كيف نبني عالما مشابها لعالمنا ورحلة ما بعد الموت

 


 

 

هذا المقال من جزئين سيتناول بعضا مما استفدته واحببت ان اشارك به القارئ من كتابين هما (تاريخ بسيط عن كل شئ ) للكاتب بيل برايسون وكتاب الامام القرطبي القيم (التذكرة بأحوال الموتي وامور الاخرة) وارجو ان ينتفع به القارئ وأن يثير فضوله لقراءة الكتابين.

كيف تبني عالما
‏( Universe) مشابه لعالمنا الذي نعيش فيه ؟

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه ( قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الأخرة ان الله علي كل شئ قدير ) .

يقول بيل برايسون لكي تصنع عالما لنبدأ بتمرين بسيط لفهم الامر (
لتبدأ بالبروتون وهو جسم اصغر من الذرة ولفهم حجمه ضع نقطة سوداء واحدة من قلم رصاص حاد في ورقة بيضاء ثم قسم هذه النقطة الي 500,000,000,000 جزء متساوي.

ثم خذ جزءا واحدا منها وعرضه لضغط حتي ينكمش ويصغر حجمه بحوالي 1,000,000,000
مرة.
ثم خذ هذا الجزء الاخير واحشر فيه مقدار أوقية من المادة ( matter) . بفعلك هذا تكون خطوت اولي الخطوات في مشوار بناء عالم متمدد.

اما اذا اردت صنع عالم تقليدي مطابق لعالمنا اليوم فالامر بسيط ابدأ بجمع اي شئ موجود حولك وحتي حافة العالم الذي نعيش فيه لا تترك شيئا ( بما فيه انت نفسك) ثم اضغطه في حيز لا متناهي في الصغر اصغر بكثير من الجزء الصغير الذي تحدثنا عنه اعلاه في مساحة لا متناهية في الصغر تقترب من الصفر بحيث يكون لا طول او عرض او عمق لها ولا حجم لها تسمي الاحادية ( Singularity ).

ثم تخيل انك تتخذ مكانا خارج هذا الحيز لتستمتع بالانفجار العظيم الذي خلق منه العالم ( طبعا حقيقة لا يوجد مكان خارج حيز (الاحادية) للجلوس فيه للاستمتاع بالانفجار العظيم لانه خارج الاحادية لايوجد مكان ( اللامكان ) وفيه تنهار القوانين والمعادلات والرياضيات والفيزياء وكل النظريات .

رحلة مابعد الموت

الحمد لله الذي ارسل لنا الرسل مبشرين ومنذرين وانزل الكتاب والوحي ليفتح اعيننا علي امور غيبية لا تدركها عقولنا نسلم بها ايمانا. لقد اخبر القرآن الكريم عن حقيقة تتكشف للعقل الانساني مع تقدم المعارف فقال تعالي ( كل من عليها فان) وهكذا حال الخلائق كلها من ذراتها ومجراتها ونجومها كله يموت ويفني.

وللانسان خصوصية فقد عرفنا من الوحي ضرورة الاستعداد لرحلة مابعد الموت وفي هذا وضع الامام القرطبي كتابا قيما اسماه التذكرة بأحوال الموتي وامور الاخرة . اود ان استعرض بعضا مما استفدته من تلك المعارف .

اولا : يمر الانسان بست مراحل او عوالم كالأتي : عالم الارواح ثم عالم الرحم ثم عالم الحياة الدنيا ثم مابعد الموت او البرزخ ثم البعث والحساب واخيرا الخلود في الجنة او النار.

ثانيا : رحلة الانسان مابعد الموت بها تسع مراحل كالاتي:

اولا :الموت والغرغرة والسكرات وملك الموت. والغرغرة اخر لحظات الانسان في الدنيا ولا تقبل التوبة بعدها. فالروح تخرج من الاطراف وتطلع حتي الحلقوم وعندها يغرغر الانسان وهنا يري ملك الموت . العجيب ان الدرسات العلمية الحديثة كشفت ان اخر مايراه الانسان وميضا . ثم تذهب الروح مع ملك الموت الي السماء وتعود قبل الانتهاء من غسيل الميت. والميت يسمع بحسب ماورد في السنة. والدراسات العلمية والعلماء يعتقدون ان السمع آخر الحواس رحيلًا
قبل الموت.

ثانيا: بروتكولات القبر من الاستقبال وغيره 😃. حفاوة الاستقبال بقدر الايمان والعمل في الدنيا.

