انتهي)
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ" (النحل 9)"
(أي – كما يقول الطبري – "على الله أيها الناس بيان طريق الحقّ لكم، فمن اهتدى فلنفسه ، ومن ضلّ فإنما يضلّ عليها") "أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ" (يونس 35)
والي من يسأل: "هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا "عن كيف سيُضَارَّ السودان من سد النهضة ومُتَلاَزِمَاته"؟ نقول : "قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ" (يوسف 41)
بروفسير قريش مهندس مستشارو خبير اقتصادي دولي في مجالات المياه والنقل والطاقة والتصنيع، بجانب خبرته في مفاوضات نقل التكنولوجيا وتوطينها و في مفاوضات نزاعات المياه الدولية واقتسامها وقوانين المياه الدولية بروفسير قريش حائزعلي الدكتوراه الأولي له (Summa Cum Laude) من جامعة كولمبيا الأمريكيةفي هندسة النظم الصناعية والنقل والتي أتم أبحاثها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجياM.I.T.))حيث عمل زميلا في "مركز الدراسات الهندسية المتقدمة"بالمعهد، وحيث قام بوضع مواصفات تصميمية أولية لطائرتين تفيان بمتطلبات الدول النامية مع الأختبار الناجح للطائرين علي شبكات طيران الدول النامية من خلال أساليب المحاكاة الحاسوبية الرياضية وتفوقهما علي الطائرات المعروضة في الأسواق، وهو أيضا حائز علي ماجستير الفلسفة(M.Phil) بتخصص في التخطيط الاقتصاديوالاقتصاد الصناعي من نفس الجامعة و حيث انتخب عضوا في"الجمعية الشرفية للمهندسين الأمريكيين"(Tau Beta Pi ) ورشح في نفس السنة للقائمة العالميةللمهندسين الأشهر (Who's Who) بروفسير قريش حائزأيضا علي دكتوراة ثانية من جامعة مينيسوتاالأمريكية في موارد المياة بتخصص في الهيدرولوجيا وعلم السوائل المتحركة (الهيدروليكا)، وعلي ماجستير إدارة الأعمال من جامعة يوتاه الأمريكية بتخصص اقتصاد وبحوث العمليات، بجانب حصوله علي شهادة في النقل الجوي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (M.I.T.)و علي شهادة في "العلوم والتكنولوجيا والتنمية" من جامعة كورنيلالأمريكية وفي جانب السيرة العلمية العملية، فقد عمل بروفسير قريش كمساعد باحث بجامعةولاية يوتاه الأمريكية ، ثم باحث أول بالمجلس القومي للبحوث ومحاضر غير متفرغ بجامعة الخرطوم وعمل بعدها كبروفيسور مشارك في جامعتي ولاية مينيسوتا الأمريكية وجامعة الملك عبد العزيزبجدة ، ومستشارا لليونسكو بباريس و مستشارا للأمم المتحدة (الأسكوا) ، وخبيرا بمنظمة الخليج للأستشارات الصناعية فيالجانب المهني، بروفسير قريش هو مهندس بدرجة مستشار"في" المجلس الهندسي السوداني" وزميل في "الجمعية الهندسية السودانية" وعضو مجاز في" أكاديمية نيويورك للعلوم" ومجاز "كعضو بارز في جمعية هندسة التصنيع الأمريكية كما هو مجاز "كعضو بارز" أيضا من قبل "معهد المهندسين الصناعيين" الأمريكي وعضو مجاز من قبل "معهد الطيران والملاحة الفضائية"الأمريكي وعضو مجاز من قبل"الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين"والمعهد الأمريكي للعلوم الإداريةو الجمعية الأمريكية لضبط الجودةوالمعهد البريطاني للنقل E-mail: blacknims2000@hotmail.co.uk
References
1. H.T. Cory, Chapter IV –Section Two--, Report on Second & Third Terms of Reference, in Egyptian Government .1920. Short Summary of the Report of the Nile Projects Commission) 2. Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2) 3. " International Commission on Large Dams (ICOLD): Bulletin 59 —Dam Safety Guidelines & ICOLD) : Bulletin 99 —Dam Failures Statistical Analysis) 4. ASCE. 1996.Introduction to River Hydraulics 5. Ahmed, Abdel Aziz. 1960. An Analysis of the Study of the Storage Losses in the Nile Basin. Paper #6102, Proc. Instn. Civ. Engrs., Vol.17. 6. Allan, W. 1954. Descriptive Note on Nile Waters 7. Botkin, D. & E. Keller.1987. Environmental Studies 8. Bureau of Reclamation, 1964 9. Chaudhry, M. 1993.Open Channel Flow 10. Chow, Ven., D. Maidment & L. Mays. 1988. Applied Hydroloy 11. Class Notes on Water Resources Policies –University of Minesota, 2000 12. Cunha, L. 1977. Management & Law for Water Resources 13. Dickinson, H. & K. Wedgwood. The Nile Waters: Sudan’s Critical Resource. Water Power & Dam Construction, Jan. 1982 14. Dubler, J. and Grigg, N. 1996. ”Dam Safety Policy for Spillway Design Floods.” J. Prof. Issues Eng. Educ. Pract., 122(4), 163–169. TECHNICAL PAPERS 15. Eagleson, P.S. (1994) The evolution of modern hydrology (from watershed to continent in 30 years). Advances in Water Resources 17, 3–18. 16. El Rashid Sid Ahmed .1959. Paper on Layout of Canals & Drains 17. Emil Ludwig.1936. The Nile 18. Encyclopedia of Public Int’l Law,1995, Vol. II 19. Fetter, C. Applied Hydrogeology 20. Gehm, H. et. al.1976. Handbook of Water Resources & Pollution Control .21. Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2 22. Guillaud, C. “Coping with Uncertainty in the Design of Hydraulic Structures: Climate Change is But One More Uncertain Parameter “, 23. EIC Climate Change Technology, 2006 IEEE Volume 98, Issue No.5 24. Hewlett,J. 1982.Principles of Forest Hydrology 25. Houk, I. 1951.Irrigation Engineering, Vol. 1. 26. Howell, P. & M.Lock, “The Control of Swamps of the Southern Sudan” in Howell, P. & J.Allan (eds.).1994. The Nile: Sharing a Scarce Resource 27. Hunter, J.K. , “Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners:”in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960. 28. http://www.mcc.gov/pages/docs/doc/co...nce-chapter-17 29. http://www.utdallas.edu/geosciences/...tenilegif.html 30. http://en.wikipedia.org/wiki/Causes_of_landslides. 31. http://www.google.com/imgres?q=what+...iw=960&bih=516 32. http://www.google.com/imgres?q=grand...9,r:4,s:0,i:82 33. http://digitaljournal.com/image/116297 34. http://www.internationalrivers.org/f...efficiency.pdf 35.http://en.wikipedia.org/wiki/Grand_E...enaissance_Dam 36. http://en.wikipedia.org/wiki/Dam 37. http://www.fao.org/docrep/005/ac675e/ac675e04.htm 38. Hurst, H. 1944.A Short Account of the Nile Basin 39. Hurst, H. 1957. The Nile 40. H. Hurst, H. & R. Black.1955. Report on a Hydrological Investigations on How the Max Volume of the Nile Water May be Made Available For Development in Egypt & the Sudan 41. ICID. 1961.International Problems Relating to the Economic Use of River Waters 42. Jansen, P. et. al.(ed.).1971.Principles of River Engineering 43. John, P. et al Water Balance of the Blue Nile River Basin in Ethiopia 44. Koloski, J. , S. Schwarz & D. Tubbs “Geotechnical Properties of Geologic Materials, Engineering Geology in Washington, Volume 1--Washington Division of Geology and Earth Resources Bulletin 78, 1989 45. Maidment, D. 1992. Handbook of Hydrology 46. Mamak,W. 1964.River Regulation 47. Masahiro Murakami .1995. “Managing Water for Peace in the Middle East: Alternative Strategies”, 48.http://unu.edu/unupress/unupbooks/80...0.htm#Contents 49.http://www.civil.usherbrooke.ca/cours/gci345/Dam%20Safety.PDF 50. Mays, L. 1996. Water Resources Handbook 51. MOI.1955. The Nile Waters Question 52. MOI Memo Dated 9/21/1957 53. Monenco, 1993. Stage II Feasibility Study, Main Report, Vol. 1 54. Montanari, F & J. Fink, “State Role in Water Resource Policy”, in 55. Cohen, P. et al.Proc. Of the 4th AmericanWater Resources, 1968). 56. Morrice, H. & W. Allan. 