ثالثا: الساعة او القيامة. وبها اهوال واحوال وردت في القرآن والسنة وقيل في هولها ان صاحب الفيراري سيترك سيارته في الشارع ويجري فلا قيمة لها يوم تذهل كل مرضعة عما ارضعت.وفيها ينفخ في الصور ويصعق من في السماوات ومن في الارض . وعندها ايضا يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يَأْخُذُهُنَّ بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يَطْوِي الأَرَضِينَ السبع، ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟".

رابعا: البعث . وفيه النفخة الثانية . ومابين النفختين اربعون الله اعلم بمقدارها.

خامسا: الشفاعة والكوثر : والشفاعة عدة انواع ومنها الشفاعة العظمي
سادسا : كتاب الاعمال. وعندها كل انسان يحمل كتابه . وعندها يود البعض ان لو لم يكن هنالك قيامة وحساب ( ياليتها كانت القاضية) اي نموت وخلاص مافي حساب😃.
سابعا: الميزان. الميزان الخفيف والثقيل . اعمال الكفار الصالحة تخفف من عذابهم فللنار دركات.

ثامنا: الصراط
تاسعا : الخلود في جهنم وبها سبع منازل ودركات وحفت بحب الجاه والسلطة والمال والشهوات أو الجنة وبها مائة درجة واعلاها الفردوس وحفت بالمكاره من صبر والم والمصائب والجهاد

من الطرافة في الكتاب ايضا الحديث عن محاجة الجنة والنار عندما تباهت النار بمن فيها من علية القوم من الملوك والقادة العظام والجبابرة والطغاة وكبار القوم وساداتهم . وعلية القوم في عصرنا هذا يشمل المشاهير ورؤساء الدول ورؤساء الشركات الكبري والقيادات في المجالات المختلفة والعباقرة ورجال الاعمال و اهل الثقافة والفنون والفكر ممن كفر بايات الله ورسالاته 😃

بالاطلاع علي بعض المعارف من احوال الموتي وامور الاخرة يمكنني التذكير بالاتي :

أولا : اعجب لمن تعرف علي امور الاخرة ولم يستعد لها قال النَّبيّ ﷺ : (الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ). حدثني ذو ثقة عن رجل سوداني ذو مال ومكانة وشهرة محلية وعالمية جاب القارات والدول وتزوج النساء من قارات مختلفة وفعل ما فعل وهو علي فراش الموت اسر له بخلاصة تجربته الطويلة والعريضة قائلا ( ان الدنيا غشاشة لاتسوي شيئا) يذكرني حديثه بقول الله تَعالَى: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) وكذلك حديث جبريلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يا محمَّدُ أحبِبْ من شئتَ فإنَّك مُفارِقُه ، واعملْ ما شئتَ فإنَّك مَجزِيٌّ به ، وعِشْ ما شئتَ فإنَّك ميِّتٌ ، واعلمْ أنَّ شرفَ المؤمنِ : قيامُه باللَّيلِ ، وعِزُّه : استغناؤُه عن النَّاسِ)

ثانيا : اهمية ذكر وتلقين الشهادة استنادا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم من كان آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.

ثالثا : الاجتهاد لتحصيل شفاعة المصطفى صلي الله عليه وسلم بالاكثار من الصلاة عليه ( بعض العلماء اثنوا علي المواظبة علي عشرة مرات في الفجر و عشرة مرات في المغرب ) واتباع سنته ودعاء مابعد الاذان وتلاوة القران وغيرها . سأل أنسُ بن مالك - رضي الله عنه - رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَشْفَعَ لَه يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ: أَنَا فَاعِلٌ ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ ؟ - أي: أين أجدك - ، وفي أي عرصات القيامة أبحث عنك، قَالَ: اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ. وتابع: قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ ؟ قَالَ: فَاطْلُبْنِي عِنْدَ المِيزَانِ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ المِيزَانِ ؟ قَالَ: فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحَوْضِ؛ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ المَوَاطِنَ - يعني: لا بد أن تلقاني في واحدة من هذه المواطن - وأسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في تلك العرصات، هم أهل التوحيد والإخلاص.

رابعا : حقوق العباد والخلق عظيمة وياويل من اتي يوم القيامة وهو ظالم لخلق الله بشرا او حيوانا . يقول الرسول صلي الله عليه وسلم ( المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه ثم طرح في النار).

اخيرا : يوم القيامة يبدأ وينتهي بالحمد لله رب العالمين مما يدلل علي اهمية الحمد والشكر في حياة المسلم.

مرفق صورة توضح حجم حبة الخردل التي وردت في القرآن لبيان التدقيق في كتاب الاعمال و الحساب

شريف محمد شريف علي
١/١/٢٠٢٣

engshereef1977@yahoo.com

 

آراء