1959. Planning for the Ultimate 57. Hydraulic Development of the Nile Valley. Proc. Instn. Civ. Engrs., Paper #6372 58. Mays, L.1996. Water resources Handbook 59. Morrice, H.”The Water of the Nile & the Future of Sudan”, Unpublished Paper, 1955 60. Nath, B.1996. General Report. Symposium on Economic & Optimum Use of Irrigation System. Pub. No.71 61. Office of Technology Assessment.1984. Wetland: Their Use & Regulation 62. Outers, P.1997.Int’l aw 63. Phillips, O.1967. Leading Cases in Constitutional & Administrative Law 64. Schumn, S. “River Metamorphosis”, J.of Hydraulic Division, Pro. Of ASCE, June 1969 65. Sebenius, J. 1984. Negotiating the Law of the Sea 66. Smith, R. “The Problem of Water Rights”,J. of Irrigation& Drainage. Proc. Of ASCE, December 1959 56. U.N. 1958. Integrated River Basin Development 67. Various MOI pamphlets, notes & publications 68. Waterbury, J.1979.Hydropolitics of the Nile 69. Waterbury, W. 1987.”Legal & Institutional Arrangements for Managing Water Resources in the Nile Basin”, Water Resources Development, Vol. 3 No. 2 70. Water Info Centre.1973. Water Policies for the Future 71. Whittington, D. & K. Haynes “Nile Water for Whom? Emerging Conflicts in Water Allocation for Agricultural Expansion in Egypt & Sudan, in Beaumont, P. & K. McLachlan (eds.). 1985. Agricultural Development in the Middle East 72. Whittington, D.,J. Waterbury & E. McClelland, Towards A New Nile Waters Agreement, in A. Dinar et al. 1995. Water Quantity/Quality Management & Conflict Resolution) World Commissions On Dams: 2000 Report 73. Zelermyer, W.1964.Introduction to Business Law: A Concepual Approach 74. H. Hurst & R. Black.1955. Report on a Hydrological Investigations on How the Max Volume of the Nile Water May be Made Available For Development in Egypt & the Sudan) MOI Memo Dated 9/21/1957). 75. Schumn, S. “River Metamorphosis”, J.of Hydraulic Division, Pro. Of ASCE, June 1969 76. Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2. 77. Dubler, J. and Grigg, N. 1996. ”Dam Safety Policy for Spillway Design Floods.” J. Prof. Issues Eng. Educ. Pract., 122(4), 163–169. TECHNICAL PAPERS Volume of the Nile Water May be Made Available For Development in Egypt & the Sudan) MOI Memo Dated 9/21/1957 78. J.K. Hunter (Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners:”in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960 79. Snyder, F., A.Blensdale and T. Thompson. 1961.The International Panel on Flood Discharges “Studies of the Probable Maximum Flood for Roseires Dam Project”. P.29-30. 80. Watern Information Centre, Inc. 1973. Water Policies for the Future 81. Gasser, M.& F.El Gamal.1994. Aswan High Dam:Lessons Learned & On-Going Research. Water Power & Dam Construction, Jan.1994 82. International Commission on Large Dams (ICOLD): Bulletin 59 —Dam Safety Guidelines 83. (ICOLD): Bulletin 99 —Dam Failures Statistical Analysis 84. Jacques Leslie f “Deep Water: The Epic Struggle Over Dams, Displaced People, and the Environment.” 85. http://www.newyorker.com/tech/elements/one-of-africas-biggest-dams-is-falling-apart 86. http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%AF 87. http://www.fao.org/docrep/005/ac675e/AC675E07.htm 88. Correspondence with Uganda Government, Dated Feb. 1949 89. Mays, L.1996. Water resources Handbook 90. J.K. Hunter (Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners:”in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960) 91. Caulified, H ,"Water resources management in river basin planning and development in the United States. In Towards a rational policy in river basin development in the Sahel. Washington, D.C.: U.S Agency for International Development, 1976. Cheng Xuemin “Hydropower in China”, Proc. Instn. Civ.Engng. 102, No. 1,22-33)) الرشيد سيد أحمد 1959 مشكلة مياه النيل الرشيد سيد أحمد 1960 ايراد نهر النيل من مصادره المختلفة الرشيد سيد أحمد 1962 وصف لحوض النيل